منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - استشارات نفسية و اجتماعية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-01-20, 18:45   رقم المشاركة : 131
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

العين والحسد والفرق بينهما وحكمهما ، وهل يضمن من يتعمد الإصابة بعينه

السؤال


ما حكم العين والحسد في الإسلام ؟ وهل هو حلال أم حرام ؟

وما عذاب الشخص الذي يتفاخر بعينه أو يهدد الناس بعينه ؟


الجواب

الحمد لله


أولاً:

لا بدَّ من ذِكر معنى العيْن والحسد ، وذِكر الفرق بينهما ، فنقول :

العيْن : " مأخوذة من عان يَعين إذا أصابه بعينه ، وأصلها : من إعجاب العائن بالشيء ، ثم تَتبعه كيفية نفْسه الخبيثة ، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرها إلى المَعِين "

كذا في " فتاوى اللجنة الدائمة "( 1 / 271 ) .

الحسَد : هو أن يتمنى زوال النعمة من عند أخيه ، ولم تتحول إليه !!

وقال الراغب الأصفهاني : " الحسد تمني زوال نعمة من مستحق لها ، وربما كان مع ذلك سعي في إزالتها "

انتهى من "المفردات في غريب القرآن" (118) .

وأما الفرق بينهما :

1. الحسد أعم من العيْن ، فكل عائنٍ حاسد ، وليس كل حاسد عائناً .

2. العائن أضر من الحاسد .

3. الحاسد قد يحسد ما لم يره ويحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه ، والعائن لا يَعين إلا ما يراه والموجود بالفعل .
4. مصدر الحسد : تحرُّق القلب واستكثار النعمة على المحسود

ومصدر العين : انقداح نظرة العين ، أو نفس خبيثة .

5. الحسد لا يقع من صاحبه على ما يكره أن يصاب بأذى ، كمالِه وولده ، والعين تقع على ما يكره العائن أن يصاب بأذى كولده وماله .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

"والمقصود : أن العائن حاسد خاص ، وهو أضر من الحاسد ، ولهذا - والله أعلم - إنما جاء في السورة ذكر الحاسد دون العائن ؛ لأنه أعم ، فكل عائنٍ حاسدٌ ولا بد ، وليس كل حاسد عائناً

فإذا استعاذ من شر الحسد : دخل فيه العين ، وهذا من شمول القرآن الكريم وإعجازه وبلاغته ، وأصل الحسد هو : بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها"

انتهى من " بدائع الفوائد " ( 2 / 458 ) .

ثانياً:

أما حكمهما : فلا شك أنه التحريم .

أ. أما الحسد : فقد جاء عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( لاَ تَحَاسَدوا ، وَلاَتَنَاجَشوا ، وَلاَ تَبَاغَضوا ، وَلاَ تَدَابَروا ... ) .

رواه مسلم ( 2559 ) .

قال ابن عبد البر – رحمه الله -
:
"وكذلك قوله أيضاً في هذا الحديث ( لا تحاسدوا ) يقتضي النهي عن التحاسد ، وعن الحسد في كل شيء على ظاهره وعمومه ، إلا أنه – أيضاً - عندي مخصوص بقوله صلى الله عليه وسلم ( لا حسد إلا في اثنتين

رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار ) هكذا رواه عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم"

انتهى من" التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " ( 6 / 118 ) .

ب. وأما العيْن : فتحريمها من باب تحريم إيقاع الضرر على الناس ، وإيذائهم ، قال تعالى ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ) الأحزاب/ 58

وقال صلى الله عليه وسلم ( لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارٌ ) رواه ابن ماجه ( 2314 ) ، وحسَّنه النووي وابن الصلاح وابن رجب - كما في " جامع العلوم والحكم " ( ص 304 ) - وحسَّنه الألباني في " صحيح ابن ماجه ".

قال علماء اللجنة الدائمة - في شرح الحديث -:

"نهى النبي صلى الله عليه وسلم المكلَّف أن يضرَّ نفسه أو يضرّ غيره، ففيه دلالة على منع الإنسان من التعدي على نفسه، أو غيره" .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 400 ) .

