في حكم ترك المرضع للحجِّ أو العمرة
" أمَّا بعد:
فيجوز للأمِّ المُرضِع أداءُ مناسك الحجِّ أو العمرة إذا توفَّر في حقِّها شرطُ التكليف وهو الاستطاعةُ الشرعيَّة؛ إذ «لَا تَكْلِيفَ إِلَّا بِمَقْدُورٍ»؛ ومِنْ شرط الاستطاعة ـ في هذا المَقام ـ: وجودُ مَنْ يقوم مَقامَها في رعاية الرضيع المحضون، وأداءِ حقِّه، وحفظِه مِنَ الهلاك؛ لأنَّ الرضاعة حقٌّ للرضيع وواجبٌ عليها(١) لقوله تعالى: ﴿وَٱلۡوَٰلِدَٰتُ يُرۡضِعۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ حَوۡلَيۡنِ كَامِلَيۡنِۖ لِمَنۡ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، كما أنَّ الحضانة حقُّها فيه لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي»(٢)؛ كما أنه لا ضررَ حاصلٌ على الرضيع؛ لوجودِ مَنْ يحفظه عمَّا يُهلِكه أو يضرُّ به، ويكفل له الرعايةَ الصحِّيَّةَ المطلوبة.
أمَّا إذا تَعذَّر عليها إيجادُ مَنْ يقوم بحفظه ورعايَتِه؛ فإنه يتعيَّن عليها ـ جبرًا ـ أداءُ حقِّ الرضيع، وأجرُها على قَدْرِ نِيَّتِها؛ لقوله تعالى: ﴿لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣]، وانتفى ـ في حقِّها ـ مَناطُ التكليفِ وهو الاستطاعةُ ـ كما تقدَّم ـ فهي محبوسةٌ لأجل هذا المانع؛ فإِنْ لم تكن أدَّتْ حجَّةَ الإسلام مِنْ قبلُ فيبقى الواجبُ قائمًا في ذِمَّتِها."
الشيخ فركوس حفظه الله
موقع الشيخ