منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - المساعدة في بحث حول موسيقى الشعر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-01-06, 21:35   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
paloma.laila
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

قلعة الحق والتقى والفضيـلة ومعين الهدى لدنيا الرذيلة
ومنار العلوم فى ظلمة الجهل وزهر العقول يشكو ذبوله
وقد يدخل الضرب التشعيث (فعْلاتن)، مثل قول ابن الرومى:
يسهل القول أنها أحسن الأشْـ ـياء طـرّا ويعسر التحديد
فاعلاتن متفع لن فاعـلاتن فاعـلاتن متفع لن فعْلاتن
الثانى: العروض صحيحة والضرب محذوف على وزن (فاعلا)، وينقل إلى (فاعلن). ومن ذلك قول الشاعر :
ليت شعرى هل ثَمّ هل آتينهم أم يحولَنْ من دون ذاك الردى
فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن فاعلاتن مستفع لن فاعلـن
ود.أنيس يرى أن هذه الصورة من الخفيف غير مستساغة، وأنها من صناعة أهل العروض، ويخالفه الرأى د.صابر عبدالدايم، إذ يرى أن ندرة الشاهد لا تلغى القاعدة ، وأن موسيقى الشعر متجددة ومتطورة ، وليس هناك ما يمنع من النظم الشعرى على هذه الصورة التى يكون فيها الضرب محذوفا .
2 ـ العروض محذوفة (فاعلن)، ولها ضرب مثلها (فاعلن)، ويجوز فى العروض والضرب "الخبـــن". ومن ذلك:
ليت شعرى ماذا تروا فى هوىً قادكم عاجــلا إلى رَمْسِـهِ
فاعلاتن مستفع لن فاعلــن فاعلاتـن متفع لن فاعلـن
ومثال العروض المحذوفة التى دخلها الخبن وكذلك الضرب:
وردتى فيم أنت ضاحكة يلمح البشر منك من لمحا
فيم هذا الجمال يحزننـى رونق فيه كان لى فرحا
فاعلاتن متفع لن فعلا فاعلاتن متفع لن فعلا
القسم الثانى :
الخفيـــف المجزوء .. ويشكل من صورتين :
ـ الصورة الأولى :
تأتى فيها العروض صحيحة والضرب صحيح مثلها مثل قول العقاد:
اذكروا اليم سيــدا واحفظوا الذكر سرمدا
وتغنّـوا بحمد مـن قد تغنـى فأســعدا
من يكن ذاك أمسـه يبتدى مجده غــدا
فاعلاتن متفـع لن فاعلاتن متفـع لـن
وهذه الموسيقى آسرة خفيفة مما يؤكد قبولنا لهذا الشكل التراثى لموسيقى بحر الخفيف المجزوء ونرفض فى الوقت نفسه إهمال د/ إبراهيم أنيس لهذه الصورة من صور بحر الخفيف المجزوء لأنه لم يشر إليها إلا من قريب ولا من بعيد فى مناقشته لموسيقى البحر.
وقصيدة العقاد نموذج حى لحيوية موسيقى هذا البحر.. ولو استقرأنا دواوين الشعراء المحدثين .. ومسرحياتهم الشعرية لوجدنا القصائد والمقطوعات الشعرية المؤثرة الت صيغت فى هذا القالب النغمى الموسيقى ( فاعلاتن مستفع لن).
2- الصورة الثانية :
وتأتى فيها العروض صحيحة والضرب مخبونا مقصورا ومثال ذلك قول الشاعر
طار قلبى بحبها من لقب يطيـر
فاعلاتن متفع لن فاعلاتن متفع ل

بحـر المنسرح
أولا : سبب التسمية :
حين سئل " الخليل بن أحمد عن سر تسميته لهذا البحر بهذا الاسم قال : لانسراحه وسهولته ". وقد ورد فى لسان العرب مادة (سرح) : ".. والمنسرح ضرب من الشعر لخفته وهو جنس من العروض تفعيلته
"مستفعلن مفعولات مستفعلن" ست مرات.
والمادة اللغوية تفيد السهولة والانسياب ... حيث تدور مادة "سرح" حول هذه المعانى. وورد فى لسان العرب " سرح عنه فانسرح وتسرح أى فرج كربه، وإذا ضاق شئ ففرجبت عنه قلت: سرحت عنه تسريحا وولدته سراحا أى فى سهولة .
ثانيا : أجزاء المنسرح :
يتكون البيت الشعرى المنظوم على موسيقى هذا البحر من ست تفاعيل هى :
مستفعلن مفعولات مستفعلن مستفعلن مفعولات مستفعلن
ثالثا : موسيقى المنسرح وموقف النقاد منها :
إن الصورة المثلى لموسيقى هذا البحر أن يكون الضرب مطويا أى يحذف الرابع الساكن من مستفعلن " فتصير " " مستعلن " وكذلك العروضة تكون على وزن " مستعلن " .
مثال قول أبى فواس الحمدانى " من قصيدته التى يعاتب فيها سيف الدولة على عدم استجابته لطلب أمه حين طلبت منه افتداء ابنها " أبى فراس "
والقصيدة كما يقول د/ رجاء عيد تدل على أن المنسرح ليس به اضطراب فى موسيقاه وما جاء على وزنه حسن فى موسيقاه ويتدفق فيه نغمة الشعرى ، واستشهد بقصيدة أبى فراس .
وجاء استشهاده بالقصيدة للرد على الدكتور / إبراهيم أنيس الذى يرى أن المنسرح لا نكاد نشعر بانسجام موسيقاه ، يقول : " ويخيل إلينا أن الوزن مضطرب بعض الاضطراب ، وأغلب الظن أنه سينقرض من الشعر فى مستقبل الأيام " .
يقول أبو فراس معاتبا سيف الدولة فى لغة حانية وموسيقى مؤثرة :
أنت سمـاء ونحن أنجمها أنت بـلاد ونحن أجبـلُها
أنت سحـاب ونحن وابله أنت يمين ونحـن أنمـها
بأى عذر رددت والهــة عليك دون الورى معولها
إن كنت لم تبذل الفداء لها فلم أزل فى رضاك أبذلها
مستفعلن مفعلات مستفعلن مستفعلن مفعلات مستفعلن
ويرى د.صابر عبدالدايم أن د/ عبده بدوى قد جانبه الصواب حين نسب هذه القصيدة إلى " مجزوء البسيط " ، وأكد كلامه بأنه قد دخله الكثير من التغيير على غير العادة ليعطى التوتر والقلق وعدم الاستقرار" .
والقصيدة ليست من مجزوء البسيط بل هى من المنسرح فمجوزء البسيط أجزاؤه هى: مستفعلن فاعلن مستفعلن (مرتين)
والتقطيع العروضى لأبيات قصيدة أبى فراس نقصيها تماما عن دائرة مجزوء البسيط"
يقول أبو فراس:
أنت سماء ونحن أنجمـها أنت بـلاد ونحن أجيـلها
مستفعلن مفعلات مستفعلن مستفعلن مفعلات مستفعلن
ود/إبراهيم أنيس يقول عن هذا البحر بأنه ".. قد هجره المحدثون..وأغلب الظن أنه سينقرض من الشعر فى مستقبل الأيام".
ولم يصدق حدس الدكتور أنيس ولاظنه .. ولم يهجر المحدثون إيقاع هذا البحر ... حيث بالغ أحد الشعراء وهو الدكتور/ عبد اللطيف عبد الحليم فأصدر ديوانا كاملا ، كل قصائده على وزن "المنسرح"، وهذا يدل على بقاء موسيقى هذا البحر وعدم انقراضها تماما، ولكنها قليلة نادرة، لأن الشعراء يميلون إلى النظم على موسيقى البحور المألوفة .. ولا يحاولون البحث عن أنغام جديدة .. أو غير مألوفة .


رابعا : التشكيلات العروضية :
يتشكل هذا البحر فى صورته التراثية من ثلاثة أشكال عروضية تتفاوت فيما بينها فى استخدام الشعراء لها وأشهرها الشكل الثالث " العروض مطوية والضرب مطوى " .
مستفعلن مفعولات مستعلن مستفعلن مفعولات مستعلن
1- الشكل الأول :
العروضة صحيحة " مستفعلن " والضرب مطوى " مستعلن "
مستفعلن مفعولات مستفعلن مستفعلن مفعولات مستعلن
ومثال ذلك قول الشاعر :
إن ابن زيد لا زال مستعملا للخير يغشى فى مصره العرفا
وهذا الشكل نادر الوجود فى الابداع الشعرى لأن أمثلته نادرة فهذا البيت موجود فى كل كتب العروض تقريبا.
وهذا يدل على عدم انسجام هذا الشكل الموسيقى مع الطاقة الابداعية والشعورية حين تتخذ من موسيقى هذا البحر قالبا لها .
ويمكن تقطيع البيت هكذا :
ابن ابن زى / د لازال / مستعملا
للخير يغـ / ـشى فى مصر / ه العرفا
مستفعلن مفعولات مستفعلن
مستفعلن مفعولات مستـعلن
2- الشكل الثانى :
العروض مطوية " مستعلن " ، والضرب مقطوع " مستفعل " .
مستفعلن مفعولات مستعلن مستفعلن مفعولات مستفعل
ومثال ذلك قول الشاعر :
ما هيّجَ الشوقُ من مطوَّقةٍ قامت على بانـةٍ تغنّينــا
ويمكن تقطيعه هكذا
ما هيج شْـ / شوق من مُ / طووقتن
قامت على / بانتن تـ / غننينا
مستفعلن مفعلات مستعـلن
مستفعلن مفعلات مستفعــل
ومن ذلك قول البحترى :
وكم حنين إليك مجلــوبٍ ودمع عين عليك مسكوبِ
متفعلن مفعلاتُ مستعْلـن متفعلن مفعلاتُ مستفْعل
ومايزال الفراق يبحث عن ثأر لدى العاشقين مطلوبِ
متفعلن مفعولاتُ مستعِلن مستفعلن مفعلاتُ مستفْعل
3- الشكل الثالث: العروض مطوية "مستعلن"، والضرب مطوى "مستعلن".
مستفعلن مفعولات مستعلن مستفعلن مفعولات مستعلن
ومثال قول أبى فراس الحمدانى فى مطلع قصيدته التى يعاتب فيها سيف الدولة ويبدى أشواقه إلى أمه وأسفه وحزنه على وحدتها وفراقها، يقول:
يا حسرة ما أكاد أحملها آخـرها مزعـج وأوّلها
مستفعلن مفعلات مستعِلن مستفعلن مفعلات مستعِلن
ويذكر د.صابر عبد الدايم أن هذا الشكل العروضى من أشكال المنسرح هو أقرب تشكيلات "المنسرح" إلى التذوق والوجدان والشعراء ينظمون منه الكثير والمؤثر.
ففى جمهرة أشعار العرب ترد قصيدة عمرو بن أمرئ القيس على هذا الوزن العروضى ، وكذلك قصيدة لمالك بن عجلان على الوزن نفسه ... وقد أدرجهما القرشى فى باب "المذهبات"، وقصيدة مالك بن عجلان تبلغ واحدا وعشرين بيتا ومطلعها.
إن سميرا رأى عشيرته قد حدبوا دونه وقد أنفا
وقصيدة عمرو بن امرئ القيس تبلغ ستة وعشرين بيتا ومطلعها:
يا مال والسيد المعمم قد يبطره بعض رأيه السرف
وللمتنى قصيدة رائعة جيدة السبك غزيرة المعانى قالها فى مدح على بن إبراهيم التنوخى، وتبلغ أربعة أربعين بيتا يقول فى مطلعها:
أحقُّ عافٍ بدمعك الهمــم أحدث شئ عهدا بها القدم
وإنما الناس بالملـوك ومـا تفلح عرب ملوكها عجـم
لا أدب عندهم ولا حسـب ولا عهود لهم ولا ذمـمُ
بكل أرض وطئتها أمـــم ترعى بعبد كأنها غنــم
تنبيه :
ورد فى بعض كتب الرعوض بعض الأشكال الأخرى لهذا البحر ومنها
أ- عروض منهوكة موقوفة وهى الضرب أيضا ومثال ذلك :
" صبرا بنى عبد الدار "
فهنا البيت حذف منه ثلثاه " وسكنت تاء " " مفعولات " .
ب- عروض منهوكة مكسوفة " بحذف تاء مفعولات "
ومثال ذلك قول القائل :
ويل أم سعد سعدا
ويدخل فى هذا البحر من التغيير طى " مفعولات " غالبا ، وأما خبنه فقبيح ، فقصر " مفعلات".
وأما " مستفعلن " فى غير العروض والضرب فيجوز خبنه أو طيه والخبن فيه قبيح ، أى يجوز " مستعلن " ، ولا يجوز " مستفعلن " .

بحـر السريع
أولا : سبب التسمية :
يقول الخليل بن أحمد الفراهيدى ، مفسرا سر تسمية هذا البحر بالسريع حيث سئل عن ذلك فقال : " .. لأنه يسرع على اللسان " ، وقيل إنه سمى بذلك لأن كثرة السباب فيه تمكن من سرعة النطق به .
ثاينا : أجزاؤه :
يتكون هذا البحر من ست تفعيلات فى شطرى البيت وهى :
مستفعلن مستفعلن مفعولات مستفعلن مستفعلن مفعولات
ثالثا : من الخصائص الموسيقية لهذا البحر :
يقول كثير من النقاد بأن موسيقى هذا البحر فيه اضطراب لا تستريح إليه الآذان إلا بعد مران طويل ... وذلك لقلة ما نظم منه، والشعراء القدامى لم يكثروا من النظم فى الإطار الموسيقى لهذا البحر ، لأنه ـ كما يقول د/ عبده بدوى ـ يبدو كنوع ناشذ من بحر الرجز بإسقاط الوتد المفروق ، ويبدو هذا البحر كذلك كأنه نوع من الخروج على أصل من الأصول الموسيقية فى الشعر العربى.
وفى الشعر العربى الحديث قلّت نسبة شيوع هذا البحر ، وأصبح شعراؤنا ينفرون منه ومن موسيقاه .
ويخالف د.صابر عبدالدايم د/ إبراهيم أنيس فى أن هذا البحر سينقرض مع الزمن " لأن موسيقاه تقترب من صورتها الصافية من موسيقى بحر "الرجز" وهى فيها عذوبة وسلاسة؛ والتشكيل الموسيقى الصافى المؤثر لهذا البحر هو ما يرد على هذا الوجه.
مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن
ومن ذلك قول عباس العقاد من قصيدة "هذا هو الحب":
الحب أن أبصر مالا يُرى أو أغمض العين فلا أبصرا
وأن أسيغ الحق ما سرّنى فإن أبى فالكذب المفـترَى
وما زال خلاف د.صابر عبد الدايم مع د.أنيس مستمرا، فيذكر أن العقاد له شعر كثير جاء فى قالب السريع ؛ ولا صحة لما قاله د/ إبراهيم أنيس من أن "ما نظمه بعض الشعراء المحدثين من شعر قليل على هذا الوزن، فإنما كان تقليدا لقصائد قديمة أعجبوا بها فنسجوا على منوالها رغبة فى التنويع لا حبا للوزن نفسه، ولعلهم قد وجدوا فى هذا جهدا"
وأى جهد وأى عنت فى قول العقاد من قصيدة أخرى بعنوان "يا رب" ذات إيقاع سلس أخاذ خال من الاضطراب؟!
يارب أعطينـاك أرواحنـا فى هذه الحرب وفى الماضية
يا ربنا فاقـض لنا مــرة بالسلم فى أيامنـا الباقيـــة
مستفعلن مستفعلن فاعلـن مستفعلن مستفعلـن فاعلـن
وأى جهد ؟ وأى عنت فى قول أحمد زكى أبو شادى من قصيدة له بعنوان "بنات بحرى" ؟!
أقبلن آمالا على نشــوة من نشـوة البحر لآمالى
عرائس البحر خطت مثله فى نسـج أمواج كأنوال
رابعا : التشكيلات العروضية :
يشكل هذا البحر فى صورته التراثية كما حددها علماء العروض من خمسة أشكال موسيقية تكون فى مجموعها الصورة الكاملة لهذا البحر وهى :
1- الشكل الأول :
مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن
العروض مكسورة مطوية (فاعلن) عوض "مفعلا"، والضرب مطوى موقوف (فاعلان) عوض (فاعلات).
ومثال ذلك قول احمد شوقى:
يا عادى البــن كفى قسوة روّعتَ حتـى مُهَجاتِ الحمامْ
مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلان
تلك قلـوب الطيـر حمّلتـها ما عجزت عنه قلوب الأنـام
مستعلن مستفعلن فاعلـن مستعلن مستفعلن فاعلانْ
2- الشكل الثانى :
مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعلن
العروض مكسوفة مطوية (فاعلن) والضرب مكسوف مطوى (فاعلن)، ومثال ذلك قول العقاد السابق:
الحب أن أبصر ما لا يرى أو أغمض العين فلا أبصرا
مستفعلن مستفعلن فاعـلن مستفعلن مستفعلن فاعلـن
3- الشكل الثالث:
مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعل
العروض مكسوفة مطوية "فاعلن" والضرب أصلم "فاعل" وأصل الضرب "مفعو" حيث حذف الوتد المفروق من آخر "مفعولات" وهذا هو الصلم، ونقل "مفعو" إلى "فاعل" مثل قول أحمد زكى أبو شادى:
أقبلن آمالا على نشـوة من نشـوة البحر لآمالى
مستفعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن فاعل
4- الشكل الرابع :
مستفعلن مستفعلن فعِلن مستفعلن مستفعلن فعِلن
والعروض مكسوفة مخبونة " فعلن " ، والضرب مثلها مكسوف مخبون " فعلن " حيث يحذف الثانى والرابع والسابع من مفعولات فتصير فعلا وتنقل إلى فعلن. ومثال ذلك قول الشاعر:
شمس تجلّتْ تحت ثوب ظُلَمْ سقيمة الطرْف بغير سَقَمْ
مستفعلن مستفعلن فعلن متفعلن مستعلن فعلن


5- الشكل الخامس:
مستفعلن مستفعلن فعِلن مستفعلن مستفعلن فعْلن
العروض مكسوفة مخبونة " فعِلن " والضرب أصلم " فعلن " ومثال ذلك قول الشاعر:
من أصبحت دنياه غايته كيف ينال الغاية القصوى
مستفعلن مستفعلن فعلن مستعلن مستفعلن فعْلن
ويجوز فى حشو السريع خبن "مستفعلن" وهو حذف الثانة فتصير "متفعلن"، ويجوز فيها كذلك "الطى"، وهو حذ الرابع الساكن فتصير (مستعلن).
وهذا التغيير لا يلزم فى القصيدة كلها ... وربما يجتمع الخبن والطى فى بيت واحد من سريع. ومن ذلك قول العقاد من قصيدة له بعنوان "كتبى":
ينتفع المرء بما يقتنى وأنت لا جدوى ولا مأرب
مستعلن مستعلن فاعـلن متفعلن مستفعلن فاعلن
(طى) (طى) (خبن )
وللعقاد قصيدة (الطيش والحزم) على نفس الوزن يقول فيها:
لطيش أن تعمل ما تشتهى قد يساوى النفع فيها الضررْ
والحزم أن تحذر ما تتقى فما يغنيـك فيـها الحــذرْ
كفؤان إن وازنت حظيهما يا صاح فاختر منهما ما حضرْ
وقد جدد العقاد فى شكل هذا البحر الموسيقى فنظم قصيدته "بيجو" وبناها من أحد عشر مقطعا شعريا .. والبيت فيها مكون من شطرة واحدة والعروض فيها متحدة مع الضرب ، وكلاهما "موقوف مطوى"
والقصيدة قد صاغها العقاد فى قالب الخماسيات، أى أن كل مقطوعة تتكون من خمسة أبيات ... والبيت الخامس من كل مقطوعة يتحد فى قافيته مع بقية المقاطع ، وتبلغ القصيدة ستين بيتا، وهذا النتاج يجعل موسيقى هذا البحر مازالت مقبولة مستساغة عند الشعراء المعاصرين. ويقول العقاد فى رثاء كلبه الوفى "بيجو":
حزنا على " بيجو " تفيض الدموع
حزنا على " بيجو " تثور الضلوع
حزنا عليه جهــد ما استطيــع
وأن حزنا بعد ذلك الولــــوع
والله يا بيجو لحزن وجــــيع
حــزنا عليــه كلمـا لاح لى
بالليل فى ناحية المنـــــزل
مسامرى حينـا ومستقبــــلى
وسابقـى حينـا إلى مدخـــلى
كأنـه يعلـم وقت الرجــــوع
بحـر المجتث
أولا : سبب التسمية :
ورد فى لسان العرب فى مادة "جثث" أن الجث هو القطع وقيل: قطع الشئ من أصله.
والمجتث : ضرب من العروض على التشبيه بذلك ، كأنه اجتث من الخفيف أى قطع.
وقال : أبو إسحاق : سمى مجتثا : لأنك اجتثثت أصل الجزء الثالث وهو "مف"، فوقع ابتداء البيت من "عولات".
* وقال الخطيب التبريزى موضحا العلاقة بين الخفيف والمجتث، فلفظ أجزاء المجتث يوافق أجزاء الخفيف بعينها وإنما يختلف عن جهة الترتيب فكأنه اجتث من الخفيف.
ونلاحظ أن "مستفع لن" التى يبنى منها المجتث تكون مثل التى فى الخفيف وهي مكونة من :
سبب خفيف (مُسْ) + وتد مفروق (تفع) + سبب خفيف (لن)
ثانيا: أجزاء المجتث: يتكون المجتث من ست تفعيلات فى صورته التامة، وهى:
مستفع لن فاعلاتن فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن فاعلاتن
ومن استقراء النتاج الشعرى الذى جاء فى قالب هذا البحر وجد علماء العروض أن هذا البحر لم يستعمل إلا مجزوءا أى مكونامن أربع تفاعيل على هذا النحو :
مستفع لن فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن
ثالثا: من الخصائص الموسيقية:
يذكر د.صابر أن هذا البحر يتسم بإيقاع خفيف ، فيه رشاقة وحسن أدء ، تميل إليه النفس فتطرب الأذن لسماع إيقاعاته الموقعة القصيرة ؛ وهذه السمة الايقاعية تعد من سمات التطور فى هذا العصر الحديث .. حيث نظر القدامى إلى هذا البحر نظرة استهجان .. فلم ينظم الشعراء قصائدهم فى القالب النغمى لهذا البحر إلا قليلا . وكانت فى الأغراض الخفيفة . ومن ذلك قول أبى نواس :
يا عاقد القلب عنى هلا تذكرت هـــلا
تركت منى القليـلا من القليل أقــــلا
يكاد لا يتجـــزّا أقل فى اللفظ من (لا)
ويقول حازم القرطاجنى فى كتابه (منهاج البلغاء وسراج الأدباء): "..وإنما تستحلى الأعاريض بوقوع التركيب المتلائم فيها، فأما الهزج ففيه مع سذاجته حدة زائدة. فأما المجتث والمقتضب فالحلاوة فيهما قليلة على طيش فيهما".
وقد نظم منه الشعراء المحدثون كثيرا وبخاصة فى المسرحيات الشعرية .. كما يقول د/ إبراهيم أنيس ، وينبه كذلك إلى أن أكثر الشعراء استعمالا لهذا البحر فى غير المسرح الشعرى شاعر النيل حافظ إبراهيم.
وإضافة إلى حافظ إبراهيم .. نجد الشاعر / محمود حسن إسماعيل يكثر من نظمه فى القالب النغمى لهذا البحر وكذلك الشاعر ميخائيل نعيمة.
فالشاعر/ محمود حسن إسماعيل له قصيدة تبلغ اثنين وخمسين بيتا على وزن بحر المجتث وعنوانها "شاطئ التوبة" وهى من أروع قصائده وأصدقها انفعالا وعمقا وثراء فنيا وفيها يقول :
رباه عفـوك أنـى للنور مُدّتْ يدايـا
نزعت أسرار قلبـى وجئت ألقى أسـايا
وأشتكى طىّ صدرى دربا سحيق الطوايا
مستفعلن فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
رابعا : التشكيلات العروضية لهذا البحر:
ورد هذا البحر فى صورته الشائعة فى الشعر القديم والشعر الحديث على صورتين أو شكلين من الأشكال العروضية.
1- الشكل الأول:
مستفعلن فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
أ- العروض صحيحة والضرب صحيح.
وهذا الشكل هو الشائع والأكثر ذيوعا لموسيقى هذا البحر، ومثال ذلك قول " ميخائيل نعيمة " متأملا عالم البحر فى سكون أمواجه وفى ثورتها :
وقفت والليل داج والبحر كـرٌّ وفـرُّ
فلم يجبنى بحـرٌ ولم يجبنى بـــرُ
متفعلن فاعلاتن مستفعلن فاعلاتـن
وعندما شـاب ليلى وكحّل الأفْـقَ فجرُ
سمعت نهـرا يغنى الكون طـىٌّ ونشرُ
فى الناس خير وشر فى البحر مـدّ وجزر
2- الشكل الثانى :
مستفعلن فاعلاتن مستفعلن فعلاتن
العروض صحيحة والضرب مشعث "فلاتن".
والتشعيث هو حذف أول أو ثانى الوتد المجموع فى نحو "فاعلن" فيصير "فالن" أو "فاعن".
وكذلك "فاعلاتن" تصير "فلاتن" وتنقل إلى "فعلاتن" ومن ذلك قول عزيز أباظة فى مسرحيته الشعرية "العباسة" على لسان الفضل


بأمر مولاى فابقوا فإنكم ضيفانُـه
متفعلن فاعلاتن متفعلن فالاتن
أظلم يرضــاه وعمكم إحسانه
متفعلن فعلاتن متفعلن فالاتن
وبعد غير بعيــد يضمكن إيـوانه
متفعلن فعلاتن متفعلن فالاتن
ويدخل فى هذا البحر من التغيير الخبن فى أجزائه كلها باستحسان وكذلك الشكل ، ويجوز الجمع بين الخبن والشكل معا، والشكل مصطلحا : هو مركب من الخبن والكف كحذف الألف الأولى والنون الأخيرة من فاعلاتن فتصير "فعلات".

بحـر المقتضب
أولا : سبب التسمية :
يقول الخليل بن أحمد الفراهيدى حين سئل عن اسباب مسميات البحور فى معرض تعليله لاسم "المقتضب" قال: لأنه اقتضب من السريع؛ فأجزاء السريع هى :
مستفعلن مستفعلن مفعولات مستفعلن مستفعلن مفعولات
وأجزاء المقتضب هى " فى صورته " " المجزوءة " الملازمة له .
مفعولات مستفعلن مفعولات مستفعلن
فالتفعيلتان " الثالثة والرابعة من "السريع" تمثل الشطرة الأولى من المقتضب مع تغيير فى صورته التفعيلية فى "السريع" وفى "المقتضب"، حيث استقراء النتاج الشعرى فى هذين القالبين.
وفى لسان العرب مادة " قضب " تدور هذه المادة حول دلالات كثيرة:
ـ منها "القضب: القطع، قضبه يقضبه قضبا واقتضبه ، فانقضب وتقضب: انقطع. والمقتضب من الشعر:
فاعلات مفتعلن فاعلات مفتعلن
وبيته :
أقبلتْ فلاح لها عارضان كالبرَدِ
ويعلل ابن منظور إطلاق هذا اللقب على ذلك البحر تعليلا مخالفا لتعليل الخليل لأنه يخالفه أيضا فى أجزاء البحر .. فيجعله أقرب إلى الخفيف .. حيث يجعل أوله "فاعلات" وليس "مفعولات" التى تحول إليها "مفعلات" دائما.
ومن هنا يعلل ابن منظور التسمية مستندا للدلالة اللغوية للقضب وهى القطع ، فيقول: "وإنما سمى مقتضبا لأنه اقتضب مفعولات وهو الجزء الثالث من البيت أى قطع".
وحين نتأمل كلام ابن منظور نجد أنه يناقض نفسه ، فهو يقول : إن أجزاء المقتضب "فاعلات مفتعلن" مرتين، ومعنى ذلك أن التفعيلة الثالثة هى "فاعلات" والرابعة "مفتعلن"، ولكنه فى تعليله لمسمى ذلك البحر راجع إلى الأجزاء التى قال بها علماء العروض لهذا البحر .. فقال بأن الجزء الثالث من البيت "مفعولات" اقتضب أى قطع.. وهذا هو الأصوب؛ لأنه يتوافق مع الدلالة اللغوية، ومع ما ذهب إليه المختصون فى علم العروض.
ـ التشكيلات العروضية للمقتضب :
لهذا البحر شكلان عروضيان هما :
الشكل الأول:
مفعلات مستعلن مفعلات مستعلن
العروض مطوية والضرب مطوى، حيث يلزم حذف الرابع الساكن من مستفعلن فى العروض والضرب فتصير "مستعلن".
ومثال ذلك قول أمير الشعراء أحمد شوقى فى وصف حفلة رقص بقصر "عابدين" وهى تبلغ حوالى سبعين بيتا ومطلعها:
حفّ كأسَها الحبَبُ فهْى فضةٌ ذهبُ
مفعلات مستعلن مفعلات مستعلن
ومن هذه القصيدة قول شوقى:
الليـوث مائــلة الظبـاءُ تَنسـربُ
الحريرُ ملبســها واللجين والذهـب
والقصور مسرحها لا الرمال والعشب
مفعلات مستعـلن مفعلات مستعـلن
الشكل الثانى:
مفعولات مستعلن مفعولات مستعلن
حيث يدخل الضرب "القطع" وهو حذف ساكن الوتد المجموع وإسكان ما قبله، مثل (فاعلن) تصير (فاعل)، ومستفعلن تصير (مستفعل). ومثال ذلك قول الشاعر:
النعيم يشغــله والجمال يطغيـه
مفعلات مستعلن مفعلات مستفعل
تائـهٌ تزهّــدُه فىَّ رغبتى فيـه
مفعلات مستعلن مفعلات مستفعـل
ويخطّئ د.صابر د/ إبراهيم أنيس فى ذهابه إلى أن المقتضب قد أنكره الأخفش يقوله: "والغريب أن نرى أمير الشعراء ينظم فى بحر المقتضب، ذلك الوزن الذى أنكره الأخفش ، وقد بنى على هذا الرأى موقفه من هذا البحر فلم يدرجه فى كتابه "موسيقى الشعر".
ويستطرد د.صابر قائلا: "..والحقيقة غير ذلك، فإن الأخفش لم ينكر هذا البحر؛ حيث تكلم عنه بصورة صريحة موجزة فى كتاب (العروض) الذى حققه د/ أحمد عبد الدايم، حيث يقول الأخفش فى كتابه: "وأما المضارع والمقتضب فكانت فيها المراقبة، لأنهما شعران قلا، فقل الحذف فيهما. وإنما يحذفون ما يكثر من كلامهم.
والمراقبة بين الحرفين تعنى أنه يسقط أحدهما ويثبت الآخر، فلا يسقطان معا ولا يثبتان معا، والمراقبة فى المقتضب بين فاءء مفعولات وواوها وفى المضارع المراقبة بين ياء مفاعلين ونونها.
وكتاب "العروض للأخفش" أول تقعيد علمى لعلم العروض، لم يسلك فيه الأخفش نهج المعلمين، بل سلك نهج الأساتذة العارفين، حيث وضع لنا فيه مايجوز ومالا يجوز، ما هو حسن وما هو قبيح.


