منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تعالوا لا تتأخروا لنتدارس البيقونية وشرحها للعثيمين
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-12-31, 00:35   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
sidali75
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي الحديث الصحيح وشروطه

سأقوم بإذن الله بالبدء في نقل الشرح لمنظومة البيقونية وقد قدمت الموعد لأسباب خاصة وسأدخل مباشرةً في أقسام الحديث مع العلم أني حذفت شرح البسملة و معنى الحمد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والبيت الأول من المنظومة وبحكم أننا سنلقى الشرح أثناء هذه المُدارسة ، وأبدء بإذن الله ،


أقسام الحديث


الحديث الصحيح وشروطه


قال المؤلف رحمه الله:


اقتباس:

3 - أوَّلُها الصَّحيحُ وهوَ ما اتّصَل ... إسنَادُهُ ولَم يُشذّ أو يُعَل
قوله: "أولها الصحيح" بدأ المؤلف بذكر أقسام الحديث وقدَّم الصحيح لأنه أشرف أقسام الحديث، ثم عرَّفه فقال: "وهو ما اتصل إسناده" يعني ما رُوي بإسناد متصل بحيث يأخذه كل راوي عمن فوقه، فيقول مثلاً: حدثني رقم واحد "ولنجعلها بالأرقام" قال حدثني رقم اثنين، قال حدثني رقم ثلاثة، قال حدثني رقم أربعة، فهذا النوع يكون متصلاً، لأنه يقول حدثني فكل واحد أخذ عمن روى عنه.
أما إن قال حدثني رقم واحد عن رقم ثلاثة لم يكن متصلاً، لأنه سقط منه رقم اثنين فيكون منقطعاً.
وقوله: "ولم يُشذَّ أو يُعَل" يعني يشترط أن لا يكون شاذًّا ولا معللاً.
والشاذُّ هو: الذي يرويه الثقة مخالفاً لمن هو أرجح منه، إما في العدد، أو في الصدق، أو في العدالة.
فإذا جاء الحديث بسندٍ متصلٍ لكنه شاذٌّ، بحيث يكون مخالفاً لرواية أُخرى، هي أرجح منه، إما في العدد، وإما في الصدق، وإما في العدالة؛ فإنه لا يقبل ولو كان الذي رواه عدلاً، ولو كان السند متصلاً، وذلك من أجل شذوذه.
والشذوذ: قد يكون في حديث واحد، وقد يكون في حديثين منفصلين، يعني أنه لا يشترط في الشذوذ أن يكون الرواة قد اختلفوا في حديث واحد، بل قد يكون الشاذ أتى في حديث آخر، مثاله: ما ورد في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن الصيام إذا انتصف شعبان1، والحديث لا بأس به من حيث السند، لكن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم في الصحيحين أنه قال: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه" 2 فإذا أخذنا بالحديث الثاني الوارد في الصحيحين قلنا إن فيه دلالة على أن الصيام بعد منتصف شعبان جائز، وليس فيه شيء، لأن النهي حُدد بما قبل رمضان بيوم أو يومين، وإذا أخذنا بالأول فنقول إن النهي يبدأ من منتصف شعبان، فأخذ الإمام أحمد بالحديث الوارد في الصحيحين وهو النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وقال إن هذا شاذ، يعني به حديث السنن، لأنه مخالف لمن هو أرجح منه إذ أن هذا في الصحيحين وذاك في السنن.
ومن ذلك ما ورد في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن صوم يوم السبت قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم" 3 فقد حكم بعض العلماء على هذا الحديث بالشذوذ، لأنه مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلّم لإحدى نسائه حين وجدها صائمة يوم الجمعة، فقال: "هل صمت أمس"؟ فقالت: لا، قال: "أتصومين غداً"؟ قالت: لا، قال:"فأفطري" 1. وهذا الحديث ثابت في الصحيح، وفيه دليل على أن صيام يوم السبت جائز ليس فيه بأس، وهنا قال بعض العلماء: إن حديث النهي عن صيام يوم السبت شاذ؛ لأنه مخالف لما هو أرجح منه، ومن العلماء من قال: لا مخالفة هنا، وذلك لإمكان الجمع، وإذا أمكن الجمع فلا مخالفة، والجمع بين الحديثين أن يقال: إن النهي كان عن إفراده، أي أنه نُهي عن صوم يوم السبت مستقلاً بمفرده، أما إذا صامه مع يوم الجمعة، أو مع يوم الأحد فلا بأس به حينئذ، ومن المعلوم أنه إذا أمكن الجمع فلا مخالفة ولا شذوذ.
ومن الشذوذ: أن يخالف ما عُلم بالضرورة من الدين.
مثاله: في صحيح البخاري رواية "أنه يبقى في النار فضلٌ عمن دخلها من أهل الدنيا، فيُنشىء الله لها أقواماً فيدخلهم النار" 2.
فهذا الحديث وإن كان متصل السند فهو شاذ؛ لأنه مخالف لما عُلم بالضرورة من الدين، وهو أن الله تعالى لا يظلم أحداً، وهذه الرواية - في الحقيقة - قد انقلبت على الراوي، والصواب أنه يبقي في الجنة فضلٌ عمن دخلها من أهل الدنيا، فيُنشىء الله أقواماً فيدخلهم الجنة، وهذا فضل ليس فيه ظلم، أما الأول ففيه ظلم.
على كل حال فلابد لصحة الحديث ألا يكون شاذًّا.
ولو أن رجلاً ثقة عدلاً روى حديثاً على وجه، ثم رواه رجلان مثله في العدالة على وجه مخالف للأول، فماذا نقول للأول؟
نقول: الحديث الأول شاذ، فلا يكون صحيحاً وإن رواه العدل الثقة.ولو روى إنسان حديثاً على وجه، ورواه إنسانٌ آخر على وجه يخالف الأول، وهذا الثاني أقوى في العدالة أو في الضبط، فيكون الأول شاذًّا.
وهذه قاعدة مفيدة تفيد الإنسان فيما لو عرض له حديث، فإذا نظر في سنده وجده متصلاً، ووجد أن رجاله ثقات، ولكن إذا نظر إلى المتن وجده مخالفاً كما سبق فحينئذ نقول له احكم بأن هذا ليس بصحيح، وليس في ذمتك شيء.
فإذا قال كيف أحكم عليه بأنه غير صحيح! وسنده متصل ورجاله ثقات عدول؟
فنقول له: لأن فيه علة توجب ضعفه وهي الشذوذ.
قوله: "أو يُعَلَّ" معناه أي يُقدح فيه بعلة تمنع قبوله، فإذا وجدت في الحديث علة تمنع قبوله فليس الحديث بصحيح.
ومعنى العلة في الأصل هي: وصفٌ يوجب خروج البدن عن الاعتدال الطبيعي.
ولهذا يقال: فلانٌ فيه علة، يعني أنه عليل أي مريض، فالعلة مرض تمنع من سلامة البدن.
والعلة في الحديث معناها قريبة من هذا وهي:
وصفٌ يوجب خروج الحديث عن القبول.
لكن هذا الشرط، يشترط فيه شرط زائد على ما قال المؤلف وهو: أن لا يُعلّ الحديث بعلةٍ قادحة، لأن الحديث قد يُعلُّ بعلةٍ لا تقدح فيه، وهذا سيأتي الكلام عليه إن شاءالله.
إذاً فيشترط للحديث الصحيح شروط أخذنا منها ثلاثة وهي:

1 - اتصال السند.
2 - أن يكون سالماً من الشذوذ.
3 - أن يكون سالماً من العلة القادحة.

والعلة القادحة اختلف فيها العلماء اختلافاً كثيراً!؛ وذلك لأن بعض العلماء، قد يرى أن في الحديث علة توجب القدح فيه، وبعضهم قد لا يراها علة قادحة.
ومثاله: لو أن شخصاً ظن أن هذا الحديث مخالفٌ لما هو أرجح منه لقال: إن الحديث شاذ، ثم لا يقبله، فإذا جاء آخر وتأمل الحديث وجد أنه لا يخالفه، فبالتالي يحكم بصحة الحديث! لأن أمر العلة أمر خفي، فقد يخفى على الإنسان وجه ارتفاع العلة فيعلله بهذه العلة، ويأتي آخر ويتبين له وجه ارتفاع العلة فلا يعلله.
لذلك قلنا لابد من إضافة قيد وهو: أن تكون العلة قادحة، والعلة القادحة هي التي تكون في صميم موضوع الحديث، أما التي تكون خارجاً عن موضوعه فهذه لا تكون علة قادحة.
ولنضرب على ذلك مثلاً بحديث فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - في قصة القلادة الذهبية التي بيعت باثني عشر ديناراً، والدينار نقد ذهبي، ففُصلت فوجد فيها أكثر من اثني عشر ديناراً1.
واختلف الرواة في مقدار الثمن.
فمنهم من قال: اثني عشر ديناراً.
ومنهم من قال: تسعة دنانير.
ومنهم من قال: عشرة دنانير.
ومنهم من قال غير ذلك، وهذه العلة - لا شك - أنها علة تهزُّ الحديث، لكنها علة غير قادحة في الحديث، وذلك لأن اختلافهم في الثمن لا يؤثر في صميم موضوع الحديث وهو: أن بيع الذهب بالذهب، إذا كان معه غيره، لا يجوز ولا يصح.
وكذلك قصة بعير جابر - رضي الله عنه -1 الذي اشتراه منه النبي صلى الله عليه وسلّم، حيث اختلف الرواة في ثمن هذا البعير، هل هو أوقية، أو أكثر، أو أقل، فهذا الخلاف لا يعتبر علّة قادحة في الحديث، لأن موضوع الحديث هو: شراء النبي صلى الله عليه وسلّم الجمل من جابر بثمن معين، واشتراط جابر أن يحمله الجمل إلى المدينة، وهذا الموضوع لم يتأثر ولم يُصب بأي علة تقدح فيه، وغاية ما فيه أنهم اختلفوا في مقدار الثمن، وهذه ليست بعلة قادحة في الحديث.
ومن العلل القادحة: أن يروي الحديث إثنان، أحدهما يرويه بصفة النفي، والاخر يرويه بصفة الإثبات، وهذا لا شك أنها علة قادحة، وسيأتي الكلام عليه إن شاءالله في الحديث المضطرب الذي اضطرب الرواة فيه على وجهٍ يتأثر به المعنى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

1 أخرجه الإمام أحمد 2/325 وأبو داود كتاب الصوم باب: كراهية صوم النصف من شعبان 1990. والترمذي كتاب الصوم باب: كراهية الصوم 669. وابن ماجة كتاب الصيام باب ماجاء في النهي أن يتقدم 1641.
2 أخرجه البخاري كتاب باب: لايتقدم رمضان بصوم يوم يوم ولا يومين 1914 ومسلم كتاب الصيام باب: لاتقدموا رمضان..21, 1082.
3 أخرجه الإمام 17026 وأبو داود كتاب الصيام باب: النهي أن يخص يوم السبت بصوم 2412 والترمذي أبواب الصوم باب: ماجاء في صوم يوم السبت 744 وقال: حديث حسن.

1 أخرجه البخاري كتاب الصوم باب صوم يوم الجمعة 1984.
2 أخرجه البخاري كتاب التوحيد باب قوله سبحانه: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 7384.

1 أخرجه مسلم كتاب المساقاة باب: بيع القلادة فيها خرز وذهب 90, 1591 أخرجه البخاري كتاب البيوع باب: شراء الدواب 2097 ومسلم كتاب المساقاة باب: بيع البعير واشتثناء ركوبه 109, 715









رد مع اقتباس