( لــصٌّ في الــدّار )
من أيِّ مستنقع وافيتَ في عجلِ *** وأي خنزيرةٍ ألقتك في الوحـل(4)
وأي حانات صهباءٍ ولغت بها *** من كل دنٍ خبيث الريــح معتمل
جوزيف مهلا تظن الدار مهـملـة *** أو أن حراسها ناموا عن العمل(5)
زلـت بك القدم الشلاء قد ألفت *** درب الحرام بلا دين و لا خجل
حتى تسورت دار الطهر في بله *** تظن نفسك في يافا أو الرمــــل
وقعت في قبضة الحراس فانهمرت *** عليك ركلاتهم بالخف و النعــل
و كبلت منك أيدي السوء قد جمعتْ *** مغلولة بسلاسـيل إلى الكفـل
أقول تالله ما لومي عليك غدا *** يا أخطل العصر لا تصحو من الثمل
لكن عتابي إلى دار ذرقت بها *** فأنتــــن ريحها في السهل و الجبل
لهفي على الدار تبكي في تنهدها *** قوما بنوها لنشر النور في أمل
فامتد منها ضياء الوحي تنشره *** مشعشعا في الدنا بالقول و العمل
قد أشرقت منه بالتوحيد أفئدة *** في الشرق والغرب في الوديان والقلل
و الشرك أمسى ذليلا في محاجره *** و هدمــت منه أركان بلا مهل
وسنة المصطفى المختار ناشرة *** لواءها تدحض البدعات و الخطل
حتى بلينا بقوم لا أمــان لهم *** و لا وفـاء بهـم من أخبث الملل
تلبسوا بلباس الدين في دجل *** تـذرعوا برهـة بالمكـر و الحيـل
بثوا مناهجهم سرا على حذر *** و نثـروا حبهـم كالصائد الختـل
حتى شباكهم أمست بها تخم *** مـن كثرة الصيد من جهالنا الغفل
و صار أبناؤنا في فكرهم شلل *** وفي عقـولهم ضرب من الخبل
و بات معشوقهم قطب و إخوته *** و زينب يالها من زمرة الجهل
و كعبة القوم في الخرطوم قائمة *** في ساحة للترابي الفاجر الدولي
يا قوم هلا أفقتم من تغافلكم *** كفى انخداعا بأهل الزور و الدجل
قد كان أجدادكم سادات عالمهم *** كانوا رؤسا لأهل الدين و الدول
هذي الجزيرة مهد الوحي شرفها *** الرحمن بالبيت مهوى القلب والمقل
قد خصّها الله بالتفضيل في أزلٍ *** وأودع السّاكنيها أفضـل المثُل
فكيف يرضى بنوها ترك رتبتهم *** ويصبحوا في الملا كالذيل منسدلِ
(جوزيف) قطبكمو نوحوا عليه ضحىً *** وفي المساءِ كذات الحزن والثّكلِ
والله لانرتضيه لا ولن أبـــداً *** وسوف نفضحه فضحاً بلا مهـلِ
ماورّثَ الدين والدنيا سوى كتبٍ *** مشئومة وأباطيلٍ من الجُمــل
لوكان في كتْبه خير لما سبقتْ *** طهران في نشرها في كل محتفـــلِ(6)
أوكان في نهجه علمٌ لأنذرهم *** شركَ الدعاء لأمواتٍ وكل وليْ
أو كان رائد إصلاحٍ لما عملت *** في وجهه الموسُ في الإصباح والأُصُلِ
إن كان ضحّى على جهل لنيل فدًا *** فالجعد من قبل قد ضحّى فلم ينـلِ
كذا الخوارجُ قد ضحَّوا فما ربحوا *** وذاك ملجمهم فادى بقتل عـلي
والباقر الرافضي حزّت غلاصمُه *** من أجل إسلامه ياخيبة الأمـــلِ
والله لوطار شخصٌ في الهوا علناً *** أو يمش ع البحر من حافٍ ومنتعـلِ
لما انخدعْنا به حتى نوازنه **** بهدي سيد خلق اللـه والرســـلِ
ليهنك المدح يا عمروٌ كسيدهم *** فقرّ عينـــاً بجوزيف ولا تسلِ(7)