أن المأربي محرف ومزور لكلام الشيخ لتحقيق مآربه الدنيئة .
2- أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- لم يقل: "في الأفعال ما جاء" بل هذا من اختراع المأربي وكذبه . 3- أن الشيخ ربيعاً -حفظَهُ اللهُ- يصف الله بأنه فعال لما يريد في الماضي واللاحق إلى مالا نهاية وهذا حقيقة قول السلف في الصفات الفعلية: "قديمة النوع حادثة الآحاد". 4- أن الشيخ ربيعاً -حفظَهُ اللهُ- يفرق بين صفة الكلام والصفات الفعلية الأخرى كالنزول والمجيء ونحوها من الصفات التي لا تلازم الذات دائماً وهذا هو ما عليه السلف . 5- أن الشيخ ربيعاً -حفظَهُ اللهُ- يتكلم عن آحاد الأفعال لا عن جنسها فبين أنها حادثة وليست قديمة الآحاد .
بيان معنى رؤية الله بالقلب ودحض أباطيل مصطفى المأربي.
قال المأربي: " الشيخ ربيع يدعي أنه يرى الله بقلبه ـ أي في اليقظة ـ بل وكل من يؤمن بأن الله في السماء كذلك!! وهذا قول المبتدعة الضُّلاّل!!
فقد جاء في شريط "الجلسة الرابعة في المخيم الربيعي" وجه (أ): قال السائل للشيخ ربيع: هل صحيح أن الصحابة اختلفوا في العقيدة؟ قال الشيخ: (لا,لا) قال السائل: لكن يقولون اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المعراج؟ قال الشيخاختلفوا في رؤية الله في الجنة؟)قال السائل ,لا, قال الشيخ: (اختلفوا في جزئية) قال السائل: هذا ما يكون في العقيدة يا شيخ؟ قال الشيخ: (لا, نحن ما نقول اختلفوا, ما يحق لنا أن نقول:اختلفوا في العقيدة ,ابن عباس يقول: رآه بقلبه, وعائشة تقول: ما رآه, فهم متفقون ما رآه بعينه أما الرؤية بالقلب:أنا أرى الله بقلبي, أنت ما ترى ربك بقلبك؟!) فسكت السائل، فقال الشيخ: قليل (تؤمن بالله، وتعرف أن الله في السماء؟) قال: نعم، قال: (فهذه الرؤية القلبية).اﻫ
قال المأربي: "ثم تأمل كيف لجّ الشيخ في الخطأ؛ فادعى أنه يرى ربه بقلبه، وذلك في اليقظة بلا شك، لأن السياق وكلامه الذي بعد هذا؛ يدل على هذا، والإسراء والمعراج كانا في اليقظة، وليس في نوم النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن ذلك في المنام، انظر" شرح الطحاوية" (1/ 273).
وعلى هذا فقد ادعى الشيخ قولاً لم يقل به إلا أهل البدع،ومع ذلك، فإنهم لم يقولوا: إن كل من عرف أن الله فوق السماء؛ يرى ربه بقلبه، إنما يراه أقوام خواص، بلغوا رتبة سَنَّيِةً -عندهم-!!
وقال المأربي: "وإذا رجعت إلى سياق كلام الشيخ ربيع؛ ظهر لك أنه يرى الله بقلبه، تلك الرؤية التي عزاها ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وهذا سياق كلامه مرة أخرى، قال:
" ...... ما يحق لنا أن نقول: اختلفوا في العقيدة، ابن عباس يقول: رآه بقلبه، وعائشة تقول: ما رآه، فهم متفقون ما رآه بعينه، أما الرؤية بالقلب: أنا أرى الله بقلبي، أنت ما ترى الله بقلبك؟! .... تؤمن بالله وتعرف أن الله في السماء؟.... فهذه الرؤية القلبية" إ هـ .
فها هو يذكر الاتفاق على عدم الرؤية البصرية، ويدعي مباشرة أنه يرى الله بقلبه، أي أن الرؤية القلبية التي ادعاها ابن عباس؛ موجودة عنده وعند أخريين!! لأن الصحابة لم يختلفوا في المثال العلمي المشهود، إنما اختلفوا في الرؤية البصرية، أو القلبية، أو نفي ذلك كله، لحديث: " نور أني أراه؟ "
وإذا ظهر لك هذا الحال من كلام الشيخ ربيع، فتأمل قول شيخ الإسلام:" فهذا كله وما أشبهه، لم يريدوا به أن القلب ترفع جميع الحجب بينه وبين الله تعالى .... الخ.
