منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نصيحة للمرأة العاملة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-09-15, 01:28   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
مستر سمبل
بائع مسجل (أ)
 
الصورة الرمزية مستر سمبل
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد.

قال الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنِ الْعَلاَءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ(مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْداً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّه )).

قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم عند قول الرسول صلى الله عليه وسلم (وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)( فيه وجهان. أحدهما: يرفعه في الدنيا، ويثبت له بتواضعه في القلوب منزلة، ويرفعه الله عند الناس، ويجل مكانه. الثاني: أن المراد ثوابه في الآخرة، ورفعه فيها بتواضعه في الدنيا. قال العلماء: وهذه الأوجه في الألفاط الثلاثة، موجودة في العادة معروفة، وقد يكون المراد الوجهين معاً في جميعها في الدنيا والآخرة والله اعلم)). اهـ [ شرح النووي لصحيح مسلم 8/386]

وقال العلامة المناوي رحمه الله في شرحه للحديث( وما تواضع أحد لله من المؤمنين رقاً وعبودية في ائتمار أمره والانتهاء عن نهيه ومشاهدته لحقارة النفس ونفي العجب إلا رفعه الله في الدنيا بأن يثبت له في القلوب بتواضعه منزلة عند الناس ويجل مكانه، وكذا في الآخرة على سرير خلد لا يفنى ومنبر ملك لا يبلى ومن تواضع لله في تحمل مؤن خلقه كفاه الله مؤنة ما يرفعه إلى هذا المقام ومن تواضع في قبول الحق ممن دونه قبل الله منه مدخول طاعاته ونفعه بقليل حسناته وزاد في رفعة درجاته وحفظه بمعقبات رحمته من بين يديه ومن خلفه)). اهـ [ فيض القدير شرح الجامع الصغير 5/643]

يقول الحافظ أبو حاتم ابن حبان رحمه الله( الواجب على العاقل لزوم التواضع ومجانبة التكبر ولو لم يكن في التواضع خصلة تحمله إلا أن المرء كلما كثر تواضعه ازداد بذلك رفعة لكان الواجب عليه أن لا يتزيا بغيره. والتواضع تواضعان: أحدهما: محمود والآخر مذموم والتواضع المحمود ترك التطاول على عباد الله والإزراء بهم. والتواضع المذموم: هو تواضع المرء لذي الدنيا رغبة في دنياه فالعاقل يلزم مفارقة التواضع المذموم على الأحوال كلها، ولا يفارق التواضع المحمود على الجهات كلها)). اهـ [ روضة العقلاء ونزهة الفضلاء 58].

يقول الحافظ أبو حاتم ابن حبان رحمه الله أيضاً وهو يبين ثمار التواضع( التواضع يرفع المرء قدرا، ويعظم له خطرًا، ويزيده نبلا. والتواضع لله جل وعز على ضربين: أحدهما: تواضع العبد لربه عندما يأتي من الطاعات غير معجب بفعله، ولا راء له عنده حالة بوجب بها أسباب الولاية، إلا أن يكون المولى جل وعز هو الذي يتفضل عليه بذلك، وهذا التواضع هو السبب الدافع لنفس العجب عن الطاعات. والتواضع الآخر: هو ازدراء المرء نفسه واستحقاره إياها عند ذكره ما قارف من المآثم حتى لا يرى أحدا من العالم إلا ويرى نفسه دونه في الطاعات وفوقه في الجنايات)). اهـ [ روضة العقلاء ونزهة الفضلاء 60]

ويقول رحمه الله وهو يحذر من الكبر وعواقبه( العاقل يلزم مجانبة التكبر لما فيه من الخصال المذمومه. إحداهما: أنه لا يتكبر على أحد حتى يعجب بنفسه، ويرى لها على غيرها الفضل. والثانية: ازدراءه بالعالم لأن من لم يستحقر الناس لم يتكبر عليهم، وكفى بالمستحقر لمن أكرمه الله بالإيمان طغيانا. والثالث: منازعة الله جل وعلا في صفاته، إذ الكبرياء والعظمة من صفات الله جل وعلا، فمن نازعه إحداهما ألقاه في النار، إلا أن يتفضل عليه بعفوه)). اهـ [ روضة العقلاء ونزهة
الفضلاء 60- 61]

