تحـريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال
هذا عنوان لكتاب الشيخ بكر أبو زيد قال فيه : ( حقّاً كُنَّا نستكبر أَنْ نرى مَنْ دَاخَلَ صفوف المؤلفين والمحققين ، فينقل من كُتُبٍ منتشرة في أيدي النَّاس ثُمَّ تراه وقد نزعه عِرْقُ الخالفين من أهل الأهواء ، مُتصرِّفاً في النُّصوصِ بالتحريفِ ، والتغييـر ِ، والتبديـل ِ، والبتـرِ ، والزيـادةِ ، والنقصِ ، مستقل من ذلك ، ومستكثر ، وهذا ـ عياذاً بالله ـ من الشقاء بالعلم . وهكذا من عضَّ على العصبيَّةِ المنحرفةِ ، دعتْه إلى لِباسِ التَّحريفِ ولابد، فَتَبُوْءُ هذه بهذه ، وتسوقه أُولاهما إلى أُخْراهما ) . ـ ( " تحريف النصوص" صفحة " 8 " ) ـ
ثم قال : ( ومطلوب من أهل السنة كشف من كان سبيله كذلك ، ممن غُلِبَ على رُشده ، فاستخف بالأمانة العلمية ؛ ليتضح أمره ، ويصير النَّاس على بصيرة ومعرفة تامّتين ، لِيُنحُّوه عن الذِّكر، والحكم ، ويبتعدوا عن كتـبه عند الاستـشـهاد والعزو ؛ إذْ لو ســـــكت ( العادلون ) عن نفي ( تَرَصُّدِ التَّحريف ) عند أَوَّلِ نُجُومِهِ ؛ لانْزوى الإصلاحُ ، وبغى من لا أَمانةَ له على الأُمناء ، ولآلت سابلةُ الدين في صفائها لدى كثير من المســـــــــلمين إلى خبر " كاد " إنْ لم تكن في خبر " كان " ) . ـ (المصدر السابق ، صفحة " 10 " ) ـ
فليت الشايجي تعلم من هذا الكتاب ، ومن كتب الشيخ الأخرى ، وعكف على قراءتها ، والاستفادة منها، قبل أن يرفع قلمه ، وتسطر بنانه الكذب ، كما سيتضح لكل منصف حقيقة هذا الأمر ، وهو القائل : ( الشيخ العلامة ، شيخنا ) والذي لم يعرف من كتبه ســـــوى كتابه ( تصنيف الناس ) وبعض الوريقات !!! ، فيصدق عليه قول الشاعر :
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى .. .. .. فصادف قلباً خالياً فتمـكنا
وقول الآخر :
أتاني أن سهلاً ذم جهلاً .. .. .. علوماً ليس يدركهن سهل
علوماً لو دراها ما قلاها .. .. .. ولكن الرضا بالجهل سهل
وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسـعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بالصدق ؛ فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرّى الصدق حتى يكتب عند الله صِدِّيقاً . وإياكم والكذب ؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرّى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ) أخرجه البخاري " 6094 " ، ومسلم " 2607 " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ : ( والحمد لله الذي كان غاية كيد الشيطان الوسوسة ، فإن شيطان الجن إذا غلب وسوس ، وشيطان الإنس إذا غلب كذب ، والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره . لابد له من ذلك ، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ، ويلازم ما هو فيه من الذكر ، والصلاة ، ولا يضجر ، فإنه بملازمة ذلك ينصرف كيد الشيطان ، ( إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ) . وكلما أراد العبد توجهاً إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوسواس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق ، كلما أراد العبد يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه ) اهـ . " الفتاوى " : " 22/608 " .
وقال ـ رحمه الله تعالى ـ : ( وتعمد الكذب له أسباب :
أحدها : الزندقة والإلحاد في دين الله : " ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون " .
وثانيها : نصرة المذاهب والأهواء ، وهو كثير في الأصول والفروع والوسائط
وثالثها : الترغيب والترهيب لمن يظن جواز ذلك .
ورابعها : الأغراض الدنيوية لجمع الحطام .
وخامسها : حب الرياسة بالحديث الغريب ) اهـ . " الفتاوى " : " 18 / 46 ، 47 " .
فالشايجي يريـد من هذه الافتراءات أن يـوسـوس للعوام ويلبّس عليهم .
ويريد من هذه الأباطيل نصرة المذاهب الحزبية وأهل الأهواء .
ويريد ـ أيضاً ـ الرياسة بالإغراب في الكلام ، والكذب على الأبرياء .
وإليك هذه التحريفات التي قام بها عبد الرزاق الشايجي لإيهام القارئ صدق دعواه ضد الشيخ ربيع .
والحمد لله الذي جعل غاية وسوسة شيطان الإنس الكذب ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ . وذلك لأنه ـ والله أعلم ـ يقيّض الله من يكشف كذبه ويزيِّفه .
التحريف الأول :
قال الشايجي في صفحة " 5 ـ 6 " : ( وقال أيضاً [ أي : الشيخ ربيع ] : وينبغي الاهتمام في هذا المقام بأمر وهو أن الالتفات إلى محاسن أهل الأهواء في باب النصيحة مَطية مَظنة للخطر ، وما تحت قدم الداعي إلى ذلك دَحض ، فليحذر من الزلل ، وليسلك منه الجُدد الذي يؤمن معه العثار ) . [ منهج أهل السنة والجماعة /4 ] .
التحريف الثاني :
وقال في صفحة " 6 " وقال أيضاً [ أي : الشيخ ربيع ] : ( إن نسبة هذا المنهج ـ أي : منهج القسط والعدل ـ للسلف الصالح نسبة منكودة جديرة أن تفتح باب الفتنة على مصراعيه حيث تُلقي بِعُدة المستقبل في أحضان الأدعياء ، لأن محاسنهم ستطغى على بدعهم ، فيلقون إليهم بالمودة وقد أمروا أن يشردوا بهم من خلفهم وأن يضربوا منهم كل بنان ) . [ منهج أهل السنة والجماعة / 4 ] .
أقول :
عجبت لجرأة هذا الشخص حيث نسب هذا الكلام إلى غير صاحبه مشيراً بكل ثقـة واطمـئنان إلى رقـم الصفحة وكأن الناس لا ترجع إلى ما أحال اليه من مراجع ، ثقة فيه وحسن ظن به ، ولكن من رجع إلى طبعات كتاب الشيخ ربيع ( منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف ) ، ونظر في مقدمته ؛ يجد في الجهة المقابلة لهذين النقلين مدوناً في آخرها ( وكتبه أبو أسامة : سليم بن عيد الهلالي ) .
فما هذه الجرأة التي لا يستطيع فعلها أي مجنون ، فضلاً عمن يحمل الشهادات العالميـة العليا في العلوم الشرعية ، وينادَى في ساحات الجامعة : يا دكتور ، أو يا فضيلة الشيخ ؟ .
إنما هو الهوى وكما قيل : ( حبك للشيء يعمي ويصم ) .
( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) . سورة الحج، آية : 46 .
والحمد لله الذي كشف خيانتك ، وبَـيَّن كذبك من أول صفحات رسالتك الظالمة ، وجعلها صفعات لنعرف حقيقة هذه الدراسة الوثائقية التي لا يعلمها الشيخ ربيع ، ولا يعرف عنها شيئاً ، لأنك أردت أن توسوس للعوام وتلبِّس عليهم ، ولعـلك أردت أن تطـعن في الشـيخ سليم الهلالي ولكنك تخشى من ( سهام أهل الشام ) حيث قال الشيخ سليم : ( ولكن ؛ لا تغرنكم البرقة ، فإنها فجر كاذب ، ولاتهولنكم المفاجأة ، فإن الجهابذة ينخلونهم نخلاً ) اهـ . "منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف" الطبعة الأولى، صفحة " 5 " ، وصفحة " 13 " ، طبعة دار المنار .
فمن كذب في هذا المقدار فلا يؤمن أن يكذب فيما هو أكبر منه ، وهذه بداية للدراسة النقدية الوثائقية التي قام بها الشايجي فكشفت اللثام عن حقيقته ، حيث قال في صفحة " 4 " : ( وهذه الدراسة مدخل لدراسة موسعة سنتناول فيها بإذن الله مؤلفات د . ربيع الفكرية والحديثية ـ ( قال الشيخ ربيع في رده على صاحب كتاب " المعيار " : " انظر الى هذا الجاهل الضال أين يضع نفسه ، وكيف يزهو بها . إن بينك وبين ما تدعيه لمراحل تنقطع دونها أعناق الإبل ، وفي كتابك المعيار عبرة لك ولغيرك إن كنت ممن تنفعهم العبر " "بيان فساد المعيار .. حوار مع حزبي متستّر " صفحة " 204 " الحاشية ) ـ ، وسنخضعها لميزان المنهج السلفي والمنهج العلمي ، والله نسأل أن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم إنه على كل شيء قدير ) .
وقال : ( وقد جبنوا جميعاً أن يدافعوا عن أنفسهم ، وأن يذكروا خطئاً واحداً في كتابي " الخطوط العريضة " أو إنني كذبت عليهم في أصل واحد مما أصّلوه ) ـ ( " أضواء على فكر دعاة السلفية الجديدة " للشايجي ، صفحة " 13 " )
وقال : ( ووالله لن أتقول عليهم كما يفعلون ) . ـ ( المصدر السابق ، صفحة " 126 " ) ـ
فماذا تسمى هذا الفعل الذي قمت به ، إن لم يكن هذا هو الكذب بعينه فما هو الكذب في نظرك ؟ أم أن للكذب تعريفاً آخر عندك فالكذب صدق ، والصدق كذب ، والباطل حق ، والحق باطل ، والبدعة سنة، والسنة بدعة .
لا يكذب المرء إلا من مهانته .. .. .. أو فعله السوء أو من قلة الأدب
ثم بعد هذا تقسم أيماناً كاذبة : أنك لن تتقول عليهم ، وأنك لن تكذب عليهم ؟!! .
فبادر إلى التوبة إلى الله عز وجل ، فها أنت تحنث في يمينك ، فلا تنس كفارة هذه اليمين الكاذبة الفاجرة يا فضيلة دكتور كلية الشريعة ، وإلا ( فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) .
فعن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : ( ما كان خُلُقٌ أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب ... ) الحديث . " سلسلة الأحاديث الصحيحة " : " 2052 "
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى : ( وكل أحد يعلم أن أهل الحديث أصدق الطوائف ؛ كما قال ابن المبارك : وجدت الدين لأهل الحديث ، والكلام للمعتزلة ، والكذب للرافضة ، والحيَل لأهل الرأي ، وسوء الرأي والتدبير لآل أبي فلان ) . " مختصر الصواعق المرسلة " لابن القيم ، " 472 "
فإن كان هذا حال المدخل فكيف بالأبواب ، والفصول ، والفهارس ، بل كيف حال النقل والإحالة ، بل كيف يكون العمل خالصاً لوجه الله وقد بدء بالكذب وانتهى به ، والتجني على الشيخ ربيع ، وتقويله ما لـم يقل ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .
التحريف الثالث :
قال الشايجي في صفحة " 8 " : ( قولك : أن العدل مع الدعاة إلى الله وجماعات الدعوة يفتح باب الفتنة على مصراعيه ، حيث تُلقي بعدة المستقبل في أحضان الأدعياء ، لأن محاسنهم ستطغى على بدعهم ، فيلقون إليهم بالمودة وقد أمروا أن يشـــــردوا بهم من خلفهم وأن يضربوا منهم كل بنان ) .
أقول :
أولاً : لقد استخدم الشايجي أسلوباً ماكراً ليخدع القارئ حتى لا يفتضح أمره ، حيث قام بتركيب الجمل حسبما يمليه هواه مقل من ذلك ومستكثر ، حيث قال منتقداً الشيخ ربيع : ( قولك إن العدل مع الدعاة إلى الله وجماعات الدعوة : ( يفتح باب الفتنة على مصراعيه ... إلخ ) .
لقد سبق بيان أن هذا الكلام ليس للشيخ ربيع ، فلماذا هذا الإصرار مرة أخرى على نسبته للشيخ ، أم أنه وثيقة سرية أخرى أحببت أن تفصح عنها ، وما أكثر وثائقك السرية الكاذبة .
ثانياً : إن الشيخ سليماً الهلالي لم يقل : إن العدل مع الدعاة إلى الله وجماعات الدعوة يفتح باب الفتنة على مصراعيه ، إنما هو الالتفات إلى محاسن أهل الأهواء في باب النصـيحـة ـ دعوى الموازنة بين الحسنات والسيئات ـ ، ونسبته إلى منهج السلف الصالح نسبةٌ منكودةٌ ، جديرةٌ أن تفتح باب الفتنة على مصراعيه ، وهو كذلك .
ثالثاً : قال الشيخ بكر أبو زيد عن مضار الأحزاب على جماعة المسلمين : ( الإذن بالأحزاب في الإسلام ، فيه فتحُ بابٍ لا يُرَدُّ ، بدخول أحزاب تحمل شعار الإسلام وهي حرب عليه ، وكم رأينا ذلك في دعوات ضالة ، بل كافرة ، منها : القاديانية ، البهائية ، البريلوية ... وكم التف حولها من المسلمين ما لا يحصيهم إلا الله تعالى ، فأخرجهم من نور الإسلام إلى الضلال البعيد ! فانظر كيف تعيش تلك الفرق تحت مظلة الإسلام وهو منها براء ) اهـ . " حكم الانتماء"، صفحة 139
التحريف الرابع :
وقال الشايجي في صفحة " 8 " : ( ... وقوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة " فهذه الآيات كلها في الكفار وأنت جعلتها في الدعاة إلى الله وأن الشباب يجب أن يحذروا من أن يلقوا إليهم بالمودة وقد أمروا أن يشردوا بهم من خلفهم وأن يضربوا منهم كل بنان ... فمن الذي أمرهم يا د . ربيع أن يفعلوا هذا ، هل هذا أمر الله للمؤمنين أن يفعلوا هذا مع جماعات الدعوة إلى الله من الإخوان المســـــــــلمين والسلفيين والتبليغ وغيرهم ... إلخ ) .
