منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الشيخ عدون ،عندما تغيب شمس العلماء...
عرض مشاركة واحدة
قديم 2007-11-17, 20:31   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
hadji_alger
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية hadji_alger
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

دفاعه عن اللغة العربية :
عرف الشيخ عدون بأنه مدافع مستميت عن لغة القرآن، قضى العمر يبني النفوس عليها وينشئهم على قواعدها، نحوًا وصرفا، وأدبا وبلاغة، وتاريخا وفكرا، مؤمنا أن العربية وعاء القرآن، وإذا ضاع الوعاء ضاع ما فيه، ويرى الحفاظ عليها واجبا دينيا قبل أي اعتبار، ورأى ببصيرته ما يخططه الاستعمار للقضاء عليها في الجزائر، وما بذله من مساع جبارة لجعلها لغة ثانوية لا أصيلة، جاهدا ليستبدل بها لغته الدخيلة. وآتت جهوده في ترسيخ العربية في القلوب، فأحبها الناس وتعلقوا بها، ولمع فيهم شعراء وأدباء وخطباء بلغاء، وغدت ميزاب قلعة العربية في أحلك ليالي الاستعمار، ولا تزال بحمد الله نموذجا رائدا في نصرة الضاد، رغم تكالب أعدائها لمواصلة المشروع الاستعماري لفرنجة لسان الشعب الجزائري.
واشتهر الشيخ عدون في الأوساط العامة والخاصة أنه مدافع عنيد عن اللغة العربية، لا يرضى في شأنها مساومة ولا موازنة، ولو مع اللغة الأمازيغية لغة الآباء والأجداد، ويرى أن هذه لغة المصالح الآنية، تشكل جزءًا من الهوية، ولكنها في مأمن وعافية، أما العربية فلغة الدين، ولغة القرآن، ومفتاح سعادة الإنسان، وعليها يقع الرهان، وإن فقدناها كانت القاضية.


مع أنشطة الشباب :
كانت للشيخ عدون اليد الطولى في تشجيع الأنشطة الشبانية في الجمعيات الأدبية، والرياضية، والكشفية، والنوادي العلمية والثقافية، والمجموعات الصوتية ذات الفن الأصيل، يسندها ويشجعها، ويصوب مسارها، ويقوم اعوجاجها، لا ينفك مهتما بها غاية الاهتمام، وكأنها همه الأوحد، ومشكلته الأساسية، وهي في الواقع رقم في عدد كبير، وعنصر ضمن قائمة طويلة من ملفات المجتمع وقضايا الأمة، ولكنه الإخلاص والصدق، يمنحان الفرد الوحيد قوة جيش عتيد.
وتميز بفكره الذي ظل شبابا، لم تؤثر في مضائه واتقاده السنون، ولم يدركه المشيب، فكان إلى آخر عمره مشجعا لأنشطة الشباب داعيا للتطوير، وابتغاء الجديد من كل نافع مفيد، منكرا الجمود على القديم وتقديسه لمجرد أنه قديم. وشرطه الوحيد في مضمار التطوير التمسك بالثوابت من قضايا العقيدة وقيم الأمة، ثم البحث عن الأجدى والأفضل في كل ما أنتجت قرائح البشر في مشارق الأرض ومغاربها، لأنه من الحكمة التي أمرنا بالبحث عنها والأخذ بها.
وعرف الشيخ عدون لدى الجميع بأنه شيخ الشباب، ورائد التجديد، وأنه سباق بفكره لكثير ممن يصغرونه في السن بعقود، ولا غرو، فقد سبقهم إلى الحياة بأمد بعيد.


جمعية التراث :
وفي سنة 1989 أنشئت بوادي ميزاب جمعية علمية حملت اسم "جمعية التراث" هدفها العناية بالتراث الفكري للمنطقة حفظا ودراسة وتحقيقا ونشرا، وتشجيعا للبحوث العلمية الجادة في مجال الفكر الإباضي وتاريخ أعلامه، وكان على رأس الجمعية الشيخ عدون، وقطع الوليد الجديد خطوات مباركة في هذا المضمار، وأنتج للأمة نتاجا طيبا من البحوث والدراسات، والكتب والكنوز، وعرّف الأجيال بتراثها وتاريخها، وما هي أصولها وهويتها، ولا تزال جهود العاملين متواصلة في سبيل هذه الغاية النبيلة، بفضل توجيهات رئيسهم الشيخ عدون، مؤمنين بأن هذا مشروع حضاري واعد، سوف يحقق تقاربا محمودا بين المسلمين، وإزالة لغشاوة الشك وسوء الظنون، وتصحيحا للرؤية القاتمة التي صنعتها كتب المقالات عن أهل الاستقامة، وتلك خطوة لازمة لتوحيد الصف ومواجهة العدو المشترك للمسلمين.

مجلس باعبد الرحمن الكرثي :
في ميزاب هيئات عرفية قديمة كانت ولا تزال تقوم بدور هام في الرعاية بشؤون المجتمع، ومنها مجلس يعرف باسم "مجلس باعبد الرحمن الكرثي" يعنى بقضايا العمران والاجتماع، واتخاذ المواقف المناسبة المتعلقة بمصير المجتمع، ومواجهة الأخطار ومستجدات الحياة. كما أن له اهتماما بقضايا السياسة التي أفرزها تطور المجتمع الحديث.
وقد ركن هذا المجلس العرفي إلى الظل أمدا طويلا، فدعا الغيورون إلى إحياء نشاطه، وكان للشيخ عدون يد طولى في ذلك، فعاد لمواصلة جهوده، وتصدر المجلس قيادة أحداث كثيرة عرفتها المنطقة في السنوات الأخيرة.

رئاسة مجلس عمي سعيد :
يتميز المجتمع الميزابي بأنه مجتمع مسجدي، تقوده هيئة العزابة من مقرها في المسجد، والمسجد يمثل قمة الهرم في بناء المدينة بوادي ميزاب، كما تمثل هيئة العزابة قمة البناء الاجتماعي، وتعمل جاهدة لتحوط المجتمع بالرعاية، وترقب استقامته وسلامته، وتحرص على أن تصطبغ حياة الناس بشريعة الإسلام، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر. ولكل مدينة ممثل للهيئة في مجلس أعلى لمساجد وادي ميزاب ووارجلان يعرف باسم "مجلس عمي سعيد" نسبةً إلى الشيخ عمي سعيد الجربي الذي أحيا العلم بميزاب في القرن الثامن الهجري.
ودور المجلس فقهي ديني، يعنى بالقضايا الدينية أساسا، وقد أحيا نشاطه الإمام الشيخ بيوض إثر استقلال الجزائر، سنة 1962م، وترأّسه إلى حين وفاته، ثم تلاه في رئاسة المجلس شيوخ أجلاء، كان آخرهم الشيخ عدون استمر على رأسه منذ وفاة شيخه السابق الشيخ عبد الرحمن بكلي سنة 1986 إلى آخر حياته.
ولهذا المجلس جلسات أسبوعية لتداول مستجدات الحياة الدينية وما يحتاج إلى بت وفصل من قضايا الفقه والفتوى في ميزاب.
كما يُعنى المجلس برعاية أوقاف الميزابيين في ربوع الجزائر وخارجه، وبخاصة في البقاع المقدسة، ومتابعة ما يهم هذه الأوقاف من تنظيم وترسيم وتسيير.


الشيخ عدون وقضايا المسملين :
كان الشيخ عدون داعية حريصا على وحدة المسلمين، يبث ذلك في نفوس طلبته وفي دروسه ومواعظه للعامة والخاصة، لا يَنِي يذكّر بقضاياهم الأساسية وهمومهم الكبرى، وفي مقدمتها قضية فلسطين، ويذكر أن حلها لن يكون إلا على يد من يحمل راية التوحيد، ويعمل لدين الله أن يسود، وما سوى ذلك محاولات بائسة فاشلة.
كما ظل عمره يدعو لرأب الصدع وتقريب الشقة بين أبناء الأمة الواحدة، ومن نافلة القول الإشادة بواحدة من ثمراته، وهو تلميذه الفقيد الشيخ علي يحي معمر، رحمه الله، الذي أثرى المكتبة الإسلامية بسِفره الخالد "الإباضية بين الفرق الإسلامية" أزاح فيه النقاب عن أسباب التفرق، ووضع دستور الوحدة المنشودة بين المسلمين.
وكانت له جهود حميدة لإطفاء نار الفتنة التي اندلع لهيبها بأرض الجزائر، وأتت على الأخضر واليابس، وألح على وحدة صف المسلمين، وحرمة اتخاذ الاختلاف المذهبي سببا لشق الصف وإيقاد نار الفتنة، فما المذاهب إلا مدارس اجتهادية تنهل من معين الكتاب وسنة المصطفى عليه السلام.


غرامه بالمطالعة :
ذاق الشيخ عدون فقد العلم ومرارة الحرمان أول عمره، فانتصر للقراءة إلى حد الإدمان طول عمره، وأكب عليها بلهف منقطع النظير، وظل الكتاب أنيسه وسميره، لا يعوقه عنه سهر ولا سفر، ولا ينفك عن المطالعة مهما بلغ به الإعياء، وكان يختم ليله بقراءة تستمر على الأقل ساعة من الزمن، إن سبقها سهر، وإذا خلت ليلته من جلسة عمل –وقليلا ما تخلو- كان نصيب القراءة فيها موفورا، فاستمرت لعدة ساعات.
وكان حريصا على الكتابة والتأليف حرّض عليهما تلاميذه، فأبدعوا فيما كتبوا، وله مراسلات أدبية معهم في هذه المجالات. كما دون صفحات ناصعة من تاريخ الحركة الإصلاحية ومن دروس الشيخ بيوض في التفسير، لعل الله يقيض من ينشرها لتنصف الرجال العاملين، وتكشف حقائق ثمينة عن هذه الحقبة الذهبية من تاريخنا المعاصر.
وكان يتابع ما تصدره دور النشر من كتب وبحوث ودراسات، وما ينفحه به أبناؤه وأحباؤه من إنتاجهم، ولم يعجزه كثرة ما يرده عن استيعابه، فكان إذا بلغه كتاب وجدته قد أكمل قراءته بعد يومين أو ثلاث أو بضعة أيام حسب حجم الكتاب، وفوق هذا فما فتئ متابعا حريصا للصحف والدوريات تأتيه من داخل الوطن وخارجه، بصورة مستمرة، متابعة يومية قد يعجز عنها المتخصصون أو المتفرغون.
يقرأ كل ذلك الإنتاج وينقده نقدا موضوعيا ببيان ما له وما عليه، في الفكر والمنهج، والتحليل والأسلوب.
وقد حدث أن كان لجمعية التراث –وهو رئيسها- مشروع "معجم أعلام الإباضية" وقدمت له النسخة التجريبية للملاحظة عليها، كما وزعت على عدد من المشايخ والمفكرين للهدف نفسه، ولم يَرِدْ إلى لجنة المعجم جواب بالملاحظات إلا من قِبله. فأخبرته بذلك، شاكرا حرصه وجوابه، بعد أن نقد الكتاب بأجزائه وصوب ما فيه من أخطاء، وعلقت قائلا: أرى أن أعجز الناس عن الكتابة عندنا هم المثقفون. فأجابني على الفور: وأنا إمام العاجزين.
وتعجب لقدرته وجلده، وطول نفسه في القراءة رغم كبره، فلم تضعف السنون من بصره، حتى فتحها على رياض قبره، رحمه الله.
وكان له من الأسفار مدرسة أفادته في رسالته المقدسة، بما نال منها من اطلاع على أحوال المسلمين واتصال بعلماء الإسلام، وقد زار معظم الدول الدول العربية والأروبية، في جولات عديدة، وكانت حميمة بعلماء المسلمين في مواطن عدة، داخل الجزائر وخارجها، نذكر منهم الشيخ أحمد سحنون أحد مؤسسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وسماحة الشيخ أحمد الخليلي مفتي عام سلطنة عمان.










رد مع اقتباس