بحـر المضارع
أولا : سبب التسمية :
حين سئل الخليل بن أحمد كما يروى ابن رشيق فى كتابه "العمدة" عن سبب مسمى هذا البحر بالمضارع، فقال: "لأنه ضارع المقتضب"، أى شابه، والمضارعة للشئ كما ورد فى لسان العرب أن يضارعه كأنه مثله أو شبهه.
وورد فى لسان العرب تعليل غير التعليل الذى ساقه الخليل، حيث ينقل ابن منظور عن الأزهرى قوله: "والنحويون يقولون للفعل المستقبل مضارع لمشاكلته الأسماء فيما يلحقه من الإعراب؛ والمضارع من الأفعال : ما أشبه الأسماء وهو الفعل الآتى والحاضر.
والمضارع فى العروض
مفاعيل فاع لاتن مفاعيل فاع لاتن
وسمى بذلك لأنه ضارع (المجتث) أى شابهه.
ثانيا : أجزاؤه وموقف النقاد من موسيقاه :
مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن
ونظرا لندرة النماذج الشعرية التى وردت فى القالب النغمى لهذا البحر ولم ترد إلا مجزوئة فإن صورة هذا البحر تتشكل فى القالب كالآتى:
مفاعيل فاع لاتن مفاعيل فاع لاتن
ومثال ذلك قول الشاعر:
فنفسى لها حـنين وقلبى له إنكـار
مفاعيل فاع لاتن مفاعيلن فاع لاتن
ويلاحظ أن "فاع لاتن" هنا مركبة من وتد مفروق (فاع) وسببين خفيفين (لا، تن)، ولا يجوز أن يدخلهما الخبن ، أى لا يجوز حذف الحرف الثانى فلا تقول "فـع لا تن" بخلاف "فاعلاتن"؛ فإنه يجوز فيها "الخبن" فتصير "فعلاتن".
وحازم القرطاجنى يرفض هذا البحر رفضا قاطعا؛ حيث يقول: "فأما المضارع ففيه كل قبيح، ولا ينبغى أن يعد من أوزان العرب، وإنما وضع قياسا وهو قياس فاسد لأنه فى الوضع المتنافر"
ويذهب "القرطاجنى" إلى أن الأوزان التى ثبت وضعها عن العرب أربعة عشر وزنا وهى:
(الطويل - والبسيط - والمديد - والوافر - والكامل - والرجز - والرمل - والهزج - المنسرح -والخفيف - والسريع - والمتقارب - والمقتضب والمجتث ) وإن كان المقتضب والمجتث ليس لهما تلك الشهرة فى كلامهم .
فـأما الوزن الذى سموه المضارع ، فما أرى أن شيئا من الاختلاف على العرب أحق بالتكذيب والرد منه ، لأن طباع العرب كانت أفضل من أن يكون هذا الوزن من نتاجها ، وما أراه أنتجه إلا "شعبة بن برسام" خطرت صورته على فكر من وضعه قياسا، فياليته لم يضعه، ولم يدنس أوزان العرب بذكره معها، فإنه أسخف وزن سمع فلا سبيل إلى قبوله، ولا العمل عليه أصلا"
وعلى الرغم من هذا الموقف الرافض للبحر "المضارع" من حازم القرطاجنى ، فإن الجوهرى صاحب المعجم اللغوى الجامع "تاج اللغة وصحاح العربية" والذى عاش فى القرن الرابع الهجرى؛ العاشر الميلادى قد فصل القول فى كتابه "عروض الورقة" عن "البحر المضارع" وأتى بأشكال كثيرة وفى ذلك دلالة على وجود هذا البحر .. مهما ندرت أمثلته، وحازم القرطاجنى عاش فى القرن السابع الهجرى ، أى بعد الجوهرى بثلاثة قرون ، فرفضه لهذا البحر لا يصبح قاعدة نلتزم بها لأن "الجوهرى" عالم ثقة ثبت، ومذهبه يعتد به فى الاحتجاج والتقعيد.
وقد جاء تحليل الجوهرى للمضارع على هذا النحو:
أجزاء المضارع: مربع قديم لا غيـر، أى يتكون من أربع تفاعيل:
مفاعيلن فاع لاتن مفاعلن فاع لاتن
وبيته الذى لا زحاف فيه :
بنو سعد خير قوم لجارات أو لعان
ويعلق الجوهرى على هذا الشكل من أشكال المضارع بقوله: "وهذا محدث، ولم يجئ عن العرب فيه بيت صحيح ، أى أن هذا الشكل محدث... ومعنى ذلك أنه يجوز أن ينظم الشعراء قصائدهم على هذا القالب بدون أى زحافات "
مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن فاع لاتن
ويلاحظ أن الجوهرى يخالف الخليل فى شكل التفعيلة الثانية والرابعة فهى فى مذهبه (فاعلاتن) مكونة من سبب خفيف فوتد مجموع فسبب خفيف ( /5 - / - /5 - /5 )
أما عند الخليل والأخفش فهتى تتكون من وتد مفروق فسببين خفيفين ( /5/ - /5/5 ) فاع لاتن.
وبناء على هذا التخالف فى شكل التفعيلة يقول " الجوهرى " وزحاف المضارع "خمسة":
(القبض - الكف - الخرْم - الشتر - الخبن)
وهذه الزحافات تدخل كلها فى مفاعيلن " على هذا النحو:
أ- فيجوز فيها "الكف" وهو حذف السابع الساكن فى مفاعيلن فتصير مفاعيل.
ومثال ذلك قول القائل :
دعانى إلى سعاد دواعى هوى سعاد
وتقطيعه هكذا:
دعانى إلى سعادى دواعى هوى سعادى
مفاعيل فاعلاتن مفاعيل فاعلاتن
ب- يجوز فى (مفاعيلن) القبض فتصير "مفاعلن"، حيث يحذف الخامس الساكن.
جـ- ويجوز فى عروضه "الكف" حيث يحذف السابع الساكن من فاعلاتن فتصير "فاعلات"؛ ومن ذلك قول القائل:
وقد رايت الرجال فما أرى مثل زيد
مفاعلن فاعلات مفاعلن فاعلاتن
ويقول الجوهرى: "وهذا يشبه المجتث"
وهذا التشابه يعود بنا إلى صاحب لسان العرب ، حيث توصل إلى هذا التشابه حيث قال معللا تسمنة المضارع بهذا الاسم "لأنه ضارع المجتث" أى شابهه .
د- ويجوز فى أول جزأيه "الخرم" و"الكف"، فتصبح "مفاعيلن" فى أول الشطرين "فاعيل" وتنقل إلى مفعول حيث حذف أول الوتد المجموع من أول التفعيلة .. وهذا هو "الخرم" فتحذف الميم من أول تفعيلة "مفاعيلن" ويحذف السابع الساكن وهو (الكف)، ومثال ذلك قول القال:
قلنا لهم وقالوا كل له مقـال
مفعول فاعلاتن مفعول فاعلاتن
ويطلق الجوهرى على اجتماع الزحافين (الخرم) و (الكف) لقب (الأخرب)
هـ: ويجوز فى أول جزأيه "الخرم والقبض" فيبقى "فاعلن"، فسمى الأشتر وبيته أى مثاله:
سوف أهدى لسلمى ثناء على ثناء
فاعلن فاعـلاتن فاعلن فاعلاتن
ويجوز فى أول جزئيه " القبض والكف .. حيث تصير مفاعيلن (فاعل) ومثاله:
أشاقَكَ طيف مامَهْ بمكة أم حمامـة
مفاعل فاعلاتن مفاعل فاعلاتن
وعن الصورة السابقة يقول الجوهرى:
وهذا يشبه مربع الوافر، وكان الخليل يوجب فيه مراقبة يائها ونونها، فإما أن يكف فيكون مفاعيل ت أو يقبض فيكون مفاعلن، ولا يثبت الساكنان معا..ولا يسقطان معا.
ز: ويجوز خبن "فاعلاتن" لمعاقبة ما قبله .. وبيته :
إذا ضيف طرقونا فديناهم بجفنان
مفاعيلن فعلاتن مفاعيلن فعلاتن
ولا شك أن هذه الزحافات الكثيرة جعلت الشكال الموسيقيةلهذا البحر تتعدد ووتتنوع .. حيث يتسع المجال أمام الشعراء للنظم فى هذا القالب الايقاعى ...
فالشكل التام فى هذا البحر " مفاعيلن فاعلاتن زز مفاعيلن فاعلاتن " مقبول ذوقيا وإيقاعيا .
وذلك الصورة المأثورة التى اتفق عليها أغلب علماء العروض وهى
مفاعيل فاعلاتن مفاعيل فاعلاتن
والصورة النغمية التى تقترب من مربع الوافر تعد نغما قصيرا راقصا يصلح لأناشيد الأطفال .. وأغانى الترقيص .. ويمكن أن يصاغ وزنه فى هذا القالب.
مفاعلين فعولن مفاعلتن فعولن
والشكل الذى اطلق عليه الجوهرى الأخرب حيث يجتمع الخرم والكف أول الشطرين " يمكن أن يصاغ على وزن قريب جديد هو:
مستفعلن فعولن مستفعلن فعولن
قلنا لهم وقالوا كل له مقال
هذه التنويعات الموسيقية تعد مظهر ثراء إيقاعى وتفتح المنافذ الايقاعية للعراء رغبة فى التجديد ... ومواصلة الابداع والعطاء فى ساحة الشعر الرحبة ، فالشعر فن العربية الأول .. وهو كان .. ومازال وسيظل " ديوان العرب".



القـافيـــة


أولا: تعريف القافية:
القافية هى المقطع الصوتى الذى ينتهى به البيت الأول من القصيدة ، والذى سوف يتكرر فى نهاية كل بيت منها ، مادامت القصيدة فى هذا الطراز الملتزم بوحدة الوزن والقافية .
وهذا المقطع الصوتى قد حده الأخفش بالكلمة الأخيرة من البيت، وحدده الخليل من آخر ساكن فى البيت إلى أقرب ساكن يليه مع المتحرك الذى قبله ، فإذا قرأنا هذا البيت:
لكل ما يؤذِى وإن قلّ ألمْ ما أطول الليل على من لم ينمْ !
فتكون قافية البيت على رأى الأخفش هى كلمة ( ينم ) ، ولكن قافية هذا البيت نفسه على رأى الخليل هى ( لم ينم ) .
وإذا قرأنا البيت التالى :
ومن يك ذا فم مرّ مريضٍ يجد مرّا به الماءَ الزلالا
تكون القافية فى البيت على رأى الأخفش كلمة "زلالا"، ولكن قافية هذا البيت نفسه على رأى الخليل هى (لالا).
أما التقفية فهو التوافق على الحرف الأخير .
ثانيا : حروف القافية :
يقول الحلى:
مجرى القوافى فى حروف ستة كالشمس تجرى فى علوِّ بروجِها
تأسيسها ودخيـلها مع ردفـها ورويِّها مع وصلها وخروجِـها
ومحتوى البيتين يفيد بأن قافية القصيدة ، أو قل المقطع الصوتى الأخير فى كل بيت فيها : قوامه ركائز ثابتة ، لا يصح بغيرها ، ولا يكون بدونها ، وإحدى هذه الركائز هو مركزها : حوله تدور ومن داخله تراعى وتستدعى .
أما مجموعة هذه الركائز فهى كما وصفت فى البيت الثانى: التأسيس - الدخيل - الردف - الروى - الوصل - الخروج.
وأما فـذُّهـا أو محورها فهو الروى ، لماذا ؟
أولا : لأن الروى هو الحرف الصحيح آخر البيت ، واللازم تكراره فى أواخر جميع هذه الأبيات ، وتنسب إليه القصيدة فنقول قصيدة بائية أو همزية أو رائية.
ثانيا : لأن الروى بمفرده إذا وقع ساكنا ، فهو يكون قافية القصيدة، وعندئذ يكون أصغر صورة تقع عليه قافية القصيدة . وفى غير هذه الحال للقافية : تكون فى صورها الأخرى ذات أسماء أخرى : هى تلك التى تحددت بالتأسيس والردف وغيرهما .. ولنتوقف مع كل مصطلح، لنتبّين قضاء العروضيين فيه
(1) الروى :
اتفقنا على أنه الحرف الصحيح الذى تبنى عليه القصيدة فتنسب إليه، والروى الذى يكون بذاته ( أى بلا زيادات ) قافية القصيدة ، اشترط العروضيون فيه أن يكون ساكنا لا متحركا ، ويدخل فى إطاره الحرف المشدد إذا كان ساكنا ؛ لأنه من ناحية العروض والقافية يعد حرفا واحدا من ذلك : ممتد . مرتد . أغر . أعز
فإذا قرأنا قول الشاعر فى وصف البحر :
أخذتْ ناصيةُ الحــق به وسبيل الناس فى خالى العُصُرْ
منع الليث وإن طال المدى فلك ما لعصـاه مستقــــر
فالمقطع الصوتى المكون للقافية فى هذه القصيدة هو حرف الراء الساكنة فى العصر .. وكذلك فى مستقر مع أن الراء الساكنة فى مستقر مشددة أصلا والسؤال الذى يفرض نفسه هنا هو : هل هناك حروف لا تصلح أن تكون رويا ؟؟ ومادام شرط الروى أن يكون حرفا صحيحا ، إذن فغير هذا لا يصلح أن يكون رويا. والحروف التى لا تصلح أن تكون رويا حددها العروضيون فيما يأتى:
الألف : إذا كانت ليست أصلا فى بنية الكلمة ، سواء كانت :
أ- ألف الإطلاق : الاتى تنشأ من إشباع فتح الروى مثل : جوابا - عتابا
ب- ألف لتثنية : مثل : لتعلما - لتألما .
ج- الألف المنقلبة عن نون التوكيد الخفيفة كما في كلمة (فاعبدا) من قول الأعشى:
صلِّ على خير العشيات والضحى ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
د- الف ضمير المتكلم المفرد : أنا
هـ- الألف اللاحقة لهاء الغائبة : كتابها ، ثيابها .
الياء : إذا كانت ليست أصلا فى بنية الكلمة سواء :
أ- ياء المتكلم : كتابى ، جوابى .
ب- ياء الإطلاق : التى تنشأ من إشباع كسر الروى مثل: بكفاح، ببطاح
ج- الياء التى هى من بنية الكلمة : مثل الراعى ، الداعى .
الواو : إذا كانت ليست أصلا فى بنية الكلمة سواء كانت :
أ- واو الإطلاق : التى تنشأ من إشباع ضم الروى ، جميل ، عليل .
ب- واو الجماعة : مثل وضعوا ، نفعوا .
ج- الواو اللاحقة لضمير الجماعه : همو .
الهاء : إذا كانت ليست أصلا فى بنية الكلمة ، وغير مسبوقة بحرف مد سواء كانت :
أ- هاء السكت : فافتده ، فاقتده .
ب- هاء الضمير الساكنة : حاملة ، نائلة .
ج - الهاء المتحرك : له - به . ( ويشترط هنا ألا يكون قبل الهاء المتحرك حرف مد، وإلا فتعتبر الهاء روايا فى مثل: علاها، بانيها.
التنوين:
التنوين لا يثبت فى آخر البيت إلا إذا كان "تنوين الترنم" الذي يلحق القافية المطلقة أو "التنوين الغالى" الذي يلحق القافية المقيدة، ومثل النحويون لذلك بالبيتين التاليين:
أقِلِّى اللومَ عاذلَ والعتابــَنْ وقولى إن أصبْت لقد أصابَنْ
وقاتم الأعماق خاوى المخترقن ومشتبه الأعلام لماع الخَفَقِنْ
ولعلك تلاحظ أن هذه الأحرف التى لا تقع رويا أبدا إنما وقعت فى آخر القافية إذن فهى زوائد ، وروى القاتفية إذن هو الحرف الصحيح السابق مباشرة لهذا الزائد . ومعنى هذا : أن روى القافية هو الحرف الصحيح الآخير فى المقطع الصوتىالمكون لها . ومعنى هذا أيضا أن الحرف الصحيح يصلح أن يكون رويا فى كل حال .
غير أن نسب وقوع كل حرف صحيح رويا ليست متساوية ، فأكثر الحروف شيوعا فى وقوعها رويا هى : الباء . الدال . الراء . اللام الميم . النون .
والأقل درجة من تلك هى : الهمزة . التاء . الجيم . الحاء . السين . العين الفاء . القاف . الكاف . الياء .
والأقل من كليهما فى نسبة الشيوع هى : الضاد . الطاء . الهاء .
وهناك حروف لا تمتنع على وقوعها رويا ، ولكن كانت نادرة وهى : الثاء . الخاء . الذال . الزاى . الشين . الصاد . الظاء . الغين . الواو .
والحرف الصحيح فى آخر القافية إذا تحرك ( أى لم يكن ساكنا ) فإن حركته هذه تسمى اصلا . ولا يهمّ أن يكون الحرف السابق على الروى صحيحا متحركا أو حرفا مثل حروف المد ، فإذا قرانا النماذج الثلاثة التالية :
1- قال الشاعر هاشم الرفاعى فى وصية لاجئ :
أنا يا بنى غدا سيطوينى الغسق
لم يبق فى ظل الحياة سوى رمق
وحطامِ قلبٍ عاش مشبوبَ القلق
ب- قال محمود غنيم فى فقده ساعته :
مَن مُسعِدى إن أكن على سفر ومن يفى على بالوعد إن أَعِدْ
التبستْ أيامى علـىَّ فــلا أُفرّق بين السـبت والأحــدْ
واختلَّ وقتى فإن وعدتُك إن أزورك اليوم جئتُ بعد غـدْ
ج- قال شوقى فى الطيران :
رَبِّ إن كانت لخير جُعلتْ فاجعل الخير بناديها لزامـا
وإن اهتز بها الشر غـدا فتعالت تمطر الموتَ الزُّؤاما
فاملأِ الجـوَّ عليها رُجُما رحمة منك وعدلا وانتقامـا
فإننا نجد روى النموذج الأول وهو القاف الساكنة ، وهو حرف صحيح ساكن يمثل أصغر صور القافية كما عرفنا .
والقافية المكونة من حرف صحيح وساكن تسمى القافية المقيدة . أما النموذجان الثانى والثالث فروى كل منهما حرف صحيح متحرك بحركة قصيرة فى أولهما وطويلة فى ثانيهما . والقافية التى يكون رويها حرفا صحيحا متحركا تسمى القافية المطلقة وحركة الروى قصيرة كانت ( الفتحة ، الضمة ، الكسرة ) أو طويلة الألف ، الواو ، الياء ) تسمى الوصل .
(2) الوصل :
الوصل إذن هو حركة الروى فى القافية المطلقة . وهذه الحركة تكون قصيرة مثل :
إلام الخلــفُ بينكم إلام وهذى الضجة الكبرى علامَ
وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفـع
التبستْ أيامـى على فـلا أفرق بين السـبت والأحـد
وتكون طويلة إذ تصبح ألفا باشباع الفتحة ، وواوا بإشباع الضمة وياء بإشباع الكسرة .
والألف الناتجة من إشباع فتحة الروى تكون موصوله بضمير المتكلم ، أو ألف إطلاق أو الفا من بنية الكلمة ، وتلاحظ هذه الأنواع فى قول الشاعر :
سلى يا عبلة الجيليـن عنـا وما لاقت بنو الأعجام منــا
أنا الحصن المشيد لآل عبس إذا ما شاءت الأبطال حصنـا
شبيه الليل لونى غيـر أنـى بفعلى من بياض الصبح أسنَى
والألف - كما سبقت الاشارة - تصلح أن تكون رويا ووصلا حين تكون أصيلة ، فإذا قرأنا قول حافظ :
له ملعب فيه ما يشتهى محب الرياضة مهما غلا
لكل فريق بـه لعبـة تلائم فى سنــه ما خلا
فإننا يمكننا أن نعتبر الألف هنا رويا لأنها أصلية فى بنية الكلمة. ومن الممكن أن نعتبرها وصلا واللام هى الروى.
أما إذا قرأنا قول مهيار:
كيف يرجى النصح من محتكم يكثر السُّخْط ولا يرضى الرضا
أيها الرامى وما أجرَى دمـا لا تحتسبْ وقد بلغتَ الغرضـا
فلا تستطيع أن تعتبر الألف هنا رويا لأنها فى قافية البيت الثانى ألف الإطلاق ، وليست من بنية الكلمة ، فهى لابد أن تكون وصلا .
والواو الناتجة من إشباع ضمة الروى تكون واو الجماعة ، كما فى قول الشاعر :
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا النفع فى أشياعهم نفعوا
أو الواو اللاحقة لضمير الجماعة كقول الشاعر:
تجنَّوا كأن لا ودَّ بينى وبينهم قديما وحتى ما كأنهم همو
والواو ـ كما سبقت الاشارة ـ تصلح أن تكون رويا للقافية إذا كانت أصلية من بنية الكلمة وكان ما يليها مضموما ، كأن تقوم نهايات أبيات القصيدة على هذه الكلمات:
يدعو . يصبو . يخلو . يعلو . يحلو
والياء : الناتجة من إشباع كسرة الروى تكون ياء إطلاق كما فى قول الشاعر :
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلى بسقط اللوى بين الدخول فحوملى
كما تكون ياء المتكلم كما فى قول الشاعر :
سارتْ محامدُه ، وسارت خلفها تشدو بسابغ فضلِه أمْداحى
وقد تكون الياء فى أصل الكلمة ، ولكنها تكون وصلا فقط ، من ذلك قول الشاعر :
يلومنى فى حبها من يرى أن لَجَاجَ اللوْمِ لا يُغرِى
ولكن الياء أصلية إذا جاءت متحركة مع تحرك ما قبلها فيجب أن تكون رويا كقول الشاعر :
هنالك أنسى متاعب يومى كأنى لم ألق فى اليوم شيّا
فكل طعام أراه لذيـــذا وكل شراب أراه شـهيّا
ومن ذلك أيضا قول الشاعر :
اتركِ الأطلال لا تعبأ بها إنها من كل بؤس دانيهْ
ولا يتوقف الوصل على تحريك الروى بالحركات القصار أو إشباع هذه الحركات بحروف المد فحسب ، وإنما يتحقق الوصل بالإضافة إلى ذلك كله بوقوع هاء ساكنة بعد الروى أو هاء متحركة ، من نماذج الوصل بالهاء الساكنة قول الشاعر :
يا ناعما رقدت جفونه مُضْناك لا تهْدأ شجونُـهْ
حل الهـوى لك كله إن لم تُعِـنْهُ فمن يُعينـهْ
عُـدْ مُنعّما أو لا تعـد أَودعتُ سرَّك من يصونهْ
ومن نماذج الوصل بالهاء المتحركة قول الشاعر:
يا ساكنين ديار عبـس إننى لاقيت من كسرى جدا إحسانِه
أمسيت فى ربع خصيب عنده متنزها فيــه وفى بستـانِه
ونظرتُ بركته تفيض وماؤها يَحكى مواهبَهَ وجودَ بنانــِه
ولكن الهاء المتحركة إذا كانت من بنية الكلمة كانت هى الروى ولا تكون وصلا من ذلك قول الشاعر :
أبصرت أعمى فى الظلام بلندن يمشى فلا يشكو ولا يتـأوهُ
فأتـاه يسـألُه الهدايـةَ مبصرٌ حيران يَخْبِطُ فى الكلام ويَعْمَهُ
وكذلك أيضا تاء التأنيث مفتوحة أو مربوطة إذا سبقت بحرف صحيح (ليس حرف مد ) وكان هذا الحرف الصحيح متحركا يصح أن تعتبر وصلا إذا لم يختلف هذا الحرف فى جميع قوافى القصيدة ، ومن ذلك قول كثير عزة :
فوالله ثم الله ما حـلّ قبلــها ولابعدها من خـلّة حيث حلـّتِ
وما مرّ من يوم علىّ كيَوْمِـها وإن عظُمت أيام أخرى وحـلّتِ
وأضحت بأعلى شاهق من فؤاده فلا القلبُ يسلاها ولا العينُ ملّتِ
فيا عجبا للقلب كيف اعترافـه وللنفس مما وُطِّنتْ كيف ذلـّتِ؟
كأنى وإياها سـحابةُ ممحـل رَجاها فلما جاوزتْهُ استـهلّـتِ
فإن سأل الواشون فيم هجرتُها ؟ فقل: نفـسُ حـرٍّ سلّيْت فتسلّتِ
فالروى هنا اللام ، أما التاء فهى الوصل . ولكن إذا تغير الحرف الصحيح السابق للتاء ، فيتعين أن تكون التاء رويا من ذلك قول الشاعر سليمان النبهانى فى غزله :
أسيلةُ خـدٍ لو رأى الورد خدَها أقــرّ اختيارا أنه وردُ جنـةِ
كأن شعاع الشمس تحت قناعها إذا هـى تحت القنـاع تجلـّتِ
شموعٌ دمُ الأبطال فى وَجَناتِها فأجفانُها المَرضَى هُريقَتْ فطُلّتِ
ولما اختلف الحرف الصحيح السابق على التاء فى هذه الأبيات صار روى القصيدة هو التاء نفسها.
وكذلك أيضا كاف المخاطب من الحروف التى تصلح أن تكون وصلا وتصلح أن تكون رويا ، فحين لا يسبقها مد ، وإنما يسبقها حرف صحيح متحرك ، ننظر فى هذا الحرف ، فإذا كان هذا الحرف السابق عليها مختلفا فيتعين أن تكون هذه الكاف رويا ، ومن ذلك قول الشاعر:
كن مع الله يكن لك واتق الله لعلك
إن للموت لسـهما واقعا دوك وبك
أما إذا كان الحرف السابق على كاف الخطاب متحدا فى قوافى القصيدة فيصح اعتباره رويا ، ويصح كذلك اعتبار الحرف السابق عليه رويا ، ويكون الكاف وصلا ، ومن ذلك قول الشاعر:
يا أخا البدر سناءً وسنى رحم الله زمانك أطلعــك
إن يطل بعدك ليل فلكم بت أشكو قصر الليل معك
(3) الخروج :
وإذا كان الروى هو الحرف الصحيح الواقع فى آخر القافية، والوصل هو إشباع حركة الروى ، فإن الخروج هو حركة هاء الوصل .
وهذا يعنى أن الخروج لا يوجد إلا فى القافية المنتهية بالهاء المشبعة الحركة ، فإذا قرأنا قول الشاعر :
للناس عيـش درّت الدنيا لهم من دوننا بنعيمـه ولـَذاذِه
أخذوه موفورا كما شاءوا ولم يؤذن لنا ، فنكون من أُخّاذه
فإننا نجد فى هذا النموذج خروجا ، والإشباع فيه كسرة ممدودة، والذال روى، والهاء وصب، والكسرة الممدودة ـ أو قل الياء المسموعة ـ هى الخروج .
(4) الردف :
وإذا كان ما بعد الروى نطلق عليه الوصل ، وإشباع حركة الوصل نطلق عليها الخروج ، فإن وقوع حرف مد أو حرف لين ساكن قبل الروى نطلق عليه الردف .
فالردف إذن هو حرف المد الذى يسبق الروى ، سواء كان حرف المد هذا ألفا أو واوا أو ياء ، وأيضا حرف اللين الساكن الذى يسبق الروى واء كان حرف المد هذا ألفا أو واوا أو ياء بعد حركة غير متجانسة، فإذا قرأنا قول الشاعر ابن النبيه المصرى :
من سحر عينيك الأمـان قتلتَ رب السـيف الطيلسـان
أسمر كالرمج له مقــلة لو لم تكن كحلاء كانت سنان
يزداد أن يشكو له قسـوة ولو شكوت الحب للصخر لان
نجد أن الردف هنا كما تراه بالأف ، وهى أحد حروف المد. وإذا قرأنا أبياتا من قصيدة (بانت سعاد) لكعب بن زهير:
بانت سعاد فقبى اليـوم متبــول متيم عندها لم يُجَـز مكبــولُ
وما سـعادُ غداةَ البيـن إذ برزتْ إلا أغَنُّ غضيض الطرف مكحول
تجلو عوارض ذى ظلم إذا ابتسمت كأنه منــهل بالراح معلــول
نجد أن الردف هنا كما تراه بالواو، وهى إحدى حروف المد. وإذا قرأنا قول الشاعر ابن زيدون:
أضحى التنائى بديلا من تدانينا وناب عن طول لقيانا تجافينـا
بِنتُم وبنّا فما ابتلـت جوانحنـا شوقا إليكم ولا جفّـت مآقينـا
يكاد حين تناجيكم ضمائرنــا يقضى علينا الأسى لولا تأسينا
نجد أن الردف هنا بالياء، وهى إحدى حروف المد. ولم يرفض العرضيون أن يعاقب الشاعر بين الواو والياء. من ذلك قول مسلم بن الوليد:
من لام فى هواها فنصحُه مـردود
يا سِحْر وَاصلينى فإننـى عميــد
إنى لما أُلاقــى فى حبكم مجهود
جُودى لِمُستـهام عـذّبَه التسـهيد
وأما الردف بحرف اللين الساكن الياء أو الواو ، فأول ما نلاحظه أنه لا يمكن الجمع بينهما فى القصيدة الواحدة ، كما حدث هناك فى جواز التعاقب بين الواو والياء، ومن نماذج الردف بحرف اللين الياء يقول الشاعر محيى الدين الحموى:
تثنّى الغصنُ إعراضا وعُجْبا على نهر يذوب أسىً عليه
فرقّ له النسيمُ وجاء يسعى ملاطفةً وميـّلَه إليـــه
ومن نماذج الردف حرف اللين الواو قول الشاعر خليل مران مؤرخا:
وجنات من الأشعـار جنى للمجتنى من كل ذَوق
تأمّلْ كمْ تمنّوها وأرخِّ لشوقيات أحمد أى شـوق
(5) التاسيس:
عرفنا فيما سبق حدود الروى من حيث إنه الحرف الصحيح فى آخر القافية ، وحدود الوصل من حيث إنه حرف المد الناتج من إشباع حركة الروى وحدود الرخوج من حيث إنه إشباع حركة الهاء التى تقع وصلا بعد الروى، وحدود الردف من حيث إنه حرف المد أو حرف اللين الساكن السابق للروى أما التأسيس فهو وقوع ألف يفصل بينها وبين الروى حرف صحيح .
إذن فهناك اتفاق بين الردف والتأسيس فى شئ واحد هو أن كليهما مكانه قبل الروى. وهناك اختلاف بينهما يتجلى فى شيئين :
أ- أن التأسيس يكون فقط مدا بالألف ، أما الردف فيكون حرف مد أى حرف مد ( ألف أو واو أو ياء ) ويكون حرف لين ساكن ( ياء ساكنة أو واو ساكنة )
ب- أن التأسيس يقع بينه وبين حرف الروى حرف صحيح ، أما الردف فيكون قبل الروى مباشرة .
ومعنى هذا أيضا أنه لا يجتمع تأسيس وردف فى بيت واحد .
فإذا قرأنا قول الطغرانى :
جامل عدوك ما استطعت فإنـه بالرفق يطمع فى صلاح الفاسـد
واحذر حسودك ما استطعت فإنه إن نمتَ عنه فليس عنك براقــد
إن الحسـود وإن أراد تـوددا منه أشرّ من العـدو الحاقـــد
ولربما رضى العـدو إذا رأى منك الجميل فصار غير معانــد
فها أنت ترى روى هذه القصيدة هو الدال ، والوصل هو الكسرة المشبعة أو قل حرف المد حرف المد الياء ، ولكنك ترى قبل حرف الروى حرفا صحيحا آخر هو بالترتيب : س ، ق ، ق ، ن ، وهذا الحرف السابق على الروى هو الفاصل الذى فصل بين ألف التأسيس وبين الروى .
ونلاحظ أن ألف التأسيس لازمة فى جميع أبيات القصيدة ، ولا يمكن الاستغناء عنها .
وإذا قرأنا قول أبو الحسن على بن رشيق
من ذا يعالج عنى ما أعالجــه من حر شوقٍ أذاب القلب لاعجُهُ
ومن يكن لِرَسيس الشـوقِ داخلُه يكن لفرط الضنى والسقم خارجُهُ
كادت خلاخلُ من أهوى تبوح به سـرّا وغصّتْ بما فيها دَمَالِجُـهُ
فأنت ترى أن روى هذه الأبيات حرف الجيم، وأن الهاء فى كل بيت هى الوصل، وضمة الهاء الممدودة أو قل حرف المد الواو الناتج من إشباع ضمة الهاء هى الخروج، والألف التى سبقت الروى، والتى فصل بينها وبين الروى حرف متحرك وهو بالترتيب: العين، والراء، واللام، وهى ألف التأسيس.
وهذا يعنى أن ألف التأسيس والروى ، والوصل والخروج قد تجتمع فى قافية واحدة.
(6) الدخيل:
وهو الحرف المتحرك الذى فصل - فى النموذجين السابق عرضهما للاستشهاد على ألف التأسيس - بين ألف التأسيس والروى . فإذا قرأت الأبيات التالية :
فى كل دار عــدو لي أقاذعـه وعاذل أتقيـه أو أصانعــه
عادوا وفائى لمن أهوى وقد علموا أن الخيانة ذنـب لا أواقعـه
وهل تصبــح لمأمون أمانتــه يوما إذا الحب لم تحفظ ودائعه
وإن سمعت بشـئ لست سامعـه فلا تعرج على ما أنت سامعه
فتجد فى قافية هذه الأبيات أن المكونات:
الروى : وهو العين .
الوصل : وهو الهاء .
الخروج : وهو إشباع الهاء بالضمة .
الدخيل : وهو الحرف الفاصل بين الروى وألف التأسيس (ن ، ق).
ألف التأسيس : وهى ألف المد السابق على الدخيل.
وإذا كنا قد أتفقنا من قبل على أن القافية تكون مقيدة إذا جاءت فى أصغر صورها ، بمعنى أنها تكونت من حرف صحيح ساكن ، وتكون مطلقة بمعنى أنها تكونت من حرف صحيح متحرك، فإننا إذا ربطنا نوع القافية بحروفها فإننا نجد القافية المقيدة تكون:
أ- مجردة من الردف والتأسيس مثل : عصر ، قمر .
ب- مردفة مثل : زحام ، قيام عيون، ظنون. دليل، عليل.
ج- مؤسسة مثل : صانع ، بائع .
ونجد القافية المطلقة تكون :
أ- مجردة من الردف والتأسيس مثل : يعمل يأمل .
ب- مردفة مثل : ذهاب ، عباب .
ج- مردفة موصولة بهاء مثل: بنائه ، فنائه .
د- مردفة موصولة بلين مثل: وجدانا طغيانا .
هـ- مؤسسة مثل : كواكب ، نواصب .
و- مؤسسة موصولة بهاء : صنائعها ، قواقعها .


ثالثا : حركات القافية:
عرفنا فيما سبق أن للقافية ستة أحرف هى :
الروى ، الوصل ، الخروج، الردف، التأسيس، الدخيل. وأن لهذه الأحرف مركزا تدور حوله، وهو الروى .
وأن بقية الحروف تدور حول الروى ، منها ما يكون بعد الروى ، وتمثل ذلك فى الوصل والخروج ، ومنها ما يكون قبل الروى ، وتمثل ذلك فى الردف وألف التأسيس والدخيل .
وحركات هذه الرحوف هى ما تعارف عليها الرعوضيون بمصطلح حركات القافية ، وقد نظم صفى الدين الحلى حركات القافية فى هذين البيتين :
إن القوافى عندنا حركات ست على نسق بهن يلاذ
رس وإشباع وحذو ثم تو جية ومجرى بعده ونفاذ
إذن فحركات القافية ست كما كانت حروفها ستة ، وهذه الحركات بترتيب تصفيفها فى البيتين: الرس ، والإشباع ، الحذو ، التوجيه، المجرى ، النفاذ.
ومادام هناك روابط وثيقة بين حروف القافية وبين حركات القافية فلنعد تصفيف هذه الحركات بترتيب تصفيفها هناك ، ربطا لكل حرف بما يناسبه من حركة .
المجرى : وهو حركة الروى المطلق .
النفاذ : وهو حركة هاء الوصل الواقعة بعد الروى .
التوجيه: وهو حركة ما قبل الروى المقيد .
الحذو: وهو حركة الروى المطلق .
الإشباع: هو حركة الردف .
الرس: وهو حركة ما قبل ألف التأسيس .
فإذا أعدنا قراءة النماذج الثلاثة التالية :
لكل ما يـؤذى وإن قل ألـم ما أطول الليل على من ينم
سارت محامده وسارت خلفها تشدو بسابغ فضله أمداحى
فى كل دار عدو لى أقاذعـه وعـاذل أتقيـه أو أصانعه
لوجدنا ما ياتى :
ـ روى النموذج الأول حرف صحيح ساكن ( ينم ) إذن حركة ما قبل هذا الروى وهو فتح النون هو الذى يطلق عليه التوجيه .
ـ روى النموذج الثانى حرف صحيح مطلق وهو الحاء فى ( أمداحى ) فكسرة الحاء هنا ما يطلق عليه المجرى ، والقافية هنا مردفة ، إذ وقع قبل الروى المطلق حرف مد هى الألف ، ففتحة الدال ( الحرف السابق على الردف ) هى ما يطلق عليها الحذو .
ـ روى النموذج الثالث حرف صحيح مطلق وهو العين فى (أصانعه) ووقع الهاء بعد الروى يجعلها وصلا ، وحركة الهاء الوصل هنا الضمة . فهذه الحركة الواقعة على هاء الوصل هى ما يطلق عليها النفاذ .
وهذه القافية فى هذا البيت مؤسسة (أصانعه) وحركة الصاد (أى الحرف الواقع قبل ألف التأسيس) هنا هى الفتحة. فالفتحة التى هى حركة ما قبل ألف التأسيس هى الرس.
والنون فى هذه القافية (أصانعه) هى الحرف الصحيح الذى فصل بين ألف التأسيس وبين الروى، وحركتها هنا الكسرة ، فكسرة النون هنا هى ما يطلق عليها الإشباع.
إذان حركات القافية تظهر كما رأيت على الروى المطلق ، وعلى هاء الوصل ، وعلى الدخيل فتكون مجرى ونفاذا وإشباعا ، ولا تظهر على الروى المقيد ، ولا على الردف ، ولا على التأسيس ، ومن هنا روعى حركات ما قبل هذه الثلاثة فكان لدينا على الترتيب : التوجيه ، والحذو، والرس.
حدود القافية :
وهذه القافية التى تعرفنا حروفها، وحركات حروفها ، قد وضع العروضويون لها حدودا، واتخذوا لكل حد مصطلحا، وكانت هذه الحدود وتلك المصطلحات قائمة على مراعاة ما تحرك بين الساكنين الأخيرين فى القافية من حروف ، سواء كانت القافية مطلقة أو كانت مقيدة.
فإذا توالى بين ساكنى القافية أربع متحركات أطلقوا عليها (المتكاوس)، وهذا الحد نادر الوقوع ، فإذا قرأنا هذه الشطرة الأخيرة:
زلت به إلى الحضيض قدمه
وجدنا أن المتحركات بين ساكنى القافية أربع هى : الضاد الثانية والقاف والدل والميم ، وما قبل هذه المتحركات ساكن هو ياء المد ، وما بعد هذه المتحركات الهاء الساكنة .
من ذلك أيضا قول شوقى فى قصيدته : الدب فى السفينة :
فشرب التعيس منها فانتضح ثم رسا على القرار ورسخ
وكذلك قوله فى قصيدة الفنار :
وكنت وطـأت لـه منكبـى فركبـا
ما نلت منهم فضـة ولا منحت ذهبـا
وما الجزاء ؟ لا تسل كان الجزاء عجبا
وإذا توالى بين ساكنى القافية ثلاثة متحركات أطلقوا عليها المتراكب فإذا نظرت فى قافية هذا البيت
إذا تضايق أمر فانتظر فرجا فأضيق الأمر أدناه من الفرج
فبين سكون اللام وسكون الاشباع ثلاثة متحركات هى : الفاء والراء والجيم.
وترى مثل هذا فى قول دعبل :
أين الشباب؟ وأين ســلكا لا أين يطلب ؟ ضل بل هلكا
لا تعجبى يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبـكى
يا ليت شعرى كيف يومكما يا صاحبى إذا دمـى سفـكا
لا تأخذا بظلامتـى أحـدا قلبى وطرفى فى دمى اشتركا
وكذلك تره فى قول أبى تمام فى فتح عمورية :
السيف أصدق أنبـاء من الكتب فى حده الحد بين الجد واللعب
بيض الصفائح لاسود الصاحائف فى متونهن جلاء الشك والريب
وكذلك تراه فى قول المتنى متحفزا :
أنا الذى نظرا الأعمى إلى أدبى وأسمعت كلماتى من به صمم
أنا ملء جفونى عن شـواردها ويسهر الخلق جرها ويختصم
وإذا توالى بين ساكني القافية متحركان أطلقوا عليه المتدارك ، فإذا قرأنا قول الشاعر :
محن الفتى يخبرن عن فضل الفتى والنار مخبرة بفضل العنبر
فإننا نجد بين النون الساكنة فى العنبر، وبين سكون إشباع حركة الراء متحركين هما: الباء والراء.
ومثل هذا تجده فى قول مالك بين الريب التميمى:
أقول لأصحابى : ارفعونى لأننى يقر لعينى أن سهيل بدا ليا
فياصاحبى رحلى دنا الموت فأنزلا برابية إنـى مقيـم لياليـا
وكذلك تراه فى قول نصير الدين الحمامى المصرى فى داره:
ودار خراب بها قد نزلت ولكن نزلت إلى السابعة
تساورها هفوات النســيم فتصغى بلا إذن سامعه
وأخشى بها أن أقيم الصلاة فتسجد حيطانها الراكعة
إذا ما قرأت إذا زلزلــت خشيت بأن تقرأ الواقعة
وإذا وقع بين ساكنى القافية واحد أطلقوا عليه المتواتر ، فإذا قرأنا قول الشاعر:
يجود بالنفس إن ضن الجواد بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود
نرى أن ما بين المد بالواو وهو ساكن وبين إشباع حركة الروى وهو ساكن أيضا ، نرى حرفا متحركا واحدا وهو الدال . نرى مثل ذلك فى قول الشاعر جميل بثينة :
إذا قلت ما بى يا بثينـة قاتلـــى من الحب قالت : ثابت ويزيد
وإن قلت ردى بعض عقلى أعش به مع الناس قالت: ذاك منك يعيد
فلا أنا مردود بمـا جئت طالبــا ولا حبها فيما يبيــد يبيــد
وترى ذلك أيضا فى قول حنفى ناصف وقد نقل إلى قنا عقابا:
قالوا (قنا) حـر فقلـ تُ وهل يرد الحر قنا؟
سر الحياة حــرارة لولاه ما طيـر تغنـى
وإذا اجتمع ساكنان فى القافية أطلقوا على هذا مصطلح المترادف، والمترادف لا يكون إلا فى القوافى المقيدة من ذلك قول الشاعر:
تنافس فى جمع مال حطام وكل يزول وكل يبيـد
وهذا ما يسمى بالمرتادف ، وتلاحظه أيضا فى قول ابن النبيه المصرى:
الناس للموت كخيل الطراد فالسابق السابق منها الجيـاد
والله لا يدعــو إلى داره إلا من استصلح من ذى العباد
والموت نقاد علـى كفـه جواهر يختـار منها الجيـاد
والمرء كالظل ولابـد أن يزول ذاك الظل بعـد امتـداد
ولقد جمع صفى الدين الحلى حدود القافية هذه فى بيتين يقول:
حصر القوافى فى حدود خمسة فاحفظ على الترتيب ما أنا واصف
متكـاوس متراكـب متـدارك متواتـر من بعـده المتـــرادف

