اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحوتي التلمساني
السلام عليكم
صدقت أخي نبيل .. يبدوا أن الجدال البيزنطي سيصبح جزائريا .. صار شغل القوم الشاغل العرب و البربر .. مثلا القبائل المذكورة في الموضوع بنواحي تلمسان معظمهم أمازيغ و يعرفون ذلك من زمن بعيد و قد امتزجت بهم عشائر عربية كثيرة استقرت بجبالهم و فيهم حتى بعض العائلات التركية (العثمانية) الأصل و الأندلسية أيضا و بالسهول التي تجاورهم مثل سهل زناتة عرب كثيرون و قد امتزج بهم أيضا أمازيغيون كثير و يعيشون نمط حياة جد متقارب كأنه و احد و يتزاوجون و يتصاهرون فتقول المرأة مثلا "أنا عروبية مزوجة عند القبايل" يجمعهم الإسلام و لا يكادون يعرفون هذه النعرات الطارئة على المجتمع ...
تعرب الكثير من زناتة البدو و دخلوا في القبائل العربية و هناك الكثير من العرب الذين تمزغوا و سكنوا قرى الأمازيغ و جبالهم لظروف تاريخية ما .. مضت و انتهت و قضي الأمر .. فلننظر إلى الأمام
|
السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يبدو جليّا من خلال طريقة كلامك أنّك تمتلك أسلوبا راقيا في الحوار ولذلك أودّ أن أعقّب على بعض ما جاء فيه خصوصا وأنّي أرى حسب فلسفتي الشخصيّة المتواضعة في الحياة أن مكمن العلّة في المجتمع هو الفهم الخاطئ لبعض القضايا الإجتماعية
أولا قولك أنّ شغل القوم الشاغل هو العرب والبربر فلا أعتقد ذلك أخي الكريم وأعتقد أن هذه القضية من أواخر مشاغل القوم ويمكنك أن تلحظ ذلك مثلا من خلال الصفحة الرئيسيّة لمنتدى الجلفة حيث أن أكبر قسم من حيث عدد المشاهدات في المنتدى هو قسم الطبخ والمأكولات الذي يتفوق بأشواط على قسم تاريخ الجزائر مثلا ولا تجوز المقارنة بين القسمين ولا نفهم من هذا إلا أن الشغل الشاغل للقوم هو ملء البطون
أن قضية العرب والبربر ليست قضية بسيطة أو تافهة كما يتوهم البعض بل هي قضية تاريخية بسيكولوجيّة اجتماعية لا يمكن استيعابها إلا في اطار علمي وثقافي أي أنه يجب على من يريد فهم هذه القضية الإطلاع على بعض العلوم الجليلة كالتاريخ والأنتروبولوجيا وعلم الإجتماع وغيرها من العلوم حتى تكون له نظرة صحيحة حول الموضوع ويستطيع أن يميّز بين الصحيح والخطأ ولكن للأسف الشديد حيثما وجدت العلم أو شيئا متعلقا به إلا ووجدت القوم أبعد ما يكونون عنه فالعلم في واد وهم في واد آخر
بقيت أهم نقطة ذكرتها في مداخلتك وهي قولك أن ما يجمع بين العرب والبربر هو الإسلام ولا يكادون يعرفون هذه النعرات الطارئة على المجتمع
اعذرني إذا قلت لك أن هذا هو الكلام البرتوكولي الخشبي والذي لم يعد يجد أذنا صاغية أو بالأحرى مللنا من سماعه لأنه لا ينطبق على أرض الواقع ويجانب الحقائق
من السهل علينا أن ندعي أنّ ما يجمعنا هو الإسلام ولكن إذا نظرنا إلى الحقيقة لوجدنا أننا في الحقيقة نجتمع على أمور لا علاقة لها بالإسلام بل إن الإسلام يحرمها وهو بريء منها ومن مريديها ولكنك تجدنا نسير على خطاها إما لحاجة أو لهوى في أنفسنا أو كنتيجة لفهمنا الخاطئ للإسلام ظنّا منّا أنها جزء من الإسلام وهي ليست كذلك
من السهل أن ندعي أن النعرات القبلية طارئة على المجتمع أو أنه لا توجد نعرات ولكن هل هذا الكلام صحيح ؟ يجب أن نصارح أنفسنا أخي الكريم لا أن نستغبي أنفسنا أو أن نكذب كذبة ثم نصدقها
المجتمع الجزائري مذّ وجد وهو قائم على أساس النعرات القبلية وهذه الحقيقة التي نخشى أن نصارح أنفسنا بها والعقلية القبلية متجذرة في وجدان الإنسان الجزائري وعلينا إذا أردنا أن نعالج هذه الظاهرة أن نقر ونعترف بها أولا لا أن نلجأ إلى سياسية التجاهل والهروب إلى الأمام أ غض البصر وتكميم الأفواه
عندما تقرأ كلام الإخوة في هذا الإتجاه حول أننا جميعا اخوة يجمعنا ويوحدّنا الإسلام وتراهم يستعملون تلك العبارات الرنّانة حول المحبّة والإخوة ستعتقد لوهلة أن هؤلاء ملائكة يمشون على الأرض ولكن كلامهم هذا ظرفي فقط لا يعاتب حدود المنتدى ولو نظرت إلى وضعهم الحقيقي لوجدت الإسلام لا يجاوز حناجر الكثير منهم كما أن حياتهم كلّها مكيفة على العصبية القبلية التي انجرّت عنها بعض الظواهر الإجتماعية السلبية كالمحسوبية أو البني عميس كما نسميها في عاميتنا
هذه حقيقتنا المُرّة فلا داعي للهروب منها، نحن شعب قبلي جهوي يعاني من مرض التعصب ولكننا لا نريد أن نعترف بالحقيقة خوفا منها وظنّا منّا أن تجنب الخوض فيها هو الذي سينجينا من براثنها ولكن هذه الطريقة في المواجهة ليست سليمة لأن طريقة معالجة عقدة الخوف كما يقول النفسانيون ليست الهروب منه وإنما مواجهته والله أعلم.