منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الآليات الدولية و الداخلية لحقوق الإنسان
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-28, 10:30   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل الأول

الــفصل الأول: الآليـات الدوليـة لاحترام حقـوق الإنسـان
إن تكريس فكرة حقوق الإنسان من طرف ميثاق الأمم المتحدة لم يأتي من فراغ، فقد كان للعديد
من الاتفاقيات الدولية السابقة عليه دور كبير في ترسيخ هذه الفكرة ,فهي التي أكدت على الصلة الوثيقة بين احترام حقوق الإنسان و السلام العالمي, و مهدت إلى تضمين ميثاق الأمم المتحدة نصوصا بشأن حقوق الإنسان ,و تشييد القانون الدولي لحقوق الإنسان ، إذ يوصف ميثاق الأمم المتحدة بأنه حجر الأساس للقانون الدولي لحقوق الإنسان , لأنه ساهم ولأول مرة في تدويل حماية حقوق الإنسان.
ومسؤولية النهوض بمهام الأمم المتحدة في مجال إشاعة وتشجيع الاحترام العالمي لحقوق الإنسان تقع أساسا على عاتق الجمعية العامة . كما أن مجلس الأمن يتمتع بدور لا بأس به في مجال حماية حقوق الإنسان، إذ يعد هو صاحب المسؤولية الأولى عندما يكون الإخلال بالسلم والأمن الدوليين ناجما عن انتهاكات جسيمة وواسعة لحقوق الإنسان .فيقوم باتخاذ التدابير اللازمة، كما يتمتع المجلس الاقتصادي والاجتماعي بوظائف ذات الصلة بحقوق الإنسان من خلال مشاريع الاتفاقيات التي يعدها، ولقد حققت هيئة الأمم المتحدة خطوات كبيرة في حماية حقوق الإنسان, من خلال إنشائها لآليات غير قضائية وأخرى قضائية بهدف تعزيز هذه الحقوق وحمايتها. ولمزيد من التوضيح سنتناول في المبحث الأول الآليات غير القضائية وفي المبحث الثاني الحماية القضائية الدولية.



المبحــث الأول: الآليـات غـير القضـائيـة
لقد أنشأت هيئة الأمم المتحدة طيفا من الآليات ذات الطابع المدني, بهدف تعزيز احترام حقوق الإنسان. وظلت هذه الآليات تتطور باستمرار إلى حد الساعة، وهذا بسبب الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان و تفاقمها في مناطق مختلفة من العالم. وآخر هذه التطورات جاء بها قرار الجمعية العامة الصادر بتاريخ 3 أفـــريــل 2006 الذي أنشأ مجلس حقوق الإنسان ليحل محل لجنة حقوق الإنسان السابقة ,وأكدت الجمعية العامة من خلاله ومن جديد على مقاصد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهـد الدولـي الخـاص بالحقـوق المدنيـة و السياسية ,و العهد الدولي للحقـوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقـافيـة ,واتفاقيات حقوق الإنسان الأخرى. كما اعترفت بالدور و المجهودات التي بذلتها لجان حقوق الإنسان المنشأة بموجب الاتفاقيات الدولية في حماية وفرض احترام و تعزيز حقوق الإنسان دوليا.
ولمعرفة دور و طريقة عمل كل من مجلس حقوق الإنسان ,و الآليات الاتفاقية في مجال تعزيز حقوق الإنسان سنتناول ذلك في المطلبين التاليين :








المطلــب الأول: مجلـس حقـوق الإنسـان ( لجنة حقوق الإنسان سابقا)
يعد مجلس حقوق الإنسان من أهم الآليات الدولية المنشأة من طرف هيئة الأمم المتحدة لتعزيز حقوق الإنسان في العالم، وتعود البوادر الأولى في إنشاء مجلس لحقوق الإنسان بدل لجنة حقوق الإنسان إلى الكلمة التي ألقاها الأمين العام للأمم المتحدة السابق " كوفي عنان" في الدورة الواحدة والستين للجنة حقوق الإنسان, المنعقدة بتاريخ 7 أفريل2005 بقصر الأمم المتحدة الذي أكد من خلالها أنه لتعزيز دور مفوضية حقوق الإنسان, لابد من إصلاح لجنة حقوق الإنسان, و أن كل تأخير في ذلك سيعرض مصداقية منظمة الأمم المتحدة للخطر. و الاقتراحات التي تقدم بها تدخل في سياق تطور يهدف إلى بناء منظمة قادرة على الإيفاء بالوعود المتضمنة في الميثاق الأممي والتي تعتبر لجنة حقوق الإنسان من ضمنها، فتطرق هذه الأخيرة بشكل انتقائي لبعض المواضيع ,و تغافلها عن البعض الآخر. وتطبيقها لسياسة الكيل بمكيالين, و احتضانها لدول يرى البعض أن سجلاتها في مجال حقوق الإنسان لا يسمح لها بالمشاركة في أكبر محفل أممي لحماية حقوق للإنسان ,قد أوصل إلى تآكل مصداقيتها. مما يهدد بتلطيخ سمعة المنظومة الأممية بأكملها.
ومن بين الإصلاحات الجوهرية التي اقترحها, استبدال لجنة حقوق الإنسان المكونة من 53 دولة بمجلس حقوق الإنسان مكون من أعضاء لهم التزام قوي بمعايير حقوق الإنسان, يتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة بأغلبية الثلثين .و ارتكز في ذلك إلى حد كبير غلى المقترح الذي



تقدمت به سويسرا , وأضاف الأمين العام الأسبق " كوفي عنان " أن إنشاء مجلس لحقوق الإنسان لا بد أن لا يعطي الشعور بالبدء من الصفر، ذلك أن منظومة حقوق الإنسان بدأت منذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة,كما أن المجلس ورث عملا ضخما من لجنة حقوق الإنسان على مدى 61 عاما إذ يعود لها الفضل في إيجاد معايير دولية لحماية حقوق الإنسان ,وعليه لا بد على مجلس حقوق الإنسان أن يحافظ عليها و يطورها . ويعالج أوجه قصورها، وهذا ما تم فعلا في 3 أفريل 2006 حيث اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم( 251/ 60 RES/ /A ) الذي تضمن إنشاء مجلس حقوق الإنسان, صوت لصالحه 170 دولة واعترضت 4 دول ,وامتنعت عن التصويت 3 دول ,ليكون الهيئة السياسية الرئيسية للأمم المتحدة في مضمار حقوق الإنسان ,وذلك اعترافا من جانب الحكومات في الجمعية العامة بأنه يتعين تكليف هيئة رفيعة المستوى في الأمم المتحدة بجهود حماية واحترام حقوق الإنسان في العالم .
وفي 9 ماي 2006 انتخبت الجمعية العامة 47 دولة لعضوية المجلس من بين 63 دولة مرشحة ,ولكسب المقعد على الدول المرشحة الحصول على الأغلبية المطلقة من أصوات الجمعية العامة أي على ما لايقل عن 96 صوت و هذا الشرط متشدد فيه مقارنة مع انتخاب أعضاء لجنة حقوق الإنسان, التي كانت تستوجب الحصول على أغلبية الأصوات في المجلس الاقتصادي و الاجتماعي فحسب .
كما اشترطت الفقرة الثامنة من قرار الجمعية العامة المنشئ لمجلس حقوق الإنسان, أن تراعي الدول الأعضاء عند انتخابها أعضاء المجلس إسهام المرشحين في تعزيز وحماية حقوق الإنسان, وما قدموه لهذه


الحقوق من إسهامات وما أبدوه تجاهها من التزامات بصفة طوعية , ولهذا السبب قدمت جميع الدول المرشحة تعهدات والتزامات من أجل تعزيز حقوق الإنسان على الصعيد الوطني و الدولي . و التعاون مع الإجراءات الخاصة بحقوق الإنسان ومن الأمثلة عن ذلك :
مثال1: من بين الدول الست المرشحة غير الأطراف في العهدين الدوليين لحقوق الإنسان تعهدت دولتان مرشحتان بالعمل على التصديق على العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية . والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.
مثال2: تعهدت 17 دولة بأن تصبح أطرافا في البرتوكول الاختياري الملحق بإنفاقية مناهضة التعذيب .
مثال3: تعهدت 9 دول بالتصديق على أحد البرتوكولين الإختياربين الملحقين باتفاقية حقوق الطفل . وسحبت 6 دول تحفظاتها على معاهدات حقوق الإنسان .
- تشكيلة مجلس حقوق الإنسان ودوراته :
حل مجلس حقوق الإنسان – مقره جنيف – محل لجنة حقوق الإنسان بوصفه هيئة فرعية تابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة, بتكون من 47 دولة عضو حسب التوزيع الجغرافي العادل ,و توجد في المجلس حاليا سبعة دول عربية وهي : المغرب، جيبوتي،تونس، الجزائر، الأردن، البحرين، المملكة العربية السعودية .وتوزع مقاعد المجلس بين المجموعات الإقليمية كالأتي : 13 للمجموعة الإفريقية، و13 للمجموعة الأسيوية، و6 لمجموعة أوربا الشرقية و 8 لمجموعة أمريكا اللاتينية و 7 لمجموعة أوربا الغربية ودول أخرى.

وتمتد فترة ولاية أعضاء المجلس 3 سنوات, ولا يجوز إعادة انتخابهم مباشرة بعد شغل ولايتين متتاليتين ,ويتحلى الأعضاء المنتخبون في مجلس حقوق الإنسان بأعلى المعايير في تعزيز وحماية واحترام حقوق الإنسان . و يتعاونوا مع المجلس تعاونا كاملا ,ويخضعون للاستعراض الدوري الشامل خلال فترة
عضويتهم. ويجوز للجمعية العامة أن تقرر بأغلبية ثلثي الأعضاء تعليق عضوية أي عضو في مجلس حقوق الإنسان إذا ما ارتكب انتهاكات جسمية ومنهجية لحقوق الإنسان.
و يجتمع مجلس حقوق الإنسان بانتظام خلال العام في ثلاث دورات من بينها دورة رئيسية تمتد لفترة لا تقل مدتها عن عشرة أسابيع، كما يجوز لمجلس حقوق الإنسان عقد دورات استثنائية عند الضرورة بناء على طلب من أحد أعضاء المجلس يشرط أن يحظى بتأييد ثلث الأعضاء ,مما يسمح للمجلس بالتجاوب وبسرعة أكبر وبفعالية مع الحالات الخطيرة و العاجلة, وكذلك بمتابعة دائمة ومستمرة للقضايا و التحقيقات التي باشر العمل فيها أو يشأنها .
هذا ونشير إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة ستستعرض وضع هذا المجلس وتقيم عمله غضون 5 سنوات .
ولمجلس حقوق الإنسان نظام داخلي يطبقه بحسب الاقتضاء و الذي تعمل به لجان الجمعية العامة حيث يعقد في بداية سنة المجلس اجتماعا تنظيميا لانتخاب أعضاء مكتبه, وبحث واعتماد جدول الأعمال وبرنامج العمل، والجدول الزمني لدورات سنة المجلس ,مبينا إذا أمكن تاريخا محددا لانتهاء أعماله،والتواريخ التقريبية للنظر في البنود وعدد الجلسات المخصصة لكل يند .


وتؤدي مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان دور أمانة المجلس وفي هذا الإطار فهي تتلقى وتترجم وتطبع وتعمم وثائق وتقارير وقرارات المجلس ولجانه و هيئاته بجميع اللغات الرسمية للأمم المتحدة و تحفظ الوثاق في محفوظات المجلس وتوزع كل وثائق المجلس على الأعضاء والمراقبين وتؤدي بوجه عام كل أعمال الدعم الأخرى التي قد يحتاجها المجلس .
مهام و صلاحيات مجلس حقوق الإنسان:
يتمتع مجلس حقوق الإنسان بمهام وصلاحيات واسعة وله آليات لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها لاسيما التصدي للانتهاكات الجسيمة والمنهجية والإسهام في منع انتهاكات حقوق الإنسان مستقبلا, و الرد السريع على حالات حقوق الإنسان الطارئة .كما يقوم بالاضطلاع بجميع ولايات وآليات ومهام ومسؤوليات لجنة حقوق الإنسان وباستعراضها وكذلك عند الاقتضاء تحسنيها وترشيدها . وذلك بهدف المحافظة على نظام الإجراءات الخاصة وعلى مشورة الخبراء و الإجراءات المتعلقة بالشكاوى , وينجز مجلس حقوق الإنسان الاستعراض في غضون عام واحد من انعقاد دورته الأولى. والتي تقرر انعقادها في الفترة ما بين 19 و30 جوان 2006 ,و إنشاء فريق عمل يتولى مراجعة عمل المقررين الخاصين من أجل تعزيز عملهم وسد النقص في طرق عملهم وصلاحياتهم .
وأحد أهم الصلاحيات الجديدة لمجلس حقوق الإنسان:

