الدّولة الزيانية
تنسب الدّولة الزيانية إلى بني عبد الواد، وهم فرع من فروع الطبّقة الثّانية من زناتة احدى أكبر وأشهر القبائل البربرية ببلاد المغرب التي كانت تنتقل في الصحراء الكبرى، يجوبون صحراء المغرب الأوسط بحثا عن المراعي بين سجلماسة ومنطقة الزاب بإفريقية. كان بنوعبدالواد من أمراء هذي القبائل الرحل و كانوا يرتادون منطقة الأوراس ويشغلون منطقة الزاب إقليم قسنطينة، وهم من ولد سجيح بن واسين بن يصليتن بن مسرى بن زكيا بن ورسيج بن مادغيس الأبتر، وكانوا عدّة بطون هي: بنو ياتكتن، بنو وللو، بنو تومرت، بنو ورسطف وبنو مصوجة، ويضاف إليهم بنو القاسم الذين ينتسب إليهم بنو زيان حكام الدّولة. ولما قام عقبة بن نافع الفهري بحركته في بلاد المغرب فاتحًا، سنة 62هـ/ 682م، أثناء حملته الثانية المشهورة وقد شملت أراضيهم بالأوراس والزاب، ساندوه وشكلوا فرقة من جيشه تابعت معه فتوحاته غربًا وقد أبلوا بلاء حسنا في مهمتهم إلى جانب المسلمين. قال يحيى بن خلدون، أرسل عقبة إلى بني عبد الواد فسارعوا إليه بالف فارس أنجاد نصره الله تعالى بهم ودعا لهم فمازالوا يعرفون بركاته حتى الآن. وهذا دليل على أن بني عبد الوادي اعتنقوا الإسلام مبكرا. ولما حلّ عرب بني هلال بالمغرب انزاح بنو عبد الواد أمامهم من الزّاب واستقروا في منطقة جنوب وهران، وفي عهد المرابطين حضروا مع يوسف بن تاشفين معركة الزلاقة. وفي رواية أخرى، أن بني زيان هم من نسل القاسم بن محمد بن عبد الله بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر جد الشرفاء الأدارسة 788ء974 م فاندمجوا في بني عبد الواد لما تغلب الفاطميون،( يغمراسن بن زيان بن ثابت بن محمد بن زيدان بن يندوكس بن طاع الله بن علي بن يمل بن يرجز بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي وفاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص). (ومنهم من قال، وكلهم من ابناء عبد الرحمن بن يوسف بن الشريف زيّان بن زين العابدين، الشرفاء الأدارسة الذي ينحدر منهم السنوسية، وكثير من العلماء و الصالحين). وقد فنّد عبد الرّحمن بن خلدون قضية النّسب الشّريف للزيانيين خلافا عن شقيقه يحيى بن خلدون. (نسب بني زيان إلى زناتة مصدرها عبد الرحمن بن خلدون..؛ وفي المقابل؛ نسب بني زيان إلى الأدارسة مصدرها يحيى بن خلدون الأخ الأصغر لعبد الرحمن كذلك. إذن؛ فأصل بني زيان يتضارب بين فكرتين رئيستين: تبناها فيما بعد معظم المؤرخين في بلاد المغرب والأندلس.. فمنهم من اعتمد على قول عبد الرحمن بن خلدون، ومنهم من تبنى مقولة أخيه يحيى بن خلدون). قال التنسي لا خلاف في شرف بني زيان وإنما الخلاف فيمن كنا سلوا منه فقال بعضهم أنهم من ذرية محمد بن ادريس ومنهم من قال أنهم من ذرية أحمد بن ادريس ومنهم من قال أنهم من ذرية القاسم بن ادريس ومنهم من قال أنهم من ذرية القاسم بن محمد بن عبد الله بن ادريس وهذا هو الصحيح ومنهم من قال أنهم من ذرية عبد الله بن ادريس وهذا صحيح أيضا. وسئل يغمراسن بن زيان ـ بالشرف وإثبات نسبه إليه، فقال: إن كان المراد شرف الدنيا، فهو ما نحن فيه؛ وإن كان القصد شرف الأخرى، فهو عند الله سبحانه. هذا الإختلاف في نسب بنو زيان قائم بين المؤرخين؛ اللهم إلا إذا أمكن العثورعلى مخطوط الشيخ الحافظ ابي رأس الناصري المعسكري الذي عنوانه ((فتح الجواد في الفرق بين آل زيان و بني عبد الواد)). دولة الموحدين التي كانت أعظم دولة عرفها المغرب الإسلامي حيث امتدت سلطتها أيام عزها من المحيط الأطلسي إلى حدود مصر شرقا ومن البحر المتوسط وبلاد الأندلس شمالا إلى الصحراء جنوبا؛ كان بنو زيان ولاة من قبل الموحدين وعندما ضعف أمرالموحدين انفصلوا بالمغرب الاوسط، وفي يوم الأحد 4 أكتوبر1230م/ 