الجَمْعُ للخوفِ
اختَلَفَ أهلُ العِلمِ في كونِ الخوفِ عُذرًا يُجيزُ الجَمْعَ، على قولينِ:
القولُ الأوَّل: يجوزُ الجَمْعُ للخوفِ، وهذا مذهبُ الحنابلة ، وقولٌ للمالكيَّة ، ووجْهٌ للشَّافعيَّة وهو قولُ ابنِ تَيميَّة ، وابنِ باز وابنِ عُثَيمين .
الأدلَّة:
أولًا: من السُّنَّة
عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ الظُّهرَ والعصرَ جميعًا، والمغربَ والعِشاءَ جميعًا، في غيرِ خوفٍ ولا سَفرٍ
وجه الدلالة:
أنَّ قولَ ابنِ عبَّاسٍ: ((من غيرِ خوفٍ ولا سَفرٍ))، يدلُّ بمفهومه على جوازِ الجَمْعِ للخوفِ
ثانيًا: أنَّ هذا عُذرٌ تَلحَقُ به المشقَّةُ، ومشقتُه أكثرُ من مَشقَّةِ السَّفرِ والمرَضِ والمطرِ؛ فإذا كانَ الجمعُ يجوزُ في السَّفرِ والمطرِ والمرضِ، فلأنْ يجوزَ للخوفِ من العدوِّ أَوْلَى .
القول الثَّاني: لا يجوزُ الجمعُ للخوفِ، وهذا مذهبُ الحنفيَّة ، والشافعيَّة ، وقولٌ للمالكيَّة ، وعليه فتوى اللَّجنة الدَّائمة
الأدلَّة:
أولَا: مِن الكِتاب
قال اللهُ تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة: 238، 239].
وجه الدلالة:
أنَّ معنى الآية: إذا كُنتم لا تَتمكَّنون من أداءِ الصَّلاةِ على ما هي عليه، وخِفتُم من العدوِّ، فرجالًا أو ركبانًا، أي: حتى لو كُنتمْ ماشينَ أو راكبينَ، فصَلُّوا ولا تُؤخِّروها؛ فلا يجوزُ للإنسانِ أن يُؤخِّرَ الصلاةَ عن وقتِها لأيِّ عَملٍ كان
ثانيًا: أنَّه لم يُنقَلْ جَمْعُ الصَّلاةِ لعُذرِ الخوفِ .
ثالثا: أنَّ الصَّلاةَ لها مواقيتُ معلومةٌ شرعًا؛ فلا يُخرَجُ عنها إلَّا بدليلٍ