_آلية الاستعراض الدوري الشامل: وهي آلية تعاونية تسعى إلى تقييم موضوعي وشفاف مبني على معلومات موثوق بها لحالة حقوق الإنسان في البلد المستعرض ,بما في ذلك التطورات الإيجابية و التحديات التي يواجهها البلد ,على نحو يكفل شمولية التطبيق والمساواة في المعاملة بين جميع الدول تستند إلى حوار تفاعلي يشترك فيه البلد محل الاستعراض اشتراكا كاملا .كما تقتضي هذه الآلية خضوع جميع الدول الأعضاء دون استثناء بصفة دورية لهذه المراجعة.
وتجرى عملية الاستعراض الدوري الشامل استنادا لميثاق الأمم المتحدة ,والإعلان العالمي لحقوق الإنسان, واتفاقيات حقوق الإنسان, التي تكون الدولة طرفا فيها، والتعهدات والالتزامات الطوعية من جانب الدول بما في ذلك تلك التي تعهدت بها عند تقديم ترشيحها للانتخاب في مجلس حقوق الإنسان .
كما يجب أن تراعى في عملية الاستعراض أحكام القانون الدولي الإنساني الواجبة التطبيق وهذا نظرا لما يتصف به القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من طابع تكميلي ومترابط.
وتستند آلية استعراض الدوري الشامل على مبادئ أهمها :
1- تعزيز عالمية جميع حقوق الإنسان وترابطها وعدم قابليتها للتجزئة وتكمل عمل آليات حقوق الإنسان الأخرى المنشأة بموجب الاتفاقيات ولا تكرر عملها .
2- أن تكون عملية حكومية دولية يدفعها الأعضاء في الأمم المتحدة وتكون موجهة نحو العمل .
3- تقوم على معلومات موضوعية موثوق بها . ويشترك فيها البلد موضوع الاستعراض بصورة كاملة.
4- تكفل اشتراك جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان.



وتبدأ عملية الاستعراض الدوري الشامل بعد اعتماد المجلس آلية الاستعراض الدوري الشامل,ويحب أن يحترم في الترتيب المتبع في الاستعراض, مبدأ العالمية و المعاملة المتساوية،كما ينبغي ترتيب الاستعراض في
أقرب وقت ممكن, وذلك لتمكين الدول من الاستعداد له استعدادا وافيا، ويتم استعراض أوضاع جميع الدول الأعضاء في المجلس أثناء فترة عضويتها، بمراعاة التوزيع الجغرافي العادل لدى اختيار البلدان الذين ستستعرض أوضاعهم . وذلك عن طريق القرعة ويجب أن تكون الفترة الفاصلة بين جولات الاستعراض مقبولة بهدف مراعاة قدرة الدول على الاستعداد للجولة التالية، وكذلك قدرة أصحاب المصلحة الآخرين على الاستجابة للطلبات الناشئة عن الاستعراض.
فتقدم الدولة المعنية بالاستعراض معلومات تكون في شكل تقرير وطني تعده استنادا إلى مبادئ توجيهية عامة، يعتمدها المجلس في دورته الأولى من الجولة الثانية, شريطة ألا يتجاوز العرض المكتوب الموجز لهذه المعلومات 20 صفحة وهذا ضمانا لمعاملة جميع الدول معاملة متساوية ولعدم إرهاق الآلية. و تقوم المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتجميع المعلومات الواردة في تقارير بما في ذلك الملاحظات و التعليقات التي تبديها الدولة المعنية . وغيرها من وثائق الأمم المتحدة الرسمية ذات الصلة . على أن لا تتجاوز المجموعة 10 صفحات, ويراعي المجلس أيضا ما يقدمه أصحاب المصلحة ذوو الصلة الآخرون في إطار الاستعراض من معلومات إضافية موثوقة .
ويجرى الاستعراض في إطار فريق عامل واحد ,يرأسه رئيس المجلس ويتألف من 47 دولة الأعضاء في المجلس وتقرر كل دولة عضو تكوين وفدها وتشكل مجموعة من 3 مقررين يختارون بالقرعة من بين أعضاء المجلس ومن مختلف المجموعات الإقليمية ,من أجل تسيير كل عملية استعراض . بما في ذلك إعداد تقرير الفريق ا لعامل، وبعدها يجرى الحوار التفاعلي بين البلد موضوع الاستعراض والمجلس في إطار الفريق


العامل حول نقاط محددة حيث يجوز للمقررين وضع قائمة بالقضايا والمسائل التي يتعين إحالتها إلى الدولة محل الاستعراض لتمكينها من الاستعداد. وتكون مدة الاستعراض 3 ساعات لكل بلد مع تخصيص وقت إضافي لايتجاوز ساعة واحدة لينظر المجلس في النتائج في جلسة عامة . وتخصص نصف ساعة لاعتماد تقرير كل من البلدان موضوع الاستعراض في الفريق العامل .
وتتخذ النتائج النهائية للاستعراض في شكل تقرير يتضمن موجزا لوقائع عملية الاستعراض و الاستنتاجات والتوصيات والالتزامات الطوعية للدولة الطرف، وقبل أن يعتمد المجلس نتائج الاستعراض في جلسته العامة، يتيح للدولة المعنية بالاستعراض تقديم ردود على الأسئلة و المسائل التي لم تعالج معالجة كافية أثناء الحوار التفاعلي مع تمكينها من إبداء تعليقات عامة.وتنفذ نتائج الاستعراض من جانب الدولة المعنية أولا، وعند الاقتضاء من جانب أصحاب المصلحة ذوي الصلة الأخرى كما يساعد المجتمع الدولي على تنفيذ التوصيات والاستنتاجات المتعلقة ببناء القدرات والمساعدة الفنية بالتشاور مع البلد المعني وبموافقته .
وتهدف آلية الاستعراض الدوري الشامل إلى تحسين حالة حقوق الإنسان على أرض الواقع والوفاء بالتزامات الدولة وتعهداتها في مجال حقوق الإنسان وتقييم التطورات الإيجابية والتحديات التي تواجهها والنهوض بقدرة الدولة عن طريق تقديم المساعدة الفنية لها، وتبادل أفضل الممارسات فيما بين الدول وأصحاب المصلحة الآخرين، ودعم التعاون في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان، ويصفه أساسية تشجيع التعاون والانخراط الكاملين مع مجلس حقوق للإنسان وغيره من هيئات حقوق الإنسان .ومن أمثلة الدول



