أقوال العلماء فيمن حكم بغير شرع الله
بسم الله وكفى :
الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم وبعد :
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله.
قال عز وجل :
(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65)
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}. ( المائدة 50)
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْل}. ( النساء 58) .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء:59)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً(النساء : 60)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً (النساء : 61 )
{وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْط}. ( المائد42) .
{إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}. ( الأنعام 57) .
{أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ}. ( الأنعام 63) .
{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَاب} . ( الأنعام 114) .
{إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}. ( يوسف40 ) .
{إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ} . ( يوسف67) .
{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ}. ( الرعد37) .
{وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَاب}. ( الرعد41) .
{وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا}. ( الكهف 26) .
{وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون}. ( القصص 70) .
وقال : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ}. ( المائدة44) .
وقال : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُون}.َ( المائدة 45) .
وقال : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}. ( المائدة47) .
============
ما هو حكم من حكم غير شرع الله ؟ :
يدعي مرجئة العصر أن تحكيم غير شرع الله ليس كفرا اكبر مخرج من الملة بل هو كفر دون كفر أي معصية لا تخرج صاحبها من الملة وقد زل بعض المتأخرة في هذا الخطأ المخالف لاجماع المسلمين
لكن ماذا يقول أئمة المسلمين؟ :
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية : ( أي ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم ( إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) فدل ذلك على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنّة ولا يرجع إليهما فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر).(تفسير ابن كثير : 1/519 ) .
قال ابن كثير رحمه الله في كلامه عن الياسق (قوانين التتار التي اختلط فيها ما يوافق الشرع وما يخالفه) :
( فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر ، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه ؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين …) [ البداية والنهاية 13 / 119]
ويؤكد هذا الإجماع إجماع آخر نقله ابن عبد البر رحمه الله أيضا عن إمام السنة إسحاق بن راهويه رحمه الله قال فيه :
( وقد أجمع العلماء أن من سب الله عز وجل أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دفع شيئا أنزله الله أو قتل نبيا من أنبياء الله وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله أنه كافر ) ا.هـ [ التمهيد لابن عبد البر ج: 4 ص: 226 ]
يقول الامام الجصاص رحمه الله في قوله تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيما (النساء:65)
( في هذه الآية دلالة على أن من يرد شيئاً من أوامر الله أو أوامر رسوله ? أنه خارج عن دائرة الإسلام سواء رده من جهة الشك فيه أو من جهة " ترك القبول والامتناع عن التسليم" )أ.هـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
( كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين ، وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا … وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة …)
قال الشيخ محمد بن إبراهيم في رسالة تحكيم القوانين : ( وتأمل ما في الآية كيف ذكر النكرة وهي قوله (شيء) في سياق الشرط وهو قوله جلَّ شأنه { فإن تنازعتم } المفيد للعموم ثم تأمل كيف جعل ذلك شرطاً في حصول الإيمان بالله واليوم الآخر بقوله: { إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر}). ( رسالة تحكيم القوانين ص: 6-7 ) .
قال ا بن القيم في أعلام الموقِّعين (1/85): ( ثم أخبر سبحانه أن من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول فقد حكّم الطاغوت وتحاكم إليه , والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حدَّه من معبود أو متبوع أو مطاع , فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة له ) .
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله النجدي في تيسير العزيز الحميد(ص554) : ( فمن شهد أن لا إله إلا الله ثم عدل إلى تحكيم غير الرسول في موارد النزاع فقد كذب في شهادته ) .
ويقول الإمام ابن كثير في تفسيره (1/521) : ( يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يُحكِّم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد إليه ظاهراً و باطناً ) .
وقال الإمام ابن القيم : ( أقسم سبحانه بنفسه على نفي الإيمان عن العباد حتى يُحكِّموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الدقيق والجليل ولم يكتف في إيمانهم بهذا التحكيم بمجرده حتى ينتفي عن صدورهم الحرج والضيق عن قضائه وحكمه ولم يكتف منهم أيضاً بذلك حتى يسلِّموا تسليماً وينقادوا انقياداً ).( إعلام الموقعين 1/86 ) .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم : ( فتأمل هذه الآية الكريمة وكيف دلَّت على أن قسمة الحكم ثنائية وأنه ليس بعد حكم الله تعالى إلا حكم الجاهلية الموضح أن القانونيين في زمرة أهل الجاهلية شاءوا أم أبوا بل هم أسوأ منهم حالاً وأكذب منهم مقالاً , ذلك أن أهل الجاهلية لا تناقض لديهم حول هذا الصدد وأما القانونيين فمتناقضون حيث يزعمون الإيمان بما جاء به الرسول ( ويناقضون ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا وقد قال تعالى في أمثال هؤلاء { أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً } ) . ( رسالة تحكيم القوانين ص: 11-12 ) .
ويقول ابن كثير في تفسير هذه الآية من تفسيره (2/68) : (فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في كثير ولا قليل ) .
فتح المجيد (ص79 ) : ( فظهر بهذا أن الآية دلت على أن من أطاع غير الله ورسوله وأعرض عن الأخذ بالكتاب والسنة في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحله الله وأطاعه في معصية الله واتبعه في ما لم يأذن به الله فقد اتخذه رباً ومعبوداً وجعله لله شريكاً ) .
الشيخ الشنقيطي في أضواء ال بيان (4/91) عن د حديثه عن قول ه تعالى : { ولا يشرك في حكمه أحداً } : " ويفهم من هذه الآيات كقوله {ولا يشرك في حكمه أحداً } أن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرع الله أنهم مشركون بالله ) .
ابن كثير في البداية والنهاية (13/128) بعد أن نقل عن الجويني نتفاً من الياسق أو الياسا التي كان يتحاكم إليها التتار : ( فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر , فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه ؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ) .
شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض كما قال تعالى { إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً} . ( مجموع الفتاوى 28/524 ) .
وقال أيضاً في مجموع الفتاوى (3/267) : ( والإنسان متى حلل الحرام - المجمع عليه - أو حرم الحلال -المجم ع عليه - أو بد ل الشرع - المجمع عليه - كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء ) .
قال عبد القادر عودة رحمه الله: ( ولا خلاف بينهم ( أي الأئمة المجتهدين ) قولاً واعتقاداً في أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق , وأن إباحة المجمع على تحريمه كالزنا والسكر واستباحة إبطال الحدود وتعطيل أحكام الإسلام وشرع ما لم يأذن به الله إنما هو كفر وردة وأن الخروج على الحاكم المسلم إذا ارتد واجب على المسلمين) . ( الإسلام وأوضاعنا القانونية ص:60 ) .
الشيخ محمد بن إبراهيم حيث قال في رسالة تحكيم القوانين : ( إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين في الحكم به بين العالمين والرد إليه عند تنازع المتنازعين مناقضة ومعاندة لقول الله { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً } ) . ( رسالة تحكيم القوانين ص: 5).
وقال الشيخ محمد ابن ابراهيم رحمه الله :
(وأما الذي قيل فيه كفر دون كفر إذا حاكم إلى غير الله مع اعتقاده أنه عاص وأن حكم الله هو الحق فهذا الذي يصدر منه المرة ونحوها أما الذي جعل قوانين بترتيب وتخضيع فهو كفر وإن قالوا أخطأنا وحكم الشرع أعدل ) أ. هـ فتاوى محمد بن إبراهيم 12/280
العلامة المحدث أحمد شاكر رحمه الله تعليقاً على ما سبق نقله من كلام ابن كثير حول الياسق الذي كان يتحاكم إليه التتار : ( أفرأيتم هذا الوصف ال قوي من الحافظ ابن كثير - في القرن الثامن- لذاك القانون الوضعي الذي صنعه عدو الإسلام جنكيز خان ؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر في القرن الرابع عشر ؟ إلا في فرق واحد أشرنا إليه آنفاً : أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام أتى عليها الزمان سريعاً فاندمجت في الأمة الإسلامية وزال أثر ما صنعت , ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالاً وأشد ظلماً منهم لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تكاد تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة والتي هي أشبه شيء بذاك الياسق الذي اصطنعه رجل كافر ظاهر الكفر إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس هي كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة ولا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام كائناً من كان في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها فليحذر امرؤ لنفسه وكل امرئ حسيب نفسه ). ( عمدة التفسير 4/ 173-174 ) .
يقول إمام أهل السنة محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى : ( إن هؤلاء الطواغيت الذين يعتقد الناس فيهم وجوب طاعة من دون الله كلهم كفار مرتدون عن الإسلام, كيف لا وهم يحلون ما حرم الله, ويحرمون ما أحل الله, ويسعون في الأرض فسادا بقولهم وفعلهم وتأييدهم, ومن جادل عنهم, أو أنكر على من كفرهم, أو زعم أن فعلهم هذا لو كان باطلا لا ين قلهم إلى الكفر , فأقل أحوال هذا المجادل أنه فاسق, لأنه لا يصح دين الإسلام إلا بالبراءة من هؤلاء وتكفيرهم ) . ( الرسائل الشخصية,188 ) . فإذا كان مجرد عدم التكفير جريمة كبرى عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب, فكيف بمن يصفهم بأحسن أوصاف الإسلام يزكي دولتهم ونظامهم, ويحمل على من أنكر عليهم ؟!! .
الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله تعالى
قال: «...فمن خالف ما أمر الله به ورسوله صلي الله عليه وسلم بأن حكم بين الناس بغير ما أنزل الله، أو طلب ذلك اتباعاً لما يهواه ويريده فقد خلع ربقة الإسلام والإيمان من عنقه وإن زعم أنه مؤمن، فإن الله تعالى أنكر على من أراد ذلك، وأكذبهم في زعمهم الإيمان لما في ضمن قوله {يزعمون} من نفي إيمانهم، فإنّ {يزعمون} إنما يقال غالباً لمن ادّعى دعوى هو فيها كاذب لمخالفته لِمُوجبها وعمله بما يُنافيها، يحقّق هذا قوله تعالى {وقد أمروا أن يكفروا به} لأن الكفر بالطاغوت ركن التوحيد، كما في آية البقرة، فإذا لم يحصل هذا الركن لم يكن موحداً، والتوحيد هو أساس الإيمان الذي تصلح به جميع الأعمال وتفسُد بعدَمِه، كما أنّ ذلك بيِّنٌ في قوله تعالى {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256] وذلك أن التَّحاكم إلى الطاغوت إيمانٌ به».
