ثانياً :
المقابر ليست محلاًّ للصلاة ، سواءً أكانت مقابر للمسلمين – إلا ما استثناه الشرع وهو صلاة الجنازة - أو مقابر للمشركين من باب أولى .
ومن أدى صلاة فرض ، أو نافلة في مقبرة :
فصلاته باطلة .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"لا تصح الصلاة في المقابر ، فمَن أدى صلاة فيها : فهي باطلة ، يجب عليه إعادتها ؛ وذلك للأحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن اتخاذ القبور مساجد ، إلا صلاة الجنازة ، فلا بأس بها في المقبرة" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ بكر أبو زيد .
" فتاوى اللجنة الدائمة "
المجموعة الثانية ( 5 / 252 ، 253 ) .
ثالثاً :
أما معابد المشركين :
فلا يجوز قصدها للزيارة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وأما زيارة معابد الكفار مثل : الموضع المسمّى بالقمامة ! أو بيت لحم ، أو صهيون ، أو غير ذلك ، مثل كنائس النصارى : فمنهيٌّ عنها ، فمَن زار مكاناً من هذه الأمكنة معتقداً أن زيارته مستحبة ، والعبادة فيه أفضل من العبادة في بيته : فهو ضالٌّ ، خارج عن شريعة الإسلام ، يُستتاب ، فإن تاب : وإلا قتل , وأما إذا دخلها الإنسان لحاجة ، وعرضت له الصلاة فيها : فللعلماء فيها ثلاثة أقوال ..." انتهى .
"مجموع الفتاوى" (27/14) .
وقد صحَّ عن عمر رضي الله عنه قولُه : (لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم ، ومعابدهم ؛ فإن السخطة تنزل عليهم) .
رواه عبد الرزاق (1/411) وابن أبي شيبة (6/208) .
وأما حكم الصلاة فيها : فجائز ، بشرطين :
أ. عدم قصد الصلاة فيها ، وإنما دخلها لحاجة فعرضت لها الصلاة ، كما مرَّ في كلام شيخ الإسلام رحمه الله آنفاً .
ب. وبشرط عدم وجود الصور ، والتماثيل .
وقد بوَّب الإمام البخاري رحمه الله قي صحيحه :
" باب الصَّلاَةِ فِي الْبِيعَةِ " ، وقال :
وَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه : (إِنَّا لاَ نَدْخُلُ كَنَائِسَكُمْ مِنْ أَجْلِ التَّمَاثِيلِ الَّتِي فِيهَا الصُّوَرَ) ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي فِي الْبِيعَةِ إِلاَّ بِيعَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ . انتهى .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
هل الصلاة في البيَع والكنائس جائزة مع وجود الصور أم لا ؟
وهل يقال : إنها بيوت الله أم لا ؟ .
فأجاب :
"ليست بيوت الله , وإنما بيوت الله : المساجد , بل هي بيوت يُكفر فيها بالله ، وإن كان قد يُذكر فيها , فالبيوت بمنزلة أهلها , وأهلها كفار , فهي بيوت عبادة الكفار .
وأما الصلاة فيها :
ففيها ثلاثة أقوال للعلماء في مذهب أحمد ، وغيره :
المنع مطلقاً ; وهو قول مالك
والإذن مطلقا ، وهو قول بعض أصحاب أحمد
والثالث : وهو الصحيح المأثور عن عمر بن الخطاب وغيره , وهو منصوص عن أحمد ، وغيره , أنه إن كان فيها صور : لم يصلّ فيها ; لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة – متفق عليه - , ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الكعبة حتى مُحي ما فيها من الصور – رواه أبو داود بإسناد صحيح - , وكذلك قال عمر : إنا كنا لا ندخل كنائسهم والصور فيها" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (2/156) .