عيوب القافية:
على الشاعر المتمكن من أدواته الفنية ، ووسائله الابداعية أن يكون محافظا على تلك الحدود التى ارتضاها الذوق الفنى ، والرهف السمعى عند العرب : شعراء مبدعين ، وجماهير متلقين .
ولما كان على الشاعر أن يلتزم بالقافية قيما معينة فيما يتصل بحروف القافية ، وحركاتها ، وحدودها ، وأنواعها ، فإنه أصبح الاخلال بقيمة من تلك القيم فى جانب من تلك الجوانب عيبا يشين القافية نفسها، يؤجذ على الشاعر.
وعيوب القافية عند العروضيون نوعان:
أ- نوع يكون فى الروى وحركته (المجرى).
ب- نوع يكون فيما قبل الروى من حروف وحركات يسمى السناد .
أما العيوب التى تلحق بالروى وحركته فنكتفى فيها بما يأتى :
1- التضمين : ويقصد به عدم تمام معنى البيت الأول معلق على ما يليه من ذلك قول النابغة:
وهم وردوا الجفار على تميم وهم اصحاب يوم عكاظ إنى
شهدت لهم مواطن صادقات شهدن لهم بصدق الود منـى
فآخر كلمة فى أول البيتين إنى ، مكونة من إن واسمها ، أما الخبر فهو فى البيت الثانى.
2- الإيطاء : ويقصد به إعادة كلمة الروى بلفظها قبل سبعة أبيات ، إلا إذا كانت الكلمة المكررة تحمل معنى آخر ، مثل كلمة إنسان حين تطلق على بنى آدم ، وعلى إنسان العين .
3- الإقواء : وهو اختلاف حركة الروى ( المجرى ) من ذلك قول حسان بن ثابت :
لابأس بالقوم من طول ومن غلظ جسم البغل وأحلام العصافير
كأنهم قصـب جفت أسـافــله مثقب نفخف فيه الأعاصيـر
فروى القيدة هو الراء ، وجاء مجراها فى البيت الأول مسكورا وفى البيت الثالنى مضموما.
أما السناد أو العيوب التى تلحق بما قبل الروى من حروف وحركات فأهمها ما يأتى :
1- سناد التوجيه : ويقع باختلاف حركة الحرف السابق على الروى المقيد كلأأن تكون قافية البيتين المتتابعين : لم يعد ، لم يلد ، وهذا السناد كثر فى شعر الشعراء ، ولم يستنكره العروضيون .
2- سناد الردف : ويقع بوقوع الردف فى القافية وانعدامه فى القافية التى تليها، كقول الشاعر:
إذا كنت فى حاجة مرسلا فأرسل حكيما ولا توصه
وإن ناب أمر عليك التوى فشاور لبيبا ولا تعصـه
3- سناد التأسيس : ويقع بوقوع ألف التأسيس فى القافية وعدم وقوعها فى القافية التى تليها ، وكأن تكون القافيتان المتتابعتان يتحامل ، يتحمل .
4- سناد الاشباع : ويقع باختلاف حركة الدخيل فى القافيتين المتتابعتين كأن تكونا : وتقاتلا ، ومناضلا. وقد جوزوا الجمع بين الضم والكسر مثل: مصائب ، تثاؤب
5- سناد الحذو : ويقعع باختلاف حركة الرحف الذى قبل الروى المطلق مثل: سند، كبد. وقد جوزوا الجمع بين الضم والكسرة: عرف، لطف.












مرسلة بواسطة الأستاذ : أبو صلاح محمد الأمين شيخة في 8:08 م إرسال بالبريد الإلكترونيكتابة مدونة حول هذه المشاركة‏المشاركة في Twitter‏المشاركة في ********‏المشاركة على Pinterest
ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق
روابط هذه الرسالة

إنشاء رابط
رسالة أحدث رسالة أقدم الصفحة الرئيسية
الاشتراك في: تعليقات الرسالة (Atom)
اشتراك في
المشاركات
تعليقات
إجمالي مرات مشاهدة الصفحة
208,174
اشتراك في
المشاركات
تعليقات
المشاركات الشائعة

دراسة سيميائية معمقة في الخطاب الإشهاري (نظري وتطبيقي)
الخطاب الإشهاري دراسة سيميائية معمقة إعداد الباحث: يامن عيسى خضور محتويات البحث مقدمة....
مباحث في الأسلوبية والسرد --بحث أكاديمي تحت إشراف الدكتور محمد الأمين شيخة __
أولا: من الأسلوب إلى الأسلوبية I - الأسلوب في الدراسات القديمة والحديثة: 1- الأسلوب لغة واصطلاحا: أ- لغة: لقد أشار المعجم اللغوي العربي إ...
دراسة مفيدة عن علم الأسلوب
الأسلوبية (علم الأسلوب) بين النظرية والتطبيق الدكتور : شيخة محمد الأمين ...
مصطلح (( الإبستمولوجيا )) وأبعاده المعرفية
ما الابستومولوجية؟ يو اجه الباحث اليوم صعوبات كثيرة في مجال البحث العلمي؛ ومن أهم هذه الصعوبات ما يعرف بمشكلة المصطلح الذي خصصت له مجموعة ...
هذه سلسة من امتحانات سابقة في مقاييس اللسانيات والأسلوبية ونظرية الأدب السنة الأولى والثالثة والرابعة ليسانس آداب نظام جديد أو قديم
الجمهورية الجرائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التعليم العالي و البحث العلمي المركز الجامعي ـ الوادي ـ الاسم : ............ ...
مع بعض المصطلحات النقدية في البحث الأدبي المعاصر..........!!!!!
الأدب في اللغة العربية يعني الأدب من حيث الأصل اللغوي الدعوة إلى الطعام، وسمي "بالأدب" توسعا بعد ذلك القول الذي "يأدب&qu...
ملخص مفيد عن أهم المدارس اللسانية العربية والغربية
أ- المقدمة قبل أن نتحدث عن المدارس اللسانية، جدير بنا أن نعرف تعريف اللسانية نفسها، لكي لا نقع في الخطأ. فاللسانية عند أحمد محمد ق...
الإجابة النموذجية لامتحان اللسانيات العامة ( خاص لطلبة السنة الأولى lmd )
المستوى:. 1 جذع مشترك ( LMD ) الدفعات: أ . ب . ج إجابة أسئلة اختبار السداسي الثاني في اللسانيات العامة أجب عن الأسئلة الآتية...
نبذة عن السّرد العربي ( د / عبد الله إبراهيم )
الدراسات السردية العربية - واقع وآفاق - بحث للدكتور : عبـدالله إبـــراهيم (العراق) ترجمة : الدكتور عبدالله إبراهيم ناقد و...
النقد البنيوي التكويني وجهود الناقد محمد عزام في التنظير والتطبيق
الاتجاه البنيوي التكويني:‏ تنطلق المناهج الأمبريقية والجدلية من نظرية «فيبر»، وهو عالم اجتماع مشهور، طلب في فلسفته أن يُقرن التحليل بعلمي...

المتابعون
أرشيف المدونة الإلكترونية

◄ 2016 (5)

◄ 2015 (3)

◄ 2014 (5)

◄ 2013 (19)

◄ 2012 (43)

▼ 2011 (43)
▼ ديسمبر (5)
نافذة نقدية على منهج فلادمير بروب (الشكلي / ال...
بين الأسلوبية والبنيوية
من قال أنّ نظرية الحقول الدلالبة نظرية غربية ؟؟...
مبادئ فى العروض والقافية (موسيقى الشعر)
مقتطات من كتاب الصاحبي في فقه اللغة ......لابن فار...










رد مع اقتباس