منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مناقب التاريخ الاسلامي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-11-20, 17:50   رقم المشاركة : 143
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ترجمة مختصرة لأبي إسحاق السبيعي

السؤال

هناك أحاديث يرويها أبو إسحاق الهمداني ، فمن هو أبو إسحاق الهمداني هذا ، وما هي إسهاماته في الأحاديث ، وما صحة أحاديثه ؟

الجواب

الحمد لله

أبو إسحاق الهمداني هو عمرو بن عبد الله بن ذي يحمد ، المشهور بـ " أبي إسحاق السبيعي " نسبة إلى " سبيع " جده البعيد

من أكابر حفاظ مدينة الكوفة في العراق ، ومن أعظم علمائها الذين رووا الحديث ، وأفنوا أعمارهم في سبيله .

وهو من الطبقة الوسطى من التابعين ، فقد ولد في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وبالتحديد سنة (34 أو 35هـ) فأدرك بذلك كثيرا من الصحابة الحفاظ المكثرين من الرواية ، كابن عباس

والبراء بن عازب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وزيد بن أرقم ، وأسامة بن زيد ، وغيرهم كثير ، حيث بلغ تعدادهم ثمانية وثلاثين صحابيا من شيوخ أبي إسحاق

بل ورد عنه أنه قال : " رأيت علي بن أبي طالب يخطب "، ولكنه لم يدرك الرواية عنه .

ولا شك أن إدراك هذا العدد من محدثي الصحابة دافع عظيم للاجتهاد في سماع الحديث وروايته والعمل به ، فهم خير القرون ، وسادة الناس ، وأصحاب الأثر العظيم في قلوب طلابهم ومتبعيهم .

لهذا تأثرت شخصية أبي إسحاق السبيعي بأئمة الهدى والدين ، فاجتهد في طلب العلم والأخذ عن الشيوخ ، وكثر شيوخه الذين روى عنهم حتى بلغوا العشرات

بل قال علي بن المديني رحمه الله

: " روى أبو إسحاق عن سبعين رجلا أو ثمانين لم يرو عنهم غيره ، وأحصيت مشيخته نحوا من ثلاث مائة شيخ "، وكان منهم كبار التابعين كعلقمة بن قيس

ومسروق بن الأجدع ، والضحاك بن قيس ، وعمرو بن شرحبيل الهمداني ، وعبد الله بن عتبة بن مسعود ، وعمرو بن ميمون ، وشريح القاضي ، وخلق كثير من كبراء التابعين كما قال الإمام الذهبي رحمه الله .

وأخذ الفقه عن كبار شيوخ مدرسة الكوفة التي اتبعت في منهجها العام الفقه المروي عن عبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما

وبرز أبو إسحاق في حفظه فقهَ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، حتى كان يقال : " من جالس أبا إسحاق فقد جالس عليا رضي الله عنه ".

قال علي بن المديني رحمه الله

: " حفظ العلم على الأمة ستة : فلأهل الكوفة : أبو إسحاق والأعمش ، ولأهل البصرة : قتادة ويحيى بن أبي كثير . ولأهل المدينة : الزهري ، ولأهل مكة عمرو بن دينار " .

فلم يكن أهل العلم يقدمون على أبي إسحاق أحدا من أهل طبقته .

واشتهر أبو إسحاق بالإمامة في الدين ، والتقوى والزهد والعبادة ، فكان يختم القرآن الكريم في كل ثلاثة أيام مرة ، فقد أخذ القرآن عن أبي عبد الرحمن السلمي

حتى صار إماما في القراءة أيضا ، وهو أكبر شيوخ القارئ المعروف حمزة بن حبيب الزيات ، ولم يشغله العلم عن الجهاد في سبيل الله

فاشترك في غزو الروم زمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، وأخبر عن نفسه أنه اشترك في ست غزوات أو سبع غزوات زمن زياد بن أبيه .

وكان صواما قواما لا ينام من الليل إلا قليلا ، وقد حكى ذلك عن نفسه رحمه الله فقال : " ما أقلت عيني غمضا منذ أربعين سنة "، وحكى ابنه يونس – الحافظ الكبير – عن أبيه أنه كان يقرأ كل ليلة ألف آية .

وأوصى مرة معشر الشباب فقال لهم : " يا معشر الشباب ، اغتنموا – يعني قوَّتكم – قلما مرت بي ليلة إلا وأنا أقرأ فيها ألف آية ، وإني لأقرأ البقرة في ركعة

وإني لأصوم الأشهر الحرم ، وثلاثة أيام من كل شهر ، والاثنين والخميس " .

وتحلى بالأخلاق العظيمة ، بالكرم والسماحة والوفاء والمروءة ، فما سُمع يَعيبُ أحدا قط ، ولا يتفاخر على الناس بعلمه ، بل يتواضع ويقول : "وددت أني أنجو من علمي كفافا "

وهكذا عرف بالعبادة والتقوى حتى قال من أدركه في زمانه : " كنت إذا رأيت أبا إسحاق ذكرت به الضرب الأول "، يعني الصحابة رضوان الله عليهم .

ومن كان هذا حاله في العلم والعبادة حري أن يكون إمام هدى يقصده طلبة العلم من كل حدب وصوب ، فأخذ عنه أئمة علم الحديث كشعبة وسفيان الثوري –

وكانا أوثق أصحابه في الرواية عنه – وكان من تلاميذه أيضا ، منصور

والأعمش ، وزكريا بن أبي زائدة ، وولده يونس ، وحفيده إسرائيل ، وزائدة بن قدامة ، وجرير بن حازم ، وزهير بن معاوية ، وخلق كثيرون آخرون يشق تعدادهم وحصرهم .

واستمر عطاء أبي إسحاق السبيعي في العلم والعمل على مدى ثلاث وتسعين سنة ، حتى كبر في آخر عمره ، وضعفت قوته ، وابتلي بفقد البصر حتى كان يستعين بأبنائه في هداية الطريق

ومع ذلك بقي حافظا للحديث ، مثابرا في تعليمه ، ولم يأخذ عليه العلماء اضطرابا أو اختلاطا فاحشا ، وإنما كما قال الإمام الذهبي رحمه الله : "

هو ثقة حجة بلا نزاع...كبر وتغير حفظه تغير السن ، ولم يختلط "، وإن كان ذهب بعض أهل العلم أيضا إلى وقوع الاختلاط في حديثه ، لكنه محصور وقليل ، كما أخذ عليه العلماء

وقوع التدليس أحيانا عند إسناده بالعنعنة ، حتى سماه الحافظ ابن حجر في "المرتبة الثالثة" في كتاب "

مراتب المدلسين " (رقم/91)، ولكن ذلك لا يضعف ما يصرح فيه بالتحديث ( حدثنا ، أخبرنا ، سمعت .. ) ، لكن يوجب التحري فيما يرويه بصيغة العنعنة ( عن فلان ) من الأحاديث .

وكانت وفاته سنة (127هـ)، وخرج الناس في جنازته بالمئات ، وألقى الله على جنازته المهابة ، حتى قال أمير الكوفة حين رأى كثرة الخلق المشيعين : " كأن هذا فيهم رباني ".

تنبيه: المعلومات الواردة في هذه الترجمة المختصرة

تجدها في كتاب

: " سير أعلام النبلاء " (5/392-401)

وكتاب " تهذيب التهذيب " (8/65)

والله أعلم
.









رد مع اقتباس