منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - العاشقةُ الخرساء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-12-28, 09:37   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
علي قسورة الإبراهيمي
مشرف الخيمة والمنتديات الأدبيّة
 
الصورة الرمزية علي قسورة الإبراهيمي
 

 

 
إحصائية العضو









افتراضي



... / ...

ورغم الوجع الذي يكاد يخمد الأنفاس، و يتلوّى منه الجسد والإحساس.
عندما يصير كل ذلك رفيقًا، ليسلك دروبًا ويكون طريقًا.
أ كُل ذلك لأجل العودة بالخيال إلى الوراء وقد تباعد كل ذلك وتناءى.. ولم يبق منه إلاّ بصيص ذكرى، تأتي في المخيلة تتعاقب وتترى
ولكن لِمَ العودة إلى ماضٍ والانغماس في قيعان آلامٍ تتلظى؟.. حرِيٌّ بنا أن نصحو؛ حتى و إن احترقنا بنار الفقد فننطفئ إلى الأبد.
وكم نحاول النسيان، فينتصر علينا الحنين فنبدي للخلائق عجرنا وبجرنا، فينكشف ما سترناهُ، وينفضح أمرنا.
وعلى سفح ذلك الماضي تموت أنفاس السعادة، ويحتضر الفرح، حينما نتذكر الذين رحلوا.
أَ قدرٌ هذا وما يخبئُه من غوائل؟ ونحن حيارى مع الذي أصابنا في المقاتل.
ماذا ينفع لو أن الفرح بات يُشترى ويُباع؟
وهل يضير إن صار التمزق حزنًا حتى النخاع؟
أَ نكتُب تراتيل ؟ ..أم نذرف دمعًا؟
فهل يحيا المرء وكأنه في محراب حبٍّ معبأ الأشجان؟.
فليبق عناق الشجن إليه نتوق، وله لا نبالي إقداما، ولا نؤخرُ أقداما، ولا ننكص إحجاما، حتى وإن ابتلينا انهزاما.
يصيرُ الحلم ترياقًا يتوق المرء لارتشافهِ لعلّهُ يخفف وطأة الحميم، ووخز زجاج أسنَّةِ الجرحِ اللَّعين
لا شيء سوى أنّ الذكرى لتلك الخرساء العاشقة.
فيها الماضي، وفيها الحاضر يرنو بهما الإنسان إلى المستقبل يريده أن يكون جميلا
…………………….
أَ هو الفرحُ ؟..فهل طوت صفحة الأحزان والأشجان؟
والفرح لا يكتمل عند فاطمة سوى رؤية حبيبن.. وهما حسين ورابح..
أ هي الابتسامة وهجًا لتُعيد لقلبها النبض من جديد؟
أ هو نسيان الذين رحلوا، وقد خلت منهم الدار، وبَعُد المزار؟..
ومع ذلك هناك سعادة تحسّها فاطمة وتحياها
وخصوصًا عندما يأتي المساءُ الذي يخلق الحب من بريق عينيها، وهي تتأمل أغلى ما عندها في الوجود .. تتأمل حسين فترى الدفءَ والحماية والتبجيل الذي صار إعصار حبٍّ، وسيل منهمر من الأشواق و الصبابة.
ورغم تجهّمه من حين لآخر تحسّ أنه يبادلها ذلك الشوق والاشتياق، وله نحوها قلبٌ حفّاق.
فقد صارت تلمح على شفتيه تمتمة " ليتكِ تدرين .." بعد أن أصبحت تقرأ ما تتحرك به الشفاه وكأنها تسمعها.
ثم لا تلبثُ إلاّ أن تنظرَ إلى البراءةِ التي يشعها رابح بحبوره ومرحه.
فهو القطعة التي خرجت منها، بل هو أغلى هديّةٍ من ربٍّ بها رحيم.
كل ذلك .. وقد أصبحت فاطمة أُهزوجة حياةٍ تملأ أيامها بأعيادٍ وأفراحٍ لا تفارقها.. تجتاحها نشوة سعادة ثم تكتسيها.
لا لشيء سوى أنّ لها زوجًا انقذها من الموتِ ثم تزوجها، ورزقها الله ولدًا قرة أعينٍ لها
فتشعر أنّ كلّ من في الوجود أنه يغبطونها، حتى نسمات الهواء والماء والورد يحسدونها.
وفي الصباح تتحول فاطمة من تلك النسمة التي تشع حبًّا وحنانًا، إلى كتلة من طاقة، وآلة لا تخطئ في عملها..
فلا يراها القوم إلاّ في مشغلها لا هم لها سوى تكليف العمال والعاملات كلّ واحدٍ بعمله.
قد تتوقف عقارب الساعة عن الدوران، إلاّ أن فاطمة لم تتوقف عن العمل، أو تخطىء يومًا.. وكل عملٍ عندها بمقدار ..
فغبطها الناس، ومنهم من أعجب بها وأحبوها
ولكن من يقف أمامها؟..وقد صار مشغلها حديث الساعة، وخصوصًا نسوة المدينة اللائي لا همّ لهن سوى اقتناء الفساتين، فوجدن في فاطمة ضالتهن ..
و تهاطلت الأموال على فاطمة، وكثرت الطلبات، وجاءتها سيدات المجتمع زرافاتٍ ووحدانًا من كل حدبٍ وصوب.

... يتبع









رد مع اقتباس