فهذا شيخ الإسلام يثبت للنبي صلى الله عليه وسلم رؤيةً قلبية ـ على قول ابن عباس ـ وأما غيره فلم يجوّز ذلك له أحد من العلماء، إنما هي مشاهدة تتعلق بالمثال العلمي، ولعل ذلك لزيادة الإيمان في بعض الأوقات، كما جاء في الحديث، في تعريف الإحسان:" اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وأكد ذلك شيخ الإسلام بقوله: "ولكن هذا التجلي، يحصل بوسائط .. "
فلو أن الشيخ ربيعاً أثبت لنفسه هذا التجلي -فمع ما فيه من التزكية لنفسه، وناهيك بهذه الرتبة التي ادعاها لنفسه- لربما نازعه في ذلك غير واحد، كما هو ملاحظ من حاله في ظلم كثير من العباد!! فكيف وهو يدعي رؤيةً قلبيةً، بل جاد بهذه الرتبة السنية على كل من آمن بالعلو!!!".
الجواب من وجوه:
الوجه الأول: أن المأربي حرَّف في نقله، وبتر كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- وزاد فيه من عنده فحسبه الله ما أكذبه!
وهذه الفروق بين الحوار الذي بين السائل وبين الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- وبين نقل المأربي:
ونقل المأربي: "قال السائل: لكن يقولون اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المعراج؟"
وحرَّف كلام السائل فهو قال: "يا شيخ ورأى النبي-- ربَّه،ورؤيا النبي --لربه".
والمأربي نقل: ": لكن يقولون اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المعراج".
وزاد المأربي في كلام السائل"في المعراج"!!!
وحذف المأربي كلمة:"إيه" ولها دلالة هنا .كما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
أ- قال السائل: "هذا ما يكون من العقيدة ياشيخ؟"
ونقل المأربي: "قال السائل: هذا ما يكون في العقيدة ياشيخ؟"
فغير كلمة "من" إلى كلمة "في"!!
ب- وقال الشيخ: "لا, ما نقول اختلفوا, ما يحق لنا أن نقول:اختلفوا في العقيدة".
ونقل المأربي: "لا, نحن ما نقول اختلفوا, ما يحق لنا أن نقول: اختلفوا في العقيدة".
فزاد المأربي كلمة: "نحن"!!
في الحوار: "أما الرؤية بالقلب:أنا أرى الله بقلبي, أنت ما ترى الله بقلبك؟!
قال السائل: نعم يا شيخ، أي كأنك تراه، "بعدها كلمة غير واضحة ولعلها: لا أكثر" تؤمن بالله، واعرف أنه فوق السماء واعرفوه، هذا الرؤية القلبية فما فيش خلاف بينهم".
ونقل المأربي: "أما الرؤية بالقلب:أنا أرى الله بقلبي, أنت ما ترى ربك بقلبك؟!) فسكت السائل، فقال الشيخ: قليل (تؤمن بالله، وتعرف أن الله في السماء؟) قال: نعم، قال: (فهذه الرؤية القلبية).اﻫ ".
فقارن بين كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- وبين نقل هذا المجرم الأثيم .
ففيه عدة فروق مع الحذف والتزوير وأهمها أن الشيخ يقول: "أي كأنك تراه" والمأربي يجعلها: "قليل"!!
فسبحان الله!
لماذا يخفي المأربي هذه الجملة؟
لأنها توضح مراد الشيخ والذي يريد المأربي أن يوهم خلافه وليطعن على الشيخ بالكذب والتزوير.
والسائل قال: "نعم يا شيخ" والمأربي جعلها: "فسكت السائل"!!
ثم أتى بكلام السائل: نعم بعد كلام الشيخ: تؤمن بالله وتعرف أنه في السماء فنقل قول السائل: "نعم" وهو لا وجود له في الشريط، بل من كيس المأربي!!
تنبيهان:
الوجه الثاني: أن الكلام الذي نقله مصطفى المأربي كان الشايجي قد نقله من قبل، وكذا الحداديون، فرددت عليهم كلامهم الفاسد قبل أكثر من سنة!
فها هو مصطفى المأربي يعيد كلام الشايجي القطبي والحداديين، ولكن مع مزيد تحريف وخيانة، فقد كانوا أقل خيانة منه في النقل. والله المستعان .
وهذا يبين لنا أن مصطفى المأربي مزبلة الحزبيين حيث إنه جمع كلام أعداء السلفيين، وصاغه بأسلوبه، وزاد في الكذب والخيانة والجهل والغباوة، عليه من الله ما يستحق .
الوجه الثالث: أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- وضح مراده من الرؤية القلبية وهي مرتبة الإحسان فقال الشيخ: "أي كأنك تراه" والتي حذفها مصطفى المأربي ليتم له مأربه من شين أسد السنة والطعن فيه، والمأربي حقيق بهذا الشين والطعن {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} .
الوجه الرابع: أن كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- في معنى الرؤية القلبية وأنها مرتبة المشاهدة هي المرتبة الأولى من مرتبتي الإحسان؛ هو كلام العلماء .
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في الفتاوى(3/389): "ولكن الذي يقع لأهل حقائق الإيمان من المعرفة بالله، ويقين القلوب، ومشاهدتها، وتجلياتها هو على مراتب كثيرة . قال النبي -- لما سأله جبريل عليه السلام عن الإحسان قال: ((الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))".
وقال الشيخ حافظ الحكمي –رحمه الله- (3/999): "فقال --: ((الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))
أخبر -- أن مرتبة الإحسان على درجتين، وأن للمحسنين في الإحسان مقامين متفاوتين:
المقام الأول-وهو أعلاهما-: أن تعبد الله كأنك تراه، وهذا مقام المشاهدة وهو أن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته الله عز وجل بقلبه وهو أن يتنور القلب بالإيمان، وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان، فمن عبد الله عز وجل على استحضار قربه منه، وإقباله عليه، وأنه بين يديه كأنه يراه أوجب له ذلك الخشية والخوف والهيبة والتعظيم ".
الوجه الخامس: هب أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- لم يفسر مراده بقوله: "أي كأنك تراه" لكان هذا هو المتعين لأن هذا هو المراد بالرؤية القلبية والتي فسرها الشيخ بقوله: "تؤمن بالله، واعرف أنه فوق السماء واعرفوه، هذا الرؤية القلبية".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في مجموع الفتاوى(3/390): "وقد يرى المؤمن ربه في المنام في صور متنوعة على قدر إيمانه ويقينه، فإذا كان إيمانه صحيحا لم يره إلا في صورة حسنة، وإذا كان في إيمانه نقص رأى ما يشبه إيمانه، ورؤيا المنام لها حكم غير رؤيا الحقيقة في اليقظة ولها تعبير وتأويل لما فيها من الأمثال المضروبة للحقائق، وقد يحصل لبعض الناس في اليقظة أيضا من الرؤيا نظير ما يحصل للنائم في المنام فيرى بقلبه مثل ما يرى النائم، وقد يتجلى له من الحقائق ما يشهده بقلبه فهذا كله يقع في الدنيا، وربما غلب أحدهم ما يشهده قلبه وتجمعه حواسه فيظن أنه رأى ذلك بعيني رأسه حتى يستيقظ فيعلم أنه منام وربما علم في المنام أنه منام .
فهكذا من العبَّاد من يحصل له مشاهدة قلبية تغلب عليه حتى تفنيه عن الشعور بحواسه فيظنها رؤية بعينه؛ وهو غالط في ذلك. وكل من قال من العباد المتقدمين أو المتأخرين أنه رأى ربه بعيني رأسه فهو غالط في ذلك بإجماع أهل العلم والإيمان .
نعم رؤية الله بالأبصار هي للمؤمنين في الجنة وهي أيضا للناس في عرصات القيامة كما تواترت الأحاديث عن النبي -- حيث قال: ((إنكم سترون ربكم كما ترون الشمس في الظهيرة ليس دونها سحاب، وكما ترون القمر ليلة البدر صحوا ليس دونه سحاب)) ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله– في مجموع الفتاوى(6/420): " فصل . المقتضى لكتابة هذا أن بعض الفقهاء كان قد سألني لأجل نسائه من مدة هل ترى المؤمنات الله في الآخرة؟
فأجبت بما حضرني إذ ذاك من أن الظاهر أنهن يرينه، وذكرت له أنه قد روى أبو بكر "يعني: الآجري" عن ابن عباس –رضي الله عنهما -: أنهن يرينه في الأعياد.
وأن أحاديث الرؤية تشمل المؤمنين جميعا من الرجال والنساء،
وكذلك كلام العلماء، وأن المعنى يقتضي ذلك حسب التتبع، وما لم يحضرني الساعة .
وكان قد سنح لي فيما روي عن ابن عباس –رضي الله عنهما-أن سبب ذلك أن "الرؤية" المعتادة العامة في الآخرة تكون بحسب الصلوات العامة المعتادة،
فلما كان الرجال قد شرع لهم في الدنيا الاجتماع لذكر الله، ومناجاته، وترائيه بالقلوب، والتنعم بلقائه في الصلاة كل جمعة؛ جعل لهم في الآخرة اجتماعا في كل جمعة لمناجاته، ومعاينته، والتمتع بلقائه .
ولما كانت السنة قد مضت بأن النساء يؤمرن بالخروج في العيد حتى العواتق والحيض وكان على عهد رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يخرج عامة نساء المؤمنين في العيد جعل عيدهن في الآخرة بالرؤية على مقدار عيدهن في الدنيا".
لاحظ قوله: "وترائيه بالقلوب" .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله – في درء تعارض العقل والنقل(8/040-41): "والإحساس نوعان نوع بلا واسطة كالإحساس بنفس الشمس والقمر والكواكب، وإحساس بواسطة كالإحساس بالشمس والقمر والكواكب في مرآه أو ماء أو نحو ذلك .
والقلوب مفطورة على أن يتجلى لها من الحقائق ما هي مستعدة لتجليها فيها،
فإذا تجلى فيها شيء أحست به إحساسا باطنا بواسطة تجليه فيها،
وأيضا فنفس مشاهدة القلوب لنفسه تبارك وتعالى أمر ممكن، وإن كان ذلك قد يقال: إنه مختص ببعض الخلق، كما قال أبو ذر وابن عباس وغيرهما من السلف أن نبينا صلى الله عليه وسلم رأى ربه بفؤاده وقال ابن عباس: رآه بفؤاده مرتين .
