منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-05-11, 11:03   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
hamiddeg
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية hamiddeg
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من الأمور التي يصر عليها الوهابية وغيرهم من المجسمة والمشبهة هو أنّ الباري عز وجل مستقر على العرش فوق السماء السابعة ، وأنه ينزل من عرشه نزولاً حقيقياً إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ، ولما تنبه بعضهم إلى أنّ الليل يختلف بإختلاف البلدان قالوا بأنه عز اسمه ينزل لكل جماعة حسب الثلث الأخير من الليل عندهم ، يقول ابن تيمية في شرح حديث النزول : فالنزول الإلهي لكل قوم هو مقدار ثلث ليلهم ، فيختلف مقداره بمقادير الليل في الشمال والجنوب ، كما اختلف في المشرق والمغرب ، وأيضاً : فإنه إذا صار ثلث الليل عند قوم ، فبعده بلحظة ثلث الليل عند ما يقاربهم من البلاد ، فيحصل النزول الإلهي الذي أخبر به الصادق المصدّق أيضاً عنـد أولئك إذا بقي ليلهم ، وهكـذا إلى آخر العمارة .
وقد استدل هؤلاء بما روي بأنّ الباري عز وجل ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا حتى يبقى الثلث الأخير من الليل.
فقد أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي في عمل اليوم والليلة وأحمد بن حنبل وابن حبان ومالك في الموطأ وابن أبي عاصم والبيهقي وابن خزيمة في كتاب التوحيد وأبو القاسم اللالكائي الطبري في شرح السنة وأبو نعيم الإصبهاني في المسند المستخرج وأبو عوانة وغيرهم بالإسناد عن أبي هريرة أنّ رسول الله (ص) قال : يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ . وهذا الحديث رووه عن غير أبي هريرة أيضاً .ورووه بمضامين قريبـة كالنزول في يـوم عرفة وشهر رمضان وغير ذلك أيضاً .
وقد وقع البحث عندهم في هل أنه إذا نزل يخلو منه العرش أم يبقى في عرشه مع نزوله إلى السماء الدنيا ، وقد اختلفـوا في ذلك على أقوال ثلاثة :
الأول : أنه لا يخلو منه العرش ، وإليه ذهب الذهبي وابن تيمية وذكر أنه معروف عند الأئمة حماد بن زيد وإسحاق بن راهويه وغيرهما .
وذكر ابن تيميـة في عـدة مواضع من كتبه أنه قـول السلف ، وهذا هو المنقول عن أحمد بن حنبل على رواية عنه .
الثاني : أنه يخلو منه العرش حين ينزل إلى سماء الدنيا ، وممن ذهب إلى هذا القول من علمائهم أبو القاسم بن مندة ، يقول ابن تيمية : وقد صنف أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن محمد بن مندة مصنفاً في الإنكار على من قال لا يخلو منه العرش ، وسماه : الرد على من زعم أنّ الله في كل مكان وعلى مـن زعـم أنّ الله ليس لـه مكـان ، وعلى من تأول في النزول غير النزول .
الثالث : التوقف ، نقله شيخ الوهابية بن عثيمين عن البعض من علماء أهل السنة . (5)
ومع اختلافهم بالنسبة لخلو العرش ، لكنه على قواعدهم حين عدم النزول تخلو منه سماء الدنيا ، وتعالى الله عما يقولون علواً كبيراً .
واختلفوا في هل أنّ النزول من صفات الذات فيكون النزول قديما وأبديا أو أنه من صفات الفعل ، وقد ذهب أبو يعلى الفراء إلى أنه صفة ذات كما نقل عنه ذلك ابن تيمية ، ولكنه خالفه وذهب إلى أنه من صفات الفعل .

ثم إنّ شيخ الوهابية بن عثيمين ذكر بأنّ أهل التعطيل أولوا النزول ، يقول في شرح لمعة الإعتقاد : وأجمع السلف على ثبوت النزول لله فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ، وهو نزول حقيقي يليق بالله ، وفسره أهل التعطيل بنزول أمره ، أو ملك من ملائكته ...