ثالثاً:

أما من يتعمد إصابة الناس بعينه ويهددهم بذلك : فلا شك أنه آثم بذلك ، وعلى ولي الأمر حبس هذا العائن ومنعه من لقاء الناس ، والإنفاق عليه إن كان فقيراً حتى يتوب توبة نصوحاً أو يموت فيرتاح الناس من شرِّه وضرره .

سئل الشيخ عبد الله بن جبرين – رحمه الله - :

سمعنا أن هناك بعض الأشخاص لهم قدرة الإصابة بالعين لمن أرادوا ومتى أرادوا ، فهل هذا صحيح ؟ .

فأجاب :

"لاشك أن العين حق كما هو الواقع ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( العَيْنُ حَقٌّ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ القَدَرَ لَسَبَقَتْهُ العَيْنُ ) – رواه مسلم -

وفي حديث آخر ( إِنَّ العَيْنَ لَتُدْخِلُ الرَّجُلَ القَبْرَ وَالجَمَلَ القِدْرَ ) – رواه أبو نعيم في " الحلية " وحسنه الألباني في " الصحيحة " ( 1249 ) - ، أي : يحصل بها الموت ، أما حقيقتها : فالله أعلم بذلك .

ولاشك أنها تكون في بعض الناس دون بعض ، وأن العائن قد يتعمد الإصابة فيحصل الضرر ، وقد لا يتعمد الإصابة فتقع منه بغير قصد ضرر ، وهناك من يحاول الإصابة ولا يقدر عليها .

وقد أمر الله بالاستعاذة من العائن ، فهو داخل في قوله تعالى ( وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) الفلق/ 5 ، وبالاستعاذة من شره يحصل الحفظ والحماية ، والله أعلم"

انتهى من" الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية " .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

"ونقل ابن بطال عن بعض أهل العلم " أنه ينبغي للإمام منع العائن إذا عرف بذلك من مداخلة الناس ، وأن يلزم بيته ؛ فإن كان فقيراً رزقه ما يقوم به

فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم الذي أمر عمر رضي الله عنه بمنعه من مخالطة الناس -

كما تقدم واضحاً في بابه - وأشد من ضرر الثوم الذي منع الشارع آكله من حضور الجماعة "

قال النووي :

" وهذا القول صحيح متعين لا يُعرف عن غيره تصريح بخلافه "

انتهى من" فتح الباري " ( 10 / 205 ) .

وفي " الموسوعة الفقهية " ( 31 / 123 ) :

والنقول من مختلف المذاهب متضافرة على ما ذكره ابن بطال من كون الإمام يمنع العائن من مخالطة الناس

إذا عرف بذلك ويجبره على لزوم بيته ؛ لأن ضرره أشد من ضرر المجذوم وآكل البصل والثوم في منعه من دخول المساجد ، وإن افتقر فبيت المال تكفيه الحاجة لما في ذلك من المصلحة وكف الأذى .

انتهى . وينظر أيضا : ( 16 / 229 ) .

رابعاً:

الصحيح أن العائن المتعمد يضمن ما أوقعه من ضرر على الآخرين ، حتى إنه ليُقتل إذا قتل بعينه.

قال القرطبي – رحمه الله - :

"لو أتلف العائن شيئاً : ضمنه ، ولو قَتل : فعليه القصاص أو الدية إذا تكرر ذلك منه بحيث يصير عادة ، وهو في ذلك كالساحر عند من لا يقتله كفراً " انتهى .

انظر " الموسوعة الفقهية " ( 17 / 276 ) .

وقال شرف الدين الحجاوي – رحمه الله - :

"والمِعيان : الذي يقتل بعينه ، قال ابن نصر الله في " حواشي الفروع " : ينبغي أن يُلحق بالساحر الذي يقتل بسحره غالباً ، فإذا كانت عينه يستطيع القتل بها ويفعله باختياره : وجب به القصاص

وإن فعل ذلك بغير قصد الجناية : فيتوجه أنه خطأ يجب فيه ما يجب في القتل الخطأ ، وكذا ما أتلفه بعينه يتوجه فيه القول بضمانه ، إلا أن يقع بغير قصد فيتوجه عدم الضمان

"انتهى من" الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل " ( 4 / 166 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس