منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - هل كان المقبور حافظ الأسد عميلا لاسرائيل وهل تم بيع الجولان؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-05-15, 20:31   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ينابيع الصفاء
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

رغم التعثّر الواضح في تطبيق وقف إطلاق النار على الأراضي السورية، وهو البند الأساس لتنفيذ خطة كوفي أنان، فإنّ هذه الخطة هي الآن الخيار الوحيد الممكن للتعامل مع واقع الأحداث الدموية التي تشهدها سوريا منذ أكثر من عام. بل يمكن اعتبار هذه الخطة محصّلة لفشل كل المراهنات الأخرى التي جرى محاولة تطبيقها من قِبَل كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية المعنيّة بتطوّرات الأزمة السورية. فلا مراهنة السلطات السورية على الحل الأمني قد نجحت، ولا مراهنة بعض قوى المعارضة على تغيير النظام قد تحقّقت، ولا الوعود والتهديدات بالتدخّل العسكري الأجنبي كان ممكناً تنفيذها.

أيضاً، فإنّ المراهنات على حصول تفكّك بقوى الحكم السوري مقابل بناء معارضة سورية موحّدة، قد سقطت في الحالتين، إذ ما زال الحكم في سوريا قوياً موحّداً بينما شهدت قوى المعارضة مزيداً من التباعد بين أركانها حتى في داخل "المجلس الوطني" نفسه، وهو المجلس الذي كان يُراد من تأسيسه إيجاد نقطة جذب لقوى سورية عديدة فإذا به يتحوّل إلى مصدر تنافر وتناحر بين مؤسسيه.

لكن خطة كوفي أنان لم تكن أصلاً بمبادرةٍ منه، كأمين عام سابق للأمم المتحدة، وهي ليست أيضاً مجرّد مبادرة من الأمين العام الحالي بان كي مون، فهي أولاً وأخيراً صيغة أميركية/روسية جرى التوافق عليها وتسويقها لاحقاً لدى حلفاء كل طرف حتى وصلت إلى الأراضي السورية والأطراف المحلية والإقليمية المعنيّة.

وهذا التوافق الروسي- الأميركي على إعداد وإعلان خطة أنان رافقه أيضاً التفاهم على كيفيّة التعامل مع الملف النووي الإيراني، حيث تزامن إعلان الخطة بشأن سوريا والإجماع في "مجلس الأمن" على دعمها، مع نجاح جلسة المفاوضات في إسطنبول حول الملف النووي الإيراني. وكثيرةٌ هي الآن التصريحات الإيجابية عن المتوقَّع أيضاً من الجولة القادمة للمفاوضات في بغداد.

لقد أصبح واضحاً الآن أنّ إدارة أوباما لا تجد مصلحةً أميركية في زيادة الخلاف والتناقض مع المواقف الروسية والأميركية. كذلك أيضاً هي رؤية الاتحاد الأوروبي، المتضرّر الأول من عودة أجواء "الحرب الباردة" بين موسكو وواشنطن، في ظلّ التراجع الاقتصادي الأوروبي والحاجة الأوروبية لعلاقاتٍ اقتصادية وسياسية جيدة مع الصين وروسيا.

أيضاً، لا تجد الإدارة الأميركية الآن أيَّ مصلحةٍ في تصعيد التوتّر مع إيران أو في تبنّي مقولة الحكومة الإسرائيلية بشأن استخدام الضربات العسكرية على مواقع إيرانية، بل تنظر إدارة أوباما إلى هذا العمل العسكري المطلوب إسرائيلياً كخطرٍ أكبر على أميركا ومصالحها من أيّة حربٍ أخرى خاضتها في المنطقة.

لذلك حصلت هذه التفاهمات الأميركية/الروسية على كيفيّة التعامل مع الملفين السوري والإيراني دون أن يعني ذلك "يالطا" جديدة أو تفاهمات على توزيع الحصص الجغرافية في العالم، كما حصل بين موسكو وواشنطن عقب الحرب العالمية الثانية. فهي الآن تفاهمات على منع استمرار الانحدار السلبي للملفين السوري والإيراني أو وصول أيٍّ منهما لحالة الحرب الإقليمية، لكن لم يحصل بعد التفاهم الأميركي/الروسي على المطلوب مستقبلاً من وجهة نظر كلّ طرف، فهي مسألة مفتوحة الآن لمزيدٍ من التفاوض، وعلى مرحلتين: الأولى، ومداها الزمني هو قمّة مجموعة الثمانية المقرّرة هذا الشهر (مايو) في "كامب ديفيد" بضاحية العاصمة الأميركية، والمرحلة الثانية ستكون مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر القادم حيث إعادة انتخاب أوباما لفترةٍ ثانية ستكون هي الأساس لجوهر الاتفاقات الممكنة بين المحورين: الأميركي/الأوروبي، والروسي/الصيني، على قضايا دولية عديدة أهمّها خط الأزمات الممتد من طهران إلى غزة. ففي حال إعادة انتخاب أوباما واستمرار نهج التفاهم بين موسكو وواشنطن، فإنّ الصراع العربي/الإسرائيلي سيكون المحطّة القادمة لقطار التفاهمات الدولية، من خلال الدعوة لمؤتمر دولي (ربّما في موسكو) على غرار مؤتمر مدريد في مطلع تسعينات القرن الماضي، ومن أجل إعلان "الدولة الفلسطينية" وتوقيع معاهدات على الجبهتين السورية واللبنانية.

فخيار التسويات هو المطلوب حالياً من قبل الأقطاب الدولية حتى لو كانت هناك "معارضات" لهذه التسويات على مستويات محلية وإقليمية. لكن هذه التسويات يتمّ وضعها الآن على "ظهر سلحفاة" بعدما فشلت تجارب دولية انفرادية سابقة بوضع مشاريع تسوية في "قطار سريع" لكن على سكك معطوبة أو ملغومة.









رد مع اقتباس