منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الأذكار الشرعية في مائة سؤال
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-02-16, 18:10   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

وقال ابن رشيد : يحتمل أن يكون مراد البخاري الإشارة إلى أن من قال " لا إله إلا الله " مخلصاً عند الموت ، كان ذلك مسقطاً لما تقدم له ، والإخلاص يستلزم التوبة والندم ، ويكون النطق علَما على ذلك .

وأدخل حديث أبي ذر ليبيِّن أنه لا بد من الاعتقاد ، ولهذا قال عقب حديث أبي ذر في كتاب " اللباس " قال أبو عبد الله : هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم .

" فتح الباري " ( 3 / 110 ) .

وقال – رحمه الله – أيضاً - :

وحاصل ما أشار إليه : أن الحديث محمول على من وحَّد ربه ، ومات على ذلك ، تائباً من الذنوب التي أشير إليها في الحديث ؛ فإنه موعود بهذا الحديث بدخول الجنة ابتداء ، وهذا في حقوق الله باتفاق أهل السنَّة ، وأما حقوق العباد : فيشترط ردُّها عند الأكثر ، وقيل : بل هو كالأول ، ويثيب الله صاحب الحق بما شاء .

" فتح الباري " ( 10 / 283 ) .

2. وأما إن كان القائل لكلمة " لا إله إلا الله " قبل موته كافراً : فتكون الكلمة في حقه " كلمة إسلام " ينتقل بها من الكفر إلى الإسلام ، والإسلام يجبُّ ما قبله ، فإن خُتم له بها : لقي ربَّه تعالى مسلماً مغفوراً له كفره وذنوبه ، قال تعالى : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/ 38.

وقد دل على ذلك الأصل نصوص كثيرة من السنة ، منها حديث معاذ المذكور في أول الجواب ، ومن أوضحها :

أ. عَنْ سَعِيد بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ : ( أَيْ عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ ) فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ : يَا أَبَا طَالِبٍ تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؟ فَلَمْ يَزَالَا يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخِرَ شَيْءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ " عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ " فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ ) فَنَزَلَتْ ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) وَنَزَلَتْ ( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ) .

رواه البخاري ( 3671 ) ومسلم ( 24 ) .

وفي رواية لمسلم ( 25 ) :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّهِ ( قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) قَالَ : لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ يَقُولُونَ إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَزَعُ لَأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) .

ومن خلال القصة يتبين بوضوح أن من قال كلمة التوحيد قبل الاحتضار نفعه ذلك يوم لقاء ربه تعالى ، وأنه يلقاه بذلك مسلماً ، وواضح في الروايتين أن أبا طالب لم يكن في حال النزع لوجود محاورة النبي صلى الله عليه وسلم له وردُّه عليه ، ولمحاورة أبي جهل وابن أبي أمية – وقد أسلم فيما بعد – له .

قال النووي - رحمه الله - :

وأما قوله ( لما حضرت أبا طالب الوفاة ) فالمراد :

قربت وفاته وحضرت دلائلها ، وذلك قبل المعاينة والنزع ، ولو كان في حال المعاينة والنزع : لما نفعه الإيمان ، لقول الله تعالى ( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ ) ويدل على أنه قبل المعاينة محاورته للنبي صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش

قال القاضي عياض رحمه الله :

وقد رأيت بعض المتكلمين على هذا الحديث جعل الحضور هنا على حقيقة الاحتضار ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم رجا بقوله ذلك حينئذ أن تناله الرحمة ببركته صلى الله عليه وسلم ، قال القاضي رحمه الله : وليس هذا بصحيح ؛ لما قدمناه .

" شرح مسلم " ( 1 / 214 ) ، وينظر: " جامع المسائل " ، لابن تيمية ( 3 / 125 ) .

ب. عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ ( أَسْلِمْ ) فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ ، فَقَالَ لَهُ : أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَأَسْلَمَ ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ ) .

رواه البخاري ( 1290 ) .

وقد جاء في بعض الروايات أن ذلك الغلام مات في مرضه ذاك ، فقد جاء عند الإمام أحمد في مسنده – وصححه المحققون - ( 21 / 78 ) " فَأَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ " .

وهل يُكتفى بها ـ في حق الكافر ـ عن الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة ؟ بالطبع لا ؛ لأن مفتاح دخول الإسلام هو قول الشهادتين ، لكن جاء في السنَّة التعبير بكلمة " لا إله إلا الله " عن الشهادتين ، كما جاء مثل ذلك في حديث جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ )

رواه البخاري ( 2786 ) ومسلم ( 21 ) .

ومن العلماء من يقول يُكتفى بها في حق من يشهد للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة لكنه لا يوحِّد ربَّه تعالى ، كما هو حال أبي طالب لما عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول " لا إله إلا الله " فأبى ذلك ، وهذا واضح الخصوصية فيمن كان حاله كحال أبي طالب ، لكن الأولى أقوى وأولى .

قال أبو الحسن المباركفوري – رحمه الله - :

وقال الدميري : نقل في " الروضة " عن الجمهور :

الاقتصار على " لا إله إلا الله " ، ونقل جماعة من الأصحاب أنه يضيف إليها " محمد رسول الله " لأن المراد ذكر التوحيد ، والمراد موته مسلماً ولا يسمَّى مسلماً إلا بهما ، والأول : أصح .

أما إذا كان المحتضَر كافراً : فينبغي الجزم بتلقين الشهادتين ؛ لأنه لا يصير مسلماً إلا بهما ، كذا في " السراج المنير " .

قلت : كلمة " لا إله إلا الله " كلمة إسلام ، وكلمة ذِكر ، فإذا قالها الكافر ليدخل في الإسلام : فهي كلمة إسلام ، وكلمة الإسلام هي كلمتا الشهادة جميعاً ، وإذا ذَكر بها المسلم : فهي ذِكر كسائر الأذكار ، كما قال صلى الله عليه وسلم ( أفضل الذكر لا إله إلا الله ) ، والظاهر : أن المراد في حديث الباب تلقينها من حيث أنها كلمة ذِكر ، فلا يشترط قول " محمد رسول الله " عند المحتضر ؛ فإنَّه ليس بذكر وإن كان ركن الإسلام .

والمراد بـ ( موتاكم ) : موتى المسلمين ، وأما موتى غيرهم : فيُعرض عليهم الإسلام كما عرضه عليه السلام على عمه عند السياق ، وعلى الغلام الذمي الذي كان يخدمه .

قال في " المجموع " :

يُذكر عند المحتضر " لا إله إلا الله " بلا زيادة عليها ، فلا تسن زيادة " محمد رسول الله " ؛ لظاهر الأخبار ، وقيل : تسن زيادته ؛ لأن المقصود بذلك التوحيد ، ورُدَّ بأن هذا موحد ، ويؤخذ من هذه العلة ما بحثه الأسنوي : أنه لو كان كافراً لقِّن الشهادتين وأُمر بهما ، قاله القسطلاني .

" مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح "
( 5 / 308 ) .


والله أعلم








 


رد مع اقتباس