في حُكم عبارةِ: «لا معبودَ إلاَّ سِواك»
" فبِغَضِّ النظرِ عن قَصْدِ القائل ونِيَّتِه فإنَّ هذه العبارةَ لا تتضمَّنُ معنى التوحيد، بل العكس تُثْبِتُ العبادةَ لآلهةِ المشركين، وتنفي عن الله سبحانه العبوديةَ، وهذا عينُ الشِّرْكِ وأعظمُهُ، قال تعالى: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ [يوسف: ٤٠]، وقال تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٨]، وإنما العبارةُ السليمةُ المقرِّرةُ لكلمة التوحيدِ المُبْطِلةُ لآلهةِ المشركين أَنْ يقال: «لا معبودَ سِواكَ» ويُراد بها: «لا معبودَ بحقٍّ سِواكَ»، وحُكمُ «سِوَى» في حكم «غير»، وقد ثَبَتَ ذلك في قوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ»، ففيها إثباتٌ للعبودية لله تعالى وبطلانُ ما سواها؛ فإنَّ الإلهَ الحقَّ والمعبودَ بحقٍّ هو اللهُ تعالى، قال سبحانه: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ البَاطِلُ﴾ [الحج: ٦٢].
هذا، وأمَّا إضافةُ هذه العبارة: «لا معبودَ سواكَ» في دعاء الاستفتاحِ على ما يفعله بعضُ الناس فإنها زيادةٌ مُقْحَمَةٌ لم تثبت في نصِّ دعاء الاستفتاح في قولِه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ»(١).
والمعلومُ أنَّ الأصلَ عدَمُ جوازِ التصرُّف في الألفاظ التوقيفيةِ فلا يُشْرَعُ منها إلاَّ ما شَرَعَه اللهُ تعالى، وإلاَّ دَخَلْنَا في معنى قوله سبحانه وتعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ﴾ [الشورى: ٢١]."
الشيخ فركوس
موقع الشيخ