منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - فهرس سلاسل الفقه وأصوله و الإرث وتوزيع التركة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-06-26, 15:24   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التأمينات الاجتماعية

توزيع المعاش بين المستحقين
بين مفهوم الميراث ومفهوم النفقة


مقدمة

تتردد بين جمهور المتعاملين مع نظم التقاعد والمعاشات عبارة "توريث المعاش".

بل إن كثير من الجهات القائمة بتنفيذ هذه النظم – أيضا تستخدم هذه العبارة "توريث المعاش".

وكثيرا مانجد التنظيم الإداري للهيئات والمؤسسات القائمة بتنفيذ نظم التقاعد للمعاشات يتضمن ادارات للأحياء وإدارات للورثة , ويرتبط بذلك مسميات الوظائف فنجد مثلا مدير إدارة الورثة ... إلخ

أيضا كثيرا مانجد الإستمارات والنماذج المستخدمة في حالة وفاة المتقاعد ماتعنون بعنوان "نموذج ورثة".

وقد تم إستخدام العبارة المشار اليها "توريث المعاش" ومايترتب عليها من نتائج تتعلق بالتنظيم الإداري ومسميات الوظائف .. إلخ بحسن نية من جانب الجهات القائمة بتنفيذ نظم التقاعد والمعاشات , في حين ان استخدام هذه العبارة أعطي مفهوم خاطئ لدي جمهور المتعاملين مع هذه الجهات , أدي بالتبعية ألي مطالبتهم هذه الجهات بمزايا ومنافع لا تتفق والهدف الحقيقي لنظم التقاعد والمعاشات.

ومن هذه المطالبات مثلا:

- استحقاق الزوج في معاش زوجته حتي ولو لم يكن عاجزا عن الكسب.

- إستمرار استحقاق الإناث للمعاش حتي بعد زواجهن.

- استمرار استحقاق المستفيدين بصفة عامة للمعاش حتي بعد التحاقهم بعمل.

- ........... ألخ ذلك من المطالبات المنطلقة من مفهوم أن المعاش ماهو الا ميراث عن المتقاعد.

لذا فقد رأينا ان نقدم هذه الورقة لمناقشة هذه القضية وهي "توزيع المعاش بين المستحقين بين مفهوم الميراث ومفهوم النفقة" – وذلك علي النحو التالي:

أولا: بعض الأسس الفنية لنظم التأمين الإجتماعي:

1- أن فلسفة نظم التأمين الإجتماعي وفقا للنظم المقارنة والمعاهدات والتوصيات الدولية والدساتير تقوم أساسا علي مبدأ التكافل الإجتماعي بمعني التضامن بين جميع أفراد المجتمع في تغطية أخطار الشيخوخة والعجز والوفاة وغيرها من المخاطر التي يؤدي تحققها إلي انقطاع دخل المؤمن عليه ) أنظر ورقة : التأمينات الإجتماعية والتكافل الإجتماعي).

2- أن تحديد تكلفة نظام التأمين الإجتماعي يرتبط بما يقدمه من مزايا بمعني انه كلما زادت المزايا التي يكفلها النظام كلما زادت تكلفته – ومن أمثلة ذلك :

أ‌- سن التقاعد:

وهو السن الذي يستحق عند بلوغه معاش التقاعد – ولا شك ان هذه السن تعتبر نقطة توازن بين فترة تحصيل الإشتراكات وفترة أداء المزايا , واهمها المعاش.

ومن المهم أيضا ان نوضح انه كلما زاد متوسط الأعمار , كلما كان من الضروري تحريك هذه السن إلي سن اعلي – بمراعاة الظروف الأخري المرتبطة بتحديد هذه السن – حتي يستمر التوازن بين الإشتراكات والمزايا.

ب‌- معامل حساب المعاش:

وهو المعامل الذي يتم علي أساسه تحديد قيمة المعاش عن كل شهر او كل سنة من مدة الإشتراك في نظام التأمين الإجتماعي.

ولا شك أنه كلما إرتفع معامل الحساب كلما إرتفعت تكلفة نظام التأمين الإجتماعي والعكس صحيح.

ج- أجر التسوية:

وهو الأجر الذي يتم علي أساسه تحديد قيمة المعاش وقد يكون الأجر الأخير أو متوسط الأجر الشهري عن عدد من سنوات الإشتراك الأخيرة.

ولا شك أنه كلما قصرت فترة تحديد المتوسط كلما زادت تكلفة نظام التأمين الإجتماعي والعكس صحيح.

د- المستحقون في المعاش في حالة وفاة المؤمن عليه أو المتقاعد:

وهم أفراد الأسرة الذين يحددهم النظام لإستحقاق المعاش في حالة وفاته.

ولا شك أنه كلما إتسع مفهوم هذه الأسرة ليشمل عدد كبيرا منهم كلما زادت تكلفة نظام التأمين الإجتماعي والعكس صحيح.

ﻫ- شروط إستحقاق الأولاد والأخوة الذكور:

يمثل سن إستحقاق المعاش للأولاد والأخوة الذكور , كما تمثل الأستثناءات من هذه السن , عاملا مهما في تحديد تكلفة النظام.

ولا شك أنه كلما إرتفع سن إستحقاقهم للمعاش وكلما زادت الإستثناءات كلما زادت تكلفة نظام التأمين الإجتماعي والعكس صحيح.

و- شروط إستحقاق البنت أو الأخت في المعاش:

عادة ماتستحق البنت أو الأخت في المعاش طالما كانت غير متزوجة في تاريخ وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش , كما يعود لها الحق في المعاش في حالات الطلاق والترمل بعد وفاته , وعادة يكون لها الحق في ذلك طوال حياتها.

ولا شك أنه كلما أمكن الحد من هذه المزايا كلما قلت تكلفة نظام التأمين الإجتماعي والعكس صحيح.

3- أن تحديد تكلفة النظام يرتبط بالعديد من العوامل ذات التأثير المباشر في تحديد التكلفة مثل:

أ‌- متوسط الاعمار:

يمثل متوسط العمر لصاحب المعاش والمستحقين في المعاش الذين لا يرتبط إستحقاقهم في المعاش ببلوغ سن معين (مثل البنات والأخوات وبنات الأبن والأرامل والوالدين والجد والجدة والزوج العاجز) عاملا مهما في تحديد تكلفة نظام التأمين الإجتماعي.

فكلما زاد متوسط العمر كلما زادت التكلفة.

ب‌- احتمالات العجز والوفاة:

حيث أن نظام التأمين الإجتماعي يقوم علي التكافل الإجتماعي بين المؤمن عليهم – حيث يكفل من يمتد به العمر ببلوغ سن التقاعد حالات العجز والوفاة المبكرة قبل بلوغ هذه السن (تجميع المخاطر وإعادة توزيعها).

فإنه يترتب علي ذلك أنه كلما زادت إحتمالات العجز والوفاة المبكرة كلما زادت تكلفة نظام التأمين الإجتماعي والعكس صحيح.

ج- مقياس تدرج الأجور:

ويقصد به كم مرة يتضاعف فيها الأجر في نهاية الخدمة عن بدايتها و وذلك لانه رغم أن الإشتراكات يتم أدائها علي أساس الأجور الفعلية التي تتزايد من سنة إلي اخري , فقد يبدا المؤمن عليه الإشتراك بأجر شهري 2000 ريال مثلا وتنتهي خدمته بأجر شهري قد يصل ألي 20000 ريال مثلا.

وحيث أنه يترتب علي حساب المعاش علي أساس متوسط الأجور التي أديت عنها الإشتراكات عن كامل مدة الإشتراك في التأمين – بمعني أن يكون المتوسط في هذه الحالة:

( 2000 + 20000 ) / 2 = 11000 ريال

ويترتب علي حساب المعاش علي أساس هذا المتوسط إنخفاض قيمة المعاش كثيرا عما كان يتقاضاه المؤمن عليه من أجر عند إنتهاء الخدمة.

وحيث أن هذه النتيجة تتعارض مع مبدأ تأميني هام هو "ضرورة أن يتناسب التعويض (المعاش) مع الخسارة التي ترتبت علي إنتهاء الخدمة (فقد الأجر)".

لذلك فإنه عادة مايحسب المعاش علي أساس:

- متوسط عدد محدود من سنوات مدة الإشتراك الأخيرة (سنتين أو ثلاثة).

- أو أجر الإشتراك الأخير.

وذلك حتي يتحقق المبدأ التأميني: تناسب التعويض مع الخسارة.

وعلي ذلك يظهر بوضوح اثر مقياس تدرج الأجور في تحديد الإشتراكات اللازمة , فكلما تضاعفت الأجور في نهاية الخدمة عن بدايتها بشكل أكبر كلما زادت تكلفة نظام التأمين الإجتماعي والعكس صحيح.

د- فارق السن بين متوسط سن الزوج ومتوسط سن الزوجة:

وهو عامل مهم أيضا في تحديد تكلفة نظام التأمين الإجتماعي – إذ أنه كلما زاد فارق السن بينهما كلما أدي ذلك إلي زيادة في التكلفة حيث تستمر الزوجة في إستحقاق المعاش بعد وفاة المؤمن عليه المتقاعد لفترة زمنية أطول , بعكس لو كان فارق السن بينهما متقاربا.

أضف إلي ذلك أنه كلما كان سن الزوجة أقل كلما كانت إحتمالات الإنجاب أكبر.

ﻫ- متوسط سن الزواج للذكور:

وهو عامل مهم أيضا في تحديد تكلفة نظام التأمين الإجتماعي – وذلك أنه كلما إرتفع سن الزواج بالنسبة لهم كلما كان معني ذلك أنهم سينجبون أولادا وهم في سن متأخرة , تزيد فيها إحتمالات الوفاة – أي أن إحتمالات إستحقاق الأولاد في المعاش ستكون أكبر بعكس لو كان متوسط سن الزواج لهم أقل.

و- متوسط سن الزواج للاناث:

وهو عامل مهم أيضا في تحديد تكلفة نظام التأمين الإجتماعي – وذلك أنه كلما إرتفع سن الزواج بالنسبة لهن كلما كان معني ذلك إستمرار إستحقاقهن في المعاش لفترة زمنية أطول مما لو كان سن زواجهن منخفضا , وذلك لإستحقاق البنت في المعاش طالما لم تتزوج.

ز- ريع إستثمار أموال التأمين الإجتماعي:

وهو عامل مهم أيضا في تحديد تكلفة نظام التأمين الإجتماعي – وذلك أنه يترتب علي إتباع طريقة التراكم المالي في تمويل نظام التأمين الإجتماعي تكوين إحتياطيات كبيرة يتطلب الأمر ضرورة إستثمارها إستثمارا جيدا يتحقق فيه الشروط الاتية:

(1) الضمان.

(2) الربحية.

(3) السيولة.

(4) تنوع أوجه الإستثمار.

ولاشك أنه كلما زاد ريع الإستثمار كلما قلت تكلفة نظام التأمين الإجتماعي والعكس صحيح.

4- أن وسائل تمويل نظم التأمين الإجتماعي تختلف من دولة الي اخري فقد يتم التمويل من الضرائب وقد يعتمد علي الاشتراكات كليا او جزئيا وفي اغلب دول العالم يتم التمويل من مصادر ثلاث أساسية هي :-

أ‌- المؤمن عليه.

ب‌- صاحب العمل.

ج‌- الدولة.

وتحدد النسبة التي يتحملها كل طرف تبعا للظروف الاقتصادية للدولة ومدي قدرة كل طرف علي المساهمة في التمويل.

5- أن التأمين الاجتماعي وهو أحد فروع التأمين يختلف عن الادخار , فالاشتراكات الممولة لهذا النظام تتميز بالاتي:

أ‌- يتم تحديد الإشتراكات من خلال العديد من الإحصاءات والمعادلات الرياضية المعقدة والتوقعات بالنسبة للمستقبل يقوم بها الخبراء الإكتواريون , ويتم مراجعتها دوريا (كل ثلاث أو خمس سنوات) لضمان كفاية إحتياطيات نظام التأمين الإجتماعي لمواجهة إلتزاماته المستقبلية.

ب‌- تصب الاشتراكات جميعها في وعاء واحد يساهم فيها جميع الاطراف لتغطية المخاطر المؤمن ضدها , ويستفيد من المزايا من تتحقق له شروط الاستحقاق وفقا للقانون دون الربط المباشر بين قيمة الحقوق التأمينية وبين مااداه المؤمن عليه من اشتراكات.

وبمعني اخر فانه يمكن القول انه لا علاقة مباشرة بين ماتم اداؤه من إشتراكات من جانب المؤمن عليه , وبين مايتم الحصول عليه من مزايا عند تحقق الخطر.

في حين انه بالنسبة للادخار فان هناك علاقة مباشرة بين مايتم اداؤه من جانب المدخر ومايتم الحصول عليه من الجهة المدخر لديها , حيث تستحق المدخرات وريع الإستثمار.

ثانيا: المعاش مقابل نفقة وليس ميراثا:

1- أن نظم التأمين الاجتماعي تهدف الي تعويض المؤمن عليه او اسرته بحسب الاحوال عن الخسارة المتمثلة ( في فقد الدخل ) نتيجة تحقق أحد المخاطر المؤمن ضدها , وانطلاقا من ذلك فان من يتأثرون بشكل مباشر بوفاة المؤمن عليه او صاحب المعاش هم افراد اسرته الذين كان يعولهم اثناء حياته لذلك نجد ان نظم التامين الاجتماعي تحدد شروط الاستحقاق علي اساس مبدأ الاعالة , وهو ذات المبدأ المقرر للشخص المعال كشرط لاستحقاق النفقة في الشريعة الاسلامية.

فالنفقة حق واجب للزوجة علي زوجها , فالزوج ملزم بالانفاق علي زوجته حتي ولو كانت موسرة , وترتيبا علي ذلك يقرر لها القانون الحق في معاش زوجها دون اشتراط عجزها عن الكسب بل ويعطيها في بعض نظم التأمين الإجتماعي الحق في الجمع بين معاشها او دخلها من العمل او المهنة وبين المعاش المستحق عن الزوج دون حدود.

وتجدر الاشارة الي ان نظم التأمين الاجتماعي في القانون المقارن تتطلب توافر شروط ثلاثة في المستحق لاعتباره معالا:

- حاجة المستحق الي المنتفع واعتماده عليه في حياته المعيشية.

- عدم وجود دخل للمستحق من عمل او مهنة يواجه به مطالب الحياة.

- عجز المستحق عن مزاولة اي عمل او مهنة يتكسب منه , وان يثبت العجز بمعرفة لجنة طبية.

وقد استقر فقهاء الشريعة الاسلامية في مجال استحقاق النفقة علي اعتبار الانوثة في حكم العجز عن الكسب , وكذا اعتبار الابن او الاخ البالغ والمتفرغ للدراسة في حكم العاجز عن الكسب.

2- أن المعاش لا يعد تركه موروثة عن المؤمن عليه او صاحب المعاش وانما هو حق يتلقاه المستحق من القانون مباشرة بصفته ممن كان المؤمن عليه يلتزم بالانفاق عليهم شرعا قبل وفاته , وانطلاقا من هذا المفهوم حدد المشرع التأميني المستحقين للمعاش في حالة وفاة المؤمن عليه او صاحب المعاش فيمن كان المؤمن عليه او صاحب المعاش يعولهم ويلتزم بالانفاق عليهم حال حياته وهم:

أ- ارملته.

ب- ابنائه واخوته:

(1) القصر.

(2) البالغين العاجزين عن الكسب او الطلبة او الحاصلين علي مؤهل ولم يلتحقوا بعمل او مهنة.

ج‌- بناته واخواته غير المتزوجات.

د‌- والديه.

ﻫ- الزوج العاجز عن الكسب.

و- يضاف في بعض النظم الجد والجدة وأبناء وبنات الأبن المتوفي.

وذلك وفقا للشروط التي حددها القانون.

وعلي ذلك فان المعاش لا يصرف للورثة وانما يصرف للمستحقين الذين تتوافر في شانهم شروط الاستحقاق , فالمستحق في المعاش قد لا يكون وارثا كحالة استحقاق الاخوة والاخوات المعالين في المعاش مع الوالدين , كما ان الوارث قد لا يكون بالضرورة مستحقا في المعاش كالبنت المتزوجة او الابن البالغ غير العاجز عن الكسب.

كما ان توزيع المعاش علي المستحقين يتم بنسب تختلف عن نسب توزيع المواريث في الشريعة الاسلامية , فنصيب الابن في الميراث ضعف نصيب البنت , بينما هما متساويان في انصبتهما في المعاش باعتباره مقابل نفقة , ويسري ذلك في شأن الاخوة والاخوات بصرف النظر عن كونهم اشقاء او غير اشقاء كما ان الاخوة والاخوات يشاركون الابوين في المعاش ولا يحرمون بوجود الاب كما في الميراث.

وبعد أن إستكملنا إستعراض هذا الموضوع الهام " توزيع المعاش بين المستحقين بين مفهوم الميراث ومفهوم النفقة ".

نري أن تساهم وسائل الأعلام (المرئية والمسموعة والمقروءة) مساهمة فعالة في ايضاح هذه الحقيقة في إطار دورها الهام في نشر الوعي التأميني بين المخاطبين بأحكام نظم التأمين الإجتماعي – خاصة وأن المفهوم الخاطئ لهذه القضية له مردود سلبي علي هذه النظم , يرتد أثره بدون شك علي المخاطبين باحكام نظم التأمين الإجتماعي وأصحاب المصلحة الحقيقية فيه (المؤمن عليهم / أصحاب المعاشات / المستحقين).









رد مع اقتباس