منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بخصوص علم النفس التربوي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-03-10, 15:08   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
زهرة المسيلة
جَامِـعَـةُ الزُّهُـورْ
 
الصورة الرمزية زهرة المسيلة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بحث عن العنف المدرسي

تمهيد:
تعتبر ظاهرة العنف المدرسي من أبرز وأعقد المشكلات المنتشرة في المجتمعات بصفة عامة، والمؤسسات التعليمية بصفة خاصة، مما أدى إلى بعض علماء النفس والاجتماع للاهتمام بها، دراستها من أجل الوصول إلى العوامل والأسباب التي أدت إليها ومنه الوصول إلى الحلول الملائمة لها وسوف نتطرق في هذا الفصل إلى مفهوم العنف المدرسي وأشكاله ومصادره وأنواعه.


1- مفهوم العنف المدرسي:
1-1- المفهوم اللغوي:
- العنف كلمة تعني الخرق بالأمر وقلة الرفق به، وهو عنيف إذا لم يكن رفيقا في أمره، وفي الحديث الشريف '' إن الله تعالى يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف''.
وعنف به، وعليه عنفا وعنافة: أخذه بشدة وقسوة ولامه واعتنف الأمر: أخذه بعنف.
- وهكذا فإن كلمة عنف في اللغة العربية تشير إلى كل سلوك يتضمن معاني الشدة والقسوة والتوبيخ واللوم، وعلى هذا العنف قد يكون سلوكا قوليا أو فعليا.

- ويعرف معجم لاروس Larousse العنف بأنه '' فعل إكراه شخص ما بالقوة أو التهديد''

-أما معجم ويبستر Webster فيعرف العنف بأنه '' القوة الجسدية التي تستخدم للإيذاء أو الإضرار ''

1-2- المفهوم الاصطلاحي:

أ- يعرفه حسين توفيق إبراهيم بأنه '' ظاهرة مركبة لها جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية وهو ظاهرة هامة تعرفها المجتمعات البشرية بدرجات متفاوتة''.

ب- يعرفه مصطفى حجازي بأنه '' لغة التخاطب الأخيرة الممكنة مع الواقع، ومع الآخرين حين يحس المرء بالعجز عن إيصال صوته بوسائل عادية، وحين ترسخ القناعة لديه بالفشل في إقناعهم بالاعتراف بكيانه وقيمه''.
ج- يعرفه عدد من العلماء النفس بأنه '' نمط من أنماط السلوك ينتج عن حالة إحباط ويكون مصحوبا بعلامات توتر ويحتوي على نية مبنية لإلحاق ضرر مادي أو معنوي بكائن حي أو بديل عن كائن حي''.

ومما سبق يمكن تعريف العنف المدرسي بأنه كل الممارسات التي تحدث في الوسط المدرسي تتسم بالرغبة في إحداث ضرر مادي أو معنوي، تتم بشكل فردي أو جماعي.



2- أشكال العنف المدرسي:
إن العنف المدرسي يأخذ أشكال عدة سواء بظهوره وازدياده في المدرسة نفسها أو في المجتمع أو في قلب الخلية الأسرية للتلميذ، والعنف المرتكب في المؤسسات التعليمية يظهر في عدة أوجه أهمها:

2-1- العنف المادي:

ويعرف أيضا بالعنف الجسدي وهو استخدام القوة الجسدية تجاه الآخرين من أجل إيذائهم وإلحاق أضرار جسيمة بهم، ومن الأمثلة على استخدام العنف الجسدي: الحرق، أو الكي بالنار، أو رفسات بالأرجل، خنق، ضرب بالأيدي أو الأدوات، دفع شخص، لطمات، ركلات...

2-2- العنف اللفظي:

هو التهجم الشفهي الذي يكون موجها باستخدام التهديد بالقتل أو الضرب أو المشاحنات الكلامية، واستعمال الألفاظ البذيئة.

