منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مقارنة بين شاعرين وعملهما الأدبي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-03-22, 21:08   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
علي قسورة الإبراهيمي
مشرف الخيمة والمنتديات الأدبيّة
 
الصورة الرمزية علي قسورة الإبراهيمي
 

 

 
إحصائية العضو









افتراضي




و للمقارنة بين "بركة المتوكل" للبحتري، و" البحيرة " للامارتين ، نستنتج ما يلي:
أن البحتري أنشد شعره تحت تأثير التكسب والرغبة في المدح، ولم يكن اتجاهه نحو الوصف اتجاهًا أساسيًّا فقد جاء استثنائيًّا للقصيدة لأنه يتّصل بالممدوح وهو الخليفة المتوكل.
أما "لامارتين" فإن الوقائع التي ساقها في شعرهِ تومئُ إلى الظروف والأحداث التي هاجت انفعاله، وأثارت عواطفه وجعلته يعاني التجربة، فهو يتجه إلى وصف المشاهد التي صاحبت تجربته.
اتجه البحتري إلى الوصف الحسي وذلك الاعجاب بجمال البركة ليبرز عظمتها، فهي عنده "الأولى والبحر ثانيها"
في حين أن "لامارتين" امتلأ فؤاده بحب "جولي" التي التقى بها على ضفاف البحيرة وعقد الحب بين قلبيهما، ثم لجأ إلى هذا المكان ثانية وحيدًا واقفًا على أطلال الصخور والماء والأشجار التي شهدت مولد هذا الحب العظيم فثارت ذكرياته مسجلة انفعالاته نحو المحبوبة منطلقاً بالمناجاة إلى دائرة المحسوسات الخارجية ، ثم إلى الكون، فإلى هذا القدر الذي لعب بمصيره.
كان إدراك البحتري موضوعيًّا فقد تجرد فيه للتصوير الفني المحض البعيد عن العواطف الذاتية، في حين يتضح لنا أن إدراك "لامارتين " لمشاهد البحيرة إدراك ذاتي الموحي بمرارة الذكرى وخيبة الأمل.
يختلف وصف " لامارتين " عن وصف البحتري في أننا نحسّ في شعره عمق العاطفة وسموها وصدقها.
و"لامارتين " في قصيدته هذه يبلغ الذروة في تصوير عواطفه التي نظمها عندما عاد إلى البحيرة وحيدًا ذات مساء.
جعل البحتري شعره غاية لكسب المال مراعيًّا في ذلك الجانب الفني فالوصف عنده مقصود لذاته، فقد دقق في تصوير تلك البركة، ولِم لا وهو صاحب صناعة قوية، وأنه يحتل مقامًا ساميًّا يميل إلى طبع ذواق محتفظًا بجمال اللفظ والديباجة العربية . بينما جعل " لامارتين " شعره وسيلة يصور بها عاطفته أكثر من تصويره للبحيرة، وهو بهذا المنحى يفوق البحتري بعمق العاطفة وجحيم التجربة التي تصدرت تجربته فهي تمر بالألم والانفعال وتنضح بالحسرة والأسى من قلب جريح يذوب في عبارات تشهد بلوعةٍ قلّ نظيرها، والوصف عنده غير مقصود لذاته . و إنما يخرج من عاطفة جياشة.
هذا ما أردتُ قوله وتبيانه
عن شاعرين كبيرين " البحتري ولامارتين"
فلكلّ منهما شخصيته وعبقريته وظروفه الخاصة.
جاء شعرهما مختلفًا على الرغم من تقارب الموضوع، والطريقة والمنهج في التأليف والتأثير بالانفعال والخيال في نفسية المتلقي.
تحياتي









آخر تعديل علي قسورة الإبراهيمي 2019-06-24 في 14:19.
رد مع اقتباس