الإمام جمال الدين القاسمي رحمه الله تعالى
قال وهو يفسر قوله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله} أن في: «الجملة تزييلٌ مقررٌ لمضمونِ ما قبلها أبلغ تقرير، وتحذيرٌ عن الإخلال به أشدّ تحذير، حيث علّقَ فيه الحكم بالكفر بمجرد ترك الحكم بما أنزل الله فكيف وقد انضم إليه الحكم بخلافه، لا سيما مع مباشرة ما نهوا عنه...».
الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد
بن عبدالوهاب رحمهم الله تعالى
سُئل الشيخ عما يحكم به أهل السوالف من البوادي وغيرهم من عادات الآباء والأجداد هل يُطلق عليهم بذلك الكفر بعد التعريف؟ فأجاب: «مَن تحاكَم إلى غير كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم بعد التعريف فهو كافر، قال الله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُلئك هُمُ الكافرون}».
الشيخ سليمان بن عبدالله بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب
رحمه الله تعالى
قال: «وقد جنح الخوارج إلى العموم لظاهر الآية وقالوا أنّها نصّ في أنّ كلّ من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر، وكلّ من أذنب فقد حكم بغير ما أنزل الله فوجب أن يكون كافراً. وقد انعقد إجماع أهل السنة والجماعة على خلافهم. ونحن لم نكفّر إلاّ من لم يحكم بما أنزل الله من التوحيد بل حكم بضدّه وفعل الشرك ووالى أهله وظاهرهم على الموحّدين».
وقال: «سبب النزول وإن كان خاصّاً فعموم اللفظ إذا لم يكن منسوخاً معتبر، ولأنّ قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله} كلام داخل فيه كلمة {من} في معرض الشرط فتكون للعموم».
الشيخ حَمَد بن علي بن عتيق النجدي رحمه الله تعالى
قال عندما ذكر قول ابن كثير في حكم من تحاكم إلى غير شرع الله تعالى وذكر فتواه في تكفيره للتتار: «قلت: ومثل هؤلاء ما وقع فيه عامة البوادي ومن شابههم من تحكيم عادات آبائهم، وما وضعه أوائلهم من الموضوعات الملعونة التي يُسمونها شرع الرفاقة يقدمونها على كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ومن فعل ذلك فإنه كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم».
الشيخ عبد الله بن حَميد رحمه الله تعالى
قال: «ومَن أصدر تشريعاً عاماً مُلزماً للناس يتعارض مع حكم الله فهذا يَخرج من الملة [ويكون] كافراً» فمناط التكفير هو التشريع من دون الله تعالى.
الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى قال في تفسير قوله تعالى {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله} أن: «الآية ناطقة بأن من صدّ وأعرض عن حكم الله ورسوله صلي الله عليه وسلم عمداً ولا سيما بعد دعوته إليه وتذكيره به، فإنه يكون منافقاً لا يُعتدُّ بما يزعمه من الإيمان، وما يدعيه من الإسلام».
ويقول كذلك في تفسير قوله تعالى {إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات...}: «هذه الآية جارية على الرؤساء الذين يحرّمون على الناس ما لم يحرّمه الله، ويشرّعون لهم ما لم يشرّعه من حيث يكتمون ما شرعه بالتأويل أو الترك، فيدخل فيه اليهود والنصارى ومن حذا حذوهم في شرع ما لم يأذن به الله وإظهار خلافه، سواء كان ذلك في أمر العقائد ككتمان اليهود أوصاف النبيّ صلي الله عليه وسلم، أو الأكل والتقشّف وغير ذلك من الأحكام التي كانوا يكتمونها إذا كان لهم منفعة في ذلك، كما قال تعالى: {تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً} [الأنعام: 91]. وفي حكمهم كلّ من يبدي بعض العلم ويكتم بعضه لمنفعة لا لإظهار الحقّ وتأييده».
الشيخ العلامة المحدث أحمد شاكر رحمه الله
قال معلقاً على كلام الحافظ ابن كثير عند تفسيره لقوله تعالى {أفحكم الجاهلية يبغون} :«أقول: أَفَيَجُوز في شرع الله تعالى أن يُحكم المسلمون في بلادهم بتشريع مقتبس عن تشريعات أوربا الوثنية الملحدة؟ بل بتشريع تدخله الأهواء والآراء الباطلة، يغيّرونه ويبدلونه كما يشاؤون، لا يبالي واضعه أَوَافق شِرعة الإسلام أم خالفها؟ إن المسلمين لم يُبلوا بهذا قط -فيما نعلم من تاريخهم- إلاّ في ذلك العهد عهد التتار، وكان من أسوأ عهود الظلم والظلام، ومع هذا فإنهم لم يخضعوا له، بل غلب الإسلام التتار، ثم مزجهم فأدخلهم في شِرعته، وزال أثر ما صنعوا بثبات المسلمين على دينهم وشريعتهم، وبما أن الحكم السيئ الجائر كان مصدره الفريق الحاكم إذ ذاك، لم يندمج فيه أحد من أفراد الأمم الإسلامية المحكومة، ولم يتعلّموه ولم يعلّموه أبناءهم، فما أسرع ما زال أثره، أفرأيتم هذا الوصف القوي من الحافظ ابن كثير -في القرن الثامن- [الهجري] لذاك القانون الوضعي، الذي صنعه عدو الإسلام جنكيز خان؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر، في القرن الرابع عشر الهجري؟ إلاّ في فرق واحد أشرنا إليه آنفاً: أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام أتى عليها الزمن سريعاً فاندمجت في الأمة الإسلامية وزال أثر ما صنعت، ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالاً، وأشد ظلماً وظلاماً منهم، لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تكاد تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة، والتي هي أشبه شيء بذاك "الياسق" الذي اصطنعه رجلٌ كافرٌ ظاهرُ الكفر، هذه القوانين التي يصطنعها ناس ينتسبون للإسلام، ثم يتعلّمها أبناء المسلمين ويفخرون بذلك آباءً وأبناء، ثم يجعلون مردّ أمرهم إلى معتنقي هذا "الياسق العصري" ويُحَقِّرون من يخالفهم في ذلك، ويسمون من يدعوهم إلى الاستمساك بدينهم وشريعتهم "رجعياً" و "جامداً" إلى مثل ذلك من الألفاظ البذيئة، بل إنهم أدخلوا أيديهم فيما بقي في الحكم من التشريع الإسلامي، يريدون تحويله إلى "ياسقهم" الجديد بالهوينا واللين تارة، وبالمكر والخديعة تارة، وبما ملكت أيديهم من السلطات تارات، ويصرّحون ولا يستحيون بأنهم يعملون على فصل الدولة من الدين! أفيجوز إذن -مع هذا- لأحد من المسلمين أن يعتنق هذا الدين الجديد، أعني التشريع الجديد؟ أَوَيَجوز لرجل مسلم أن يليَ القضاء في ظل هذا "الياسق العصري" وأن يعمل به ويُعرِض عن شريعته البيّنة؟ ما أظنّ أن رجلاً مسلماً يعرف دينه ويُؤمن به جملة وتفصيلا ويؤمن بأن هذا القرآن أنزله الله تعالى على رسوله صلي الله عليه وسلم كتاباً مُحكماً لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وبأن طاعته وطاعة الرسول صلي الله عليه وسلم الذي جاء به واجبة قطعية الوجوب في كل حال، ما أظنه يستطيع إلاّ أن يجزم غير متردد ولا متأول، بأن ولاية القضاء في هذه الحال باطلة بطلاناً أصلياً، لا يلحقه التصحيح ولا الإجازة، إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، هي كُفرٌ بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عُذر لأحد ممن ينتسب للإسلام -كائناً من كان- في العمل بها، أو الخضوع لها أو إقرارها، فليحذر امرؤٌ لنفسه، وكل امرئٍ حسيبُ نفسه».
الشيخ العلامة محمود شاكر رحمه الله تعالى قال: «اللهم إني ابرأ إليك من الضلالة وبعد: فإن أهل الريب والفتن ممن تصدّروا الكلام في زماننا هذا قد تلمس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله تعالى وفي القضاء في الأموال والأعراض والدماء بغير شريعة الله تعالى التي أنزلها في كتابه وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام... فهذا الفعل إعراض عن حكم الله تعالى ورغبة عن دينه، وإيثارٌ لأحكام أهل الكفر على حكمه سبحانه وتعالى، فهذا كفرٌ لا يشكُّ فيه أحد من أهل القبلة -على اختلافهم- في تكفير القائل به والداعي إليه، والذي نحن فيه اليوم هو هجر لأحكام الله تعالى عامّة بلا استثناء، وإيثارُ أحكامٍ غيرُ حكمه في كتابه وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم وتعطيلٌ لكل ما في شريعة الله تعالى، بل بلغ مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع على أحكام الله تعالى المنزلة... فمن احتجّ بهذين الأثرين وغيرهما في غير بابها وصرفها إلى غير معناها، رغبة في نصرة سلطان أو احتيالاً على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ورضي بتبديل الأحكام، فحكم الكافر المصرّ على كفره معروف لأهل هذا الدين».
فتوى الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى
قال في تفسير قوله تعالى {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك} أن: (الرد إلى الكتاب والسنة شرط في الإيمان، فدل ذلك على أن من لم يرد إليهما مسائلَ النزاع فليس بمؤمن حقيقة، بل مؤمن بالطاغوت ... فإن الإيمان يقتضي الإنقياد لشرع الله وتحكيمه، في كل أمر من الأمور، فمن زعم أنه مؤمن، واختار حكم الطاغوت على حكم الله فهو كاذب في ذلك)
شيخ جامع الأزهر الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله تعالى
قال أن: «فصل الدين عن السياسة هدم لمعظم حقائق الدين ولا يقدم عليه المسلمون إلاّ بعد أن يكونوا غير مسلمين».
الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي
قال: «...فالحكم بالقوانين الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية إلحاد وكفر وفساد وظلم للعباد، فلا يسود الأمن ولا تحفظ الحقوق الشرعية إلاّ بالعمل بشريعة الإسلام كلها عقيدة وعبادة وأحكاماً وأخلاقا وسلوكاً ونظاماً، فالحكم بغير ما أنزل الله هو حكم بعمل مخلوق لمخلوق مثله، هو حكم بأحكام طاغوتية... ولا فرق بين الأحوال الشخصية والعامة والخاصة، فمن فرّق بينها في الحكم فهو ملحدٌ زنديقٌ كافرٌ بالله العظيم».
