الأمر الثاني: قوله الشيخ -حفظَهُ اللهُ-:
"أهؤلاء أهدى من الله؟!!وأهدى من رسول الله عليه الصلاة والسلام؟!!".
ثم قول المأربي تعقيبا عليه: "فأثبت أن الله عز وجل مهتدٍ,إلا أنه سبحانه أهدى من غيره!!!".
والجواب عليه من وجوه:
الوجه الأول: أن المأربي افترى على الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- فنسب إليه ما لم يقله، فزعم أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- أثبت لله أنه "مهتدٍ" وهذا من جهل المأربي باللغة والشرع كما سيأتي .
الوجه الثاني: وهو أن كلمة "أهدى" اسم تفضيل من الفعل "هدى"، والله عز وجل من صفاته الهداية فهو عز وجل: {يهدي من يشاء ويضل من يشاء}.
وقال تعالى: {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء}.
وقال تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم}.
والأدلة التي تثبت صفة الهداية لله عز وجل كثيرة جداً .
وهداية الله نوعان:
النوع الأول: هداية توفيق وإلهام وهذه من خصائص الرب جل وعلا .
قال تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} .
النوع الثاني: هداية دلالة وإرشاد وهذه مشتركة بين العبد وبين ربِّه .
فلله كمال الدلالة والإرشاد .
وللعبد من هداية الدلالة والإرشاد بما يقْدِرُه الله عليه، ويعلمه إياه ؛ وذلك لفقر الإنسان، وحاجته إلى ربِّه عز وجل .
والمفاضلة في هداية الدلالة والإرشاد جائزة صحيحة .
فيصح أن يقال: الله أهدى منكم أي: أتم دلالة وأكمل إرشاداً.
يبينه:
الوجه الثالث: أن المفاضلة في الهداية واردة في كتاب الله تعالى .
وقال تعالى: {قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون}.
ففي الآية المفاضلة في الدلالة والإرشاد بين القرآن وهو كلام الله وصفته، وبين
ما وجدوا عليه الآباء ..
وجازت المفاضلة مع أنهم مشركون لأن ما وجدوا عليه آباءهم فيه شيء من الحق، وبقية من دين إبراهيم عليه السلام .
فيصح أن يقال: إن كلام الله أهدى مما وجدوا عليه آباءهم .
وهذا لا يلزم منه ما فهمه المأربي الجاهل أن يوصف القرآن بأنه مهتد!!
الوجه الرابع: أن المأربي من قبل العجمة أتي، وكم أفسدت العجمة من الأديان والعقول!!
فالمأربي ظنَّ أن كلمة "أهدى" مأخوذة من الفعل "اهتدى" وهذا جهل بمبادئ "المشتقات" و"تصاريف الأفعال"!!
فإن الفعل الرباعي التام المثبت المتصرف الذي يقبل التفاوت ومؤنثه ليس على فعلاء يؤتى منه باسم التفضيل بفعل مساعد كأشد وأعظم ونحو ذلك .
فلو قال القائل: فمن أشد اهتداءً من الله لصح انتقاد هذا المأربي الجاهل .
ولكن أنى له وهو متخبط في اللغة والشرع تخبط أهل الزيغ والضلال.
والله المستعان .