توفي الأب وترك لهم عقارا وبعض الورثة يسكن فيه بإيجار منخفض دون رضى الباقين
السؤال
: مات أب في عام 2002 م ، وترك 3 ذكور و2 بنات ، ومنزل مكون من 3 طوابق ، بـه 3 شقق ، يسكن كل واحد من الذكور في شقة منذ كان الوالد حياً، وعندما طلبت إحدى البنات حقها في ميراث أبيها في المنزل المذكور
قالوا لها : إن معهم عقود إيجار قديمة بنظام المشاهرة بـأجور رمزية 20 ج أو ما شابه مكتوبة من أبيهم لهم ، وأن وجودهم قانوني ، ولا يوجد منه أي مشكلة ، وسوف يدفعون لها جزءً من القيمة الإيجارية بحسب نصيبها، وكانت غير راضية بهذا
وطلبت منهم حقها الشرعي في ثمن العقار ، ولكن إخوتها ظلوا مصرين على هذا الوضع حتى ماتت الأختان ، والآن أبناؤهما يطالبون بحقهم الشرعي في المنزل شاملاً الأرض ، وحق الانتفاع بالشقق طوال الفترة ، ولا يرضون بالوضع الحالي
. والسؤال: ما حكم الشرع في استئجار الإخوة للعقار من أبيهم مع كونهم وارثين منه في نفس العقار ؟
وما هو الواجب فعله شرعاً في ميراث هذا الأب ؟
وكيف يمكن تحديد قيمة الانتفاع بالشقق طوال الفترة ؟
وأخيراً، كان لهؤلاء أخ آخر غائب منذ حوالي 30 عاماً غير معلوم من وقتها أهو حي أم ميت ، ولا يوجد مستند يدل على وجوده على قيد الحياة ، وقد قام الذكور بضمه في إعلام الوراثة الشرعي، فهل يدخل في القسمة أم لا ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الواجب أن يقسم العقار بين الورثة بالعدل ، فيأخذ كل وارث نصيبه الذي فرضه الله له .
فإن كان العقار صغيرا أو مما لا يمكن أن يقسم قسمة عادلة تستوعب جميع الورثة :
فإما أن يؤجر العقار ، أجرة عدل ، بحسب سعر اليوم ، ويقسم الإيجار على قدر إرثهم ، سواء أجرتموه لغيركم ، أو فرضتم أجرة المثل على من يستأجره من الورثة .
والواجب أن يكون ذلك بالتراضي بين جميع الورثة ، فإن لم يرض بعضهم بالإيجار وطالب بحقه، فإن المنزل يباع ، ويوزع ثمنه على الورثة حسب نصيبهم الشرعي ، ولا مانع من أن يشتريه بعض الورثة ، أو يشتري كل واحد من الذكور شقته ، ويعطي البنات حقهن ، بسعر اليوم.
أما أن يستأثر بعض الورثة بمنفعة العقار ، ويمنع الآخرين حقوقهم ، فهذا ظلم بين .
ثانيا :
اتفق الفقهاء على اشتراط تحديد المدة في الإجارة ، والعقود التي لم تحدد فيها المدة باطلة .
وبناء عليه : فلا يجوز إلزام الورثة بإبقاء العقد القديم .
ولا يجوز إجبار بقية الورثة على إبقاء العقد كما هو ، بل جميع الورثة بالخيار إن شاؤوا أجّروا بالأجرة التي يرضون بها ، وإن شاؤوا لم يؤجروا .
وبناء على ما سبق : فلا يجوز لهؤلاء الإخوة الذكور أن يستأجروا العقار بقيمة لا يرضاها بقية الورثة ؛ لأنه ملك لهم جميعهم ، ولا يجوز أن يستأثر بعضهم بنصيب بعض ، ويجب عليهم أن يدفعوا للورثة الآخرين فرق الأجرة عن السنوات السابقة ؛ لأنها مما أخذ بغير حق ، ومن مات من الأخوات ، فإنه يجب أن يدفع المال إلى ورثتها .
وتقدر تلك الأجرة بالأجرة العادلة خلال تلك المدة ، وهي الأجرة التي يؤجر بها عقار مماثل .
ثالثا :
المفقود لا يحكم بوفاته حتى تمضي مدة يغلب على الظن فيها ، أنه لو كان حيا ، لعثرنا له على خبر .
واختلفوا في تقدير هذه المدة .
والصواب : أنه ليس هناك مدة محددة ، وإنما يجتهد القاضي في كل قضية في تحديد تلك المدة، بما يتناسب مع الحالة التي أمامه .
فإن كان القاضي قد حدد لكم مدة لهذا المفقود ، وانتهت هذه المدة قبل وفاة والدكم ، فلا نصيب له في الميراث .
وإن لم تنته المدة إلا بعد وفاة والدكم ، فالواجب أن يدفع نصيبه إلى ورثته .
وإذا كان الأمر لم يصل إلى القضاء ، فإنه يحكم بحياته ، ويكون له نصيب من الميراث ، لأن المفقود لا يحكم بوفاته إلا بحكم القاضي .
والخلاصة :
أنه يجب على هؤلاء الإخوة أن يلغوا هذا العقد القديم ، وأن يتوبوا إلى الله من اغتصاب أموال أخواتهم ، ويعوّضوا ورثتهن قيمة المثل في المنزل المستأجر ؛ فالحقوق لا تسقط بالتقادم وطول المدة .
ونوصي الجميع بالرضى بالصلح والمسامحة والعفو، والحرص على لم الشمل ، ومن ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه .
والله أعلم .
ملخص الجواب :
يجب على هؤلاء الإخوة أن يلغوا هذا العقد القديم ، وأن يتوبوا إلى الله من اغتصاب أموال أخواتهم ، ويعوّضوا ورثتهن قيمة المثل في المنزل المستأجر ؛ فالحقوق لا تسقط بالتقادم وطول المدة .
ونوصي الجميع بالرضى بالصلح والمسامحة والعفو، والحرص على لم الشمل ، ومن ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه.