السؤال :
إننا نصلي وراء أئمة لا يفعلون جلسة الاستراحة في الصلاة وحتى إذا أتيت لهم بكتب تحث عليها فلن يفعلوها ، هل عندما أصلي وراءهم أفعلها رغم عدم فعلهم أم أنني أتبع الإمام في عدم فعلها ؟
علما أن هذا سيجعلني لن أفعلها كما قلت لأنهم لن يفعلوها ؟.
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
جلسة الاستراحة سنة من سنن الصلاة .
ثانياً :
أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المأموم بمتابعة الإمام
روى البخاري (688) ومسلم (412)
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ (أي مريض) فَصَلَّى جَالِسًا ، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا ، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا ، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا .
ومعنى المتابعة :
أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة فور فراغ الإمام مما كان فيه .
انظر : "حاشية ابن قاسم" (2/285)
"الشرح الممتع" (4/269) .
ثالثاً :
إذا كان الإمام لا يجلس للاستراحة ، فقد اختلف العلماء هل الأفضل للمأموم أن يجلس للاستراحة أم لا؟
وسبب الخلاف في المسألة هو :
هل جلوس المأموم في هذه الحال وتأخره عن الإمام ينافي المتابعة التي أمر بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لا ؟
فذهب بعض العلماء إلى أن المأموم يجلس للاستراحة ولو لم يجلسها الإمام ، وتأخر المأموم في هذه الحال يسير لا يضر .
قال النووي في "المجموع" (4/240) :
وَإِنْ تَرَكَ الإِمَامُ جلْسَةَ الاسْتِرَاحَةِ أَتَى بِهَا الْمَأْمُومُ
قَالَ أَصْحَابُنَا (يعني الشافعية) : لأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهَا يَسِيرَةٌ اهـ .
وذهب آخرون إلى أن المأموم لا يجلسها .
سئل شيخ الإسلام كما في "الفتاوى الكبرى" (1/135) :
عن رجل يصلي مأموما ويجلس بين الركعات جلسة الاستراحة ولم يفعل ذلك الإمام فهل يجوز ذلك له ؟
فأجاب :
جلسة الاستراحة قد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم جلسها لكن تردد العلماء هل فعل ذلك من كبر السن للحاجة أو فعل ذلك لأنه من سنة الصلاة ؟
فمن قال بالثاني استحبها
كقول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين
ومن قال بالأول لم يستحبها إلا عند الحاجة كقول أبي
حنيفة ومالك وأحمد في الرواية الأخرى .
ومن فعلها لم ينكر عليه وإن كان مأموما ، لكون التأخر بمقدارها ليس هو من التخلف المنهى عنه عند من يقول باستحبابها .
وهل هذا إلا فعل في محل اجتهاد ؟
فإنه قد تعارض فعل هذه السنة عنده والمبادرة إلى موافقة الإمام ، فإن ذلك أولى من التخلف لكنه يسير ، فصار مثلما إذا قام من التشهد الأول قبل أن يكمله المأموم ، والمأموم يرى أنه مستحب
أو مثل أن يسلم وقد بقي عليه يسير من الدعاء هل يسلم أو يتمه ؟ ومثل هذه المسائل هي من مسائل الاجتهاد والأقوى أن متابعة الإمام أولى من التخلف لفعل مستحب والله أعلم اهـ .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (3/192) :
مسألة : إذا كان الإنسان مأموماً فهل يُسن له أن يجلس إذا كان يرى هذا الجلوس سنة أو متابعة الإمام أفضل؟
الجواب :
أن متابعة الإمام أفضل ، ولهذا يترك الواجب وهو التشهد الأول ، ويفعل الزائد كما لو أدرك الإمام في الركعة الثانية فإنه سوف يتشهد في أول ركعة فيأتي بتشهد زائد من أجل متابعة الإمام
بل يترك الإنسان الركن من أجل متابعة الإمام ، فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً )
فيترك ركن القيام وركن الركوع ، فيجلس في موضع القيام ، ويومئ في موضع الركوع ، كل هذا من أجل متابعة الإمام .
فإن قال قائل : هذه الجلسة يسيرة لا يحصل بها تخلف عن الإمام .
فالجواب :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا كبّر فكبروا )
فأتى بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب بدون مهلة ، وهذا يدل على أن الأفضل في حق المأموم ألا يتأخر عن الإمام ولو يسيراً
بل يبادر بالمتابعة، فلا يوافق ، ولا يسابق
ولا يتأخر ، وهذا هو حقيقة الائتمام اهـ .
والله أعلم .