2-3- العنف الداخلي

وهو الموجه نحو الذات، ويعني ميل الفرد أحيانا إلى العقاب الذاتي الذي يتخذ أشكالا عدة منها:

أ- تبني الفشل الدراسي أو المهني.
ب- التشدد على الذات وعلى الجسد من خلال الزهد والتقشف والحرمان.
ج- عدم الرضى عن الذات والميل إلى التكفير عن ذنوب لم ترتكب والنقد القاسي للذات.
د- توريط الذات بمشكلات تستدعي العقاب مثل التمرد والعصيان.
و- تعريض الذات للانغماس في التدخين والمسكرات والمخدرات، وقيادة السيارات بسرعة.
الموجه نحو الآخرين ويتمثل في تخريب الممتلكات أو إيذاء الآخرين وإلحاق الأذى بهم.(وزارة التربية الوطنية، 2000، ص3)

2-4- العنف الفردي:

وهو الموجه من شخص إلى شخص معين أو أي هدف موجود منذ المراحل الأولى لنمو الطفل وتتطور معه حتى سن الرشد، وقد يأخذ العنف الفردي صور التعبير اللفظي (الألفاظ البذيئة، التلفظ بالشتائم) أو صور التعبير الجسدي ( الشجار، الضرب....).


2-5- العنف الجماعي:

هو اتجاه جماعة إلى ممارسة العنف كما يحدث مثلا في المظاهرات، التمرد، العصيان الجماعي، فهناك دراسات أجريت في الو، م،أ حول تحليل مواقع العنف الجماعي كشفت عن وجود العوامل التالية:

أ- إحباط الآمال الناتجة عن النضال أو الصراع من أجل الحقوق المدنية.
ب- امتلاء المناخ بعناصر القبول للعنف وتشجيعه.
ج- الشعور بالإحباط من جراء الفشل في تغيير أو تحريك النظام العام.
د- وجود مزاج جديد وخاصة لدى الشباب بالشعور بالاحترام الذاتي والشعور بالاعتزاز القومي.

3-مصادر العنف المدرسي:

لا يمكن القول أن منبع العنف في الوسط المدرسي هم فئة المتعلمين دون سواهم بل هناك مصادر مختلفة لها علاقة بحدوث هذه الظاهرة، إذ يمكن حصر هذه المصادر في الوسط المدرسي فيما يلي:

3-1- عنف من خارج المدرسة:

وهو العنف القائم خارج أسوارها ينتقل إلى داخلها على أيدي مجموعة من البالغين لا ينتمون أصلا إلى المؤسسة التعليمية ولا هم أولياء إذ يأتون في ساعات الدراسة من أجل الإزعاج والتخريب.

3-2-عنف من قبل الأولياء:

ويكون بشكل فردي أو جماعي ( مجموعة أولياء) يحدث هذا العنف عند مجيئهم إلى المؤسسة لقضاء حاجة تقضيها مصلحة أبنائهم كيفما كانت طبيعة هذه المصلحة وفي حالة عدم الاستجابة لهم لسبب أو لآخر وجيها أو مفتعلا يقومون بالاعتداء على نظام المدرسة والإدارة والمدرسين مستخدمين أساليب شتى من العنف.

3-3-عنف من داخل المؤسسة:

ويتمثل في العنف الذي يحدث بين المدرسين أنفسهم أو بينهم وبين المتعلمين وبين هؤلاء والإدارة المدرسية وهو ما يطلق عليه العنف الشامل مما يعكس عدم القدرة على السيطرة على العنف المنتشر داخل المؤسسة.

4- أسباب العنف في الوسط المدرسي:
ورد في مقال حول العنف المدرسي بدولة الكويت ''أن أهم أسباب ظاهرة العنف في المؤسسات التربوية الكويتية ترجع إلى عدم وجود قانون يحمي المربين والمعلمين من عنف التلاميذ والطلاب والى عدم تطبيق حتى القوانين القليلة السائدة في هذا الميدان، والى توفر السلاح لدى الأسر الكويتية، والى تعاطي المخدرات و شرب الدخان و انتشار ظاهرة الغياب المدرسي''.
وبناء على الدراسة الميدانية التي قامت بها فريـال صالح حول العنف المدرسي في الأردن، تبين أن سبب العنف في المدارس الأردنية يرجع إلى رفاق السوء بنسبة 70.20% ، وإلى شعور الطلاب بالظلم (الطالبات) من المدرسين بنسبة 61.40%، وإلى التمييز بين الطلبة من قبل المدرسين بنسبة 53.1%، وإلى استعمال أساليب خاطئة من قبل المدرسين
بنسبة 47.8% وأخيرا إلى ظاهرة استعمال العنف من أسر التلاميذ أنفسهم مما يجعل التلاميذ هم بدورهم يعتمدون على الأسلوب العنيف في تعاملهم مع مختلف المشاكل في المدارس بنسبة 35.5%.
يمكن تلخيص أهم أسباب العنف المدرسي في النقاط التالية:

4-1- أسباب تعود إلى المؤسسة التربوية نفسها:

السلطوية في الإدارة التربوية: قد يكون من المتوقع أن يتجه عمل معظم المديرين باتجاه مساعدة المعلمين على تحسين عملية التعليم بإبعادها، إلا أن هذا قد يظل توقعا مثاليا ما دامت الدراسات تؤكد ضعف القدرات الإدارية لدى مديري المدارس، وعدم توفير الجو المؤدي للسلوك السوي من خلال إشراك الطلاب في اتخاذ القرارات والنزعة التسلطية في الأساليب الإدارية، وغياب التناغم بين الإدارة والمدرس والطالب. هذا أيضا ما يؤكده التقرير المعد من طرف الفريق التقني لمركز التوجيه المدرسي بغرداية

إن العوامل سابقة الذكر في علاقتها بالعنف المدرسي ليس تحصيل حاصل، بل هي مظاهر متعددة لتربية العنف المدرسي، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على تعمق العنف وامتداده في معظم جوانب العمل التربوي، للإشارة فالعوامل المذكورة ما هي إلا بعض من أوجه تقرير العنف المدرسي، من الناحية التربوية.

4-2- أسباب تعود إلى المدرسين:

ككثرة الغياب في أوساط المعلمين، الأمر الذي يؤدي إلى ضرورة استخلافهم بمدرسين آخرين، وهذا بدوره يؤدي بالتلاميذ إلى الخروج عن النظام في الصف، وسيساعد على ازدياد الفوضى والتمرد داخل مؤسسة التربية ككل، إضافة إلى سلوكات بعض المدرسين غير المسؤولة.

4-3- أسباب تعود إلى التلاميذ:

كطبيعة التنشئة الاجتماعية، الوقع تحت تأثير المخدرات، الإحساس بالظلم والتعويض عن الفشل، الاختلاط برفاق السوء، وسهولة الحصول على السلاح، والتأثر بأفلام ومسلسلات العنف.

4-4- أسباب تنظيمية:

كغياب اللجان التأديبية في حالة وقوع تجاوزات وعدم التعاون والتنسيق بين جمعيات أولياء التلاميذ وإدارة المؤسسة.

4-5- أسباب قانونية:

كعدم وجود قوانين ولوائح واضحة تحكم عمل المؤسسات التربوية والافتقار إلى أنظمة تعالج مسائل الخلاف بين الأطراف الفاعلة في المؤسسة التربوية (الأساتذة، التلاميذ، الإدارة).

4-6- أسباب أمنية:

كعدم وجود رجال أمن المؤسسة أو نقص كفاءاتهم، أو عدم كفاءتهم مقارنة بحجم المؤسسة وعدد التلاميذ.

