منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - آداب المشي الى الصلاة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-10-21, 20:18   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آداب المشي إلى الصلاة (5)
الدَّرسُ الثَّاني (2)

سماحة العلامة/ صالح بن فوزان الفوزان

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاةُ والسلام على قائد الغرِّ المحجَّلين، نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم -أيُّها الإخوة والأخوات- في لقاء مُبارك في درسٍ جديد من دُروس كتاب "آداب المشي إلى الصلاة".
ضيف هذا اللقاء هو سماحة العلامة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللَّجنة الدَّائمة للإفتاء، أهلًا ومرحبًا بالشَّيخ صالح في هذا الدرس مع الإخوة والأخوات.
حيَّاكم الله وبارك فيكم.
{شيخ صالح، تساهل الناي في الحضور إلى صلاتي الكسوف والخسوف والاستسقاء، وصار الأمر عندهم كالشيء العابر، فتذهب هذه الصلوات دون حضورهم، فما توجيهكم في ذلك؟ وما سبب تأخر الناس وعدم اهتمامهم بهذا؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
كُسفت الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخرج يَجُرُّ رداءه من الخوف من الله -عزَّ وجل- يخشى أن تكون الساعة، ثم صلى بأصحابه صلاة الكسوف، وهي صلاة طويلة كل ركعة بركوعين وسجدتين، أي: لها أربع ركوعات وأربع سجدات، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ إذا رأيتم منهم ذلك» ، فهي سُنة مؤكدة، بينما ذهب فريق آخر من أهل العلم إلى أنها فرض كفاية، يتأكد إقامتها وحضورها والدعاء والصدقة عند حدوثها «حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ» كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا ينبغي التكاسل عنها اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وامتثالا لأمره.
{جزاكم الله خيرًا، قرأنا ما تيسر من متن باب صلاة الاستسقاء، ووقف بنا الحديث عند قول المؤلف: (ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً، وَيُكْثِرُ فِيهَا الاسْتِغْفَارَ،وَيَدْعُو، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ)}.
نعم النبي -صلى الله عليه وسلم- وعظ الناس بعد صلاة الكسوف، وأطال في ذلك، وبعض العلماء يرى أنها خطبة، والجمهور يرونها موعظة وليست خطبة، والمذهب أنَّ بعد صلاة الكسوف موعظة وليست خطبة.
{قال المؤلف -رحمه الله-: (ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَةً وَاحِدَةً، وَيُكْثِرُ فِيهَا الاسْتِغْفَارَ،وَيَدْعُو، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ)}.
صلاة الاستسقاء يُصلي فيها ركعتين كصلاة العيد في موضعها وفي كيفيتها، وبعد الصلاة يخطب خطبة واحدة؛ يذكر فيها الناس ويعظهم ويحثهم على التوبة والاستغفار، هذه هي السنة.
{وَيَقُولُ: (اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا)}.
ثم بعد التكبيرات والاستغفار يدعو، فيقول: (اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا)، أي: مطرًا مُغيثًا يعني: نافعًا.
{(هَنِيئًا مَرِئيًا، مَرِيعًا)}
هنيئًا مريئًا: أي ليس معه شيء من المصائب، ومريئاًا يعني ليس فيه عقوبة أو شيء مكروه مثل الغرق أو ما شابه ذلك.
{(غَدَقًا، مُجَلِّلاً)}
غدقًا: يعني مُغدقًا ينبت النبات، مجللاً: عامًا ظاهرًا وباطنًا.
{(سَحًّا، عَامًّا)}
أي: يكون سحًا ولا يكون جارفًا فيه خطورة.
{(نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ)}
نافعًا غير ضار بمعنى واحد.
{(عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ)}
عاجلا: يعني حالا، أي: غير متأخر؛ لأن تأخره فيه نقص وإصابة للناس.
{(اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَكَ)}
اللهم اسق عبادك الآدميين، وبهائمك من الحيوانات المختلفة؛ لأنها بحاجة إلى الرعي.
{(وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيِّتَ)}
وانشر رحمتك، أي: عمم المطر على البلاد، وأحيي بلدك الميت، يعني: بالنبات والخيرات.
{(اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ، وَلا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ)}
نعم هذه خطبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للاستسقاء.
{(اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لا سُقْيَا عَذَابٍ)}
سقيا عذاب، تعني: الغرق من شدة المطر الذي يصيب الناس.
{(وَلا بَلاءٍ وَلا هَدْمٍ وَلا غَرَقٍ)}
ولا هدم يعني: يهدم المنازل، والبلاء هو الامتحان.
{(اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلادِ مِنَ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لا نَشْكُوهُ إِلاَّ إِلَيْكِ)}
نعم هذا من دعاء الاستسقاء ومن خطبة الاستسقاء الواردة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم، فينبغي إلقاؤها والدعاء بها؛ لأن ذلك أحرى لنزول المطر بإذن الله.
{(اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ)}
(اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ)، أي: بالمطر والماء، (وَأَدِرَّ وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ) يعني: البهائم يكون فيها لبنًا.
{(وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ)}
يعني: المطر.
{(وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ)}
أي: اجعله مطرًا مباركًا.
{(اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا)}
هذا دعاء في القرآن الكريم، ورد في سورة نوح، ويدعو به الخطيب، قال تعالى: ï´؟فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًاï´¾ [نوح: 10-12].
{(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ)}
نعم إذا أراد أن يدعوا فإن الإمام يستقبل القبلة ويستدبر المأمومون والمأمون يستقبلون القبلة وقوفًا ويدعون سرًا بينهم وبين ربهم بالسقيا والرحمة والغيث المبارك.
{(ثُمَّ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ؛ فَيَجْعَلُ مَا عَلَى الأَيْمَنِ عَلَى الأَيْسَرِ وَعَكْسُهُ)}
هذا من السنن في صلاة الاستسقاء أن يقلب رداءه تفائلاً بتغير الحال، وانقلاب الحال من الشدة إلى الرخاء والمطر.
{(لِأَنْهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم حَوَّلَ إِلَى الْنَّاسِ ظَهْرَهُ)}
نعم، ويرفع يديه ويدعوا سرًا، ويدعون وهم واقفون، ثم ينصرفون.
{(وَيَدْعُو سِرًّا حَالَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَإِنِ اسْتَسْقَوْا عَقِبَ صَلاتِهِمْ، أَوْ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أَصَابُوا السُّنَّةَ)}
نعم إذا كانت خطبة الاستسقاء، أو الدُّعاء بالاستسقاء بعد الخطبة فهذا أحسن وهو السُّنة الثابتة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم، خلافا لمن قدم الخطبة على صلاة الاستسقاء من خُلفاء بني أمية.
{(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ فِي أَوَّلِ الْمَطَرِ، وَيُخْرِجُ رَحْلَهُ وَثِيَابَهُ؛ لِيُصِيبَهَا الْمَطَرُ)}
اقتداءًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه في أول نزول للمطر يكشف عن رأسه ويخرج للمطر ليصيبه، ويقول: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» فيتبرك به.
{(وَيَخْرُجُ إِلَى الْوَادِي إِذَا سَالَ وَيَتَوَضَّأُ)}
من السنة أيضًا أن يخرج إلى الوادي إذا سال، ويتوضأ منه كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمر أصحابه أن يخرجوا إلى الوادي مشى بالسيل ويتوضأون منه؛ «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ».
{(وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا»)}
هذا الدعاء الذي يقال عند نزول المطر، «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» الصيب هو المطر، فاجعل المطر مطرًا نافعًا.
{(وَإِذَا زَادَتِ الْمِيَاهُ وَخِيفَ مِنْ كَثْرَةِ الْمَطَرِ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَقُولَ: (اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ وَالآكَامِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ)}
إذا استمر المطر وخيف من كثرته؛ فإنه يدعوا بهذا الدعاء، ويقول: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ وَالآكَامِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ»، هذا ما يُسمى بدعاء الاستصحاء.
{(وَيَدْعُو عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ، وَيَقُولُ: «مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ»)}
نعم يقول: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا»، ويقول: «مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ»، وفيه اعتراف بأن المطر من الله -جلَّ وعلا- كما في قوله تعالى: ï´؟أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَï´¾ [الواقعة: 68].
{(وَإِذَا رَأَى سَحَابًا، أَوْ هَبَّتْ رِيحٌ، سَأَلَ اللهَ مِنْ خَيْرِهَا وَاسْتَعَاذَ مِنْ شَرِّهَا)}
إذا رأى سحابًا كثيفًا يُخاف منه، أَوْ هَبَّتْ رِيحٌ؛ فإنه يدعو ويقول: اللهم أطعمنا من خيره، واكفنا شره.
{(وَلا يَجُوزُ سَبُّ الرِّيحِ)}
لا يجوز سب الريح؛ لأن سبها سب لمن أرسلها وهو الله -سبحانه وتعالى-، فلا يقال: ريح قبيحة، ريح مُهلكة؛ لأنها جند من جنود الله، والله هو الذي أرسلها.
{(بَلْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مَنْ خَيْرِ هَذِهِ الرِّيحِ، وَخَيْرِ مَا فِيهَا)}
نعم، يدعو بخيرها؛ لأنها تأتي بالخير، وتأتي بالشر، فيسأل الله من خيرها وبركتها ويستعي بالله من شرها.
{(اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رَحْمَةً وَلا تَجْعَلْهَا عَذَابًا)}
لأن الله أهلك بها عادًا، أي: بالريح العاتية، قال تعالى: ï´؟وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىظ° كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍï´¾ [الحاقة: 6-7]. فكانت ترفع الجل منهم على طول أجسامهم وضخامتها إلى السماء ثم تُنكسه على رأسه وتدك عنقه، فصاروا كالنخل الخاوية.
{(اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلا تَجْعَلْهَا رِيحًا)}
لأن الريح في الرحمة، والرياح في العذاب، لأنَّ هذا الدعاء فيه نظر؛ لأن الله وصف الريح بأنها طيبة، قال تعالى: ï´؟هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ غ– حَتَّىظ° إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ غ™ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَظ°ذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَï´¾، فالرياح قد تكون طيبة كما أن الريح تكون طيبة.
{شكرًا يا شيخ صالح على تفضلكم بشرح هذه المتون الطيبة المباركة التي يُتابعها كثير من المسلمين، كما أشكر فريق العمل في هذا البرنامج، ويتجدد اللقاء -إن شاء الله- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس