من عجائب الأمور حينما نسمع مقولة " خذ الحكمة و لو من مجنون " تنتابنا نوع من مشاعر الشفقة على ذوي الحالات الخاصة ، و التي تمتلئ الشوارع بهم في كامل بقاع العالم ، و الأغرب ما في الأمر عندما نشكّك في قدراتهم الخارقة للعادة ، و التي طالما أدهشونا بها عبر التاريخ المعهود لنا ..
هي حادثة واقعية حضرتها ، في المكان و الوقت المناسبين ، لأكون على موعد مع إنسان نعتقده أنّه "بهلول ، مجنون ...." كما يُسميهم الكثيرين ، و يا لها من تسمية جوفاء ظالمة ممّن ينعتهم بتلك الأوصاف الدّنيئة ..
هو إنسان من ذوي الحالات الخاصة أتى مهرول و مسرع ليركب حافلة نقل المسافرين ، و حينما رآه قابض التذاكر إستوقفه عند الباب صارخًا في وجهه " إدهب من حيث أتيت يا ( بهلول ) " ، ساد الحافلة هدوء موحش بعد هذه الصّرخة المرعبة ، ثمّ نطق هذا الشخص ذو الحالة الخاصة بكلام ليس بمفهوم " تتتذاكر ...تذاكر ...عندي ...عندي " ، المهم عندما تمّ التحقق من تذكرته سُمح له بصعود الحافلة ، و بعد مسير ربع ساعة بالتقريب ، وقف هذا الشّخص يصرخ بأعلى صوته :
> يا محمّد أنا أحبُّك ...يا محمد أنا أحبك ...يا محمد أنا أحبك
و الغريب أنّه نطقها بشكل واضح ، ممّا أدهش الرّاكبين و أسكتهم ، ثم قال
> صلى اللّه عليك يا حبيب اللّه
ساد الهدوء ، و منهم من قال صلى اللّه عليه و سلّم بصوت خافت ، و منهم من صدرت منهم قهقهة كأنّما هو يضحك
ثم قال بعد مدّة من السّكوت
> هل أنتم أمّة محمّد ؟
بدأ الجميع يضحك ، و قال البعض نعم نحن أمّة محمّد ، و ماذا تحسبنا " يهود " ( أستغفر اللّه ) ، ثم قال :
> أنتم أشباه أمّة محمّد ، هههههه
هنا حلّت الفوضى و بدأ الجميع يصرخ في وجهه يأمره بالسكوت ، و حتى مساعد سائق الحافلة هدّده بإنزاله من الحافلة ....
المهم ساد الهدوء لمدّة ، و بعدها بدأ هذا الشخص ينطق بكلام غير مفهوم و من بعدها قال :
> بما أنّكم أمّة محمّد ، قولوا لي في أيِّ يوم و تاريخ ميلاد الرّسول محمّد ، و لن أتكلّم بعدها ؟
قالها بكلام واضح جدًا ، فساد الهدوء ، و الجميع يُتمتم ، ثمّ قالها مرّة أخرى :
> متى ولد محمّد يا أمّة محمّد ، أليس أنتم عرب و الرّسول عربي ؟
و اللّه يا إخوتي لم يستطع أحدًا إجابته طوال نصف ساعة من المسير و هو يردّدها كل مرّة ، و بدى الجميع شاخصة أعينهم من الأسف و الإحراج ، و منهم من طأطأ رأسه و الدّمعة أراها تتساقط بين قدميه
يا له من موقف مُحرج لو تعلمون ......
ثمّ نطق شاب من بين الرّكاب و قال له أسكت علينا يا " بهلول " لقد أوجعت رؤوسنا من جنونك .....، و قُلت في نفسي ( و اللّه ما البهلول إلاّ أنت يا مجنون )، ثم قال الشخص ذو الحالة الخاصة :
> أهاذه أخلاقكم يا أمّة محمّد ؟ ما الذي فعلته حتى تسبّني و تصرخ عليّ بهذه الطريقة ؟
ثمّ قال : يا أمّة محمّد ، رسولكم ولد في مثل يومكم هذا " الإثنين " ، و كان ذلك اليوم في السفر حقًا يوم الإثنين ، ثم قال : 12 ربيع الأوّل
يالها من مفاجأة تقشعرُّ منها الأبدان .....، و وقف رجل من بين المسافرين و قال : يا بني جلدتي ، هذه تذكرة و معجزة من الخالق ، ( و بدأ يصرخ ) غفرانك ربّي ...غفرانك ربّي و دهب و قبّل رأس هذا الشخص ذو الحالة الخاصة و سط دهشة الرّاكبين
هذه حالتنا يا أمّة محمّد صلى اللّه عليه و سلّم
بالتوفيق للجميع