الأعضاء في المجلس و التي كانت محلا لاستعراض الجزائر .إذ قام الفريق العامل باستعراض وضعية حقوق الإنسان في الجزائر و تقييم الجهود التي بذلتها في هذا الإطار. وتم التوصل إلى أنه رغم المساعي والجهود التي بذلتها الجزائر لتعزيز حقوق الإنسان إلا أنها ما زالت بعيدة كل البعد عن المعايير الدولية المطلوبة لحقوق الإنسان لذا يتعين عليها بذل مزيدا من الجهود لتعزيز حقوق الإنسان في الجزائر .
بالإضافة إلى آلية الاستعراض الدوري الشامل يقوم مجلس حقوق الإنسان أيضا ب:
_ الإجراءات الخاصة: التي تهدف لتعزيز حقوق الإنسان , فيشترط في المرشحين المؤهلين لتقلد مهام الولايات،الخبرة الفنية, والخبرة في مجال الولاية والاستقلالية, والنزاهة, و الاستقامة الشخصية والموضوعية . والتجربة المهنية الواسعة في ميدان حقوق الإنسان. وذلك لشغل مناصب أصحاب الولايات في إطار الإجراءات الخاصة ,وتحدد فترة صلاحية الولاية في وظيفة معينة بمدة لا تتجاوز6 سنوات.
حيث ينشأ فريق استشاري يقترح على رئيس مجلس قبل بدء الدورة التي سينظر فيها المجلس في اختيار أصحاب الولايات بشهر واحد على الأقل, قائمة بأسماء المرشحين ذو المؤهلات الخاصة بالولايات المعنية، ويحدد رئيس المجلس المرشح المناسب لكل وظيفة شاغرة ويقدم للدول الأعضاء و الدول التي لها صفة مراقب قائمة أولية بالمرشحين الذين سيقترحون قبل بداية الدورة التي سينظر فيها المجلس في التعيينات بأسبوعين على الأقل . ويجري الرئيس مزيد من المشاورات إذا دعت الضرورة ذلك من أجل الموافقة على المرشحين المقترحين ويكتمل تعيين أصحاب الولايات في إطار الإجراءات الخاصة بعد موافقة المجلس عليهم.
-واستعراض الولايات وترشيدها وتحسينها يجب أن يرتكز على مبادئ العالمية والنزاهة و الموضوعية و الااتتقائية وبالحوار و التعاون الدوليين البنائين, وذلك بهدف النهوض و تعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان المدنية, والسياسية ,والاقتصادية, والاجتماعية, والثقافية, بما في ذلك الحق في التنمية.

ويجرى استعراض كل ولاية وترشيدها و تحسينها في سياق المفاوضات و الحوار التفاعلي الذي يكون بين المجلس وأصحاب الولايات إذ يركز الاستعراض على أهمية الولايات ونطاقها ومضمونها في إطار معايير حقوق الإنسان المعترف بها, ونظام الإجراءات الخاصة ,وقرار الجمعية العامة رقم 60/251 .
-اللجنة الاستشارية لمجلس الحقوق الإنسان :
تضطلع اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان هي الأخرى بمهام في مجال تعزيز واحترام حقوق الإنسان إذ تعد بمثابة هيئة فكرة ومشورة للمجلس وتعمل بتوجيه منه . تتألف من 18 خبير يعملون بصفتهم الشخصية، يتم تعينهم بعدما تقترح الدول الأعضاء في هيئة للأمم المتحدة مرشحين كل من منطقته إذ يشترط على الدول لدى اختيارها مرشحيها أن تستشير مؤسساتها الوطنية المعنية بحقوق الإنسان
ومنظمات المجتمع المدني بهدف ضمان إتاحة أفضل الخيرات الممكنة للمجلس . تم ينتخب المجلس أعضاء اللجنة الاستشارية بالاقتراع السري من قائمة المرشحين .
ويشغل أعضاء اللجنة الاستشارية مناصبهم لمدة 3 سنوات.و يعملون على توفير الخبرات للمجلس بالشكل والطريقة اللذين يطلبهما وذلك عن طريق إعداد الدراسات وتقديم المشورة القائمة على البحوث والتركيز على النواحي التنفيذية .ويقتصر نطاق مشورتهم على القضايا الموضعية المتصلة بولاية المجلس ألا وهي تعزيز واحترام جميع حقوق الإنسان . وتقدم أعمالهم للمجلس في شكل مقترحات لزيادة تعزيز كفاءته الإجرائية لكي ينظر فيها ويوافق عليها .
و تحث اللجنة الاستشارية لدى اضطلاعها بولايتها على التواصل مع الدول, و المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ,والمنظمات غير الحكومية, وغيرها من كيانات المجتمع المدني ,وفقا لطرائق المجلس .


- إجراءات تقديم الشكاوي:
سعيا من مجلس حقوق الإنسان لمعالجة الأنماط الثابتة للانتهاكات الجسمية والمؤيدة بأدلة موثوق بها لجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية التي تقع في أي جزء من أجزاء العالم, وفي أي ظرف من الظروف اعتمد إجراءات تقديم الشكاوى .إذا اتخذ من قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم 503 (د.1 ع) المؤرخ في 27 ماي 1970 بصيغته المنقحة بالقرار 2000/3 المؤرخ في 19 جوان 2000 أساسا للعمل وجرى تحسينه عند الاقتضاء من أجل ضمان أن يكون إجراء تقديم الشكاوى محايدا وموضوعيا وفعالا وموجها لخدمة الضحايا ,وأن يعمل في الوقت المناسب مع الإبقاء على الطابع السري لهذا الإجراء بهدف تعزيز التعاون مع الدولة المعنية.
ويشترط مجلس حقوق للإنسان في البلاغ المتصل بانتهاك حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ما يلي :
1- أن يكون موضوعه متفقا مع ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصكوك الأخرى الواجبة التطبيق في مجال حقوق الإنسان.
2- أن لا تكون له دوافع سياسية واضحة بان يتضمن وصفا واقعيا للانتهاكات المزعومة بما في ذلك الحقوق المزعوم انتهاكها،ويصدر من شخص أو مجموعة أشخاص بمن فيهم المنظمات غير الحكومية يتصرفون بحسن نية وفقا لمبادئ حقوق الإنسان و يدعون أنهم ضحايا لانتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية و لايستندون إلى موافق ذات دوافع سياسية مخالفة لأحكام ميثاق الأمم المتحدة,و يثبتون أنهم على علم مباشرا وموثوقا بهذه الانتهاكات .
3- أن يكون مشفوعا بأدلة واضحة وأن لا يستند إلى تقارير نشرتها وسائط الإعلام .


4- أن تكون اللغة المستخدمة غير مسيئة. إلا انه يجور النظر في بلاغ لا يستجيب لهذا الشرط إذا استوفى معايير المقبولية الأخرى بعد حذف العبارات المسيئة .
5- يجب أن يستنفذ سبل الإنصاف المحلية. ما لم يتبين أن هذه السبل غير فعالة أو تستغرق زمنا يتجاوز حدود المعقول.
ولدراسة البلاغات والشكاوي و التحقيق فها يتم تشكيل الفريقان العاملان متميزان تسند إليها مهمة بحث البلاغات وتوجيه انتباه المجلس إلى الأنماط الثانية للانتهاكات الجسيمة المؤيدة بأدلة موثوق بها لحقوق الإنسان .فتقوم اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان بتعيين 5 من أعضائها واحد من كل من المجموعات الإقليمية من أجل تشكيل الفريق العامل المعني بالبلاغات, ويقوم رئيس الفريق العامل المعني بالبلاغات بالاشتراك مع الأمانة بفرز أولى للبلاغات بالاستناد إلى معايير القبول، وذلك قبل إحالتها على الدولة المعنية بحيث يستعبد البلاغات التي يتبين له أنها لا تستند إلى أساس سليم أو التي يكون صاحبها مجهول الهوية، أما البلاغات المقبولة فيقوم الرئيس بإحالتها إلى الدولة المعنية, بهدف الحصول على أرائها بشأن إدعاءات الانتهاكات . ويقدم الفريق العامل المعني بالبلاغات إلى الفريق العامل المعني بالحالات ملفا
يتضمن جميع البلاغات المقبولة والتوصيات الخاصة بها ,إذ يقوم الفريق العامل المعني بالحالات وبناء على المعلومات والتوصيات المقدمة من الفريق العامل المعني بالبلاغات بموافاة مجلس حقوق الإنسان بتقرير عن الأنماط الثابتة للانتهاكات الجسمية و المنهجية المؤيدة بأدلة موثوق بها لحقوق الإنسان والحريات الأساسية و تقديم توصيات بشأن الإجراء الواجب اتخاذه ويكون ذلك عادة في شكل مشروع مقرر فيما يتعلق بالحالات المحالة إليه. أما عندما تتطلب إحدى الحالات مزيدا من النظر أو معلومات إضافية . يجوز لأعضاء

الفريق العامل المعني بالحالات إبقاء تلك الحالة قيد الاستعراض حتى دورته التالية .كما له أن يرفض النظر في قضية ما.وفي جميع الحالات يجب أن تكون جميع قراراته مدعمة بالمبررات الواجبة و أن تبين أسباب وقف النظر في حالة من الحالات.
وحتى يكون إجراء الشكاوى في خدمة الضحايا وفعال يجب أن لا تتجاوز الفترة الزمنية الفاصلة بين إحالة الشكوى و إحالة الشكوى إلى الدولة المعنية ونظر المجلس فيها 24 شهرا، وان يعلم كل من صاحب البلاغ والدولة المعنية . بجميع الإجراءات المتخذة .
- تــقيـيــم:
على مجلس حقوق الإنسان عدم الاكتفاء بصلاحيات و آليات معالجة مسألة انتهاكات حقوق الإنسان السابقة الذكر, بل يجب عليه أن يتعداه إلى تحسين الآليات الموجودة وتعزيزها،وتطوير آليات أخرى،وتطوير جانب النهوض بالتثقيف والتعليم في مجال حقوق الإنسان،فضلا عن الخدمات الاستشارية
والمساعدة التقنية وبناء القدرات ,وتشجيع الحوار والتعاون مع الحكومات ومنظمات المجتمع المدني, بما يكفل احترام حقوق الإنسان والحد من الانتهاكات.
وحسب رأينا نعترف بأن الامتحان الأول الذي مر به المجلس في دورته للأولى ( 19 إلى 30 جوان 2006) كان ناجحا إذ نتجت عنه قرارات هامة :
1- سمح المجلس للمقررين الخاصين التابعين له بمواصلة صلاحياتهم لمدة عام لحين الانتهاء من مراجعة عمل هؤلاء الخبراء الموضوعين (حسب الموضوع ) والخبراء القطريين ( حسب القطر ).
2- ستحدث فريقين عاملين يعتني الأول بوضع أساليب وحدود زمنية للآلية الجديدة المسماة " آلية الاستعراض الدوري الشامل " و الفريق الثاني يعتني بمراجعة و تطوير عمل الإجراءات الخاصة .

3- اصدر قرار بالإجماع باعتماد الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء ألقسري
4- قرار المجلس بأغلبية الأصوات باعتماد " إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية "
5- قرار المجلس بالمضي خطوة أخرى إلى الأمام باستحداث آلية للشكاوى و ذلك في صورة برتوكول اختياري ملحق بالعهد الدولي الخاص الاقتصادية الاجتماعية و الثقافية وذلك بمد صلاحيات الفريق العامل المعني, بإنشاء مشروع أولى لهذا البرتوكول .
6- قرار المجلس بعقد جلسة استثناية لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبالفعل تم ذلك في 5- 6 جويلية 2006 و أقر إنشاء بعثة لتقصي الحقائق برئاسة المقرر الخاص المكلف بالإتتهاكات في الأراضي الفلسطينية كما أقر حاليا بوجد تعذيب في الأراضي الفلسطينية .
كما قام المجلس بإنشاء بعثة لتقصي الحائق في دارفور, حيث اتهمت هذه البعثة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان الحكومة السودانية -في تقرير لها في 12 مارس 2007 - بأنها نسقت بنفسها وشاركت في جرائم حرب, وجرائم ضد الإنسانية في الإقليم , وتم تقديم هذا التقرير للمجلس والذي توصل من خلاله في دورته الرابعة إلى أن الجرائم ضد الإنسانية مازالت مستمرة في المنطقة .
وعليه فكل هذه الإجراءات والقرارات المتخذة من طرف مجلس حقوق الإنسان تعطي الأمل في الدور الكبير الذي سيلعبه خلال المرحلة القادمة لتعزيز واحترام حقوق الإنسان وتجنب تصرفات الماضي .
ويترجم هذا الأمل خطاب الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس حقوق الإنسان يوم 19 جوان 2006 بالقول "إن هذا المجلس في الوقت الحاضر جهاز فرعي تابع للجمعية العامة غير أن الجمعية ستستعرض وضعه في غضون 5 سنوات وسأسمح لنفسي بالأمل وأعتقد انه ينبغي لهذا الأمر أن يكون مطمحكم . بأن


يكون عملكم قد أدى بعد 5 سنوات إلى ترسيخ سلطة مجلس حقوق الإنسان ترسيخا شديد الوضوح لدرجة تبلور إرادة عامة بتعديل الميثاق ورفع مكانة المجلس لجعله رئيسيا من أجهزة الأمم المتحدة " .
المطلــب الثاني : الآليـات الاتـفـاقيـة ( لجان حقوق الإنسان ) :
لقد تضمنت الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان النص على إنشاء لجان للتوفيق, و التحقيق, تتولى مهمة رصد مدى احترام الدول الأطراف في هذه الاتفاقيات لأحكامها ,و الحقوق المقررة بموجبها، غير أنه و من بين العديد من اتفاقيات حقوق الإنسان التي تبنتها الأمم المتحدة هناك 9 اتفاقيات فقط نصت على آليات التطبيق تسهر على تنفيذ بنود هذه الاتفاقيات وهي :
1- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز العنصري, المعتمدة من طرف الأمم المتحدة في 21/12/1965 و التي دخلت حيز التنفيذ في 04/01/1969 أنشأت لجنة تسمى " لجنة القضاء على التمييز العنصري" .
2- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية السياسية في 16/12/1966 ودخل حيز التنفيذ في 23/03/1976, أنشأ لجنة تسمى " اللجنة المعنية بحقوق الإنسان " .
3- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية, أعتمد في 16/12/1966 ودخل حيز التنفيذ في 23/03/1976 ,فأنشأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجنة تسهر على تنفيذ بنود هذا العهد تسمى ( اللجنة المعنية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية "
4- الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري و المعاقبة عليها واعتمدت في 30/11/1973 ودخلت حيز التنفيذ في 18/07/1976, أنشأت لجنة " الفريق الثلاثي لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها ."

5- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز العنصري ضد المرأة والتي اعتمدت في 18/12/1979 ودخلت حيز التنفيذ في 03/09/1981 أنشأت لجنة تسمى "لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة"
6-اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية ولا إنسانية أو المهنية اعتمدت في 10/12/1984 ودخلت حيز التنفيذ في 03/09/1987 أنشأت لجنة تسمى "لجنة مناهضة التعذيب ."
7-اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدت في 20/11/1989 ودخلت حيز التنفيذ في 02/09/1990 أنشأت الجنة" المعنية بحقوق الطفل . "
8-الاتفاقية الدولية لمناهضة الفصل العنصري في ألعاب الرياضية التي اعتمدت في 10/12/1985 ودخلت حيز التنفيذ في 03/04/1988 أنشئت لجنة تسمى " لجنة مناهضة الفصل العنصري في ألعاب "
9-الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي اعتمدت في 18/12/1990 ودخلت حيز التنفيذ في 01/07/2003 و انشات لجنة تسمى " لجنة حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم " .
ورغم تنوع هذه الجان وتعددها إلا أن أسلوب عملها متشابه إلى حد كبير, فهي ليست هيئات قضائية وإن انطوى أسلوب عملها على شبه كبير بطريقة عمل المحاكم فتشاطر معا الطابع التوفيقي ولتحقيقي لعملها، بتلقي التقارير الواردة في مواعيد دورية من جانب الدول الأطراف في الاتفاقية الخاصة بحقوق الإنسان، إلا أن عددا منها يقوم بالإضافة لذلك بنظر شكاوى الدول وبلاغات الأفراد المتعلقة


بانتهاكات حقوق الإنسان, فمثلا تمتلك لجنة مناهضة التعذيب ,ولجنة القضاء على التمييز ضد المرأة الشروع في إجراء تحقيق في الدول الأطراف في الاتفاقيات في حالات معينة وشروط محددة .
- دراسة التقارير :
تعد دراسة التقارير الوظيفة الأساسية للجان, فبموجبها يمكن لها رصد تنفيذ الدول الأطراف لبنود الاتفاقية وذلك عن طريق دراسة التقارير المقدمة من الدول الأطراف دوريا كما تسعى من خلالها إلى إقامة حوار بناء مع الدول الأطراف, وذلك لمعرفة فيما إذا كانت المعايير الواردة في الاتفاقية المعنية مطبقة أم لا. بالإضافة إلى التعرض إلى الصعوبات والعراقيل, بغية تقديم المساعدة عن طريق الاقتراحات والتوصيات التي ترفع إلى الدول و إلى الجمعية العامة عن طريق المجلس الاقتصادي و الاجتماعي في تقرير سنوي.
فترسل التقارير إلى الأمين العام للأمم المتحدة ليقوم بدوره بإحالتها على الجان المختصة التي لها صلاحية النظر فيها مع الإشارة إلى أن مناقشة تلك التقارير هي التي تشكل وتجسد الرقابة ,وذلك بالحوار مع ممثلي الدول حول المعايير التي تتبعها بهدف تطبيق أحكام الاتفاقية ، ويشترط في التقارير المقدمة من طرف الدول أن تتضمن كيفية تنفيذ نصوص الاتفاقية في الواقع العملي, و مدى الاحترام الفعلي للحقوق محل الحماية ,والتطورات الحاصلة داخل الدولة ,فمجرد إدراجها في النصوص الدستورية والقوانين والأنظمة الداخلية المعمول بها في الدولة لا يكفي .
وهناك نوعين من التقارير: أولية تقدم بعد سنة أو سنتين من التصديق على الاتفاقية أو الانضمام إليها ,وتقارير دورية تقدم بعد ثلاث أو أربع سنوات من التقرير الأولى ,وتقوم اللجان بفحص التقارير علنا بحضور ممثلي الدول الأطراف الذين يتوجب عليهم الإجابة على أسئلة واستفسارات أعضاء اللجنة و المبدأ المسيطر على دراسة وفحص التقارير الأولية و التقارير الدورية هو

الحوار البناء "Constructive dialogue " بين الدول الأطراف في اتفاقيات حقوق الإنسان و بين الجان المختصة بالنظر في هذه التقارير وهذا هو الهدف من نظام التقارير وليس الهدف منه توجيه الاتهامات والانتقادات للدول .
ويحال التقرير السنوي لكل لجنة من اللجان في نهاية المطاف إلى الجمعية العامة، إذ يتضمن التقرير عادة ملخصا لأنشطة اللجنة وعرضا لخر وقات الدول ذات الصلة بالاتفاقية التي تشرف اللجنة على تنفيذها – تلقي الشكاوى والبلاغات المقدمة من طرف الأفراد :
تتمتع خمس لجان فقط من اللجان الاتفاقية المعنية بالإشراف على تنفيذ اتفاقيات حقوق الإنسان, بصلاحية استلام الشكاوى و البلاغات الفردية للأفراد الخاضعين لولاية الدول الأطراف في الاتفاقية المعنية, الذين يدعون بأنهم ضحايا لانتهاكات حقوق الإنسان الواردة في الاتفاقية من جانب دولهم وهي :
1- وهي لجنة القضاء على التمييز العنصري .
2- اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب البرتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, الذي أعتمد في 16/12/1966 ودخل حيز التنفيذ في 23/03/1976
3- لجنة مناهضة التعذيب
4-لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة .
1- لجنة حماية جميع العمال المهاجرين و أسرهم .
وتجدر الإشارة في هذا الخصوص إلى أن هناك محاولات جادة لاعتماد برتوكول اختياري إضافي ملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ,يسمح للجنة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية بتلقي تبليغات الأفراد .


ومن المعلوم أنه ليس بمستطاع هذه اللجان أن تتلقي وتنظر في بلاغات الأفراد إلا بالنسبة للدول التي أعلنت قبولها اختصاص هذه اللجان بالنظر في هذا النوع من البلاغات, وحتى لأول نوفمبر عام 2004 كانت الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية قد اعترفت باختصاص اللجنة المعنية بحقوق الإنسان للنظر في التبليغات و الشكاوى الفردية، وعليه يستخلص أن اختصاص اللجان الاتفاقية في استلام البلاغات والشكاوى الفردية رهن رضا الدول الأطراف وقبولها لهذا الاختصاص, وعليه فإذا عقد لها الاختصاص فإنها وقبل أن تنظر في البلاغات فإنها تعمل على التأكد من مقبولية البلاغ أو الشكوى شكلا, وكذا شروط المقبولية التالية :
1- يجب أن يكون التبليغ داخلا في اختصاص اللجنة المعترف لها به ,بمعنى يجب أن يتضمن وجود خرق لأحد الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية المعنية, فمثلا : تعلن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان عدم فبولها لبلاغ يتعلق بحق الملكية أو حق العمل لأن هذين الحقين لم يتم ذكرهما في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .
2- أن يكون صاحب التبليغ من الأفراد فقط الخاضعين لولاية إحدى الدول الأطراف في الاتفاقية المعنية ,و أن يكون ضحية الانتهاكات موضوع التبليغ فعليا شخصيا, أي له مصلحة مباشرة في الطعن ويكون قد لحقه ضرر مباشر جراء خرق أحكام الاتفاقية أو جراء عمل أو امتناع عن عمل معين من جانب إحدى الدول الأطراف
3- قد تأخذ اللجان بالمصلحة المحتملة في بعض الحالات, فلا تشترط أن يكون الضرر حالا و واقعا فعلا ,وهذا حسب اجتهادات اللجان, ومن الأمثلة على هذه الحالات : وجود تشريع داخل إحدى الدول الأطراف ينطوي على خرق لأحد الحقوق المقررة في الاتفاقية أو أكثر, لكنه ليس

مطبقا . فهنا في هذه الحالة خطر قائم في إعمال نصوص هذا التشريع ,مما يمنع الفرد المتضرر احتمالا حق تقديم تبلغ فردي. ويشترط هنا أن يكون التشريع نافذا و ليس مجرد مشروع قانون .
4- يشترط استنفاد طرق الطعن الداخلية المتاحة جميعا, و المتمثلة في طرق الطعن القضائية و التظلمات الإدارية ,بشرط أن يكون فعلية وفعالة، وعليه يستبعد هذا الشرط في حالة ما تستغرق إجراءات الطعن أو التنظيم مدة تتجاوز الحدود المعقولة, أو في حالة عدم احتمال إنصاف الفرد الذي وقع ضحية انتهاك أحد الحقوق المحمية على نحو فعال.
وفي جميع الحالات يقع عبء الإثبات على مدعي انتهاك حقوقه
5- أن لايكون موضوع التبليغ قد جرى بحثه أو يجرى بحثه بمقتضى أي إجراء أخر من إجراءات التحقيق الدولي ,أو التسوية الدولية, مثل كأن يجري بحثه لدى لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان, أو اللجنة الأوربية لحقوق الإنسان، أو الجنة الإفريقية للحقوق الإنسان .
6- أن لا يكون التبليغ منطوي على إساءة استعمال حق تقديم الرسائل و متعارض مع أحكام الاتفاقية المعنية .
7- أن يكون الانتهاك محل التبليغ منصب على انتهاكات للحقوق الواردة في الاتفاقية سابقة على دخول الاتفاقية حيز النفاذ.وان يكون التبليغ معلوم المصدر موقعا من قبل صاحبه.
8- تضيف اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ,ولجنة القضاء على التميز ضد المرأة شرط أخر وهو:
أن يكون الانتهاك المدعى به قد وقع بعد دخول البرتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية, واتفاقية القضاء على التميز ضد المرأة, حيز النفاذ, ويستثني هذا

الشرط في حالة البلاغات الفردية المتعلقة بالانتهاكات المستمرة الأثر, و التي تم اقترافها قبل دخول الاتفاقية حيز النفاذ و استمرت أثارها إلى ما بعد نفاذها .
- وعند توافر جميع هذه الشروط تنظر اللجنة في التبليغ أو الشكوى وتعلن عن قبولها وتباشر إجراءات النظر به،حيث تحيل اللجان في العادة التبليغات الفردية إلى الدولة الطرف و المنسوب إليها خرق وانتهاك حقوق الإنسان, دون أن تكشف هوية الفرد المعني أو جماعات الأفراد المعنية .
وفيما يتعلق بعبء الإثبات فأن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان سهلت هذه المهمة على الفرد صاحب التبليغ, بحيث انتهت في عدد من الحالات المتعلقة بانتهاكات مزعومة للمواد 6. 7.9 وهي : الحق في الحياة التعذيب سوء المعاملة – الاعتقال التعسفي- و اختفاء الأشخاص, إلى انه لا يمكن أن يفع عبء الإثبات على صاحب التبليغ وحده, فعلى الدولة الطرف أن تحقق وبحسن نية في الإدعاءات جميعها من طرف إحدى سلطاتها .
وعند انتهاء اللجان من دراسة التبليغات الفردية تدون وجهات نظرها و استنتاجاتها وترسلها للدولة الطرف المعنية وصاحب التبليغ ,وكثيرا ما توصى اللجان الدول المعنية باتخاذ التدابير اللازمة, وتطلب منها أن تزودها بما ستتخذه من تدابير, للحيلولة دون وقوع خرق مماثل للاتفاقية مستقبلا بالإضافة إلى أنها تسهر على مراقبة ومتابعة سلوك الدول المعنية, لتتأكد من أنها قامت برفع الضرر و أزالت أسباب الانتهاك
كما تقوم اللجان الاتفاقية أيضا بالإشراف ,و التنفيذ بأسلوب قضائي .رغم أنها ليست هيئات قضائية إلا أنه يمكن وصفها بالهيئات شبه القضائية, إ لأنها تمارس وظيفة تشبه الوظيفة القضائية من حيث الشكليات والإجراءات المتبعة أمامها،دون أن تتمتع بسلطة إصدار أحكام ملزمة لأطراف النزاع فهي تصدر مجرد توصيات ليست لها قيمة قانونية إلزامية في مواجهة الدول الأطراف .


غير أن الممارسة العلمية ولحسن الحظ أثبتت انصياع الدول لها ,وعملها بها ,وقد بات من المألوف قيام هذه اللجان يرفع الظلم عن أصحاب التبليغات الفردية, ومن أمثلة ذلك اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي رفعت الظلم ,وخفضت عقوبة الإعدام ,و طلقت صراح المعتقلين ,وعوضت الضحايا.
-تلقي البلاغات المقدمة من طرف الدول:
إلى جانب اختصاص اللجان الاتفاقية في نظر التبليغات الفردية فإنها تختص أيضا بنظر بلاغات الدول الأطراف, و التي تلفت نظرها في أن دولة أخرى طرفا في الاتفاقية المعنية, لا تضع أحكامها موضوع التنفيذ , فلا تنظر هذه اللجان إلا في البلاغات الصادرة عن دولة سبق لها الاعتراف باختصاص اللجنة بموجب إعلان صريح، و تتماثل إجراءات النظر بالنسبة للجنة مناهضة التعذيب ولجنة القضاء على التمييز العنصري, و لجنة حماية جميع العمال المهاجرين و أسرهم, بهذه البلاغات إلى حد كبير , حيث تدرج تقاريرها السنوية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال المجلس الاقتصادي و الاجتماعي .
- تقييــــم :
ما يعاب على لجان حقوق الإنسان ومن أمثلتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان, أنها لا تمتلك أية سلطة اتخاذ قرار في الموضوع, لأنها تترك الأمر للدول للقبول أو الرفض باختصاصها, وهذا يعني أن الدول تخشى إن كانت اليوم مدعية أن تصبح غدا مدعى عليها، بالإضافة إلى عدم امتلاكها المبادرة الخاصة بالشروع من تلقاء نفسها في إجراءات التحقيق في أوضاع حقوق الإنسان في الدول الأطراف, باستثناء اتفاقية مناهضة التعذيب ولجنة القضاء على التميز ضد المرأة.

- وبصفة عامة يؤخذ على هذه اللجان أنها لا تمتلك سلطة فرض جزاءات على الدول التي تمتنع عن التنفيذ ,بالإضافة إلى أن إجراءات تقديم الشكاوي و التبليغات ليس ممنوحا إلا لعدد ضئيل من اللجان ,سيما كونه إجراء اختياري ترفضه دول كثيرة من الأطراف في اتفاقيات حقوق الإنسان، ما أن هذه الآليات تعاني من عدة عراقيل ,كعدم التزام الدول بتقديم تقاريرها أو التأخير بتقديمها، أضف إلى ذلك النوعية الرديئة و غير الكافية للتقارير. وغياب هذه الإجراءات في عدة معاهدات حقوق الإنسان الهامة جدا كاتفاقية الوقاية ومعاقبة جريمة الإبادة سنة 1948 والاتفاقية الخاصة بالرق 1926 .
غير أننا ورغم ذلك نستطيع الجزم بأن هذه الآليات تؤدي وطائف معترف بها في ترقية حقوق الإنسان والرقابة العامة لها .










رد مع اقتباس