الإمام العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى
قال مقسّماً الحكم بغير ما أنزل الله تعالى إلى ستة أقسام كلها مكّفرة: «أحدها: أن يجحد الحاكمُ بغير ما أنزل الله تعالى أحقيَّةَ حُكمِ الله تعالى وحكم رسوله صلي الله عليه وسلم... الثاني: أن لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى كونَ حكم الله ورسوله صلي الله عليه وسلم حقاً، لكن اعتقد أن حكمَ غير الرسول صلي الله عليه وسلم أحسنُ من حكمه وأتم وأشمل... الثالث: أن لا يعتقد كونَه أحسنَ من حكم الله تعالى ورسوله لكن اعتقد أنه مثله... الرابع: أن لا يعتقد كونَ حُكمِ الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى مماثلاً لحكم الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم... لكن اعتقد جواز الحُكم بما يُخالف حُكمَ الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم... الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله تعالى ولرسوله صلي الله عليه وسلم ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعداداً وإمداداً وإرصاداً وتأصيلاً وتفريعاً وتشكيلاً وتنويعاً وحكماً وإلزاماً... فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيّأة مكملة، مفتوحةُ الأبواب، والناسُ إليها أسرابٌ إثر أسراب، يحكم حكّامها بينهم بما يخالف حُكم السنة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به وتقرّهم عليه، وتُحتِّمُهُ عليهم، فأيُّ كُفرٍ فوق هذا الكفر، وأي مناقضة للشهادة بأن محمداً صلي الله عليه وسلم رسولُ الله بعد هذه المناقضة.... فيجب على العقلاء أن يربأوا بنفوسهم عنه لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض، والأغلاط، والأخطاء، فضلاً عن كونه كفراً بنص قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}. السادس: ما يحكم به كثيرٌ من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها "سلومهم" يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به ويحضون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاءً على أحكام الجاهلية، وإعراضاً ورغبةً عن حكم الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم فلا حول ولا قوة إلاّ بالله تعالى».
الشيخ العلامة محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى
قال وهو يعرّف معنى الطاغوت أن: «الذي يُستخلص من كلام السلف أن الطاغوت [هو] كل ما صرف العبد وصدّه عن عبادة الله تعالى وإخلاص الدين والطاعة لله ولرسوله صلي الله عليه وسلم... ويدخل في ذلك بلا شك: الحكم بالقوانين الأجنبية عن الإسلام وشرائعه وغيرها من كل ما وضعه الإنسان ليحكم به في الدماء والفروج والأموال، وليبطل بها شرائع الله تعالى، من إقامة الحدود وتحريم الربا والزنا والخمر ونحو ذلك مما أخذت هذه القوانين تحللها وتحميها بنفوذها ومنفذّيها، والقوانين نفسها طواغيت، وواضعوها ومروجوها طواغيت...» وقال أيضاً وهو يعلق على قول ابن كثير رحمه الله تعالى في التتار: «ومثل هذا وشرٌّ منه مَنِ اتّخذ من كلام الفرنجة قوانين يتحاكم إليها في الدماء والفروج والأموال، ويقدّمها على ما عَلِم وتبين له من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم فهو بلا شك كافر مرتد إذا أصر عليها ولم يرجع إلى الحكم بما أنزل الله ولا ينفعه أي اسم تسمّى به، ولا أيّ عمل من ظواهر أعمال الصلاة والصيام ونحوها».
الشيخ العلامة عبد القادر بن عبد العزيز حفظه الله تعالى
قال بعد أن سرد أقوال العلماء في تكفير من لم يحكم بما أنزل الله تعالى: «...والذي يخرج به أن كفر الحكام الحاكمين بالقوانين الوضعية هو محل اتفاق بين أهل العلم، وقد تعاضدت النصوص مع الإجماع على بيان كفرهم ولا يخالف في هذا إلاّ أحد رجلين: جاهلٌ، أو صاحب هوى، وإن كان من المنتسبين إلى العلم الشرعي».
وقال أيضاً: «والحاصل أنّه ينبغي التنبّه على أنّ الحكم بالقوانين الوضعيّة -كما هو الحال اليوم- ينطوي على ثلاث مناطات مكفّرة وهي:
1- ترك الحكم بما أنزل الله: لأنّ الحكم بالقوانين الوضعيّة في مسألة ما يلازمه ترك الحكم بما أنزل الله فيها (...).
2- إختراع شرع مخالف لشرع الله وهي القوانين الوضعيّة نفسها.
3- الحكم بغير ما أنزل الله أي الحكم بهذا الشرع المخالف لشرع الله.
[وهذه المناطات المكفّرة] لم يقع شيء منها في زمن ابن عبّاس (توفّي سنة 68هـ)، ولا فيما بعده بعدّة قرون... غاية ما كان يقع من الحكّام والقضاة هو الجور في الحكم في بعض الأمور بحيلة أو تأويل يصعب معه تأثيمه قضاءً وإن كان يأثم ديانةً...».
الشيخ أبو عبدالرحمن السبيعي
قال: «ونحن نقول، بل هو [أي الحاكم المبدّل للشريعة] من أكفر الكافرين ومَن شكّ في كفره فهو على شفا جرف هار، والأمر كما قال الشنقيطيّ في أضواء البيان 4/84 أنّه "لا يشكّ في كفرهم وشركهم إلاّ من طمس الله على بصيرته وأعماه من نور الوحي مثلهم"».
الشيخ محمد محمود أبو رحيم حفظه الله تعالى
قال في رده على صاحب كتاب "التحذير من فتنة التكفير" وهو علي الحلبي المعروف بولائه لكلّ طاغوت مبدّل للشريعة وعدائه لكلّ من عاداهم: «...أن من اعتقد عدم وجوب الحكم بما أنزل الله مع علمه، كافٍ للدلالة على كفره، ولو لم يستحلّ الحكم بغير ما أنزل الله بل ولو حكم بما أنزل الله، [وأن] من استحل الحكم بغير ما أنزل الله مع علمه كاف للدلالة على كفره ولو اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله ولأن منتهى هذه البدعة، [بدعة مرجئة هذا العصر وهي] "معرفة واعتقاد ثم استحلال= كفر وإلا فلا" [هذا الحكم فيه] إلغاء للتكفير المشروع من سجل المسلمين وإذا لم يكن هذا إرجاءً فماذا يكون؟».
الشيخ محمّد مصطفى المقرئ (أبو إيثار) حفظه الله تعالى
قال: «...فمقتضى شهادة التوحيد: أن يُسلم المسلم بالحاكميّة لله وحده وبمرجعيّة شريعته دون غيرها أيّاً كانت... والذي نحن فيه ها هنا: حاكم تارك لحكم الله داخل في غيره، يبتغي الحكم عند أرباب الجاهلية وقد انعقدت إراداته، وتواطأت سلطته، تصريحاً وتنفيذاً على التحاكم إلى طواغيت الحكم، وليس وراء ترك حكم الله سوى التحاكم إلى الطاغوت، وابتغاء حكم الجاهليّة كما قال تعالى {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يُوقِنُونَ} [سورة المائدة: 50]... هذا التارك: نابذٌ للحق فاعل للباطل، خارج من مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله داخل في تأليه الطاغوت... فإن هو بدّل ولو في حكم واحد، مع كون الأصل عنده حكم الله فقد كفر وأشرك. وكفره وشركه هو من جهة تشريعه من دون الله، ومنح نفسه خصيصة هي من أخصّ خصائص الإلاهيّة، ولأنّه -بتبديله هذا- دلّل على عدم رضاه بحكم الله، وأنّه لا يسلم بصحّته وأحقّيته. وكذا إن استحلّ ترك حكم الله ولو في واقعة، أو جحد حكم الله ولو في مسألة...» وفي ردّه على مرجئة العصر الذين يردّون كفر الحكّام ببعض الشبه يقول الشيخ: «أولم يكفهم تنحية هؤلاءّ الحكّام لشريعة الله وإحلالهم قوانين الضلال محلّها، وهذه الحرب المعلنة والخفيّة -على الشريعة ودعاتها- التي لا تتوقّف رحاها، أليس ذلك أشنع من الجحد المحض الذي هو مجرّد اعتقاد قلبي لا يتبعه عمل ولا غيره؟؟ وكذلك استحلال الحكم بغير ما أنزل الله: كما أنّه يكون صريحاً، كذلك يكون ضمنيّاً، إذ يعتبرون شرائع أخرى غير الشريعة الإسلامية من المصادر الشرعية التي يستقون منها قوانينهم. فأقلّ ما يقال: إنّهم أباحوا الأخذ عن مصادر أخرى وأحلّوا التشريع والحكم لغير الله والرسول صلي الله عليه وسلم، وقد يكون استحلالهم للحكم بغير ما أنزل الله بغير لفظ الحلّ أو الإباحة ولكن يرون أنّ هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنّة... وإذا تبّين لك هذا، فإنّ الحاكم المستبدل كافر كفراً أكبر مخرجاً له من الملّة غير مأسيّ عليه ولا كرامة، وذلك لوجوه من التكفير على قواعد أهل السنّة ذكرتها في مواضع من كتبي، واقتصرت هنا على خمسة منها فقط وإنّي مذكّرك بها مجموعةً ها هنا:
- الوجه الأوّل: أنّ التشريع هو من أخصّ خصائص الإلاهيّة، فمن منح نفسه أو غيره هذا الحقّ فقد جعل نفسه أو ذلك الغير ندّاً لله ربّ العالمين.
- الوجه الثاني: تحليل ما حرّم الله وتحريم ما أحلّ، وهذا وجه في التكفير لا ينكره إلا جاهل أو مكابر.
- الوجه الثالث: أنّ المبدّل شاكّ في أفضليّة حكم الله، مستحسن حكم غيره مقدّم لآرائه أو لآراء ذلك الغير بين يدي الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم، مستقبل تشريع المخلوقين، مستدبر تشريع أحسن الخالقين.
- الوجه الرابع: أنّ الشرك في التشريع مناقض للتوحيد كلّه، لأنّه يقتضي جحد ربوبيّة الله، ومنازعته سبحانه في ألوهيّته، ومضاهاة بعض خلقه به في أسمائه وصفاته.
- الوجه الخامس: أنّه لا يسع المخلوق -وإن ملكاً مقرّباً، أو نبيّاً مرسلاً- أن يخالف وحي الله... وبهذا البيان يتمّ المراد، والحمد لله ربّ العالمين.»
إختصرتُ هذه الفتوى من رسالة خاصّة بعنوان: «الحكم بغير ما أنزل الله بين الترك والتبديل»
الشيخ محمد بوالنيت (المغربي) رحمه الله تعالى قال: «إنّ مجرّد تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله تعالى، أو تسويغ التحاكم إلى غير شرع الله تعالى أو عدم الالتزام بالتحاكم إلى شرع الله تعالى، أو تبديله بغيره كفر، لأنّ التبديل استحلالٌ بنفسه، فاحفظ هذا تنجُ من شبه الإرجاء والمرجئة».
الشيخ سليمان بن ناصر بن عبدالله العلوان حفظه الله تعالى قال: «إنّ كفر الحاكم بغير ما أنزل الله أخفّ من كفر من كفر بالله وملائكته.. ولا يعني هذا أنّ الحاكم مسلم وأنّ كفره كفر أصغر، كلاّ بل هو خارج عن الدين لتنحيته الشرع، وقد نقل ابن كثير الإجماع على هذا، فانظر البداية والنهاية 13/119».
قال الشيخ علي الخضير في خاتمة رسالته الممتعة الوجازة في شرح الأصول الثلاثة : "- من حكم بغير ما أنزل الله وهذا هو الطاغوت الخامس وهو على أقسام :
أ- أن يحكم بغير ما أنزل الله وهذا هو الطاغوت الخامس مع اعتقاد أن هذا الذي حكم به مثل حكم الله أو أحسن من حكم الله أوأنه يجوز أن يحكم به فهذا كفر أكبر والدليل قوله تعالى : { أفحكم الجاهلية يبغون } وقوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ، وهذه مرت بالنواقض العشر.
ب- أن يحكم بغير ما أنزل الله أحياناً في قضايا معينة قليلة ليس عن قانون ولا تعميم ولا لائحة ولا نظام ولا عرف أو تقليد وهو يعرف أن هذا الذي حكم به باطل ولا يجوز ، ولكنه في باب الشهوة والهوى أو الرشوة ، فهذا كفر دون كفر مثاله كأن يكون هنا قاض يحكم بين الناس بالشرع وهو دائماً يحكم على السارق إذا ثبتت عليه السرقة بالقطع وعلى من شرب الخمر بالحد هذا فعله دائماً لكن في بعض الأحيان القليلة إذا جاءه سارق قريب له أو أعطاه شيئاً من المال وقد ثبتت عليه السرقة لم يحكم بقطع يده وإنما حكم عليه بالسجن والتعزير هوى لا عن قانون ولا تعميم ولا لائحة ولا نظام ولا عرف ونحو ذلك ، وهو يعرف في قرارة نفسه أنه مخطئ لكن الهوى والمجاملة دفعه لذلك ، فهذا يعتبر من الكفر الأصغر والدليل يحمل عليه قول ابن عباس أنه كفر دون كفر إن صح ، ويحمل عليه ما صح عن التابعين أنه كفر دون كفر وهو قول أبي مجلز التابعي لما ناقش الخوارج حول آية { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } .
ج- من يعرف أنه مخطئ ولكن كثيراً ما يحكم بغير ما أنزل الله وهو نفس المثال السابق لكن بدل القول ( في قليل من القضايا ) يكون في كثير من قضاياه يحكم بغير ما أنزل الله . فالقاضي الذي يحكم على السارق بالقطع أحياناً وإلاّ فأكثر السراق يحكم عليهم بغير حكم الله فهذا حكمه كفر أكبر وأدلته أدلة القسم الأول . وأشد منه الذي يحكم في كل القضايا بغير ما أنزل الله حتى ولو كان يعرف أنه مخطئ وأن حكم الله سبحانه أحسن ، وهذا التقسيم في حكم من حكم بغير ما أنزل الله .
د- القاضي الذي يحكم بما أنزل الله لكن في بعض القضايا يحكم بالقانون وباللائحة وبالتعميم وبالنظام أو العرف والتقليد والسلوم ولو مرة واحدة وهو يعرف أنه مخطئ فهذا يكفر ولو كان كل عمره يحكم بما أنزل الله لكن في قضية واحدة حكم من أجل قانون أو تعميم ونحو ذلك يخالف شرع الله فهذا يكفر .
والفرق بين هذا وبين القاضي الذي يحكم بما أنزل الله لكن في قليل من القضايا يحكم بها شهوة :- أن الذي يحكم بالقانون أو التعميم يتضمن الرضى بالقوانين الوضعية .
مسألة : وهو المشرع وليس بقاض يسن القوانيين وهو لا يحكم بها فهذا طاغوت ، ولو سموا أنفسهم هيئة استشارية ونحو ذلك فالعبرة بالمعاني والحقائق لا بالألفاظ
مسألة : وشروط تسمية الشيء تشريعا سواءً أكان قانونا أو غيره :
أ ـ أن يعين من ذي سلطة كالملك والرئيس والأمير والمدير العام ورئس اللجنة .
ب ـ أن يعين إلى أناس من شأنهم أن ينفذون كالشرطة والموظفين والقضاة.
