منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - إرواء الغليلإإرواء الغليل والدفاع عن حامل جرح والتعديل
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-04-30, 18:16   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الأول
إبطال افتراءات مصطفى المأربيّ فيما يتعلق بجناب الرب -عزَّ وجلَّ- .
لقد وصلت الجرأة على الكذب بالمذكور- أن اتهم الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ ورعاهُ- بأنه تكلم بكلام لا يليق بحق الربِّ -عزَّ وجلَّ-، وهو كاذب فيما ادعاه، متناقض فيما يقول ويفتري.
فحينما يتكلم المأربي بكلام صريح في الذم والسب، ويُدان بذلك، ويطالب بالتوبة يدَّعي أنَّ ما تكلَّم به ليس سباً ولا تنقصاً، كما عرف عنه من دعواه أنَّ وصف الصحابة -رضي اللهُ عنهم- بالغثائيَّة ليس سبّاً!!
ثم مع جهله الفاضح بما هو سب وتنقص، وبما ليس كذلك يأتي إلى عبارات وقعت في كلام الشيخ ربيع -حفظَهُ اللهُ ورعاهُ- ليست سباً ولا خطأً فيجعلها سبا وتنقصاً متناقضاً بذلك، ومتكلماً بما ليس له به علم كما سيأتي بيانه -إنْ شاءَ اللهُ تعالَى- .
*قال المأربي في الحلقة السابعة من كتابه الفاسد: "

أولاً:فمن هذه الأخطاء: أن الشيخ ربيعاً وصف الله عز وجل بأن يفقه الواقع!!!"
واستدل بقول الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- فيشريط "الجلسة الثالثة من المخيّم الربيعي" (أ): "هو بنفسه- يعني الشيخ ابن باز - هذا كلامه مسجل , يقول: إني ما قرأت للبنا والمودودي ,ولاشئ ,إنسان وقته كله مشغول بقضايا الأمة, ماعنده فراغ للهراءات هذه,إحنا عندنا وقت فراغ ,نتابع هذه البلايات "
فقال السائل: على قولك يا شيخ، راح يقولون: الشيخ ابن باز ما يفقه الواقع؟! قال الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "الشيخ يفقه الواقع، لكن ما يفقه الواقع كله مثل الله ".
ثم قال المأربي: "فهل هذا التعبير فيه إجلال لله عزوجل؟وهل بمثله يعبِّر العلماء الكبار؟!! إن هذا التعبير لوعبر به طالب علم؛لابتدرته الأبصار بالتعجب والدهشة ,لكن حدِّث أيها الشيخ بمايحلو لك؛ فإن وراءك أقواماً لايعرفون معروفاً من غيرك, ولا ينكرون منكراً منك,فالله المستعان!!".
ثم قال المأربي: ",فإني لم أعلم عن أحد من السلف أنه قال: الله عز وجل أفقه من العالم الفلاني ,أو أن فلان ليس في الفقه مثل الله!!".
الجواب من وجوه:
الوجه الأول: أن المأربي افترى على الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- وقوله ما لم يقله .
فليس في كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- أن الله "يفقه الواقع" لكنه وصف الشيخ ابن باز بفقه الواقع مع نفيه أن يكون فقهه للواقع -أي علمه ومعرفته بالواقع- مثل الله .
فالمثلية راجعة إلى المعنى الذي تضمنته لفظة "الفقه" لا مجرد اللفظ.
الوجه الثاني: على التسليم أن الشيخ ربيعاً وصف الله عز وجل بأنه يفقه الواقع فتعبيره صحيح ولكنه خلاف الأولى .
وذلك لأن فقِه تأتي بمعنى علم فيكون المعنى: الله يعلم الواقع وهذا حق بلا ريب.
قال في القاموس المحيط: "الفقه -بالكسر-: 1- العلم بالشيء، 2- والفهم له، 3- والفطنة، 4- وغلب علم الدين لشرفه"( ) .
فذكر للفقه هنا أربعة معانٍ كما هو موضح.
وسياق كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- يدل على هذا فهو يتكلم عن معرفة الواقع والعلم به ويبين أن الإحاطة بالواقع إنما هو من خصائص الله لا يستطيعه الشيخ ابن باز -رحمه الله- ولا غيره من البشر .
الوجه الثالث: أن المأربي جعل وصف الله بالفقه بالواقع أي العلم به مثل قول القائل: الله عز وجل أفقه من العالم الفلاني ,أو أن فلان ليس في الفقه مثل الله!!.
وهنا يظهر سوء فهم المذكور- لكلمة "الفقه" فهو يظنها بالمعنى الاصطلاحي عند علماء الفقه وأصوله وهو: العلم بالأحكام الشرعية المستنبطة من أدلتها التفصيلية .
ولكن نقول للمأربي: إن الفقه يأتي بمعنى العلم ويجوز في العلم أن تقول: الله أعلم من فلان، وفلان في علمه ليس كعلم الله .
وعليه فيصح إطلاق الفقه موضع العلم، لكنه خلاف الأولى لما فيه من الإيهام لا سيما إذا كان جاهلاً مثل هذا المأربي فيتوهم في الله ما لا يليق به عز وجل.

إنكار مصطفى المأربيّ لصفة "الإدراك"
* قال المذكور-: "ثانياً:وللشيخ ربيع كلام ظاهره قبيح,ولازمه أنه يصف الله عز وجل بالبداء، وأن علمه مُحدث،قد سبقه جهل -والعياذ بالله-!!"
ثم نقل كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- في شريط "مناظرة عن أفعانستان" (أ): "...فأي انحدار يلحق "هذا الإسلام من الإنسان من هذا"؟ أن يعبد القردة والفرج والصنم والحجر والشجر، هذا خطير،ما هو ساذج, هذا أمر خطير, أمر خطير جدًا، ولهذا أدرك خطورته ربنا تبارك وتعالى، فأرسل من أجله الرسل، وأنزل له الكتب ,وأرسل له كرام الأنبياء ,أولي العزم ,يحاربونه ..."
ثم قال المذكور-: "فقوله: (ولهذا أدرك خطورته ربنا ...) هذا لفظ ظاهر جداً في القبح!! يجب على الشيخ ربيع أن يتراجع عنه، وإني لأعلم أنه ما يقصد حقيقة اللفظ، لأن حقيقته يلزم منها ما سبق ذكره، واليهود- أو أكثرهم, على ما عندهم من البلاء- ينكرون جواز النسخ، لأنه يلزم منه البداء، فلا شك أن الشيخ ما يقصد هذا المعنى، إنما هو خطأ لفظي،".
الجواب من وجوه:
الوجه الأول: أن قول الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-: "ولهذا أدرك خطورته ربنا" ليس خطأ لفظياً، بل هو حق وصواب، وإنما أتي المأربي من قبل سوء فهمه، مع سوء قصده، وحبه الظهور، والانتصار لنفسه، ولو بالكذب والبهتان .
وبيان هذا بأمور:
الأمر الأول: أن صفة الإدراك ثابتة لله عز وجل .
قال الله تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}.
وقال تعالى: {لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم}.
فإدراك الله عز وجل للأبصار هو إحاطته بها وعلمه بها .
فالإدارك بمعنى الإحاطة كما ثبت عن غير واحد من السلف.
وقال ابن كثير -رحمه الله-: "وقوله: {وهو يدرك الأبصار} أي يحيط بها ويعلمها على ما هي عليه لأنه خلقها ..".
وأما الإدراك في الآية الثانية فبمعنى اللحاق والإحاطة أيضاً فمعنى الآية: لولا أن نعمة الله لحقته وأحاطت به لنبذ بالعراء وهو مذموم .
قال الإمام القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين ابن الفراء الحنبلي في كتابه«المعتمد في أصول الدين»(ص/48): «وهو سبحانه مدرك لجميع الْمدْرَكَاتِ، وذلك صفة هو عليها، زائدة على معنى وَصْفِهِ بأنه حي عالم قادر مريد».
فثبت أن الله عز وجل يوصف بالإدراك، والتدارك، وهو بمعنى الإحاطة والعلم، وتأتي بمعنى اللحاق مع الإحاطة .
فكلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- ظاهره وباطنه: أن الله أدرك بعلمه وإحاطته حاجة الناس إلى إرسال الرسل وإنزال الكتب لخطورة الشرك في الألوهية .
ولو استبدلنا كلمة (أدرك) بـ(علم) أو (أحاط علمه) فستكون العبارة هكذا: "ولهذا (علم) خطورته ربنا تبارك وتعالى، فأرسل من أجله الرسل، وأنزل له الكتب ,وأرسل له كرام الأنبياء ,أولي العزم ,يحاربونه".
فهل هذا فيه أي محظور أو بداء أيها المتعالم؟!!
الأمر الثاني: أن كثيراً من العلماء لما فسروا صفة العلم لله عز وجل؛ فسروه بأنه الإدراك .
وأذكر مثالين مع كثرة الأمثلة .
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً، والله عز وجل {يعلم ما بين أيديهم} المستقبل، {وما خلفهم} الماضي، وكلمة {ما} من صيغ العموم تشمل كل ماض وكل مستقبل، وتشمل أيضاً ما كان من فعله وما كان من أفعال الخلق."
وقال شيخ الإسلام: "فإن الإدراك يستعمل في إدراك العلم وإدراك القدرة".
وانظر الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/331) ومفتاح دار السعادة لابن القيم(1/258).
الأمر الثالث: أن كثيراً من العلماء فسروا صفة السمع بالإدراك .
من ذلك: قال الإمام البيهقي في الاعتقاد(ص/51تعليق الشيخ عبد الرزاق عفيفي): "السميع: من له سمع يدرك به المسموعات، والسمع له صفة قائمة بذاته" .
وانظر: الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام(1/89) .
الأمر الرابع: أن كثيراً من العلماء فسروا البصر بالإدراك .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله عنه ابن القيم في بدائع الفوائد(3/686): "والتحقيق أن السمع له مزية، والبصر له مزية، فمزية السمع العموم والشمول، ومزية البصر كمال الإدراك وتمامه ، فالسمع أعم وأشمل، والبصر أتم وأكمل فهذا أفضل من جهة شمول إدراكه وعمومه، وهذا أفضل من جهة كمال إدراكه وتمامه".
وكلامه -رحمه الله- في صفتي السمع والبصر على الإطلاق فإذا أضيفت كان لله ما يليق بكماله وجلاله وغناه، وللعبد ما يليق بضعفه وفقره.
وانظر: الصواعق المرسلة(3/874-875) والعقيدة الأصفهانية(ص/84) .
وقد قال الشيخ عبد الباقي البعلي الحنبلي المتوفى عام1071هـ في كتاب"العين والأثر في عقائد أهل الأثر" راداً على من أنكر أن كلام الله بحرف وصوت(ص/87): "أنَّ الاتفاق في أصل الحقيقة ليس بتشبيه، كما أن إدراك البصر بأنه إدراك المبصرات، والسمع في أنه إدراك المسموعات، والعلم في أنه إدراك المعلومات ليس بتشبيه كذلك هذا".
وانظر: إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل لابن جماعة(ص/96) .
الوجه الثاني: من سبقك من العلماء أو حتى الجهلاء إلى أن لفظة: "أدرك" بمعنى البداء؟!
وكيف تجعل فهمك السقيم –غير المسبوق- حكماً على أسد السنة الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ-؟!!
ألا تستحي وتتقي الله وتلزم حدك؟!!
الوجه الثالث: أن المأربي لجهله بمسائل التوحيد يظن –فيما يظهر لي- أنَّ صفة العلم ونحوها من الصفات كالسمع والبصر إذا تعلقت بزمن أو بسبب فهذا يلزم منه القول بالبداء أو أن الله لم يكن يعلم فعلم!!
وهذا باطل .
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ * الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
فهل سيأتي جاهل ويفهم من هذه الآية أن الله لما فرض عليهم القتال والمشركون عشرة أضعافهم لم يكن يعلم ضعفهم؟!!
بل المراد بالعلم هنا علم حادث متجدد لما وجد الضعف، وإن كان الله جل وعلا يعلم ضعفهم في الأزل، وفائدته بيان رحمة الله، ومراقبته لهم، وتخفيفه عليهم .
*ومن عبارات العلماء السلفيين: ما قاله قتادة -رحمه الله- عند تفسيره لقوله تعالى:{فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}: "لم ينفع قرية كفرت، ثم آمنت حين حضرها العذاب، فَتُرِكَت إلا قوم يونس، لَمَّا فقدوا نبيَّهم، وظنُّوا أنَّ العذاب قد دنا منهم؛ قذفَ اللهُ في قلوبهم التَّوبةَ، ولبسوا الْمُسوح، وفرقوا بين كل بهيمة وولدها، ثم عَجُّوا إلى الله أربعين ليلة، فلما عرف الله منهم الصدق من قلوبهم والتوبة والندامة على ما مضى منهم؛ كشف عنهم العذاب، بعد أن تدلى عليهم" نقله ابن كثير وأقره .
ومن ذلك ما قاله ابن القيم -رحمه الله- في شفاء العليل(ص/161): "ثم أخبر سبحانه خبراً مستأنفاً عنهم أنه سيهديهم، ويصلح بالهم لما علم أنهم سيقتلون في سبيله، وأنهم بذلوا أنفسهم له فلهم جزآن جزاء في الدنيا بالهداية على الجهاد وجزاء في الآخرة بدخول الجنة ..."
فهل يفهم من كلام ابن القيم -رحمه الله- أن الله لم يكن يعلم أنهم سيقتلون في سبيله ثم علم ذلك؟!!!!
ونحو ذلك من العبارات .
فلما نقول: لما علم .. ليس معناه أنه لم يكن يعلم ..
فافهم هذا أيها المأربيّ .
وانظر: روضة المحبين(ص/30-31)، الجواب الكافي(ص/129)، إعلام الموقعين(4/202) .
يزيده بياناً:
الوجه الرابع: قول المأربي: "وأن علمه مُحدث،قد سبقه جهل -والعياذ بالله-".
قد يفهم منه أن هذا المأربي -عامله الله بعدله- يلزم من يثبت علم الله الحادث أن يكون قد سبقه جهل!!
وهذا باطل .
فعِلْمُ الله -عز وجل- نوعان: علم أزلي قديم، وعلم حادث متجدد متعلق بالمعلومات ووجدوها حسب أزمان حصولها .
وقد نبه على هذا شيخ الإسلام -رحمه الله- في المسائل والرسائل .
وقال -رحمه الله- في الرد على المنطقيين(ص/464): "أدلة القرآن والحديث على إثبات العلم لله تعالى.
وعامة من يستشكل الآيات الواردة في هذا المعنى كقوله {إلا لنعلم}، {حتى نعلم}؛ يتوهم أن هذا ينفي علمه السابق بأن سيكون .
وهذا جهل؛ فإنَّ القرآن قد أخبر بأنه يعلم ما سيكون في غير موضع، بل أبلغ من ذلك: أنه قدر مقادير الخلائق كلها، وكتب ذلك قبل أن يخلقها، فقد علم ما سيخلقه علماً مفصلاً، وكتب ذلك وأخبر بما أخبر به من ذلك قبل أن يكون .
وقد أخبر بعلمه المتقدم على وجوده، ثم لما خلقه علمه كائناً مع علمه الذي تقدم أنه سيكون، فهذا هو الكمال، وبذلك جاء القُرْآنُ في غير موضع.." إلخ كلامه وهو نفيس جداً.
* فإن قيل: إن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- إنما علل الإدراك بالمفاسد فقال: "ولهذا أدرك خطورته ربنا" فهو يجعل الإدراك معللاً وهذا يلزم منه أن ناتج عن أمر سابق، والذي يلزم منه أنه ظهر لله بعد أن لم يكن ظاهراً .
فالجواب:
هذا باطل، وهو مردود عليه بما سبق، فإن الله علل علمه بأشياء، وعلق علمه على وجودها كقوله تعالى: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم} الآية.

فليس فيه أن الله لم يكن يعلم المجاهدين، ولكنه علم حادث بما يستحقون عليه الثواب.
وكلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- لم يخرج عن الألفاظ الشرعية فإنه علق إنزال الكتب وإرسال الرسل على هذا الإدراك (العلم والإحاطة) وعلق قبل ذلك هذا الإدراك على المفاسد الناتجة من الشرك .
فليس فيه أن الله سبحانه لم يكن مدركاً (محيطاً بعلمه) هذا الأمر في الأزل، بل هو مدرك له في الأزل، ولكنه تجدد علمه بهذه المفاسد بعد عشرة قرون من وفاة آدم عليه السلام، ووقوع الناس في الشرك والفساد، فعلم الله حاجة الناس للرسل والكتب فأرسل نوحاً عليه السلام بالدعوة إلى التوحيد، والتحذير من الشرك بشتى صنوفه .
وهذا يصح أن يقال بلا إشكال لأنه مبني على استنباط من الأحاديث النبوية .
والله أعلم .







مصطفى المأربيّ لا يفرق بين الاستفهام الإنكاري والاستفهام التقريري
* قال المأربي: "ثالثاً:ومما لا يليق ذكره في حق الله عز وجل، ما قاله الشيخ ربيع في نفس الشريط في سياق ذم من يرمي دعاة التوحيد بأنهم دراويش، فقال: (...يعني ربنا درويش، والرسول درويش؟ يا جماعة اتقوا الله، الآن الذي يحارب هذه الأشياء؛ يقولون: درويش، وهذه دروشة!!...).اﻫ
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اتهمه قومه بعدة اتهامات، وذلك لما دعاهم إلى توحيد الله، وحارب الشرك بجميع صوره , ولم يقل لهم: إذا كنتم تقولون عني: كذاب وساحر ومجنون... الخ بسبب دعوتي إياكم إلى التوحيد؛ وتحذيري إياكم من الشرك؛فقولوا مثل ذلك في الرب عز وجل!!هل قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا جماعة اتقوا الله ,يعني ربنا ساحر وشاعر ..."؟!حاشاه صلى الله عليه وسلم أن يقول هذا!!أليس لك – أيها الشيخ - في رسول الله أسوة حسنة,الذي لم يعبـر بهذا التعبيـر السيئ؟!
وهل يُلزم المخالفون أن ما قالوه في الدعاة من مقالة السوء؛ أن يقولوا ذلك كله في الله عز وجل، أو في رسوله صلى الله عليه وسلم؟!ولو لزمهم هذا؛هل نعبر نحن بهذا التعبير؟!!إنا لله وإنا إليه راجعون".
الجواب:
هذا من المأربي جهل بكتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وطريقة أهل العلم في الرد على المخالفين للحق .
وهو جهل من المأربي بين الاستفهام التقريري والاستفهام الإنكاري .
وهذه آفة هذا المأربي الجاهل .

والجواب على جهالاته من وجوه:
الوجه الأول: أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ-لم يصف الله عز وجل بخلاف ما وجب، بل هو معظم لله تبارك وتعالى، مُنَزِّه له-عز وجل- عن إفك الأفاكين، وباطل المبطلين.
فهو نفى عن الله ما يتهمه أعداؤه –بطريق غير مباشر- بالدروشة والجهل بطرق بيان الحق والدين .
وهذا ليس فيه سوء تعبير ولا خطأ في لفظ . يوضحه:
الوجه الثاني: أن لفظة درويش كلمة غير عربية يراد بها الجاهل الذي لا يدرك غور الأمور، والغافل، والذي يعمل أعملاً ليس مما يعمله أهل العقل الرجيح.
وقد نفى الله عن نفسه الجهل في كتابه فقال تعالى: { ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون * وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}.
وقال تعالى-في عدة مواضع-:{وما الله بغافل عما تعملون}
وقال تعالى: {قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى}.
وقال تعالى: {قل أأنتم أعلم أم الله} .
وقال تعالى: {لا يعزب عنه مثقال ذرة..} الآية
والآيات في هذا المعنى كثيرة .
فيُنَزِّه الله نفسه عن عدم العلم (الجهل)، وعن الغفلة، وعن الضلال، وعن النسيان –بمعنى الغفلة والسهو- .
وهذه الأمور التي نفاها الله عن نفسه هي حقيقة الدروشة ومعناها، فليس فيها إساءة إلى الله ولا كلام بما لا يليق ... يوضحه:
الوجه الثالث: أن نفي العيوب والنقائص عن الله ليس موقوفاً على ألفاظ معينة بل كل ما فيه نقص ينفى عن الله عز وجل، ما لم يكن ذلك النفي يحصل بسببه نقص لا كمال، كالتفصيل في النفي والإجمال في الإثبات كما هو عليه أهل الكلام .
أما كلمة "دروشة" أو "درويش" فهي لفظة قصيرة ينفى بها عدة صفات نقص .
قال تعالى: {ولم يكن له كفواً أحد} وقال: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وقال: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} وقال: {هل تعلم له سمياً}.
قال شيخ الإسلام في التدمرية(ص/88): "وبالجملة، فالسمع قد أثبت له من الأسماء الحسنى، وصفات الكمال ما قد ورد، فكل ما ضاد ذلك فالسمع ينفيه، كما ينفي عنه المثل والكفؤ .
فإنَّ إثبات الشيء نفي لضده ولما يستلزم ضده، والعقل يعرف نفي ذلك، كما يعرف إثبات ضده، فإثبات أحد الضدين نفي للآخر ولما يستلزمه.
فطرق العلم بنفي ما ينَزَّه عنه الرب متسعة لا يحتاج فيها إلى الإقتصار على مجرد نفي التشبيه والتجسيم كما فعله أهل القصور والتقصير الذين تناقضوا في ذلك، وفرقوا بين المتماثلين حتى أن كل من أثبت شيئاً احتج عليه من نفاه بأنه يستلزم التشبيه....-إلى أن قال:- فطرق تنْزيهه وتقديسه عما هو منزه عنه متسعة لا تحتاج إلى هذا..".
نفي الجسم أو إثباته فيه تفصيل بينه شيخ الإسلام في التدمرية وغيرها من كتبه .
الوجه الرابع: ينبني على ما سبق جواز نفي العيوب والنقائص عن الله ولو كانت بألفاظ غير عربية كلفظة درويش أو نحوها من الألفاظ غير العربية .
فلا محظور في إنكار وصف الله بالدروشة أو الجهالة أو الضلال أو الغفلة أو نحوها من صفات النقص.
الوجه الخامس: أن بعض الألفاظ قد ينبو عنها السمع ولكن نجد أن الله عز وجل نفاها عن نفسه، أو نفاها عنه رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو نفاها أهل العلم من أهل السنة والجماعة .
ومن الأمثلة غير ما سبق:
* نفي الصاحبة والولد: قال تعالى: {قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد}.
وقال تعالى: {أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء} .
إلى غير ذلك من الأدلة .
* نفي الإعياء والتعب عن الله: قال تعالى: {ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} وقال تعالى: {ولم يعي بخلقهن}.
* نفي السِّنَة والنوم: قال تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم}
* نفي الظلم عن نفسه سبحانه: قال تعالى: {ولا يظلم ربك أحداً} وتكرر نفي الظلم في مواطن عديدة.
* نفي اللعب عن نفسه: قال تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين}.
إلى غير ذلك من الأدلة .
*ومن أقوال العلماء: قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في التدمرية(ص/90-91): "وقد تقدم أن كل كمال ثبت لمخلوق فالخالق أولى به، وكل نقص تنَزَّه عنه المخلوق فالخالق أولى بتَنْزِيهه عن ذلك، والسمع قد نفى ذلك في غير موضع كقوله تعالى: {الله الصمد}، والصمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهذه السورة هي نسب الرحمن، أوهى الأصل في هذا الباب .
وقال في حق المسيح وأمه: {ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صدِّيقَة كانا يأكلان الطعام}، فجعل ذلك دليلاً على نفي الألوهية، فدل ذلك على تنْزيهه عن ذلك بطريق الأولى والأحرى .
والكبد والطحال ونحو ذلك: هي أعضاء الأكل والشرب، فالغني الْمُنَزَّه عن ذلك مُنَزَّهٌ عن آلات ذلك، بخلاف اليد فإنَّها للعمل والفعل، وهو سبحانه موصوف بالعمل والفعل؛ إذ ذاك من صفات الكمال، فمن يقدر أن يفعل أكمل ممن لا يقدر على الفعل.
وهو سبحانه منَزَّهٌ عن الصحابة والولد وعن آلات ذلك وأسبابه، وكذلك البكاء والحزن؛ هو مستلزم الضعف والعجز؛ الذي ينَزه عنه سبحانه، بخلاف الفرح والغضب فإنه من صفات الكمال ، فكما يوصف بالقدرة دون العجز، وبالعلم دون الجهل، وبالحياة دون الموت، وبالسمع دون الصمم، وبالبصر دون العمى، وبالكلام دون البكم؛ فكذلك يوصف بالفرح دون الحزن، وبالضحك دون البكاء ونحو ذلك" .
واسمع ما يقوله ابن القيم -رحمه الله- لتعلم مدى جهلك، وتنكبك عن الصراط المستقيم: "قلت: وقريب من هذه المناظرة ما جرى لي مع بعض علماء أهل الكتاب، فإنه جمعني وإياه مجلس خلوة أفضى بيننا الكلام إلى أن جرى ذكر مسبة النصارى لرب العالمين مسبة ما سبه إياها أحد من البشر .
فقلت له: وأنتم بإنكاركم نبوة محمد قد سببتم الرب تعالى أعظم مسبة!
قال: وكيف ذلك؟
قلت: لأنكم تزعمون أن محمداً ملك ظالم، ليس برسول صادق، وأنه خرج يستعرض الناس بسيفه فيستبيح أموالهم ونساءهم وذراريهم، ولا يقتصر على ذلك حتى يكذب على الله، ويقول: الله أمرني بهذا، وأباحه لي، ولم يأمره الله ولا أباح له ذلك، ويقول أوحى إلي، ولم يوح إليه شيء، وينسخ شرائع الأنبياء من عنده، ويبطل منها ما يشاء ويبقي منها ما يشاء، وينسب ذلك كله إلى الله، ويقتل أولياءه، وأتباع رسله، ويسترق نساءهم وذرياتهم؛
فإما أن يكون الله سبحانه رائياً لذلك كله عالماً به، مطلعاً عليه أو لا؟
فإن قلتم: إن ذلك بغير علمه واطلاعه؛ نسبتموه إلى الجهل والغباوة، وذلك من أقبح السب .
وإن كان عالما به، رائياً له، مشاهداً لما يفعله؛ فإما أن يقدر على الأخذ على يديه ومنعه من ذلك أو لا؟
فإن قلتم: إنه غير قادر على منعه والأخذ على يده؛ نسبتموه إلى العجز والضعف.
وإن قلتم: بل هو قادر على منعه، ولم يفعل؛ نسبتموه إلى السفه والظلم والجور .
هذا وهو من حين ظهر إلى أن توفاه ربه؛ يجيب دعواته، ويقضي حاجاته، ولا يسأله حاجة إلا قضاها له، ولا يدعوه بدعوة إلا أجابها له، ولا يقوم له عدو إلا ظفر به ..." إلخ كلامه .
فقارن بين كلام شيخ الإسلام ابن القيم وبين أسد السنة الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- لتنظر أي الكلامين أشد وأولى بأن ينكر عليه –إن كان يستحق الإنكار-!!
فراجع نفسك أيها المأربيّ، وارفق بها، ولا تتعد حدود الله، ولا يحملنك الانتصار لنفسك وهواك أن تجعل المعروف منكراً، والمنكرَ معروفاً، والحقَّ باطلاً، والباطلَ حقاً .
وأنصحك بطلب العلم على العلماء المشهود لهم بحسن الطريقة، والاستقامة على منهج السلف كشيخنا أسد السنة الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- والشيخ الفوزان والشيخ عبد العزيز آل الشيخ وغيرهم من علماء أهل السنة .

خلط مصطفى المأربيّ بين النفي والإثبات، وإنكاره ما ثبت في كتاب الله
* قال المأربي: "رابعاً:ومن ذلك أن الشيخ في سياق رده على الذين يرمون أهل السنة بالعمالة,لأنهم – في نظرهم – لا ينكرون باطل الحكام ,ويطالبونهم بالانضمام إليهم ,في الخروج على الحكام ,أو التهييج عليهم, ولقد أحسن الشيخُ في رده على ذلك ,إلا أنه أتى بعبارات سيئة ,تشمئز منها قلوب الموحدين ,وتقشعر منها الجلود ,فقد قال في شريط:"مرحباً يا طالب العلم "(1/أ) الآن الذي لا يناطح الحكام عميل!! ليه ربنا ما ناطح الحكام؟!! ولماذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يناطح هذه المناطحات؟!! أهؤلاء أهدى من الله؟!!وأهدى من رسول الله عليه الصلاة والسلام؟!! يبدأون الدعوة إلى الإسلام, من آخر مراحل الإسلام , ولا يبدأون من الأصول والمنابع الأولى في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ....).
وفي هذا الكلام عدة مؤاخذات:


فهل يجوز لنا أن نقول:الله عزوجل أهدى من فلان؟!!فإلى الله المشتكى..
..."
الــــجَــــواب:
انتقد المأربي الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- في موضعين من هذا الكلام .
الأول: قول الشيخ حفظه الله وكسر شوكة عدوه: "!! ليه ربنا ما ناطح الحكام؟!! ولماذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يناطح هذه المناطحات؟!!".
الثاني: قوله الشيخ -حفظَهُ اللهُ-: "أهؤلاء أهدى من الله؟!!وأهدى من رسول الله عليه الصلاة والسلام؟!!".
والجواب عن الأمر الأول من وجوه:
الوجه الأول: أن مصطفى المأربي كذب على الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- إذ نسب إليه وصفَ الله بالمناطحة!!
قال المأربي: "هل يوصف الله عز وجل بالمناطحة؟!!" موهما أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- يقول بذلك .
الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- إنما قال: "ليه ربنا ما ناطح الحكام؟!!"
فلم يفرق المأربي الجاهل بين الاستفهام الاستنكاري المتضمن إنكار الوصف المنسوب إلى الله، وبين الاستفهام الاستعلامي والاستخباري .
علماً بأن المأربي وضع بعد سؤال الشيخ علامة استفهام وعلامتي تعجب دلالة على أن السؤال سؤال استنكار لا استفسار!
فإن قيل: إنه وضع علامة التعجب لاستنكار لفظة المناطحة!
فيقال: لو كان الأمر كذلك لكان موضع علامة التعجب بعد كلمة "ناطح" وليس بعد نهاية السؤال .
الوجه الثاني: معنى كلمة ناطَح: مأخوذ من الفعل نطح .
قال ابن منظور: "النطح للكباش ونحوها؛ نطحه ينطِحُه وينطَحُه نطحاً...ويقتاس من ذلك تناطحت الأمواج والسيول والرجال في الحرب .
قال ابن سيده: والنطيح والناطح ما يستقبلك ويأتيك من أمامك من الطير والظباء ..
وقال الجوهري: نواطح الدهر شدائده . ويقال: أصابه ناطحٌ أي: أمر شديد ذو مشقة قال الراعي: وقد مسَّه منا ومنهن ناطحُ .
وفي الحديث: ((فارس نطحة أو نطحتان، ثم لا فارس بعدها أبداً)) ( ) قال أبو بكر: معناه: فارس تقاتل المسلمين مرة أو مرتين . وقيل: معناه: فارس تنطح مرة أو مرتين فيبطل ملكها ويزول أمرها" لسان العرب(14/184) .
فيتبين مما سبق أن كلمة ناطح لا تعني بالضرورة الضرب بالقرون كما يظهر من فهم المأربي وصنيعه!!
لا سيما أنه مزارع فلعله يعالج الثيران أو البهائم!!
فلا يلزم من الوصف بالنطح أن يكون له قرنان!!
بل ركناه: الضرب والمواجهة .
فيكون معنى ناطح الحكام: أي قاتلهم مواجهة .
والله -عَزَّ وَجَلَّ- وجل يحارب أعداءه.
قَالَ تَعَالَى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ }البقرة27
وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم-: ((إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيْحِهِ
وأعداؤه يحاربونه:
قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }المائدة33.
فالمقصود أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- وجل لَمْ يحارب الحكام ، وَكَذَلِكَ رسوله -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّم- ، وإنما يحارب مَنْ يعادي أولياءه، أَوْ لا ينتهي عَنْ الربا، ولَيْسَ ذَلِكَ خاصاً بالحكام.
الوجه الثالث: أن الشيخ ربيعاً-حفظَهُ اللهُ- لم يصف الله بالمناطحة، بل نفاها عن الله عز وجل، واستنكر فعل الحزبيين الذين يواجهون الحكام ويعلنون عليهم الحرب والمخالفة دون الدعوة إلى التوحيد وإخلاص الدين لله الذي هو السبيل للحكم بما أنزل الله.
وقد سبق ذكر شيء من هذا في الفقرة السابقة كقوله تعالى: {وما كنا لاعبين}، وقوله: {لا يضل ربي ولا ينسى}.
وقوله تعالى: {قل أأنتم أعلم أم الله} ونحوها من الأدلة، وقد نقلت كلام بعض العلماء بنحو ذلك.
الوجه الرابع: لو كان الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- أخبر عن الله بلفظ "ناطح" فإن سياق كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- يبين مراده بلفظة المناطحة ألا وهو المواجهة .
فالشيخ يقول بعد ذكره للأحبار والرهبان وأن الله عز وجل حذر منهم وبين مدى فسادهم وهم ليسوا ملوكاً ولا حكاماً ثم ذكر قوله تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون} ثم قال: فين الكلام على كسرى وقيصر؟ أين هو؟
ثم قال -حفظَهُ اللهُ-: "الآن الذي لا يناطح الحكام عميل!!" ومعناه ظاهر؛ أي الذي لا يواجه الحكام ويعلن عليهم الحرب والمخالفة يعده الحزبيون عميلاً . دون الدعوة إلى التوحيد وإخلاص الدين لله الذي هو السبيل للحكم بما أنزل الله؛ كما بينه الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- في سياق كلامه بعد الكلام الذي نقله المأربي .
ثم قال -حفظَهُ اللهُ- مستنكراً ومنكراً على هؤلاء الحزبيين: "ليه ربنا ما ناطح الحكام؟!!" يعني: لماذا ما واجه الله الحكام بمثل ما عليه الحزبيون من الدعوة إلى السياسة والحكم دون الدعوة إلى التوحيد وإخلاص الدين لله الذي هو السبيل للحكم بما أنزل الله؟!!
ثم قال -حفظَهُ اللهُ-: "ولماذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يناطح هذه المناطحات؟!!" أي: لماذا ما كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يواجه الحكام بمثل ما يواجه به الحزبيون حكامهم من الدعوة إلى السياسة والحكم دون الدعوة إلى التوحيد وإخلاص الدين لله الذي هو السبيل للحكم بما أنزل الله؟!!
فهذا هو ظاهر كلام الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- .
ولا نقول إن قول الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- موهم أو مشتبه ونحتاج إلى كلام آخر له في موضع آخر لنعرف مقصده من كلامه!!
بل هو ظاهر كلامه وسياقه وسباقه ولحاقه وهذا عليه أهل العلم قاطبة وعلى رأسهم شيخنا الشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- .
الوجه الخامس: من باب التَّنَزُّل: أن استخدام كلمة ناطح مع نفيها في هذا الموضع إنما هو من باب الإخبار -مع ظهور المراد به في سياق الكلام- وهو أوسع من باب الصفات، وباب الصفات أوسع من باب الأسماء.
قال ابن القيم -رحمه الله- في مدارج السالكين(3/415): "وكذلك باب الإخبار عنه بالاسم أوسع من تسميته به فإنه يخبر عنه بأنه شيء وموجود ومذكور ومعلوم ومراد ولا يسمى بذلك"
وقال في بدائع الفوائد(1/170): "السابع أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في درء تعارض العقل والنقل(1/297-298): "وقد يُفَرَّقُ بين اللفظ الذي يدعى به الرب، فإنه لا يدعى إلا بالأسماء الحسنى، وبين ما يخبر به عنه لإثبات حق أو نفي باطل .
وإذا كنا في باب العبارة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- علينا أن نفرق بين مخاطبته وبين الإخبار عنه؛ فإذا خاطبناه كان علينا أن نتأدب بآداب الله تعالى حيث قال: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً} فلا نقول: يا محمد، يا أحمد، كما يدعو بعضنا بعضا، بل نقول: يا رسول الله، يا نبي الله.
والله سبحانه وتعالى خاطب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسمائهم، فقال: {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}...ولما خاطبه صلى الله عليه وسلم قال: {يا أيها النبي}، {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر}...فنحن أحق أن نتأدب في دعائه وخطابه .
وأما إذا كنا في مقام الإخبار عنه قلنا: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وقلنا: محمد رسول الله وخاتم النبيين، فنخبر عنه باسمه كما أخبر الله سبحانه لما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين}...
فالفرق بين مقام المخاطبة ومقام الإخبار فرق ثابت بالشرع والعقل، وبه يظهر الفرق بين ما يُدعى الله به من الأسماء الحسنى، وبين ما يُخبَرُ به عنه عز وجل مما هو حق ثابت؛ لإثبات ما يستحقه سبحانه من صفات الكمال، ونفى ما تنَزَّه عنه عز وجل من العيوب والنقائص، فإنه الملك القدوس السلام سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا".
فالشيخ ربيع-حفظَهُ اللهُ- استنكر على الحزبيين المبطلين طريقتهم في الدعوة إلى الله، ونفى عن الله وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- مناطحة الحكام وهو مواجه الحكام وإعلان الحرب عليهم دون الدعوة إلى التوحيد وإخلاص الدين لله الذي هو السبيل للحكم بما أنزل الله .
والله أعلم .










رد مع اقتباس