4-7- أسباب تعود إلى وسائل الإعلام:

نظرا للدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في نشر ثقافة العنف وخاصة الإعلام المرئي من خلال الأفلام والمسلسلات التي تبث يوميا، بالإضافة إلى العديد من القنوات الفضائية التي تساهم هي الأخرى في تشكيل خلفية العنف لدى التلاميذ، وهكذا يتبين أن تفسير إشكالية العنف في المؤسسات التربوية لا يمكن أن يعود فقط إلى التصميم المادي للمدرسة، أو إلى سلوكات مدرسيها، أو إلى برامجها غير المناسبة، و يعود أيضا إلى المجتمع ومؤسسات الاجتماعية كالأسرة، وبالتالي ينتقل العنف من المجتمع إلى المدرسة وتصبح المدرسة تتحمل أعباء الخلافات الأسرية، ومشاكل الشارع وما فيه من آفات.

على أن هناك من يعرض عوامل أخرى: كطريقة تصميم المؤسسة، واكتظاظ الصفوف، نقص المرافق الضرورية، انعدام الخدمات.

4-8- أسباب بيداغوجية:

- المنهج الدراسي:

تعتبر المناهج الدراسية مصدرا خصبا من مصادر العنف المعنوي، كيف لا وما تحدث في
أغلب الأحيان هو الاكتفاء بترجمتها بعد استرادها ثم فرضها بطريقة تعسفية على الطلاب، ونتيجة لذلك فان معظم محتويات تلك المناهج لا تلبي احتياجات المتعلمين ولا تلائم استعداداتهم وقابليتهم.
فكيف لهذه المناهج أن تفرز احتقان الطلاب وتدمرهم؟ كما أن ما لا يجب إغفاله هو أن هذه المناهج تفرض كذلك على المدرسين، بغض النظر عما يحملونه من قناعات واعتقادات وتحفظات، مما لا يقلل من حماسهم ويضعف رضاهم عن مهنتهم، ولما لا قد يصبح العنف هو الحل البديل؟

- التلقين كأداة أساسية في التعليم:

غالبا ما يرتبط التلقين بغياب أهمية الإقناع والتركيز على العنف ومنه العقاب بأنواعه المادي والمعنوي، المصرح وغير المصرح.
وان كان يعتقد إن التلقين طريقة اقتصادية فعالة حيث لا تنجح طرائق أخرى، إلا أن التلقين كثيرا ما يمارس من خلال علاقة تسلطية، سلطة المعلم لا تناقش، حتى أخطاؤه لا يسمح بإثارتها وليس من الوارد الاعتراف بها، بينما على الطالب أن يطيع ويمتثل، ولا شيء يضمن امتثاله فقد يولد ذلك أوجه عديدة من السلوك العنيف، هذا ما يفصح عنه السيوطي في قوله : '' إن التلقين طريقة تدريس قد تعمق التسلط وتغرس الاستبداد ويستخدمها بعض من المعلمين كسوط''

بالإضافة إلى استعمال أساليب بيداغوجية غير مناسبة، واعتماد مناهج دراسية قديمة لا تتماشى ومتطلبات العصر، وعدم وجود لجان بيداغوجية لمتابعة التلاميذ، نقص البرامج الثقافية والترفيهية للمؤسسة التعليمية.

5-مظاهر العنف المدرسي:

تتجلى مظاهر العنف لدى التلميذ داخل بيئته المدرسية في الجوانب التالية:

5-1- العدوان الموجه نحو إدارة المدرسة وإجراءاتها:
حيث نجد النشاط التخريبي للتلميذ العدواني متمركز في المخالفات المتكررة لتعليمات الإدارة فيمزق إعلاناتها ويحرض الآخرين على مخالفتها، ويختلف الإشاعات ويضخم أخطاء العاملين فيها ويطلق على المديرين والإداريين الألقاب والنعوت التي تهدف إلى التقليل من قيمتهم وشخصيتهم، ويعتبر هذا من أشكال العنف اللفظي ويصل الانحراف بهؤلاء التلاميذ إلى تحريض الآخرين على الغياب وسوء التصرف.

5-2- العدوان الموجه نحو المدرس في القسم:

ويتمثل ذلك في التهريج أثناء الدرس ومقاطعة المدرس أثناء حديثه والقيام بأعمال، تضحك الآخرين وغيرها من التصرفات الرديئة الأمر، الذي يؤدي إلى ضياع فرص التدريس من جهة وإلى إحراج المدرس أمام تلاميذه من جهة أخرى ويصل بهم إلى الضرب (العنف الجسدي) وشتم الأستاذ وهذا ما أصبحنا نراه يوميا داخل المدارس.

5-3- العدوان الموجه نحو زملائهم من التلاميذ:

يمارسون البعض من ذوي النزعة العدوانية عدوانهم على الآخرين من زملائهم خاصة الذين يؤدون واجباتهم بانتظام ويتجاوبون مع توجيهات المدرسة بحجة أن هؤلاء هم المسؤولون عن إثارة المدرسة وتنبيهها على بعض جوانب تقصيرهم وقد يتخذ عدوانهم على التلاميذ أسلوبا مباشرا داخل المدرسة أو خارجها كالضرب الذي يعتبر من أشكال العنف الجسدي أو الشتم أو التهديد وغيرها.

5-4- العدوان الموجه نحو بناية المدرسة وممتلكاتها:

حيث يتجلى ذلك بقيام بعض التلاميذ بتحطيم زجاج النوافذ والكتابة البذيئة على الجدران، وقد يصل الأمر على إتلاف حنفيات المياه ومفاتيح الكهرباء.

6- آثار العنف في الوسط المدرسي:

لقد أثبتت العديد من الأبحاث بأن هناك آثار لعملية الاعتداءات على الأطفال أو ممارسة العنف عليهم على أدائهم الاجتماعي والسلوكي والانفعالي فتشير(ودف،آرمه1994) بأن:

'' الأطفال المؤذيين بغالب الأحيان مشتتين من ناحية انفعالية، قلقين، غضبانين، كثرا منهم يبدوا عليهم مميزات الرغبة في أن يفهمهم من يحيط بهم وكأنهم غير مفهومين''

وفي مقولة أخرى: '' الأطفال المؤذيين يتوفر لديهم جميع أو إحدى المميزات التالية:

يجرحون بسهولة، قليلي الثقة بأنفسهم، وأحيانا بشكل متطرف مواقفهم النفسية والانفعالية غير مستقرة وغير مستتبة ''.


ومن بين نتائج العنف المدرسي إعادة إنتاجه داخل الوسط المدرسي ويتضح ذلك على النحو التالي:

- يلتحق بالمدرسة تلاميذ من كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية ، وكل فئة من هذه الفئات المحملة بمظاهر خاصة بها ، والاحتكاك بين التلاميذ يجعل هذه المظاهر تنتقل فيما بينهم حيث يكون العنف جزء من هذه المظاهر التي تنتقل من تلميذ إلى آخر(عن طريق الاكتساب).

- خوف التلاميذ غير الممارسين للعنف (خاصة منهم الجدد) من الذهاب إلى المدرسة، كونهم يضنون أن المدرسة هي مصدر للعنف، وهذا في الحقيقة تصور خطير يرسخ في ذهن الطفل ومن الصعب التغلب عليه مستقبلا.

- تخلي كل من المدرسة والمدرس عن دوريهما الحقيقي، وتقمص دور المصلح الاجتماعي الذي يعتبر بعيدا عن دوريهما رغم التداخل بين الدورين.

- كما يؤثر العنف على الهوية العملية (الوظيفية) للشخص الذي تعرض للعنف سواء كان أستاذا أو مسؤولا إداريا أو عاملا حيث يتسبب أثر العنف في خلق مشاكل نفسية (تخوف، تردد، وفي بعض الأحيان رغبة في الانتحار أو ترك المهنة نهائيا )، ويستدعي الأمر التكفل النفسي العيادي بضحايا العنف بصفة خاصة جراء صدمة نفسية التي تعرضوا لها .

وأن كل هذه النتائج يكتشفها المدرس يوميا أثناء عملية التدريس، وعليه أن يبادر بالتعاون مع الأخصائي النفسي المدرسي لدراستها لمعرفة بواعث هذا السلوك، وأن يعمل على معالجتها مع العلم أن العقاب في مثل هذه الحالات يؤدي إلى تدعيم وتقوية هذا السلوك، كما يجب أن يعمل هذان الأخيران معا على إيجاد العلاج المناسب ومن ثم رفع معنويات التلميذ وتقديره لنفسه من خلال خلق أنشطة ذات أهمية بالنسبة للمتعلم ومساعدته على انجازها بنجاح.

7- أنواع العنف من وجهة نظر:

7-1- علماء النفس والاجتماع:

يقسم علماء النفس والاجتماع العنف إلى فطري ومكتسب فالعنف الفطري يولد مع الإنسان،ومن دعاة هذا الاتجاه '' لومبروزو'' الذي يقول '' المجرم بالولادة'' أي أن العنف سلوك فطري لدى بعض الناس، إذ أنهم يولدون مزودين بخصائص شخصية معينة تتضمن ميولات إجرامية وعدوانية، فالعنف إذن فطري نابع من فطرة وطبيعة الإنسان.

أما العنف المكتسب، فهو الذي يظهر لدى الأفراد بسبب الظروف المحيطة بالفرد، وما يكتسبه من البيئة التي يعيش فيها، فأصحاب هذا الاتجاه يرجعون لنشأة العنف إلى التقليد وما يتعلمه الإنسان من البيئة المحيطة به مثل ملاحظة شخص ما يتعدى على آخر.

7-2- علماء القانون:

يقسمونه إلى عنف مشروع وعنف غير مشروع، يقصد بالعنف المشروع كل نوع من أنواع استخدام القوة لتنازع الحقوق والقرارات على النحو الذي يرفع الظلم كطرد الاحتلال، أو استعادة الأرض وكف الظلم الاجتماعي، والدفاع عن النفس، وهذا الأسلوب لا مناص منه إذ يعد تحصيل الحقوق بشكل سلمي.

أما العنف غير المشروع هو كل استعمال القوة لاحتفاظ بحق مزعوم أو حق غير مشروع، كما أنه يعتبر العنف الذي يخالف المعايير الاجتماعية والقانونية على اختلاف أساليبها.

7-3- علماء السياسة:

يقسمونه إلى عنف رسمي وعنف غير رسمي.

- فالعنف الرسمي:

هو عنف مجرم ولا يعاقب عليه القانون المحلي أو الدولي، وذلك كنماذج عنف الدول الصناعية الكبرى من أجل سيطرتها وإحكام قبضتها السياسية شكلا، والاقتصادية مضمونا على مقدرات دول العالم الثالث وكنماذج عنف الدول ومؤسساته السياسية والاقتصادية والثقافية وعدم تحقيقها لإشباعات إنسانية للحاجات الأساسية لأبنائها.

- أما العنف غير الرسمي: هو نموذج عن رد فعل الآخر على أشكال العنف الرسمي الموجه إليه من قبل الطرف الأقوى، كمظاهر عنف ورفض بعض دول العالم الثالث لأشكال القهر والعنف، وأيضا كمظاهر عنف أو رد فعل بعض أفراد المجتمع وتعبيرهم عن رفض الواقع الاجتماعي بل حرمهم حتى إشباع حاجاتهم الإنسانية الأساسية.

خلاصة:
بعد عرضنا في هذا الفصل لتعاريف العنف المدرسي ومختلف أشكاله وأهم مصادره المفسرة له وأنواعه من وجهة نظر علماء النفس والإجتماع والقانون والسياسة وأكدت الدراسة أن من بين أهم أسباب تفشي ظاهرة العنف في الوسط المدرسي ظاهرة التفكك الأسري والفقر والإضطراب في العلاقة بين الوالدين وكذا الإخفاق في الوسط الدراسي، وأن المحيط المدرسي ليس الوحيد المسؤول عن الظاهرة، بل هناك عوامل خارجية نظرا لتأثر المدرسة بها فالمجتمع بأسره مسؤول عن هذه الظاهرة.










رد مع اقتباس