أقول :
أولاً : من أين لك هذه الزيادة من ذكر هذه الآية بعد كلام الشيخ سليم الهلالي ونسبتها إلى الشيخ ربيع ؟ .
أهي من زيادة الثقات التي يعتد بها ؟ .
أم أنها من الوثائق السرية التي تمتلكها وأردت أن تكشف اللثام عنها ؟ .
أم أنها من الإلهامات الشيطانية ؟ .
( أم لكم سلطان مبين ، فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين ) الصافات ، الآيتان : 156 ـ 157
إنه الإعلام الخبيث ، الذي لهث الشايجي إلى تطبيقه بكل جدارة ، ليحصل على مناله من شيخه ، فيرتفع درجة ، أو يحظى بمكانة ورفعة ، فهو الابن البار ، فمن رجع إلى كتاب الشــــيخ ربيع ( منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف ) ، وقلب صفحاته من الغلاف إلى الغلاف ، ونظر بين أسطره سطراً سطراً ؛ لا يجد هذه الآية الكريمة في كتاب الشيخ ربيع . فكيف جعل الشيخ ربيع الآيات النازلة في الكفار مُـنَـزِّلَةً في الدعاة إلى الله ؟!! .
<span style='color:#FF0000'>فإن لم يخش هذا الشانئ البليد من الله العليم ، فعليه أن يستحي من الناس ، وما عساهم يقولون فيه إذا هم راجعوا ما أحال إليه فوجدوه كذباً وزوراً ، وحاول إقناعهم به ؟ ، ولكن :
إذا لم تَصُنْ عِرْضاً ولم تخش خالقاً .. .. .. وتستحي مخلوقاً فما شئت فاصنع
ـ ( "دعوة شيخ الإسلام وأثرها في الحركات الإسلامية المعاصرة وموقف الخصوم منها " ، صلاح الدين مقبول أحمد، صفحة " 340 " بتصرّف ) ـ</span>
وفي صحيـح البخــاري عن أبي مسعـود عقـبة بن عمرو الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة : إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ) ، وفي رواية : ( فافعل ما شئت ) .
قال ابن رجب رحمه الله تعالى : ( والمعنى أن من لم يستحِ صَنَعَ ماشاء ، فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء ، فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر ، ... .
واعلم أن الحياء نوعان :
أحدهما : ماكان خُلُقاً وجِبِلَّة غير مكتسب، وهو من أَجَلِّ الأخلاق التي يمنحها الله العبد ويجبله عليها . ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ( الحياء لا يأتي إلا بخير ) ، فإنه يكف عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق ويحث على استعمال مكارم الأخـلاق ومعـاليها ، فهو من خصال الإيمان بهذا الاعتبار ... .
النوع الثاني : ماكان مكتسبا من معرفة الله ومعرفة عظمته وقربه من عباده واطلاعه عليهم وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فهذا من أعلى خصال الإيمان بل هو من أعلى درجات الإحسان ... .
فإذا سلب العبد الحياء المكتسب والغريزي لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب القبيح والأخلاق الدنيئة فصار كأنه لا إيمان له ) . " جامع العلوم والحكم " صفحة " 198 - 200 " .
ثانياً : لقد أمرنا الله عز وجل باتباع صراطه المســــــتقيم ، ونهانا عن اتباع السُّبُل ، قال تعالى : ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السُّبُل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) . سورة الأنعام، آية : 153 .
نقل الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله تعالى ـ كلاماً للقرطبي بعد هذه الآية قال فيه : ( هذه آيه عظيمة ، عطفها الله على ما تقدّم، فإنه لما نهى وأمر؛ حذّر من اتباع غير سبيله ، وأمر فيها باتباع طريقه على ما بينته الأحاديث الصحيحة وأقاويل السلف ... فأمر باتباع طريقه الذي طرقه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وشرعه ، ونهايته الجنة ، وتشعبت منه طرق، فمن سلك الجادة نجا، ومن خـرج إلى تلك الطـرق أفضـت به إلى النار، قـال الله تعالى : " ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " أي : تميل ) اهـ .
ثم قال الشيخ سليمان : وعن مجاهد في قوله : ( ولا تتبعوا السبل ) قال : البدع والشبهات . رواه ابن جرير ، وابن أبى حاتم .
وهذه السبل تعم اليهودية ، والنصرانية ، والمجوسية ، وعباد القبور ، وسائر أهل الملل والأوثان ، والبدع والضلالات من أهل الشذوذ والأهواء ، والتعمق في الجدل ، والخوض في الكلام ، فاتباع هذه من اتباع السبل التي تذهب بالإنسان عن الصراط المستقيم إلى موافقة أصحاب الجحيم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) وفى رواية : ( كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ) حديث صحيح ) اهـ " تيسير العزيز الحميد فى شرح كتاب التوحيد " : " 59 ـ 60 " .
ثالثاً : إن جعلك السلفيين بين الإخوان والتبليغ لن يزيد هذين الحزبين رفعة ومكانة ، فكيف يُسوَّى بين من يدعو إلى توحيد الله عز وجل وإفراده بالعبادة ، وبين من يُهَوِّن من أمر العقيدة ، ويدعو إلى طرق صوفية نَتِنَة ، فاحت رائحتها في أرجاء المعمورة .
( أفمن يهدي إلى الحق أحقّ أن يُتَّبع أمَّن لا يهدي إلا أن يُهدّى فما لكم كيف تحكمون ) . سورة يونس، آية : 35
ولكن لـمَّا زال مقدار الدعوة السلفية وأهـلها في نفسك ـ ووالله لن يضيرها ذلك شيئاً ـ ساويت بينها وبين هذه الأحزاب وغيرهم ؟ .
( قل لا يستوي الخبيث والطّيّب ولو أعجبك كثرة الخبيث ) . سورة المائدة، آية : 100
لا تأتين بذكرنا مع ذكرهم .. .. .. ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد
رابعـاً : من هم هؤلاء الدعاة إلى الله الذين تدافع عنهم لنعرف حقيقتهم ؟
لماذا لا تتحفنا بأسماء أصحابك هؤلاء ؟ . أم تخشى أن تنكشف حقيقتهم أمام الناس ؟ .
أهم الذين يتخبطون في أمور العقيدة التي لا يسع المسلم جهلها ؟ .
أم أنهم الذين يتنـقـصـون أنـبـيــاء الله ـ عليهم الصلاة والسلام ـ ؟ .
أم أنهم الذين يطعنون في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . ـ ( يقول الشيخ بكر أبو زيد : ( لهذا فقد أطبق أهل الملة الإسلامية، على أن الطعن في واحد من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ زندقة مكشوفة ) " تصنيف الناس " ، صفحة 26 ) ـ
أم أنهم علماء فقـه الواقـــع ـ على حدِّ زعمهم ـ ، الذين يوردون الشباب المهالك ؟ .
ثم لماذا لا تفصح من المراد بغيرهم، أهم القطبيون السروريون ، المسعريون ، الترابيون ، أم أنهم جميع أهل البدع والأهواء ؟ .
فلماذا كل هذا الحياء وقد خلعت ثوبه من أول رسالتك بعدما ضاق عليك ، فلماذا ترتديه الآن ؟ ، ألا تخشى من تمزّقه ؛ فيبدو جسدك عارياً ، ومنهجك واضحاً للبشر ؟ .
لماذا لا تفصح عما يدور في نفسك وخلجات صدرك ، أرجو أن لا تكتمه في صدرك كي لا تصاب بذبحة صدرية فتبقى طريح الفراش ، فلا تستطيع أن تدافع عن أهل البدع ، ولا تستطيع أن تظهر لنا وثائقك السرية الكاذبة ؟ .
قال الشيخ ربيع :
( ومما يؤسف له أشد الأسف ؛ أن أهل الباطل والبدع قد خدعوا كثيراً من أذكياء طلاب العلم ـ فضلاً عن غيرهم ـ بأنه لا يجوز الكلام في الدعاة ، يريدون بذلك دعاة البدعة والضلال ، يريدون بذلك إفساح المجال لانتشار خدعهم الهدامة ، يريدون القضاء على دعوة التوحيد والسنة ومنهج السلف الصالح ، ومن فروع هذا المذهب الخداع هذه الشروط ، التي يشترطها بعض أبناء التوحيد : أنه لابد في نقد أهل البدع ـ أو من يسمون بالدعاة ـ من ذكر الجوانب المشرقة إلى جانب الجوانب المظلمة !!! ) . " منهج أهل السنة والجماعة "، صفحة 147 طبعة دار المنار .