فقد تكون الإطالة مناسبة في مسجد ، وغير مناسبة في مسجد آخر ، لاختلاف حال أهل المسجدين .
وقد سئل علماء اللجنة للإفتاء :
ما هو القدر المناسب لقراءة الإمام في الصلاة الجهرية ، علما بأنه يوجد وراءه رجال متقدمين في السن ؟
فأجابوا :
"ذلك مما يختلف باختلاف أحوال المصلين بالمسجد جماعة ، فليراع كل إمام حال جماعة مسجده ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيكم أم الناس فليخفف ؛ فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة )" انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6 / 391) .
فما يفعله إمامكم لا نرى أنه إطالة شاقة إذا كان يفعله أحيانا ، إلا إذا كان في أهل المسجد من هو مريض أو كبير أو له أعمال يتعطل عنها بسبب إطالة الصلاة .
ويشكر هذا الإمام على حرصه على اتباع السنة ، غير أن الأقرب إلى السنة التنوع في القراءة ، فقد كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم متنوعة ، فأحياناً يطيل وأحياناً يقرأ أقل من ذلك
فعَنْ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ رضي الله عنه قال : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ الْوَاقِعَةَ وَنَحْوَهَا مِنْ السُّوَرِ)
رواه أحمد (20489)
وصححه الألباني في "صفة الصلاة" ص 109 .
فلو أن الإمام قرأ سورة من طوال المفصل لكان في ذلك جمع بين السنة في القراءة في صلاة الفجر ، والتخفيف على المأمومين .
ولو أطال أحياناً أكثر من هذا لم ينكر عليه ، ما لم يشق على الناس .
وعلى هذا ، فقول إمامكم : إن أقل ما كان يقرأه النبي صلى الله عليه وسلم هو ثمان أوجه . فيقال : قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بأقل من هذا ، فسور طوال المفصل كلها أقل من هذا ، بل قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الفجر بسورة (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)
رواه النسائي (951)
وصححه الألباني في "صحيح النسائي" .
فالذي ننصح به أن يقرأ من طوال المفصل ، ولا بأس أن يطيل أحيانا أكثر من هذا .
ثانياً :
هناك فرق بين القراءة المتأنية والقراءة السريعة
ومن فقه الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يراعون ذلك ، فالذي يقرأ قراءة بطيئة ينبغي أن يقرأ قدراً أقل ممن قراءته سريعة ..... وهكذا .
فقد روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (7754) :
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ : " دَعَا عُمَرُ الْقُرَّاءَ فِي رَمَضَانَ فَأَمَرَ أَسْرَعَهُمْ قِرَاءَةً أَنْ يَقْرَأَ ثَلاَثِينَ آيَةً ، وَالْوَسَطَ خَمْسة وَعِشْرِينَ آيَةً ، وَالْبَطِيءَ عِشْرِينَ آيَةً " .
وروى أيضا (7761) : عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : " مَنْ أَمَّ النَّاسَ فِي رَمَضَانَ فَلْيَأْخُذْ بِهِمَ الْيُسْرَ ، فَإِنْ كَانَ بَطِيءَ الْقِرَاءَةِ فَلْيَخْتِمَ الْقُرْآنَ خَتْمَةً ، وَإِنْ كَانَ قِرَاءَةً بَيْنَ ذَلِكَ فَخَتْمَة وَنِصْف ، فَإِنْ كَانَ سَرِيعَ الْقِرَاءَةِ فَمَرَّتَيْنِ " .
والذي ينبغي للإمام أن يحرص على جمع الناس وتأليف قلوبهم ، والأخذ بأيديهم إلى السنة شيئاً فشيئاً ، فذلك خير من تنفيرهم .
لا سيما وأنتم تعيشون في البلاد الغربية
فأنتم أحوج إلى الاجتماع والائتلاف .
فعلى الإمام أن يراعي حال المأمومين
خلفه بما لا يخرج عن السنة .
والله أعلم
الشيخ محمد صالح المنجد