فهذا النوع إذا كان ممكنا، وقد قيل: إنه واقع لم يكن نفيه إلا بدليل،
وأما الرؤية بالعين في الدنيا وان كانت ممكنة عند السلف والأئمة، لكن لم تثبت لأحد، ولم يدعها أحد من العلماء لأحد إلا لنبينا صلى الله عليه وسلم على قول بعضهم وقد ادعاها طائفة من الصوفية لغيره لكن هذا باطل، لأنه قد ثبت بدلالة الكتاب والسنة أن أحدا لا يراه في الدنيا بعينه،
وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((واعلموا أن أحدا منكم لن يرى ربه حتى يموت)) وقد بسطنا الكلام على مسالة الرؤية في غير هذا الموضع وبينا أن النصوص عن الإمام أحمد وأمثاله من الأئمة هو الثابت عن ابن عباس من أنه يقال: رآه بقلبه أو رآه بفؤاده،
وأما تقييد الرؤية بالعين فلم يثبت لا عن ابن عباس ولا عن أحمد،
والذي في الصحيح عن أبي ذر انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك قال: ((نور أنى أراه))
وقد روى أحمد بإسناده عن أبي ذر –رضي الله عنه- أنه رآه بفؤاده،
واعتمد أحمد على قول أبي ذر لأن أبا ذر سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذه المسالة وأجابه وهو أعلم بمعنى ما أجابه به النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما أثبت أنه رآه بفؤاده دل ذلك على مراده))".
وهناك كلام آخر أكتفي بما سبق .
الوجه السادس: أن الرؤية القلبية ليست خاصةً ببعض الناس الذين بلغوا رتباً سنية ولكن تتفاوت مراتب الناس في هذه الرؤية كرؤيا الله في المنام .
قال أحمد بن إبراهيم الواسطي في كتابه النصيحة في صفات الرب جلا وعلا (ص/29): ((فمن تكون الجارية أعلم بالله منه لكونه لا يعرف وجهة معبوده فإنه لا يزال مظلم القلب لا يستنير بأنواع المعرفة والإيمان،
ومن أنكر هذا القول فليؤمن به وليجرب ولينظر إلى مولاه من فوق عرشه بقلبه مبصراً من وجه، أعمى من وجه، كما سبق .
مبصراً من جهة الإثبات والوجود والتحقيق، أعمى من جهة الحصر والتحديد والتكييف فإنه إذا علم ذلك وجد ثمرته إن شاء الله تعالى ووجد بركته ونوره عاجلا وآجلا ولا ينبئك مثل خبير والله الموفق والمعين)).
وعلى هذا فيكون كلام المأربي: "وعلى هذا فقد ادعى الشيخ قولاً لم يقل به إلا أهل البدع،ومع ذلك، فإنهم لم يقولوا: إن كل من عرف أن الله فوق السماء؛ يرى ربه بقلبه، إنما يراه أقوام خواص، بلغوا رتبة سَنَّيِةً -عندهم-!!" لا وجه له عند أهل السنة.
لأن المأربي يظن أن هذه الرؤية متساوية بين من تحصل له وهذا من جهله بالعقيدة والشريعة .
وفي كلام شيخ الإسلام الذي لم يتمه المأربي إبطال لهذا الظن الفاسد وبيانه في:
الوجه السابع: أن المأربي لم يفهم كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- بسبب عدم قراءته لكلامه وافياً بل اقتطع منه ما يوافق هواه .
فتتمة كلام شيخ الإسلام بعد قوله -رحمه الله-: "فالنبي -صلى الله عليه وسلم- مخصوص بما لم يشركه فيه غيره " قال شيخ الإسلام: "وهذا المثال العلمي يتنوع في القلوب بحسب المعرفة بالله، والمحبة له تنوعاً لا ينحصر،
بل الخلق في إيمانهم بالله و كتابه و رسوله متنوعون: فلكل منهم في قلبه للكتاب والرسول مثال علمي بحسب معرفته مع اشتراكهم في الإيمان بالله وبكتابه وبرسوله، فهم متنوعون في ذلك متفاضلون .
وكذلك إيمانهم بالمعاد والجنة والنار وغير ذلك من أمور الغيب، وكذلك ما يخبر به الناس بعضهم بعضاً من أمور الغيب هو كذلك، بل يشاهدون الأمور ويسمعون الأصوات، وهم متنوعون في الرؤية والسماع،
فالواحد منهم يتبين له من حال المشهود ما لم يتبين للآخر، حتى قد يختلفون فيثبت هذا ما لا يثبت الآخر، فكيف فيما أخبروا به من الغيب..." إلخ كلامه -رحمه الله- .
فالمؤمنون مشتركون في المثال العلمي المشهود لكنهم متفاوتون حسب معرفتهم بالله ومحبتهم له وإيمانهم به عز وجل .
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله- في الجواب الصحيح(3/400): "والمقصود هنا أنه كثيراً ما يوجد في كلام الناس؛ الأنبياء وغيرهم: من ذكر ظهور الله عز وجل، والمراد به ظهوره في قلوب عباده بالمعرفة والمحبة والذكر".
ولشيخ الإسلام كلام كثير بنحو هذا المعنى في الجواب الصحيح فيرجع إليه.
الوجه الثامن: فإن قيل: فما معنى قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد -صلى الله عليه وسلم- " وفي رواية: "إن الله عز وجل اصطفى إبراهيم بالخلة، واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمداً -صلى الله عليه وسلم- بالرؤية".
ومعنى قول شيخ الإسلام -رحمه الله-: "فالنبي -صلى الله عليه وسلم- مخصوص بما لم يشركه فيه غيره"
وقول شيخ الإسلام الذي نقله عنه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-:" ومن قال يرى في الدنيا بالفؤاد لغيره صلى الله عليه وسلم ,فهو مبتدع ضال".
فالجواب من عدة جهات:
الجهة الأولى: أن ابن عباس -رضي الله عنهما- ذكر أن الله اصطفى إبراهيم بالخلة مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد بين أن الله اتخذه خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً كما في الصحيحين.
وذكر –أيضاً- أن الله اصطفى موسى بالكلام مع علم ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الله كلم آدم، وكلم الملائكة، وكلم إبليس، وكلم محمداً -صلى الله عليه وسلم- .
فلابد من أن الاختصاص أو الاصطفاء المذكور هنا هو قدر زائد لا ينفي أصل الاشتراك .
والذي يظهر لي من قول ابن عباس -رضي الله عنه- أن الله اصطفى إبراهيم بالخلة حتى صارت علماً عليه فلا يذكر إبراهيم إلا ويذكر أنه خليل الله .
ولا يذكر موسى إلا ويذكر أنه كليم الله .
ولا يذكر محمد -صلى الله عليه وسلم- إلا ويذكر أنه رأى الله .
هذا ما يظهر لي من توجيه لكلام ابن عباس -رضي الله عنهما- .
وكلام ابن عباس -رضي الله عنهما- روي مرفوعاً ولا يصح بل الصحيح أنه موقوف .
الجهة الثانية: أنه من المحتمل أن ابن عباس -رضي الله عنهما- عنى بالرؤية التي اخْتُصَّ بها محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- هي رؤيا المنام .
فقد رأى محمد -صلى الله عليه وسلم- ربَّه في المنام مرتين وقد روى ابن عباس -رضي الله عنهما- كلا الحديثين:
الحديث الأول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((رأيت ربي في أحسن صورة فقال: يا محمد هل تدرى فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال: قلت: لا أعلم يا رب . قال: فوضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله في صدري، قال: فتجلى لي ما بين السماء والأرض)) الحديث وهو صحيح له طرق وقد روي من حديث ابن عباس ومعاذ وثوبان -رضي الله عنهم- وغيرهما .
الحديث الثاني: حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعاً: ((رأيت ربي جعداً أمرد عليه حلة خضراء)) وقد اختلف في صحته وقد صححه الإمام أحمد وغيره، ولتفصيل ذلك راجع إبطال التأويلات لأبي يعلى(1/139-145) .
وبنحو هذا قال شيخ الإسلام فيما نقله عنه ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد(3/37-38) .
وهذا الوجه لا يتأتى عند تفسير ابن عباس -رضي الله عنهما- لآيتي النجم كما سيأتي.
الجهة الثالثة: أنه من المحتمل أن تكون الرؤية التي اختص بها محمد -صلى الله عليه وسلم- هي نفسها الرؤية القلبية التي ذكرها ابن عباس -رضي الله عنه- عند تفسيره لقوله تعالى: {ما كذب الفؤاد ما رأى} وقوله: {ولقد رآه نزلة أخرى}.
فقد قال -رضي الله عنه-: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه بقلبه .
وفي رواية أنه قال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه بفؤاده مرتين
وكلاهما في صحيح مسلم.
وقال أبو ذر -رضي الله عنه-: رآه بقلبه ولم تره عيناه .
ولم أجد أحدا من السلف فسر هذه الرؤية بشيء خلاف المعروف بالرؤية القلبية المعروفة في لغة العرب ألا وهي الرؤية العلمية وهي المثال العلمي.
ووجدت لبعض العلماء خلاف هذا فيه تكلف ومخالفة لقول السلف .
فيصبح معنى الرؤية القلبية: أن الرؤية القلبية هي الرؤية العلمية وهي المثال العلمي وهي مرتبة المشاهدة .
وهذا دل عليه كلام غير واحد من العلماء لما تكلموا على الإحسان وعلى رؤية الله بالقلب كما سبق نقله في الحلقة السابقة .
كقول شيخ الإسلام: "فلما كان الرجال قد شرع لهم في الدنيا الاجتماع لذكر الله، ومناجاته، وترائيه بالقلوب، والتنعم بلقائه في الصلاة كل جمعة؛ جعل لهم في الآخرة اجتماعا في كل جمعة لمناجاته، ومعاينته، والتمتع بلقائه .".
وقوله: "ولكن الذي يقع لأهل حقائق الإيمان من المعرفة بالله، ويقين القلوب، ومشاهدتها، وتجلياتها هو على مراتب كثيرة . قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عليه السلام عن الإحسان قال: ((الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))".
وقوله: "وهذا المثال العلمي يتنوع في القلوب بحسب المعرفة بالله، والمحبة له تنوعاً لا ينحصر،
بل الخلق في إيمانهم بالله وكتابه ورسوله متنوعون: فلكل منهم في قلبه للكتاب والرسول مثال علمي بحسب معرفته مع اشتراكهم في الإيمان بالله وبكتابه وبرسوله، فهم متنوعون في ذلك متفاضلون".
والنبي -صلى الله عليه وسلم- مختص بما لم يشركه به غيره
وبيانه:
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد غسل قلبه بماء زمزم وملئ حكمة وإيماناً قبل الإسراء به بروحه وجسده يقظة، ثم عرج به إلى السماء فوصل إلى مكان لم يصل إليه أحد قبله حتى أن جبريل عليه السلام توقف إلى حد، ثم صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مقام سمع فيه صريف أقلام القدر فكلمه ربه عز وجل بلا واسطة، ولم يكن بينه وبين ربه إلا الحجاب فهذا المرتبة السنية والمنزلة العلية أوصلت النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى منْزِلة في الإحسان ومشاهدة الرب بالقلب إلى درجة لم يبق بعدها إلا رؤية الله عز وجل بالعيان .
وهذه المنْزِلة خاصة بالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشركه فيها غيره .
وهذا ما عناه شيخ الإسلام .
والذي يدعي وصوله إلى هذه المرتبة التي وصل إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو مبتدع ضال كما نقله الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- .
وهذا ما لا يوجد في كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- .
وما بينته هو الأصل، وهو مقتضى اللغة العربية، ومفاد كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- في مواضع عديدة .
وأما ما ذكروه من خلق رؤية في القلب أو أن الله جعل بصره في قلبه فهذا يلغي فضيلة الرؤية بالعين الباصرة والتي ادخرها الله لعباده وأنبيائه وأوليائه يوم القيامة، وهو من التكلف ومما لا يوجد عليه دليل وبرهان .
فليتأمل طالب العلم فيما ذكرته يجده -إن شاء الله تعالى- هو القول الصواب الذي ينبغي أن لا يصار إلى غيره .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
الكلام على الخلاف في العقيدة وهل هو واقع بين السلف أم لا وعلاقة مسألة رؤية الله بالقلب بكلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-؟
قال المأربي: "فهذا كلام من الشيخ ربيع ـ هداني الله وإياه ـ قد جمع عدة مجازفات، والحامل له على ذلك الغلو في الرد على بعض الجماعات!! فلما رأى بعض الناس يقولون: ليس كل خلاف في العقيدة, يُخرج من دائرة السنة، أراد -لغلوه- أن يسد هذا الباب، فادعى أن السلف لم يختلفوا في العقيدة، من أجل أن يقرر أن أي خلاف في مسألة العقيدة؛ فإنه يخرج صاحبه من دائرة السنة,مع أن في المسألة تفصيلاً , ليس هذا موضعه ,بل الشيخ نفسه له كلام في بعض أشرطته، يدل على أن العالم إذا وقع في بدعة عن اجتهاد؛ فلا يسقطه أهل السنة, وقد يفصِّل في نوع البدعة في مواضع , وقد لايفصِّل.
فلما ذُكِر له أن الصحابة-رضي الله عنهم- فمن بعدهم، اختلفوا في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المعراج ـ وهذا أمر عقدي بلا شك ـ اضطرب الشيخ، فقال: (هذه جزئية)!! نعم يا شيخ ربيع هذه جزئية، لكن هل هي جزئية من أجزاء العقيدة, أم جزئية خارج العقيدة؟!! لاشك أنها من العقيدة وقد صرح بعض السلف بذلك، إذاً فدعواك أنها جزئية؛ ليست جوابًا على الإيراد الوارد عليك!! وهل الاختلاف في العقيدة محصور في الاختلاف في رؤية الرب عزوجل في الجنة فقط؟من سبقك إلى هذا؟!!"
وقال: "(تنبيه آخر): الاختلاف في بعض مسائل عقدية؛موجود بين السلف، فلا حاجة للإنكار الشديد من الشيخ ربيع لهذا!!
فقد أشار شيخ الإسلام لبعض مسائل علمية عقدية، ومسائل عملية، ثم قال: (وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد على أحد بكفر، ولا بفسق، ولا معصية...)،الخ كلامه في "مجموع الفتاوى" (9/229) وما بعدها، وقال أيضًا في (19/123): (وتنازعوا -أي الصحابة- في مسائل علمية اعتقادية، كسماع الميت صوت الحي، وتعذيب الحي ببكاء أهله، ورؤية محمد صلى الله عليه وسلم ربه قبل الموت، مع بقاء الجماعة والألفة...).اﻫ"
تنبيه: الصواب أن كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى(3/229) وليس في (9/229)!!
