يخضع النظام القانوني للشركة عادة للقانون الذي تم تحت ولايته إبرام عقدها، غير تن الشخصية
المعنوية الناجمة عن عقد الشركة تلعب الدور الأكثر أهمية و تقضي هذا القانون في ﻧﻬاية الأمر إلى المرتبة
الثانية
. إن الشخصية المعنوية هي التي تسمح للشركة بممارسة نشاطها حيث تبرز بمناسبة هذا النشاط
قضية القانون واجب التطبيق على النظام القانوني وهذا بغية تحديد ما أطلق عليه التعامل إسم جنسية
الشركات .
تتمثل القضية في معرفة ما إذا كانت توجد بين الدولة والشخصية المعنوية رابطة خضوع مماثلة بتلك
الرابطة العائدة للأشخاص الطبيعيين، وتثير هذه القضية جدلا واسعا في أوساط القانون الدولي، إن
الإختلافات القائمة بين الأشخاص الطبيعيين والشخصيات المعنوية ألقت ظلالا من الشك في الأذهان
فالشخصالطبيعي يرتبط دوما ببلد واحد مهما كان عمله أو إقامته فهو فضلا عن ذلك لا يمكن أن
يوحد سوى في مكان واحد في وقت واحد، غبر أنه يمكن للشخصية المعنوية ذات الأبعاد الدولية أن
يكون لها صلات مع عدة بلدان كما ان الشخصية المعنوية قد تبتعد عن مكان إحداثها الأصلي لدرجة لا
ينبغي لها مع هذا الأخير أي صلة فعلية
.
-ربط الشخصية المعنوية : تملك الشركة هيئات للإدارة والتسيير يتوقف وجودها وصحتها على القواعد
القانونية والتعاقدية التي تسري عليها ويمكن القول بعبارة أخرى أﻧﻬا لا يمكن ان تمارس ن شاطها إلا إذا تم
تشكيلها بصورة نظامية وفقا لقانون الذي أحدثت تحت ولايته وبما أن قوانين مختلف البلدان ليست
متماثلة ولا تتبع ذات السيادة فإنه ينبغي تحديد قانون الشركة لمعرفة القواعد التي تسري عليها وقد أدى
هذا البحث عن القانون الواجب التطبيق إلى الاستعانة بم فهوم الجنسية التقليدي واعتبرت الشخصية
المعنوية خاضعة لقانوﻧﻬا الوطني قياسا على ما يحدث بالنسبة للشخص الطبيعي، وقد تم تعميم مفهوم
جنسية الشركات في وقت كانت فيه النظرية الواقعية حول الشخصيات المعنوية واسعة الانتشار وكان
يقال بأن الشركة تمثل واقع مستقل ويجب بالتالي ان تسبغ عليها الجنسية أسوة بالأشخاص الطبيعيين،
غير انه تبينت أن هذه الجنسية لا تؤدي إلى حل قضية تنازع القوانين طالما انه يتوجب بعد ذلك اختيار
المعايير التي تحدده، والواقع أن الجنسية تستخلص بالنسبة للأشخاص الطبيعيين من واقعة وحيدة فانون
الأرض أو ق انون الدم بينما تبدو الوقائع المستعملة في حالة الشخصيات المعنوية غير قابلة للتطبيق إذ
تكون في أغلب الأحيان وهمية او متعددة أو إحتيالية أو كذلك عسيرة التحديد.
*معايير تحديد الجنسية : يبقى علينا أن نكشف ماهية جنسية الشركة وفقا للتعريف الذي سبق ذكره،
وبما أن الجنسية تحدث بموجب القانون فإنه يتعين علينا إخيار الصلة التي تربطها ﺑﻬذا النظام القانوني، إن
المعايير متعددة وجميعها تنطوي على مساوئ ومحاسن وهذا ما يفسر تقلبات كل من هذه المعايير
والاضطراب الذي يسود استعمالها وقد انطلقت الأبحاث من دراسة الأساس النظري للمجم وعة ومن ثم
للأشخاص الذين تتألف منهم، وينبع الإشكال من كون الشركة تمثل بذات الوقت عقدا وشخصية
معنوية وعلى هذا الأساس فإن اخذ الصفة التعاقدية بعين الاعتبار يقود إلى منح الشركاء حرية كبيرة في
تحديد جنسية الشركة غير أن المعيارين، المعيار المرتكز على العقد والم عيار المرتكز على الشخصية المعنوية
ينطويان على أوجه شبه فيما بينهما، إﻧﻬما يشكلان معيارين موضوعيين بمعنى أﻧﻬما يرتكزان على مفهوم
الشركة بغض النظر عن الأشخاص المتواجدين خلف واجهتها القانونية وكرد فعل على هذه المعايير
الموضوعية ظهرت المعايير الذاتية التي ترك ز على شخصية الشركاء والمديرين والتي تنسجم مع النظرية
الاعتبارية للشخصية المعنوية، وتعتمد هذه النظريات الذاتية على معيار المراقبة