سأبدأ حديثي من مثل شعبي سوري يقولون فيه : تيتي تيتي مثل ما رحت مثل ما جيتي . ويقصدون منه عدم تغير الوضع بين ماقبل فعل الشيء ومابعد فعله . وهو ما أكاد أجزم للأسف الشديد بأنه سيحدث للجزائريين بعد العاشر من ماي 2012 . فجزء ليس بالهين من الجزائريين يعتقدون بأن التغيير يأتي بالذهاب لصناديق الانتخاب واختيار من يرونه الأصلح والأنسب لعملية التغيير على الرغم من تعدد الرؤى حول هذا الأصلح والأنسب فمنهم من يراه في شخص الرجل الملتزم دينيا وأخلاقيا ، ومنهم من يراه في الشخص المثقف وذا المستوى العالي علميا ومنهم من يراه في الشخص القادر ماديا لأنه حسب رأيهم لا يحتاج للمال الذي يتهافت عليه الكثيرون . ولكن كل هؤلاء نسوا أو تناسوا عن قصد أو عن غير قصد ، أن يفكروا أولا في ماهية التغيير الذي ننشده وكيفية تطبيقه . وهنا أتساءل : هل النظام الجزائري الحالي بقوانينه واجراءاته وعناصره و شخصياته بصفة خاصة ، أوجد الأرضيه السليمه والخصبه لعملية التغيير وهيأ الظروف المناسبة للداعين له حتى يجدوا أنفسهم في الطريق السليم . بالنسبة لي شخصيا أعتقد جازما بأن نظامنا للأسف الشديد لاينشد هذا التغيير ولا يريده ، بل لن يرضى به وسيقاوم كل من يسعى إليه ، والشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة منها حسب رأيي
01 - اقصاء وتهميش شريحة معتبرة من الشعب الجزائري بداعي انضمامهم سابقا للحزب المنحل - الفيس - وسواء اتفقنا أو اختلفنا معهم ، فهم جزء من الشعب الجزائري ولهم حقوق مثلما عليهم واجبات ، شئنا أم أبينا .
02 - تعمد جعل نسبة 30% من المجلس نساءا ، وهو اجراء قانوني غير معمول به حتى في أعرق دول العالم ديمقراطية لأن فيه في حد ذاته اغتصاب لارادة الشعب فمثلا القائمة التي تحصل على أربعة مقاعد سيكون منها مانسبته 1.2 % نساء فإذا كانت المرأة المترشحة في هذه القائمة في الرتبة السابعه مثلا فهي ستنجح غصبا عن المترشحين في الرتب الخامسه والسادسه وهو أمر غير منطقي .
03 - قبول اعتماد عدة أحزاب سياسيه جديده وفي ظرف لا يتعدى الشهرين من اعتمادها تدخل غمار التشريعيات دون تفريق الناس حتى بين أسمائها فمابالك ببرامجها وهو اجراء مقصود الغرض منه تشتيت أصوات الناخبين بين الكثير من الأحزاب ، مما يصعب وجود الأغلبيه في المجلس وبالتالي بقاء دار لقمان على حالها وتصبح السيطره في المجلس لذوي النفوذ السياسي وللبزنسه بأصحاب اللامبدأ .
04 - دخول معظم الأحزاب لغمار انتخابات تشريعيه وهم لا يعرفون مهام هذا المجلس بالأساس فمنهم من يتحدث عن مجلس برلماني عادي كسابقه ومنهم من يتحدث عن كونه سيكون بمثابة مجلس تأسيسي . وحسب رأيي المتواضع هذه الدوامه مقصوده . فمن يعتقدون بأنه سيكون مجلسا تأسيسيا سيحشدون جهودهم من أجل ذلك والترويج له وبالتالي كسب المزيد من الأصوات لرفع نسبة المشاركه ونفس الأمر لمن يفضلون البرلمان العادي
05 - لجوء الجميع من فخامته إلى رئيس أقل حزب عمره شهرين إلى أسلوب الترهيب والتخويف بالتدخل الأجنبي والخطر المحدق بالوطن في حالة تدني نسبة المشاركه مما يوحي بأن الجميع مهتم بمنح الشرعية لهذا المجلس داخليا وخارجيا بغض النظر عمن سيمثل الشعب فيه وهو في حد ذاته أمر خطير لما لهذا المجلس من قيمة في مؤسسات الدوله كمصدر للتشريع ومركز للرقابة على الحكومة .
في الأخير أتمنى أن لا يصدم الكثيرون في نتائج الانتخابات بالدرجة الأولى و في ما سيرونه من تغيير قد لايكون على بالهم . أما بالنسبة لي شخصيا فأكاد أكون متأكد بأن انتخابات الرئاسه في 2014 والانتخابات التشريعية لسنة 2017 - إن كان في العمر بقية - لن تكون مختلفة عما سبقها من استحقاقات انتخابيه إلا إذا قرر الشعب وبطريقة حضارية وسلمية ايقاف هؤلاء المخادعين عما يجرون إليه جزائرنا الحبيبه . وكل انتخابات وأنتم تصفقون فرحين بما أعطاكم النظام من نفاق . ودمتم سالمين .