منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - آداب المشي الى الصلاة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-10-21, 20:18   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
احمد الصادق
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

آداب المشي إلى الصلاة (5)
الدَّرسُ الثَّالث (3)
سماحة العلامة/ صالح بن فوزان الفوزان

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاةُ والسَّلام على قائدِ الغرِّ المحجَّلين، نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مرحبًا بكم -أيُّها الإخوة والأخوات- في درسٍ جديد من دروس كتاب "آداب المشي إلى الصلاة".
ضيفُ هذا اللقاء هو سماحة العلَّامة الشَّيخ/ صالح بن فوزان الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللَّجنة الدَّائمة للإفتاء، والذي سيشرح هذه المتون من هذا الكتاب المبارك، باسمكم جميعًا نرحبُ بالشَّيخِ فأهلًا ومرحبًا بالشَّيخ صالح.
حيَّاكم الله وبارك فيكم وفي الإخوة المستمعين.
{قرأنا ما تيسر من باب "الاستسقاء"، فضيلة الشيخ.. لماذا يتهاون بعض النَّاس في الحضور إلى هذه الصَّلاة مع أنَّ الأمور كلها مُيسَّرة ولله الحمد؟}.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّمَ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هؤلاء يتأخَّرون بسبب الكَسَلِ، فإذا كانوا يتأخَّرون في الغالب عن صلاة الجماعة، فكيف لا يتأخَّرون عن صلاة الاستسقاء! هم يتأخرون من باب الكَسَل؛، ولأنَّهم في الغالب يُكثرون السَّهر في اللَّيلِ، فينامون ولا يخرجون إلى صلاة الاستسقاء مع المسلمين؛ بل بعضهم ينام حتى عن صلاة الفجرِ مع الجماعة، وهذا تفريطٌ عظيمٌ؛ فعليهم أن يتَّقوا الله ويُحافظوا على صلواتهم، كما قال الله -جَلَّ وَعَلَا: ï´؟وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَï´¾ [المؤمنون: 9]، وقال: ï´؟الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَï´¾ [المعارج: 23]؛ فعلى المسلم أن يُحافظ على هذه الصَّلوات في أوقاتها مع الجماعة؛ لأنَّها كما قال -جَلَّ وَعَلَا: ï´؟وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِï´¾ [العنكبوت: 45]، فالذي يُحافظ على هذه الصَّلوات فإنَّه يتجنَّب الفحشاء والمنكر؛ لأنَّ صلاته تنهاه عن ذلك.
{بارك الله فيكم.
هل تحويل الشَّماغ -أو الطَّاقيَّة أو الكوت أو العمامة- يأخذ حكم الرِّداء؟}.
فيه نوعُ عملٍ بالسُّنَّة، ولكن كونه يكون عليه رداء -أو بِشْت- فيُحوِّله هذا أكمل وأتم.
{ماذا يصنع بعد التَّحويل؟ هل هناك أدعية؟}.
يستقبل القبلة ويدعو الله -جَلَّ وَعَلَا- بنزول الغيث، وكذلك في صلاة الاستسقاء يستقبل القبلة ويُحوِّل رداءه ويدعو الله -جَلَّ وَعَلَا- ثم ينصرف.
{استكمالًا للمتن في باب "صلاة الاستسقاء"؛ يقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ: (وَإِنْ سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ وَالصَّوَاعِقِ قَالَ: «اللَّهُمَّ لا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ»)}.
إذا سمع صوت الرَّعد يقول: «اللَّهُمَّ لا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ»، أو إذا سمع الصَّواعق -وهي الرَّعد الشَّديد- يقول أيضًا هذا الدُّعاء.
{قال: («وَلا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ»)}.
لأنَّ هذا الرَّعد -أو هذه الصَّواعق- قد تأتي بعذابٍ وهلاكٍ كما حصل للأمم الكافرة من قبل.
{قال: «سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ»)}.
ويقول كذلك: «سُبْحَانَ مَنْ سَبَّحَ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ» كما يقول الله -جَلَّ وَعَلَا- ï´؟وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِï´¾ [الرعد: 13]، والملائكة يسبحون الله خوفًا من ربِّهم -سبحانه وتعالى.
{قال: (وَإِذَا سَمِعَ نَهِيقَ حِمَارٍ أَوْ نُبَاحَ كَلْبٍ اسْتَعَاذَ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ)}.
يستعيذ بالله من الشَّيطان؛ لأنَّ هذا قد يُصاحبه الشَّياطين، قال تعالى: ï´؟وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِï´¾ [لقمان: 19]، فقد تصاحبه الشَّياطين، فيستعيذ بالله من ذلك.

{قال: (وَإِذَا سَمِعَ صِيَاحَ الدِّيكِ سَأَلَ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ)}.
يعني: إذا سمع أذان الدِّيك فإنَّه يسأل الله من فضله، ولذلك قال النَّبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلَاةِ» ، فالدِّيك يُصوِّتُ إذا رأى مَلكًا، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنَّهَا تَرَى مَا لَا تَرَوْنَ» .
{قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ: (بابُ الجَنَائِز)}.
أي: باب الأموات وما يُشرَعُ في حقِّهم على المسلمين.
والجنائز مِن أموات المسلمين لها أحكامٌ من تغسيلٍ وتكفينٍ، والصَّلاة عليها، وحملها، ودفنها؛ فهذا حقٌّ للأموات المسلمين على المسلمين، وهو فرضُ كفاية، فإذا قام به مَن يكفي سقطَ الإثمُ عن الباقين؛ وإلا يأثمون جميعًا، حتى جنازة الكافر لا تُترك، وإنَّما تُوارى كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعليٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لما مات أبو طالب وهو على الشِّرك: «اذْهَبْ فَوَارِهِ» ، أي: ادفنه، عملًا بقوله تعالى: ï´؟ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُï´¾ [عبس: 21]، فالقبرُ تكرمةٌ للإنسانِ، ولا يكون مثل الجِيَف التي تُلقَى للكلابِ، وإنَّما يُوارَى بالتُّرابِ حفاظًا عليه.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (يَجُوزُ التَّدَاوِي اتِّفَاقًا)}.
التَّداوي يُباح، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَدَاوَوْا، وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ» ، فالتَّداوي مُباح على المذهب، وعند بعض العلماء أنَّه واجب، وعند بعضهم مُستحب، وعلى كلِّ حال؛ فأقل أحوال التَّداوي أنَّه مباحٌ إذا كان بعمليَّاتٍ مُباحة، وهو سببٌ من الأسبابِ؛ فيتداوى ويتوكَّل على الله في حصول الشِّفاء، ولا يظنُّ أنَّ الدَّواء هو الذي يجلبُ له الشِّفاء، وإنَّما الشَّافي هو الله، والدَّواء إنَّما هو سببٌ من الأسباب المباحة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَلَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ)}.
التَّداوي لا يُنافي التَّوكُّل على الله، فيجمع بينَ فعل الأسباب والتَّوكُّل على الله، فلا يعتمد على التَّوكُّل على الله ويترك الأسباب، ولا يعتمد على الأسباب ويترك التَّوكُّل على الله، وإنَّما يجمع بينهما، أي: فعل السَّببِ والتَّوكُّل على الله تعالى.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُكْرَهُ الْكَيُّ)}.
الكيُّ مباحٌ، ولكنَّه يُكرَه كراهة تنزيه؛ لأنَّه تعذيبٌ بالنَّارِ، ولكنَّه يُباحُ عندَ الحاجةِ.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ أَكْلاً وَشُرْبًا)}.
يحرم الدَّواء بمحرَّمٍ إذا كان هذا المحرَّم ممَّا يؤكَّل أو كانَ ممَّا يُشرَب، لقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ».
{مَا حُكم الأخذ بالأسباب؟}.
الأخذُ بالأسباب مُستحبٌّ مع التَّوكُّل على الله -سبحانه وتعالى- فيجمع بينَ فعلِ السَّبب والتَّوكل على الله -جَلَّ وَعَلَا.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَتَحْرُمُ التَّمِيمَةُ)}.
التَّمِيمَةُ: هي ما يُعلَّق على الصِّبيان لاتِّقاء العين أو اتِّقاء المرض؛ وإذا كانت من الشِّركِ أو ألفاظٍ مُحرَّمةٍ فهي مُحرَّمةٌ، وإذا كانت التَّميمةُ من القرآن أو من الأدعية المشروعة فهي مُباحة عند الجمهور.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُسَنُّ الإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ، وَالاسْتِعْدَادُ لَهُ)}.
يُسنُّ للمسلم الإكثار من ذكر الموت، فلا يغفل عنه ولا ينساه، بل يتذكَّره ويعمل له ويتوب إلى الله -عزَّ وجل- ويستعد للموت، فإنَّه قادمٌ بلا شك، قريبًا كانَ أو بعيدًا.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ)}.
تسنُّ عيادة المريض والدُّعاء له بالشِّفاء؛ لأنَّ هذا مما يُطيِّبُ نفسَه وممَّا ينفعه بأن يذكِّرُه الزَّائر بالله -عزَّ وجلَّ- ويرقيه بالقرآن والذِّكر، فعيادة المريض مستحبَّة.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُخْبِرَ الْمَرِيضُ بِمَا يَجِدُ مِنْ غَيْرِ شَكْوَى)}.
لا بأس أنَّ المريض يُخبر بما أصابه وبوطأة الألم من غير شكوى لله -سبحانه وتعالى- وإنَّما يُخبرُ مجرد إخبارٍ لأجلِ أن يُدعَى له، ولأجل أن يُعالَج إذا كان له علاج.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيَجِبُ الصَّبْرُ)}.
يجبُ الصَّبر على ما قدَّر الله من مرضٍ، مع أخذ الأسباب الواقية، فيجمع بينهما.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَالشَّكْوَى إِلَى اللهِ لا تُنَافِيهِ)}.
الشَّكوَى إلى الله كأن يقول: "اللهم اشفني، اللهم عافني، اللهم اجعل لي فرجًا ممَّا بي"؛ فهذا لا يُنافي التَّوكُّل على الله -سبحانه وتعالى- بل هو ممَّا أمر الله به.
{ما حكم أنين المريض؟}.
لا بأسَ بذلك من غيرِ جزعٍ وتسخُّطٍ.
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَيُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ وُجُوبًا)}.
يُحسِنُ المسلمُ ظنَّه بالله، وأنَّ الله لا يفعل فيه إلَّا ما هو مِن مَصلحته ولو كان في ذلك ألمٌ له ووجعٌ له، قال -جَلَّ وَعَلَا: ï´؟وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْï´¾ [البقرة: 216].
{قال -رَحِمَهُ اللهُ: (وَلا يَتَمَنَّى الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ)}.
لا يتمنَّى الموت لِضُرٍّ نزلَ به؛ لأنَّ هذا فيه نصٌ عن الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي» ، فيُفوِّضُ الأمر إلى الله -سبحانه وتعالى- مع الدُّعاء.
{شكر الله لكم فضيلة الشَّيخ صالح على تفضُّلكم بشرح هذه المتون المباركة من كتاب "آداب المشي إلى الصَّلاة"، سوف نستكمل ما تبقَّى من هذا المتن في باب الاستسقاء في الدرس القادم -بإذن الله تعالى.
أشكر فريق العمل في هذا البرنامج، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته}.










رد مع اقتباس