24 ذي القعدة 627هـ، دادا يغمراسن بن زيان انفصل واعلن استقلاله (وآمر بني عبد الواد بمبايعة كبيرهم جابر بن يوسف) وأسس الدولة القوية، دولة الجزائر حاليا؛ وجعل مدينة تلمسان عاصمة الدولة من 1230م الى 1554م. كان شعار الدولة الزيانية "العز القائم لله المُلك الدائم لله". وفي عهدهم أصبحت تلمسان حاضرة من أعظم حواضر العلم في العالم الإسلامي، ونشأ بها علماء لا يشق لهم غبار، وأضحت قبلة طلاب العلم من كل الجهات، وصارت تضاهي في سمعتها القاهرة وبغداد وقرطبة. لا يزال كثير من آثارها قائما إلى يومنا هذا. كان النسيج الاجتماعي آنذاك في العاصمة تلمسان خليطا في أغلبه من ستة أعراق منهم البربر والعرب والأندلسيون والمسيحيون واليهود والاغزاز ونقصد بهم القبائل التركية التي كانت تسكن أواسط أسيا قبل انتشار الإسلام؛ وقد تبوأت زناتة مكانة هامة فامتهنت الوظيف واحترفت الصناعة والتجارة وتعتبر زناتة من القبائل المستعربة، مغراوة وبنو يفرن وجراوة وبني واسين وبني مرين وبني راشد وغيرهم. كما ان مجتمع بني عبد الواد كان مقسما إلى طبقتين الأولى الطبقة العامة وهي الفلاحين والصناع وأهل الحرف وصغار التجار والعبيد، والطبقة الخاصة وتضم الأسرة الحاكمة (بني زيان) والسلطة العسكريه وأهل العلم وكبار التجار. ومن الناس من يرى أنّ ذلك كان بدافع التباهي وتخليد الذكر، ومهما يكن الأمر فإن هؤلاء الملوك قد عرفوا الطريق الذي يُكسبهم ثقة شعوبهم، واهتدوا إلى العمل النافع الذي يُخلد ذكرهم. كان حكم بني زيان ملكيا وراثيا مطلقا، ويلقب ملكها بأمير المؤمنين، يجمع كل السلطات في يده وكانت منزلة الحاجب أقرب المنازل إليه، و تأتي بعدها منزلة الوزراء والقضاة وصاحب الشرطة و المحتسب فقادة الحاميات و شيوخ القبائل.
التنظيم الاداري في عهد بني زيان:
1ـ السلطة العسكريه ويتولاها صاحب السيف:
اـ الفرقة الخاصة، المؤلفة من رؤساء القبائل
ب ـ الفرقة القبيل، المؤلفة من قرابة الملك
ج ـ فرقة الأنصار، المؤلفة من الحرس الملكي
دـ فرقة المماليك، المؤلفة من الأجانب، العبيد و النصارى
2ـ السلطة الإدارية ويتولاها صاحب القلم.
3ـ السلطةالقضائية ويتولاها قاضي القضاء.
4ـ السلطة المالية ويتولاها صاحب المال.
ويتابع مسؤلين السلطات السابقة شخص يطلق علية مزاول (مايعرف في زماننا رئيس الوزراء) وله حق الإشراف على كل هؤلاء. وفي كل مدينة أو قبيلة كان يوجد الحافظ (الوالي) وهو حافظ النظام الإسلامي، وإلى جانبه المحتسب وهو المشرف على الحسبة، والقاضي وغيرهم من موظفي الدولة وجباة الضرائب. فقد كانت في كل الجهات داخل الحدود الدولة الزيانية حاميات وعمال وأمراء من بني زيان يقيمون في تلك الديار بأولادهم. كما سعى بنو زيان من وراء بناء المدارس و المساجد في مختلف مدن المغرب الأوسط إلى نشر التّعليم والثقافة من جِهة، و توجيه الرعية من أجل وحدة السياسة المذهبية التي كانوا يسيرون عليها و المتمثلة في نصرة المذهب المالكي. وكان بنو زيان حسن سياستهم مع القبائل العربية الهلالية، فمنحوهم اقطاعات واسعة وأكرموهم بالأموال والعطاء فكانوا من الأسباب الظاهرة في حماية الدولة. الدولة الزيانية التي عمرت ثلاث قرون و20عاماً على أيدي 39 ملك من سلالة بني زيان، انتهت على يد الأتراك العثمانيون، الذين جعلوا مدينة الجزائرعاصمة لهم، وأطلقوا اسم الجزائر على كامل المغرب الاوسط. كان مولود قاسم نايت بلقاسم شديد الغيرة على الجزائر و يرفض من يصفها أنها دولة فتيّة، و يجعلونها بدون تاريخ و كان قد كتب في هذا الشأن مقالا عنونه: " لسنا يتامى التاريخ"، فيقول: إن الدولة الجزائرية كانت موجودة قبل الدولة العثمانية أي منذ الدولة الزيانية. ومن رجال العلم من قال لا جزائر قبل الدولة الزيانية.