منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الإيمان بالقدر
الموضوع: الإيمان بالقدر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2009-04-17, 14:26   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المسيلي28
محظور
 
إحصائية العضو










M001 الايمان بالقدر خيره وشره

أضيف هذا الدرس لتعم الفائدة إن شاء الله تعالى

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الايمان بالقدر خيره وشره
قال الله تعالى { إنَّا كلَّ شيء خلقناه بقَدَر } (القمر) وقال الله تعالى { وخَلَقَ كل شيء فقدَّرهُ تقديراً } (الفرقان).
إخوة الإسلام، اعلموا أنه لا يجري شيء في هذا العالم إلا بتقدير الله سبحانه وتعالى. والقَدَرُ هو جعلُ كل شيء على ما هو عليه. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الإيمان أن تؤمن باللهِ وملائكتهِ وكتبهِ ورسلهِ واليومِ الآخرِ وبالقَدَرِ خيرهِ وشرهِ”. أي أن المخلوقات التي قدّرها اللهُ وفيها الخيرُ والشرُ إنما وُجدت بتقديرِ اللهِ الأزلي.
والإيمان بالقدر هو من الأمور المهمة ويكون باعتقاد أن كل شيء يحصل بتقدير الله ويدخل في ذلك عملُ العبد الخير والشر باختياره. إن إرادة الله نافذةٌ في كل ما أراده على حسب عِلمِه الأزلي، فما عَلِمَ الله كونَه أراد كونَه في الوقت الذي يكون فيه. وما عَلِمَ أنه لا يكون لم يُرِدْ أن يكونَ فلا يحدثُ في العالم شيء إلا بمشيئة الله لا يحصل شيء إلا بمشيئة الله .
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علّم بعضَ بناتِه " ما شاء الله كانَ وما لم يشأ لم يكن " رواه أبو داود. فكل ما شاء الله أن يكونَ كانَ وما لم يشأ الله أن يكونَ لا يكون ولا تتغير مشيئَتُه، فهو على حسب مشيئته الأزلية يغيِّر المخلوقات من غير أن تتغير مشيئته. هذه كلمة أجمع عليها المسلمون سلفهم وخلفهم، وقد قال الله تعالى { وما تشاؤونَ إلا أن يشاءَ الله ربُّ العالمين} (التكوير).
لقد أرسل الله تعالى الرسلَ مبشرينَ ومنذرينَ ليُظهرَ ما في استعداد العِباد من الطَوع والإباء فمن عَلِمَ الله منه الإيمان ظَهَرَ منه الاستعدادُ للإيمان ومن عَلِمَ الله منه الكفرَ ظَهَرَ منه الاستعدادُ للكفر كما عَلِمَ الله وشاءَ، فيهلك من هَلَكَ عن بيِّنة ويَحيَى من حيّ عن بيِّنة. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال " حدَّثنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن أحدَكم يُجمَعُ خَلْقَه في بطن أمه أربعين يوماً نُطفةً ثم يكون عَلَقَةً مثل ذلك ثم يكون مُضْغَةً مثل ذلك ثم يرسل إليه المَلَك فينفخ فيه الروحَ ويُؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجَله وعمله وشقي أم سعيد. فوالذي لا إله غيره إن أحدَكم ليعملُ بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتابُ فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدَكم ليعملُ بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ". رواه البخاري ومسلم.
إذاً السعيد من سَعِدَ بقضاء الله، والشقي من شَقِيَ بقضاء الله فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِق له.
القَدَر من أصول الإيمان :
وقد قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في كتابه " الفقه الأكبر " قدّر الأشياء وقضَاها ولا يكون في الدنيا والآخرة شيء إلا بمشيئَتِه وعلمِه وقضَائِه وقدرِه ".
وقال القاضي أبو بكر بن العربي " من أعظم أصول الإيمان : القَدَرُ فمن أنكره فقد كفر ". وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي في كتاب " العقيدة الطحاوية " : وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه لم يَطَّلِع على ذلك مَلَكٌ مقرَّب ولا نبي مرسَل ". والتعمق والنظر في ذلك ذريعةُ الخذلان وسُلمُ الحرمان ودرجةُ الطغيان، فالحذر كل الحذر نظراً وفكراً ووسوسةً، فإن الله تعالى طَوى علم القَدَرِ عن أنامه ونهاهم عن مَرامِه كما قال تعالى { لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون } (الأنبياء ) فمن سأل : لِمَ فَعَلَ، ( أي على وجه الاعتراض على الله) فقد ردّ حكم الكتاب ومن ردّ حكم الكتاب كان من الكافرين.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال " كنت رَدِيفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا غُلام ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهنّ ؟ فقلت : بلى، فقال : احفظ اللهَ يحفظك، احفظ الله تجده أمامك أي أطِعه ينصرك، تعرّف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل اللهَ وإذا استعنتَ فاستعن بالله. قد جفَّ القَلَمُ بما هو كائن فلو أن الخَلْقَ كلهم جميعاً أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يكتبه اللهُ عليك لم يقدروا عليه وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه اللهُ عليك لم يقدروا عليه. واعلم أن الصبرَ على ما تكره خير كثير وان النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وإن مع العُسر يُسراً " رواه الإمام أحمد. فإذاً لا نافعَ ولا ضارَّ على الحقيقة إلا الله.
الله خالق كل شيء
إن الله سبحانه وتعالى هو خالق كل شيء، وأما ما يقوله البعض أن الله خلق الخيرَ ولم يخلق الشرَّ فإنه تكذيب لقولِه تعالى { اللهُ خالقُ كلِّ شيء } (الرعد) وقولِه تعالى { والله خلقكم وما تعلمون } (الصافات) ومن ينسب لله تعالى خَلْقَ الخيرِ دون الشرِ فقد نسب الى الله تعالى العجز، ولو كان كذلك لكان للعالم مدبران مدبِّرٌ للخير ومدبرٌ للشر وهذا كفر وإشراك. هذا الرأي السفيه، من جهة أخرى، يجعل الله تعالى في ملكه مغلوباً، لأنه حسب اعتقاده الله تعالى أراد الخيرَ فقط فيكون قد وقع الشرُ من عدوه ابليس وأعوانه الكفار رُغماً عنه ويكفر من يعتقد هذا الرأي لمخالفته قوله تعالى { واللهُ غالبٌ على أمره } (يوسف) أي لا أحد يمنعُ نَفَاذَ مشيئةِ الله.
وليس لأحد أن يُنكر بأن الشر هو بخلق الله لأن الله أخبر بذلك فقال تعالى { قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق} ومن خالف القرآن فقد كفر.
أخي المسلم، إن مسألة القضاء والقدر لا يتم الإيمان إلا بها بأن يعتقد الإنسان أن كل شيء من الطاعةِ والعصيانِ والنفعِ والضرِّ بمشيئةِ الله، خلافاً للمعتزلة فإنهم ينسبون خَلْقَ الفعل إلى العبد وقد سُموا " بالقدرية " لأنهم نفوا القدر وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لكل أمة مَجوسٌ ومجوسُ هذه الأمة الذين يقولون لا قَدَر ". رواه أبو داود. وقال ابن عباس رضي الله عنهما " كلام القدرية كفر " وإن قول المعتزلة بأن العباد يخلقون أفعالَهم يكذبُ قولَه تعالى { قل إن صلاتي ونُسُكي ومَحيايَ ومَمَاتي لله ربِّ العالمين لا شريكَ له وبذلك أمرتُ وأنا أول المسلمين} أخبر اللهُ تعالى بأن صلاة العبد ونُسُكَه ومَحياه ومَمَاته ملكٌ له وخَلْق له لا يُشركه فيه غيره. ومن الأدلة كذلك قوله تعالى { أفمنْ يَخْلُقُ كمن لا يخلق أفلا تَذَكَّرون } (النحل) وقال البيهقي في مناقب الشافعي بإسناده
إلى الربيع المرادي : سُئِلَ الشافعي عن القَدَر فقال :
ما شئتَ كانَ وإن لم أشأْ * وما شئتُ إن لم تشأ لم يكنْ
خلقتَ العبادَ على ما علمتَ * ففي العلم يجري الفَتى والمُسِنْ
على ذا مَنَنْتَ وهذا خذلتَ * وهذا أعنتَ وذا لم تُعنْ
فمنهم شقيٌّ ومنهم سعيد * وهذا قبيح وهذا حَسَنْ
أخي المسلم، إنَّ الله منّ علينا بِنِعَم كثيرة فعلى كلٍّ منا أن يشكر الله على نِعَمِه بترك المحرمات وأداء الواجبات وليس للمرء العاصي أن يقول لِمَ يعذبني وقد قدّره علي إذاً ظلمني فهذا كفر لأن الله هو الحاكم المطلق الفعّالُ لما يريد {لا يُسألُ عما يفعل وهم يُسألون } وليس للمذنب أن يقول " طالما أنه قدّره علي فلا بد أن يغفر لي ولن يعذبني أبدا " وهذا هو الأمْنُ من مَكْرِ الله. فالله خلق الجنة وجعل لها أهلَها وخلق النار وجعل لها أهلَها وما ربك بظلاَّمٍ للعبيد، ومن عَمِلَ صالحاً فلنفسه ومن أساءَ فعليها ولا يلومَنَّ إلا نفسه.
اللهم إنا نسألك أن يكون حظُّنا في الجنة ونسألك أن تثبتنا على توحيدِك وعلى الاعتقادِ السليمِ إنك على كل شيء قدير.