ورحم الله الكريزي القائل:

ولا تمش فوق الأرض إلا تواضعا ............ فكم تحتها قوم هم منك أرفع
فإن كنت في عز وخير ومنعة ................ فكم مات من قوم هم منك أمنع

[ روضة العقلاء ونزهة الفضلاء 61]

وقال آخر:

وأقبح شيئ أن يرى المرء نفسه ................. رفيعاً وعند العالمين وضيع
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر ................ على صفحات الماء وهو رفيع
ولاتكن كالدخان يعلو بنفسه ...................... على طبقات الجو وهو وضيع


ويقول ربنا عز وجل في كتابه العزيز[ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولً ]الاسراء:37]. قال الإمام بن سعدي رحمه الله في تفسيرها( يقول تعالى: [ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ] أي: كبرا وتيها وبطرا متكبرا على الحق ومتعاظما على الخلق.[ إِنَّكَ ] في فعلك ذلك [ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا ] في تكبرك بل تكون حقيرا عند الله ومحتقرا عند الخلق مبغوضا ممقوتا قد اكتسبت أشر الأخلاق واكتسيت أرذلها من غير إدراك لبعض ما تروم)). اهـ [ تفسير السعدي سورة الاسراء].

وبعد الذي تقدم وتقرر أقول: لقد ضرب سلفنا الصالح رضوان لله عليهم أجمعين أروع الأمثلة في التواضع وصدقهم مع لله عز وجل، حتى حبب لله لهم الخلق والعباد، وإليك هذه الأمثلة النيرة.

عن قيس قال بلغ بلالا أن ناسا يفضلونه على أبي بكر، فقال كيف يفضلوني عليه وإنما أنا حسنة من حسناته. اهـ [ سير أعلام النبلاء 1/359].

عن هزيم أو هذيم قال: رأيت سلمان الفارسي على حمار عري وعليه قميص سنبلاني ضيق الاسفل، وكان طويل الساقين، يتبعه الصبيان فقلت لهم: تنحوا عن الامير. فقال: دعهم فإن الخير والشر فيما بعد اليوم. اهـ [ سير أعلام النبلاء 1/546]

عن يزيد بن زياد القرظي حدثني ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال: أقبل أبو هريرة في السوق، يحمل حزمة حطب، وهو يومئذ خليفة لمروان. فقال: أوسع الطريق للأمير. اهـ [ سير أعلام النبلاء 2/614]

وعن عبد الرحمن بن أردك ( يقال هو ) أخو علي ابن الحسين لأمه قال: كان علي بن الحسين يدخل المسجد، فيشق الناس حتى يجلس في حلقة زيد ابن أسلم، وقال له نافع بن جبير: غفر الله لك أنت سيد الناس، تأتي تتخطى حتى تجلس مع هذا العبد. فقال: علي بن الحسين العلم يبتغى ويؤتى، ويطلب من حيث كان. اهـ [ سير أعلام النبلاء 4/388]

وعن وھيب بن بن خالد قال: قال أيوب السختياني: (( إذا ذكر الصالحون كنت منهم بمعزل)) [صفوة الصفوة 3/210]

قال أبو أمية الأسود: سمعت ابن المبارك: يقول أحب الصالحين ولست منهم، وأبغض الطالحين وأنا شر منهم ثم أنشأ يقول:

الصمت أزين بالفتى ......................... .... من منطق في غير حينه
والصدق أجمل ......................... .......... بالفتى في القول عندي من يمينه
وعلى الفتى بوقاره ......................... .......... سمة تلوح على جبينه
فمن الذي يخفي علي ......................... ........ اذا نظرت الى قرينه
رب امرئ متيقن ......................... ............... غلب الشقاء على يقينه
فأزاله عن رأيه ......................... ................ فابتاع دنياه بدينه










رد مع اقتباس