منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - حملة ليس منا من سب ربنا...... انشر على اوسع نطاق
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-05-23, 21:40   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
أم الفضل1
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي



-جاء في فتوى الشيخ فركوس حفظه الله في "سب الله عز جل"
في ناقض الإيمان القولي: سب الله عزّ وجلّ
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالسبُّ شتمٌ، وهو كلّ قبيح يستلزم الإهانةَ ويقتضي النَّقص، وضابطُهُ العُرْفُ، فما عَدَّه أهلُ العرف سَبًّا وانتقاصًا أو عيبًا أو طَعْنًا ونحو ذلك فهو من السَّبِّ، وحُكم ساب الله تعالى طوعًا من غير كره كافرٌ مرتدٌّ قولاً واحدًا لأهل العلم لا اختلاف فيه، سواء كان جادًَّا أو مازحًا، وهو من أقبح المكفرات القولية التي تناقض الإيمان، ويكفر ظاهرًا وباطنًا عند أهل السُّنَّة القائلين بأنّ الإيمان قول وعمل، وقد نقل ابن عبد البر المالكي في «التمهيد» عن إسحاق بن راهويه قولَه: «قد أجمع العلماءُ على أنَّ مَنْ سَبَّ اللهَ عزّ وجلَّ، أو سبَّ رسولَه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم، أو دَفَعَ شيئًا أنزله اللهُ، أو قتل نبيًّا من أنبياء اللهِ، وهو مع ذلك مُقِرٌّ بما أنزل اللهُ أنه كافر»( التمهيد» لابن عبد البر: (٤/ ٢٢٦).
وقال القاضي عياض المالكي: «لا خلاف أنّ سابّ الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم، واختلفوا في استتابته»( الشفا» للقاضي عياض: (٢/ ٢٢٩).
، وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي: «ومَنْ سبَّ اللهَ تعالى كَفَرَ سواء كان مازحًا أو جادًّا»( المغني» لابن قدامة: (١٠/ ١٠٣).)، ومثله عن ابن تيمية قال: «إنّ من سبَّ الله أو سبَّ رسولَه كفر ظاهرًا وباطنًا، سواء كان السابُّ يعتقد أنّ ذلك محرّمٌ أو كان مستحلاًّ أو كان ذاهلاً عن اعتقاده، هذا مذهبُ الفقهاءِ وسائرِ أهلِ السُّنَّةِ القائلين بأنّ الإيمانَ قولٌ وعملٌ»( الصارم المسلول» لابن تيمية: (٥١٢).).
ذلك، لأنّ في سبِّ الله تنقيصًا لله تعالى، واستخفافًا واستهانة به سبحانه، وانتهاكًا وتمرّدًا على ربِّ العالمين، ينبعث من نفس شيطانية ممتلئة من الغضب، أو من سفيه لا وقار لله عنده، فحاله أسوأ من حال الكافر، إذ السابّ مظهر للتنقّص ومفرط في العداوة ومبالغ في المحاداة بينما الكافر يعظّم الربّ، ويعتقد أنّ ما هو عليه من الدِّين الباطل ليس استهزاءً بالله ولا مسبّة له، وهو -أيضًا- من جهة أخرى أسوأ حالاً من المستهزئ؛ لأنّ الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر بنصِّ قوله تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ[التوبة: ٦٥-٦٦]، وإذا كان الاستهزاء كفرًا فالسبُّ المقصود من بابٍ أولى، والآية دلّت على مساواة الجِدّ واللعب في إظهار كلمة الكفر، وضمن هذا المعنى يقول ابنُ العربي المالكي: «لا يخلو ما قالوه -أي: المنافقون- من ذلك جِدًّا أو هزلاً، وهو كيفما كان كُفر، فإنّ الهزل بالكفر كُفر لا خلاف فيه بين الأمّة، فإنّ التحقيقَ أخو العلم والحقّ، والهزلَ أخو الجهل والباطل»( أحكام القرآن» لابن العربي: (٢/ ٩٧٦).
فالحاصل، أنّ أصل الدين مبني على تعظيم الله تعالى وإجلاله، وتعظيم دينه ورسله، فإذا كان الاستهزاء بشيء من ذلك يناقض هذا الأصلَ وينافيه، فإنّ السبّ يناقضه أشدّ المناقضة، بل يتضمّن قدرًا زائدًا على الكفر؛ لأنّ الله تعالى نهى المسلمين أن يسبُّوا الأوثانَ لئلاَّ يسبّ المشركون اللهَ تعالى وهم على شركهم وتكذيبهم وعداوتهم لرسوله، في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ[الأنعام: ١٠٨]، فتبيّن أنّ سبّ الله تعالى أعظم من الشرك به وتكذيبِ رسوله ومعاداته، قال ابن تيمية في «الصارم المسلول»: «ألا ترى أنّ قريشًا كانت تقارُّه عليه الصلاة والسلام على ما كان يقوله من التوحيد وعبادة الله وحده، ولا يقارونه على عيب آلهتهم والطعن في دينهم وذمّ آبائهم، وقد نهى الله المسلمين أن يسبُّوا الأوثان لئلاَّ يسبّ المشركون اللهَ مع كونهم لم يزالوا على الشرك، فعُلِم أنّ محذورَ سبِّ اللهِ أغلظُ من محذورِ الكفرِ به»( الصارم المسلول» لابن تيمية: (٥٥٧)..
هذا، والمُخلِّص الوحيد الذي يمحو اللهُ تعالى به الكفرَ بعد ثُبوته هو توبة المذنِب، وذلك برجوع العبد إلى الله تعالى، ومفارقتِه لصراط المغضوب عليهم والضالِّين، واللهُ تعالى يقبل توبةَ العبدِ من جميع الذنوب: الشركِ فما دونه، لقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ[الزمر: ٥٣]، وقولِه تعالى: ﴿أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[المائدة: ٧٤]، وقولِه تعالى: ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ[الأنفال: ٣٨]، ومِن شَرْطِ التوبة أن يخلصَها لله تعالى، ويتحسّرَ على فعله، ويندمَ على ما اقترفه، وأن يُقْلِعَ عنه ولا يُصِرَّ عليه، ويعزمَ أن لا يعودَ إليه في المستقبل، وأن تكونَ توبتُه في زمنٍ تنفع فيه التوبةُ









رد مع اقتباس