منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مقارنة بين شاعرين وعملهما الأدبي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-07-05, 10:32   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
علي قسورة الإبراهيمي
مشرف الخيمة والمنتديات الأدبيّة
 
الصورة الرمزية علي قسورة الإبراهيمي
 

 

 
إحصائية العضو









افتراضي

وعليكم السلام رحمة الله وبركاته.
طاهر القلب/ أخي يا أصيل.
إنّ ما قلتَ، فقد كُفَتَ وشُفيتَ، إذ وفّيتَ.
وهذا هو تدارس ومدارسة الادب أيها الاديب.
دعنا نتدارس هكذا لنرفع من منتدانا هذا حتى يصيرَ بإذن الله مدرسة ومنارة علم وأدب.
ولنتعمّق أكثر في مكانة الشاعرين.
ولو يسمح الفاضل لنؤخر ونؤجل مسألة الترجمة حتى يحين وقتها، بيد أني مع ما قلتَ: أنها " تفقد العمل الأدبي بعض خصائصه الجمالية ".
ولنعود إلى دراسة وتحليل مكانة الرجلين أكثر ما ما كان يحيط بهما.
فالبحتري عاصر كل من المتنبي، وأبو تمام، وكان لأبي تمام الأثر الأكبر في شعره؛ كون هذا الأخير هو من أرشده وصان موهبته.
فأغلب قصائد البحتري كانت مدحا، وقد كان مصورا بارعًا بحق.
وبلغ قمة الإبداع في الوصف في كلّ من قصيدة:
ـــــ " ايوان كسرى " التي مطلعها:
صنتُ نفسي عما يدنس نفسي ** وترفَّعتُ عن جدا كل جبسِ
إلى أن يقول:
وإذا مارأيت صورة أَنطا ** كيةَ ارتعتَ بين رومٍ وفرسِ
والمنايا مواثلٌ وأَنوشِر ** وانَ يزجى الصفوف تحت الدرفسِ
ــــ وكذلك قصيدة الربيع
التي مطلعها:
أكان الصّبا إلاّ خيالاً مسلِّمًا، ** أقام كرجعِ الطرف، ثم تصرّما
إلى أن يقول ــ وبذلك اشتهرت:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً **منَ الحسن حتى كاد أن يتَكلّمَا.
يبدو البحتري في قصيدته " بركة المتوكل " هذه متأثّرًا بالصبغة الخارجية للحضارة الإسلامية الجديدة، ويظهر أنه قلّد بعض المعاني القديمة لفظًا مع تجديدها معنى و دلالة ، فكانت حبكة القصيدة مدهشة، أنارها بخياله المبدع، كما أنه أدخل على قصيدته طريقة لم يسبقه غيره إلى استعمالها، وهي اختيار التفاصيل الحسية لتأليف لوحة متناسقة يضيف لها أثرا عميقا بما يبثه فيها من حياة وحركة، وكأنك تستمع لموسيقى رائعة. مع تموجات تلك البركة
والبحتري طبع مذهبه في قصائده بما يشابه مذهب امرئ القيس، فهو يقوم على زخارف بديعية يأخذ بها في تذوق موسيقى ساحرة، تغمر جلّ شعره، كما يحسن اختيار الألفاظ والتراكيب التي لا يشوبها تعقيد، ولا غرابة، ولا خشونة. بل تجري مؤتلفة في عناصرها، وفي تسلسلها، موافقة للمعنى، تشتد في موقع الشدة، وتلين في موقع اللين، وهي من أرقى أنواع الموسيقى الشعرية.
أمّا "لامارتين" فإنّه ينتمي لطبقة النبلاء الفرنسيين، ربّته أمه على معنى أن يكون إنسانًا حقيقيًّا وطيبًا، فإنّ قصيدته " البحيرة " ذات الإتجاه الرومانسي بفلسفة يغلب عليها الجانب الصوفي التساؤلي، وكذلك أقرب ما تكون إلى الحب العذري، وهي مرتبطة بأحداث محددة، تتناول مسألة قلق الإنسان أمام القدر، وكذلك شوقه لسعادة وحب سمته الدوام والخلود ـــ في فلسفته طبعاً ـــ يتحدث فيها بلغةٍ صادقةٍ موغلة في الإنسانية.
وقصيدة "البحيرة" تظهر وكأنّ هناك رابطة بين "لامارتين" وأشعار "فرجيلVirgile" الروماني، و "هوراس Horace" اللاتيني، ونرى ذلك في قصائده مثل: "الانسان L'Homme" و" الخلودL'immortalité "و " ا لخريف L'automne " و" صرخة الروح Le cri de l'âme".
ولعله من نافلة القول أن المرء سيستنتج أن القصائد التصويرية الوصفية فلا يُعلى على البحتري، إلاّ أن " لامارتين" فاقهُ في التعبير عن الإحساس والشعور، فالأول أبدع في وصف الملموس المحسوس، والثاني أبدع في الوصف الوجداني ، وكلاهما اجتمعا في إضافة الموسيقى التصويرية لأشعارهما.
وما زال دارسة الشاعرين إن أراد الفاضل أخي / طاهر القلب.
زادك الله بسطةً في العلم والفهم.
تحياتي









رد مع اقتباس