منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ
عرض مشاركة واحدة
قديم 2020-09-25, 04:13   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أما التعامل مع الشخص الغاضب :

فله عدة اتجاهات وقواعد ، منها :


1. إذا رأيتَ من يغضب الغضب الشرعي

فيغضب لانتهاك حرمات الله

ويغضب لفعل الناس الموبقات

فالواجب عليك أن تشاركه في ذلك الغضب

لله . ثم ينظر فيما يجب عليكم فعله

بمقتضى ذلك الغضب لله ، وهذا يختلف بحسب الحال

والمصلحة الشرعية في ذلك

. 2. إذا رأيتَ من يغضب لنفسه ، أو لدنيا

وتعلم منه تعظيمه للدين ، ووقوفه عند حدود الشرع

: فذكِّره أثناء غضبه بربه تعالى

وذكره بوصية النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تغضب )

وذكره بفضيلة ملك النفس عند الغضب ، وفضل العفو .

عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

قَالَ : قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ -

وَكَانَ مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ -

وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا

فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ :

" يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ ؟

" قَالَ : " سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ "

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ

: فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ

: هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ

وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ ! فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ

فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى

قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

( خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ )

وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ

وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ

وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ .


رواه البخاري ( 4366 ) .

3. إذا رأيتَ من يغضب لنفسه أو لدنياه

وليس عنده تعظيم للشرع

لكنه لا يتطاول في غضبه على الشرع

وإنما يصب غضبه عليك أنت :

فخير لك السكوت

حتى ينتهي من تفريغ شحنات غضبه في الهواء

فإن أجبته لم تكسب خيراً ، ولم تُصلح حالاً

بل تزيد الأمر شرّاً وسوءًا – غالباً - .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

جَالِسٌ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْجَبُ وَيَتَبَسَّمُ

فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَقَامَ فَلَحِقَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَشْتُمُنِي

وَأَنْتَ جَالِسٌ فَلَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ غَضِبْتَ وَقُمْتَ

قَالَ : ( إِنَّهُ كَانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ

وَقَعَ الشَّيْطَانُ فَلَمْ أَكُنْ لِأَقْعُدَ مَعَ الشَّيْطَانِ )

ثُمَّ قَالَ : ( يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ مَا مِنْ عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلَمَةٍ فَيُغْضِي عَنْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعَزَّ اللَّهُ بِهَا نَصْرَهُ ... ) .


رواه أحمد ( 15 / 390 ) ، وحسَّنه المحققون

وجوَّد إسناده الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2232 ) .


وهذه القاعدة يمكن أن نجعلها عامَّة في معاملة كل غاضب

فنسكت عنه حتى يفرِّغ ما عنده ، ولا نرد عليه

ولا نحمل في قلوبنا شيئاً عليه بسبب ما قال

ثم إذا هدأ ذكَّرناه بقبح وسوء ما فعل وقال


وهذا ما يوصي به الحكماء .

قال ابن الجوزي – رحمه الله - :

الغضبان كالسكران لا يُؤاخذ بما يقول .

متى رأيت صاحبك قد غضب وأخذ يتكلم بما لا يصلح

: فلا ينبغي أن تعقد على ما يقوله خنصراً

– ( أي : لا تعتد بكلامه ) -

ولا أن تؤاخذه به ؛ فإن حاله حال السكران

لا يدري ما يجري ، بل اصبر لفورته ، ولا تعول عليها

فإن الشيطان قد غلبه

والطبع قد هاج ، والعقل قد استتر .

ومتى أخذت في نفسك عليه

أو أجبته بمقتضى فعله : كنت كعاقل واجه مجنونًا

أو كمفيق عاتب مغمى عليه ، فالذنب لك .

بل انظر بعين الرحمة ، وتلمح تصريف القدر له

وتفرج في لعب الطبع به

واعلم أنه إذا انتبه : ندم على ما جرى

وعرف لك فضل الصبر .

وأقل الأقسام :

أن تسلمه فيما يفعل في غضبه إلى ما يستريح به .

وهذه الحالة ينبغي أن يتلمحها الولد عند غضب الوالد

والزوجة عند غضب الزوج

فتتركه يشتفي بما يقول

ولا تعول على ذلك ، فسيعود نادماً معتذراً .

ومتى قوبل على حالته ومقالته :

صارت العداوة متمكنة

وجازى في الإفاقة على ما فُعل في حقه وقت السكر .

وأكثر الناس على غير هذه الطريق

: متى رأوا غضبان : قابلوه بما يقول ويعمل

وهذا على غير مقتضى الحكمة

بل الحكمة ما ذكرته

( وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ) العنكبوت/ 43 .


" صيد الخاطر " ( ص 295 ، 296 ) .


4. إذا كان الغاضب هو الزوج فلتصبر الزوجة على غضبه

ولا ترد عليه في فورته ، ولتؤجل ترضيته

فإذا جاء الليل فلتأخذ بيده

وتقول له : " لا أنام حتى ترضى " .

عن أنس بن مالك رضي الله عنه

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( أَلَا أُخبِرُكُم بِنِسَائِكُم فِي الجَنَّةِ ؟ )

قُلنَا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ

قَالَ : ( وَدُودٌ وَلُودٌ إِذَا غَضِبَت أَو أُسِيءَ إِلَيهَا

أَو غَضِبَ زَوجُهَا قَالَت : هَذِهِ يَدِي فِي يَدِكَ

لَا أَكتَحِلُ بِغِمضٍ حَتَّى تَرضَى ) .


رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 206 )

وحسَّنه الألباني في " السلسلة الصحيحة ( 3380 )


قال المناوي - رحمه الله - :

( لا أذوق غُمضا ) بالضم أي : لا أذوق نوماً .

فمن اتصفت بهذه الأوصاف منهن

فهي خليقة بكونها من أهل الجنة

وقلما نرى فيهن مَن هذه صفاتها

فالمرأة الصالحة كالغراب الأعصم .


" فيض القدير" ( 3 / 106 ) .

5. إذا كان الغاضب هو الأب على ابنه

أو المدير على موظفه ، أو الجار على جاره

أو صديق على صديقه : فالأنسب هنا :

أ. أن نُبعد الطرف الآخر أن يراه ذلك الغاضب

لأن سورة الغضب تشتعل وتتأجج بوجوده

فإذا ما أبعدناه عنه : خفَّ الغضب ، وزال بسرعة .

ب. مجاراته في توعده بعقوبته ، أو تهديده بقتله

أو ما يشبه ذلك من العقوبات

فيُجارى ، ولا يُنفَّذ له طلب .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

ولهذا يأمر الملوك وغيرهم عند الغضب بامور

يعلم خواصهم أنهم تكلموا بها دفعاً لحرارة الغضب

وأنهم لا يريدون مقتضاها ، فلا يمتثله خواصهم

بل يؤخرونه ، فيحمدونهم على ذلك إذا سكن غضبهم .

وكذلك الرجل وقت شدة الغضب يقوم ليبطش بولده أو صديقه

فيحول غيره بينه وبين ذلك فيحمدهم بعد ذلك

كما يحمد السكران والمحموم ونحوهما

من يحول بينه وبين ما يهم بفعله في تلك الحالة .


" إغاثة اللهفان في طلاق الغضبان " ( ص 47 ) .

ونسأل الله أن يحفظ جوارحنا

وأن يقينا شرور أنفسنا .

والله أعلم


و لنا عودة للاستفادة من موضوع اخر