السؤال :
نحن كنا نربي عصافير
وكانت أمي تطعمهم ، وكانت تسمع أنه من الغلط أن تأتي بجانب الطيور أثناء الدورة
وكلفتني بإطعامهم ، وكنت أخاف منهم في بعض الأوقات لأنهم يعضون ، وكنت أنسى أوقاتاً إلى أن نسيتهم تماما
فماتوا ، فكيف نكفر عما فعلنا ؟.
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
لا أصل للاعتقاد بعدم جواز قربان الطيور أثناء الدورة الشهرية للمرأة ، وليس هناك علاقة بين الأمرين ، فالواجب التخلي عن مثل هذه الاعتقادات ، وللحائض أحكام خاصة ليس منها مثل هذا الأمر ولا قريب منه .
وقد اتفق العلماء على جواز قيام المرأة وهي حائض بذبح الحيوانات .
انظر : "المغني" (13/311) .
ثانياً :
الواجب على من كان عنده هذه الطيور أو غيرها من البهائم أن يقوم على رعايتها ، فإذا كان لا يستطيع ذلك فعليه الاعتذار عن القيام بهذه المهمة ، أو بيعها أو ذبحها إن كان مما يؤكل .
وقد ورد الوعيد الشديد فيمن حبس حيواناً ولم يطعمه أو يسقيه حتى مات .
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله :
" ومن ملك بهيمة لزمه القيام بها , والإنفاق عليها ما تحتاج إليه , من علفها , أو إقامة من يرعاها ; لما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض ) متفق عليه . فإن امتنع من الإنفاق عليها , أُجْبِر على ذلك فإن أبى أو عجز , أُجْبِر على بيعها , أو ذبحها إن كانت مما يذبح " انتهى .
" المغني " ( 8 / 205 ) .
وقال الشوكاني – تعليقا على شرح حديث
" حبس الهرة " - :
" وقد استدل بهذا الحديث على تحريم حبس الهرة وما يشابهها من الدواب بدون طعام ولا شراب ؛ لأن ذلك من تعذيب خلق الله , وقد نهى عنه الشارع ... قال النووي : والأظهر أنها كانت مسلمة (يعني : هذه المرأة) وإنما دخلت النار بهذه المعصية " انتهى .
"نيل الأوطار" (7/7) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (5/119، 120) :
" يجوز حبس حيوان لنفع , كحراسة وسماع صوت وزينة , وعلى حابسه إطعامه وسقيه لحرمة الروح " انتهى .
" يجوز الاحتفاظ بطيور الزينة ومثيلاتها في أقفاص خاصة من أجل منظرها أو صوتها ، بشرط تقديم الطعام والشراب لها " انتهى .
وانظري الجواب بتفصيله هناك ففيه زيادات وفوائد .
ثالثاً :
إن كان عذركِ في عدم إطعام تلك الطيور حتى ماتت هو النسيان لها وعدم التعمد فهو عذر شرعي ، نسأل الله أن يعفو عنكِ بسببه
قال الله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة/286 . وقد أجاب الله تعالى دعوة المؤمنين هذه فقال : ( قد فعلت )
كما رواه مسلم (126)
من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .
وقال الله تعالى : ( وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ) الأحزاب/5 .
وحيث إنك لم تتعمدي قتلها فلا
حرج عليك إن شاء الله .
والله أعلم .