الجواب من وجوه:
الوجه الأول: تحرير مراد الشيخ في سياق كلامه بنفي الخلاف في العقيدة .
إن المتأمل لكلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- يجد أن نفيه للخلاف في أمور العقيدة إنما هو في الأمور الكلية والتي يسميها العلماء الأصول وهو ما جاء النص فيها صريحاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس فيه محل اجتهاد .
فهذا لم يختلف فيه الصحابة مطلقاً .
وإنما اختلفوا في أمور لم يأت بها نص أو تنوعت فيه الأدلة .
فقد اختلفوا في رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- ربَّه ليلة المعراج . وقد بين الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- أنه لا خلاف بينهم لأن الذي نفته عائشة -رضي الله عنه- غير الذي أثبته ابن عباس -رضي الله عنهما- كما سبق بيانه .
# واختلفوا في ابن صياد هل هو الدجال؟ وهذا لأنه لا يوجد نص في ذلك .
# واختلفوا في تعذيب الميت ببكاء الحي وجمع بين المثبت والنافي أنه إذا أوصى بذلك فيكون مما كسبت يداه "وأوجه الجمع كثيرة".
أما الأمور القطعية التي ورد بها النص من الكتاب والسنة فإن الصحابة لم يختلفوا فيها أبداً .
وهذا ظاهر كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- فإنه سئل: "هل صحيح أن الصحابة اختلفوا في العقيدة؟ قال الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: (لا,لا) .
ثم سأله السائل: "انزين يا شيخ ورأى النبي -صلى الله عليه وسلم- ربَّه، ورؤيا النبي صلى الله عليه وسلم لربه؟"
فأجابه الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "اختلفوا في رؤية الله في الجنة؟" قال السائل: لا, قال الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "إيه اختلفوا في جزئية،"
فبين الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- أن هذا الخلاف الذي أورده السائل في جزئية وليس في كلية أو قاعدة أو نص قاطع "سواء كان متواتراً أو آحادا صحيحا".
فضرب مثلاً للمسألة الكلية أو القطعية برؤية الله في الجنة وهذا مما لم يختلف فيه السلف .
ثم بين الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- أن هذه الجزئية أيضاً اتفقوا عليها وهي مسألة رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- ربَّه وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل.
الوجه الثاني: حكى الإمام عثمان الدارمي اتفاق الصحابة على أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يره ربّه . كما في زاد المعاد(3/37) .
فهل هذا غلو من الإمام الدارمي؟!!
الوجه الثالث: قال ابن القيم -رحمه الله-: "اتفاق الصحابة في مسائل الصفات وقد تضمن هذا أمورا منها:
أن أهل الإيمان قد يتنازعون في بعض الأحكام ولا يخرجون بذلك عن الإيمان.
وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيمانا، ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال .
بل كلهم على إثبات ما نطق به الكاتب والسنة كلمة واحدة من أولهم إلى آخرهم، لم يسوموها تأويلاً، ولم يحرفوها عن مواضعها تبديلاً، ولم يبدوا لشيء منها إبطالاً، ولا ضربوا لها أمثالاً، ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها،
ولم يقل أحد منهم يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها، بل تلقوها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالإيمان والتعظيم، وجعلوا الأمر فيها كلها أمراً واحداً، وأجروها على سنن واحد، ولم يفعلوا كما فعل أهل الأهواء والبدع حيث جعلوها عضين، وأقروا ببعضها وأنكروا بعضها من غير فرقان مبين مع أن اللازم لهم فيها أنكروه كاللازم فيما أقروا به وأثبتوه".
مع أن مسألة رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- ربّه من مسائل الصفات ومع ذلك لم يعتبر الإمام ابن القيم الخلاف فيها خلافاً في العقيدة فهل هو من الغلاة أيها المأربيّ؟
الوجه الرابع: قال الدكتور ناصر العقل في كتابه "حراسة العقيدة"(ص/57-59): "السلف (أهل السنة والجماعة) لا يختلفون في أصل من الأصول.
من سمات أهل السنة والجماعة السلف الصالح أنهم لا يختلفون ولم يختلفوا في أصل من أصول الدين وقواعد الاعتقاد،
فقولهم في مسائل الاعتقاد قول واحد بحمد الله ...إلى أن قال:
أما عند أهل السنة –بحمد الله-: فهم يتفقون جملة وتفصيلاً –أئمتهم وعامتهم- على أصول العقيدة، وما يقع من بعض أفرادهم من مخالفة للأصول التي اتفقوا عليها فهو خطأ مردود على قائله، مع أن ذلك –بحمد الله- نادر جدا، والنادر لا حكم له .
فقول أهل السنة في صفات الله تعالى وأسمائه وأفعاله واحد .
وقولهم في الكلام والاستواء والعلو فلا يختلف .
وقولهم في الرؤية والشفاعة وسائر السمعيات فلا يختلف.
وقولهم في الإيمان وتعريفه وأصوله(أركانه) ومسائله واحد .
وقولهم في القدر واحد.
وقواعدهم في الأسماء والأحكام فلا تختلف.
وقولهم في الصحابة والسلف الصالح واحد ."
ثم قال الشيخ ناصر العقل: "فاختلاف أهل السنة إنما كان في الاجتهاديات من أمور الأحكام، أو فرعيات المسائل الملحقة بالعقيدة مما لم يرد به دليل قاطع،".
ثم ذكر أمثلة على هذه المختلف فيها ومما ذكره: مسألة رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- لربه في المعراج، هل كانت بصرية أو قلبية؟ ومسألة ابن صياد هل هو الدجال الذي يخرج في آخر الزمان أو غيره؟ .
ثم قال: "ونحو ذلك من المسائل المختلف فيها ولم يرد الدليل صريحاً فيها، وألحقها العلماء بموضوعات العقيدة؛ لأنها تندرج في جنسها علمياً وموضوعياً لا عقدياً .
وهذه الأمور ونحوها ليست من أصول الاعتقاد، والخلاف فيها دائر مع النصوص لم يقل فيها السلف برأيهم المحض –والله أعلم" . انتهى كلام الدكتور ناصر العقل.
الوجه الخامس: أن المأربي افترى على الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- فرية ثم أجاب على نفسه بنفسه مما يدل على جهله واضطرابه!!
والعجيب أنه يرمي الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- بالاضطراب وهو بناه على سوء فهم، وقلة عقل .
قال المأربي: "فلما رأى بعض الناس يقولون: ليس كل خلاف في العقيدة, يُخرج من دائرة السنة، أراد -لغلوه- أن يسد هذا الباب، فادعى أن السلف لم يختلفوا في العقيدة، من أجل أن يقرر أن أي خلاف في مسألة العقيدة؛ فإنه يخرج صاحبه من دائرة السنة".
فالشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- أنكر الخلاف في كليات الاعتقاد وأصوله –كما هو سياق كلامه- ولم يقل ذلك من أجل أن يرمي كل من وقع في خطأ عقدي بالبدعة
حاشاه من ذلك .
ولكن هذا من إفك المأربي وبهتانه.
والشيخ ربيع قد صنف رداً على الحداد، وذكر مقالاً ذكر فيه ميزات الحدادية، ومن منهجهم أنهم يسقطون العالم بالزلة فكيف يتهمه المأربي بما يحذر الشيخ منه وينهى عنه؟!!
علماً بأن المأربي لم يأت ببينة ولا برهان على ما زعمه إلا الدعاوى الفارغة التي يكثر منها هذا المخلوق العجيب!!
وإن ما نسبه المأربي لبعض الناس: "فلما رأى بعض الناس يقولون: ليس كل خلاف في العقيدة, يُخرج من دائرة السنة" هو قول شيخنا أسد السنة ربيع المدخلي -حفظَهُ اللهُ- وقول عامة السلف .
فالمخالفة في العقيدة إن كان في جزئية ورد عن السلف خلاف فيها أو وقع فيها بعض العلماء دون إصرار وهوى فهذا لا يخرجه من أهل السنة .
والشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- يعلم مخالفة شريح في صفة العجب ومخالفة ابن خزيمة وغيرهما من العلماء الذين خالفوا في بعض مسائل الاعتقاد عن اجتهاد أخطؤوا فيه لم يخرجهم من دائرة السنة ولم يبدعهم كما أوهمه المأربي .
الوجه السادس: أن المأربي لبالغ جهله ظن أن بين قول الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "لا, ما نقول اختلفوا, ما يحق لنا أن نقول:اختلفوا في العقيدة"
وقوله: "إيه اختلفوا في جزئية،" اضطراباً وتعارضاً فأخذ يهول ويرجم بالغيب، ويورد الإيراد ويجيب عليه وسبب هذا كله الجهل والغباء .
فالأول وهو النفي: نفي للاختلاف المذموم وهو المعارض للنص، أو الذي بني على الرأي المذموم أو الهوى المتبع .
مع نفي الخلاف في الأصول والقواعد والأمور التي اتفقت عليها الأدلة .
والثاني وهو الإثبات: وفيه بيان أن هذا من الجزئيات التي تتعارض مع نفينا للخلاف في العقيدة بمثل هذا التعبير .
ثم أجاب الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- عن المسألة التي ذكر السائل أنها مختلف فيها وهي من مسائل الاعتقاد بنص الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "إيه هذه جزئية".
فبين أن المنفي الرؤيا البصرية والمثبت الرؤيا القلبية ثم قال الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "فما فيش خلاف بينهم".
فيبقى كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- في نفيه الخلاف في العقيدة بين الصحابة قائماً وصحيحاً، وإنما يقال: اختلفوا في بعض مسائل الاعتقاد التي لم يرد فيها نص قاطع كاختلافهم في ابن صياد وهل هو الدجال أم لا؟
والله أعلم