وبهذا يكون الكم الغفير من علماء السنة كابن حجر العسقلاني والفخر الرازي وأبي الحسن الأشعري وغيرهم من أهل التعطيل ، ويدخلون في نطاق الفرق المبتدعة في نظر هذا الوهابي المتحجر الذي لا يتورع في اتهام المسلمين ، فمن الذي سلم من لسانهم وصلافتهم في الكلام .
المنكرون للقول بالنزول بمعناه الحقيقي
من علماء السنة
رغم إصرار الحنابلة على القول بالنزول ، وأنه من المعتقدات الأساسية ، ورغم إنكارهم الشديد على من أنكره ، ورميهم له بالتجهم والكفر وغير ذلك فقد أنكر القول به عدد كبير من علماء السنة ، ولنذكر بعض من أنكر النزول منهم :

الحافظ ابن حبان

ممن أنكر النزول ابن حبان ، فإنه لما وجد القول بالنزول يناقض ما ذهب إليه من نفي الحد ، والذي بسببه أخرجه جماعة من أهل الحديث وطعنوا عليه فسر النزول بما يقتضي نفيه ، حيث قال : صفات الله جل وعلا لا تُكيف ولا تقاس إلى صفات المخلوقين ، فكما أنّ الله جل وعلا متكلم من غير آلة بأسنان ولهوات ولسان وشفة كالمخلوقين ، جل ربنا تعالى عن مثل هذا وأشباهه ، ولم يجز أنْ يُقاس كلامه إلى كلامنا ، لأنّ كلام المخلوقين لا يوجد إلا بآلات ، والله جل وعلا يتكلم كما شاء بلا آلة ، كذلك ينزل بلا آلة ولا تحرك ، ولا انتقال من مكان إلى مكان ، وكذلك السمع والبصر ،فكما لم يجز أنْ يُقال : الله يبصر كبصرنا بالأشفار والحدق والبياض ، بل يبصر كيف يشاء بلا آلة من غير أنْ يُقاس نزوله إلى نزول المخلوقين ، كما يُكيف نزولهم ، جل ربنا وتقدس من أنْ تُشبه صفاته بشيء من صفات المخلوقين .
إجماع الأشاعرة على نفي صفة النزول :أجمعت كلمة الأشاعرة على نفي النزول ، وأنّ له تأويلاً غير المدلول الوضعي للفظ ، وقد نقل عن الأشعري وأصحابـه نفي القـول بالنزول لابن تيمية .
ونقل لزوم التأويل عن أكثر المتكلمين النووي حيث قال : مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو هنا محكي عن مالك والأوزاعي أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها ، فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين ، أحدهما : تأويل مالك بن أنس وغيره معناه تنزل رحمته وأمره وملائكته ، كما يُقال فعل السلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره ، والثاني : الاستعـارة ، ومعناه الإقبـال على الـداعـين بالإجابة واللطف ، والله أعلم .
كلام ابن حجر العسقلاني في نفي النزول
يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : وقد أختلف في معنى النزول على أقوال ، فمنهم من حمله على ظاهره وحقيقته وهم المشبهة ، تعالى الله عن قولهم ..
كلام أبي بكر بن العربي
يقول أبو بكر بن العربي المالكي : النزول راجع إلى أفعاله لا إلى ذاته بل ذلك عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه ، فالنزول حسي صفة الملك المبعوث بذلك ، أو معنوي بمعنى لم يفعل ثم فعل فسمي ذلك نزولا عن مرتبة إلى مرتبة فهي عربية صحيحة .
كلام الحافظ جلال الدين السيوطي
قال السيوطي في أثناء كلامه في شرح حديث النزول في تنوير الحوالك :
فالمـراد إذن نـزول أمره أو الملك بأمره ، وذكـر بن فورك أن بعـض المشايخ ضبطه ينزل بضم أوله على حذف المفعول أي ينزل ملكاً .

كلام إمام الحرمين الجويني
يقول إمام الحرمين الجويني في الإرشاد ، أثناء كلامـه عما روي بشأنْ النزول (1) : وأما الأحاديث التي يتمسكون بها ، فآحاد لا تفضي إلى العلم ، ولو أضربنا عن جميعها لكان سائغاً ، لكنا نوميء إلى تأويل ما دوّن منها في الصحاح ، فمنها حديث النزول ، وهو ما روي عن النبي (ص) أنه قال : > ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة جمعة ويقول : هـل من تائب فأتـوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من داع فأجيب له < الحديث ، ولا وجه لحمل النزول على التحول ، وتفريغ مكان وشغل غيره فإنّ ذلك من صفات الأجسام ونعوت الأجرام ، وتجويز ذلك يؤدي إلى طرفي نقيض ، أحدهما الحكم بحدوث الإله ، والثاني القدح في الدليل على حدوث الأجسام والوجه حمل النزول وإنْ كان مضافاً إلى الله تعالى ، على نزول ملائكته المقربين ، وذلك سائغ غير بعيد ، ونظير ذلك قوله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) ، معنـاه : إنما جـزاء الـذين يحاربون أوليـاء الله ، ولا يبعـد حـذف المضاف وإقامـة المضـاف إليه تخصيصاً .

كلام القسطلاني في شرح صحيح البخاري

يقول القسطلاني في شرح عبارة > ينزل ربنا تبارك وتعالى < من الحديث المروي المتقدم : نزول رحمة ومزيد لطف وإجابة دعوة وقبول معذرة ، كما هو ديدن الملوك الكرماء والسادة الرحماء إذا نزلوا بقرب قوم محتاجين ملهوفين فقراء مستضعفين ، لا نزول حركة وانتقال لاستحالة ذلك على الله تعالى ، فهو نزول معنوي ، نعم يجوز حمله على الحسي ويكون راجعاً إلى أفعاله لا إلى ذاته ، بل هو عبارة عن ملكه الذي ينزل بأمره ونهيه ، وقد حكى ابن فورك أنّ بعض المشايخ ضبطه بضم الياء من ينزل ، قال القرطبي : وكذا قيده بعضهم ، فيكـون معـدى إلى مفعـول محـذوف ، أي ينزل الله ملكاً ... الخ .

كلام العيني في شرح صحيح البخاري

قال أثناء كلامه عن حديث النزول : وقال ابن فورك : ضبط لنا بعض أهل النقل هذا الخبر عن النبي (ص) بضم الياء من ينزل يعني من الإنزال وذكر أنه ضبط عمن سمع منه من الثقات الضابطين ، وكذا قال القرطبي قد قيده بعض الناس بذلك ، فيكون معدى إلى مفعول محذوف ، أي ينزل الله ملكاً ، قال : والدليل على صحة هذا ما رواه النسائي من حديث الأغر عن أبي هريرة وأبي سعيد قال : قال رسول الله (ص) : > إنّ الله عز وجل يمهل حتى يأتي شطر الليل الأول ، ثم يأمر منادياً يقول : هل من داع فيستجاب له < ، وصححه عبد الحق ، وحمل صاحب المفهم على النزول المعنوي على رواية مالك عنه عند مسلم ، فإنه قال فيه ، > يتنزل ربنا < ، بزيادة تاء بعد ياء المضارعة ، فقال : كذا صحت الرواية هنا ، وهي ظاهرة في النزول المعنوي ، وإليها يُرد > ينزل < على أحد التأويلات ، ومعنى ذلك أنّ مقتضى عظمة الله وجلاله واستغنائه عن خلقه أنّ لا يعبأ بحقير ذليل ، لكن ينزل بمقتضى كرمه ولطفه ، لأنّ يقول من يقرض غير عدوم ولا ظلوم ، ويكون قوله > إلى السماء الدنيا < عبارة عن الحالة القريبة إلينا والدنيا ، والله أعلم .
ثم رد على القول بالعلو الحسي كما تقدم نقله عنه عند الكلام في مسألة العلو .

كلام القاضي البيضاوي

قال القاضي البيضاوي الأصولي المتكلم وصاحب التفسير المعروف : لما ثبت بالقواطع العقلية أنه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع أعلى إلى ما هو أخفض منه ، فالمراد دنو رحمته ، وقد روي > يهبط الله من السماء العليا إلى السماء الدنيا < أي ينتقل من مقتضى صفات الجلال التي تقتضي الأنفة من الأرذال وقهر الأعداء والانتقام من العصاة إلى مقتضى صفات الإكرام للرأفة والرحمة ، ويقال : لا فرق بين المجيء والإتيان والنزول إذا أضيف إلى جسم يجوز عليه الحركة والسكون والنقلة التي هي تفريغ مكان وشغل غيره ، فإذا أضيف ذلك إلى من لا يليق به الإنتقال والحركة كان تأويل ذلك على حسب ما يليق بنعته وصفته تعالى . (

كلام أبي عبد الله السنوسي المالكي

قال في شرحه على إكمال إكمال المعلم : لما ثبت بالقواطع العقلية والنقليه أنه تبارك وتعالى منزه عن الجسمية والتحيز والحلول امتنع عليه النزول بمعنى الإنتقال من موضع أعلى إلى ما هو أخفض منه ، بل المعني به إذا لم نقدر حذف المضاف على ما ذكره أهل الحق دنو رحمته ومزيد لطفه على العباد ، وإجابة دعوتهم ، وقبول معذرتهم ، كما هو ديدن الملوك الكرماء والسادة الرحماء إذا نزلوا بقوم مكان ينزل يأمر منادياً ينادي يقول : هل من داع ، الحديث ذكره النسائي ، وهذا يرفع الإشكال ، وقيده بعض الناس بضم الياء من أنزل ، أي ينزل ملكاً ، ويشهد للثاني ما في الحديث من قوله > يبسط يديه < فإنه استعارة لكثرة إعطائه وإجابة دعائه ، ولا يعترض هذا بأنْ يُقال فعله وأمره ونهيه في كل حين ، فلا يختص بوقت لأنه لا يمتنع أنْ يُخصص ذلك ببعض الأوقات ، وقد يكون المراد بالأمر هاهنا ما يختص بقائم الليل ، كما اختص رمضان ويوم عرفة وليلة القدر وليلة النصف من شعبان بأوامر من أوامره وقضايا من قضاياه لا تكون في سائر الأوقات ... الخ .

كلام الملا علي القاري الحنفي

قال في مرقاة المفاتيح بعد أنْ نقل كلام النووي بشأنْ معنى حديث النزول الذي تقدم نقله وأقوال العلماء فيه : وبكلامه ، وبكلام الشيخ الرباني أبي إسحاق الشيرازي ، وإمام الحرمين ، والغزالي ، وغيرهم من أئمتنا يعلم أنّ المذهبين متفقان على صرف تلك الظواهر ، كالمجيء والصورة ، والشخص ، والرجل ، والقدم ، واليد ، والوجه ، والغضب ، والرحمة ، والاستواء على العرش ، والكون في السماء ، وغير ذلك مما يفهمه ظاهرها لما يلزم عليه من محالات قطعية البطلان ، تستلزم أشياء يُحكم بكفرها بالإجماع ، فاضطر ذلك جميع الخلف والسلف إلى صرف اللفظ عن ظاهره ، وإنما اختلفوا ، هل نصرفه عن ظاهره معتقدين اتصافه سبحانه بما يليق بجلاله وعظمته من غير أنْ نؤوله بشيء آخر ، وهو مذهب أكثر أهل السلف ، وفيه تأويل إجمالي أو مع تأويلـه بشيء آخر ، وهـو مـذهب أكثر أهل الخـلف وهـو تأويل تفصيلي ... إلى أنْ قال : بل قال جمع منهم ومن الخلف : أنّ معتقد الجهة كافر كما صرّح بـه العـراقي ، وقال : إنه قـول لأبي حنيفة ومالـك والشافعي والأشعري والباقلاني .
وكلمات علماء السنة بنفي النزول بما يقوله المجسمة والمشبهة من الحنابلة وغيرهم كثيرة .
وتقدم في مسألة العلو بيان بعض ما يرد على قولهم بالنزول الحقيقي .
وأما بالنسبة لحديث النزول ، فظاهره كما تبين مما تقدم يقتضي تجويز المحال ومخالف لما هو الثابت بالقطع من الشارع الأقدس ، فإما أنْ يرد ، وعلى طبق قواعد الإمامية لا دليل عليه ، بل الأقرب أنه حديث موضوع مأخوذ من طرق اليهود ، وهو من الإسرائليات ، وإنْ لم يقبل البعض ضعفه وأصر على صحته ، فلا بد من تأويله كما تقدم عن جمع من كبار علماء السنة وأئمتهم من أمثال الحافظ ابن حجر العسقلاني وأبي الحسن الأشعري وإمام الحرمين الجويني وأبي بكر الباقلاني وغيرهم .