ج ـ أن يكون بألفاظ عامة مثل إذا جاءكم سارق فيؤخذ منه غرامة ، أما إذا كان بلفظ خاص كأن يقول إذا جاءكم محمد وقد سرق فاتركوه فهذا من الظلم وليس من التشريع العام .
* وإذا اجتمعت هذه الثلاثة الشروط سُمى تشريعا ولا يشترط أن يكون تحريريا بل ولو كان شفويا أو عرفا جاريا أو عادة متبعة .
مسألة : عرفنا حكم من حكم بغير ما أنزل الله بقي حكم من تحاكم إلى غير ما أنزل الله كالذي يتحاكم إلى المحاكم غير الشرعية ؟ على نفس التقسيم السابق كالتالي :
أ- إن ذهب إلى المحاكم الوضعية وهو يعتقد أنها أفضل أو مثل ما أنزل الله أو أنه يجوز الذهاب إليها فهذا كفر أكبر : { أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون } وقال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )
ب- يذهب إلى المحاكم الشرعية سواء أغلب ذهابه أو أقل ذهابه (فلا فرق) بمعنى كل من ذهب إلى المحاكم الوضعية باختياره ورغبة منع عالما بأنها وضعية فهو يكفر كفرا مخرجا من الملة ، قال تعالى : { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم أمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت } .
6- هذا الصنف السادس لم يذكره المصنف في هذا الكتاب لكنه ذكره في رسالته عن الطواغيت ورؤوسهم وهو الحاكم الجائر المغير لأحكام الله ويقصد به من يُشَرع وهذا القسم كافر بإطلاق وليس فيه تفصيل ولو شرع حكماً واحداً يضاد به حكم الله حتى ولو كان يعتقد في قرارة نفسه أن ما شرعه لا يجوز أن يحكم به أو أن حكم الله أفضل فلا عبرة باعتقاده ، فالكفر مناط بفعله وهو التشريع بغض النظر عن ما في قلبه ويدل عليه قوله تعلى : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } قال تعالى { فلا تجعلوا لله أنداداً } .
ثم ذكر المصنف الدليل على وجوب الكفر بالطاغوت قوله تعلى : { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها .. } والآية فيها معنى لا إله إلا الله وهو معنى الكفر بالطاغوت ثم ختم الشيخ – رحمه الله تعالى – هذه الرسالة برد العلم إلى الله – عز وجل – والصلاة والسلام على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ..
الجلسات اليومية للشيخ المحدث سليمان بن ناصرالعلوان من 1 - 15
فضيلة الشيخ ما هو تعريف الإيمان عند أهل السنة ؟ وما هي نوا قضه ؟
الجواب : الذي دل عليه الكتاب والسنة أن الإيمان قول وعمل قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح يزيد وينقص وهذا الذي اتفق عليه الصحابة والتابعون وأهل السنة .
والمقصود من قول القلب هو اعتقاده ، وعمل القلب هو نيته وإخلاصه .
وقد حكى الإمام الشافعي إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم أن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر .
وقال البغوي رحمه الله . اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان وقالوا : إن الإيمان قول وعمل وعقيدة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية على ما نطق به القرآن في الزيادة وجاء في الحديث بالنقصان في وصف النساء .
وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن تارك جنس العمل مطلقاً كافر والمراد بجنس العمل أعمال الجوارح فلا يجزئ التصديق بالقلب والنطق باللسان حتى يكون عمل الجوارح .
وقال الآجري رحمه الله في كتابه الشريعة . اعلموا أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً ولا يجزئ معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون عمل بالجوارح فإذا كملت فيه هذه الخصال الثلاث كان مؤمناً دل على ذلك القرآن والسنة وقول علماء المسلمين .
وقال رحمه الله . فالأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان فمن لم يصدق الإيمان بعمله بجوارحه مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمناً ولم تنفعه المعرفة والقول وكان تركه للعمل تكذيباً لإيمانه وكان العمل بما ذكرناه تصديقاً منه لإيمانه .. ) .
وقد حكى إسحاق بن راهويه . إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة قال تعالى { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } وقال r بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ، رواه مسلم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ومن طريق ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير عن جابر .
وقال سفيان بن عينية : المرجئة سموا ترك الفرائض ذنباً بمنـزلة ركوب المحارم ، وليسا سواء لأن ركوب المحارم متعمداً من غير استحلال معصية .
وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر هو كفر وبيان ذلك في أمر آدم و إبليس وعلماء اليهود الذين أقروا ببعث النبي صلى الله عليه وسلم بلسانهم ولم يعملوا بشرائعه .
وقال إسحاق . غلت المرجئة حتى صار من قولهم إن قوماً يقولون : من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضان والزكاة والحج وعامة الفرائض من غير جحود لها لا نكفره يرجى أمره إلى الله بعد إذ هو مقر . فهؤلاء الذين لا شك فيهم أنهم مرجئة .
وذكر الخلال في السنة عن الإمام الحميدي عبد الله بن الزبير أنه قال . أخبرت أن قوماً يقولون . إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن مالم يكن جاحداً إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه إذا كان يقر بالفروض واستقبال القبلة . فقلت هذا الكفر بالله الصراح وخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل المسلمين قال الله عز وجل { حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } . قال حنبل قال أبو عبد الله أحمد أو سمعته يقول من قال هذا فقد كفر بالله ورد على الله أمره وعلى الرسول ما جاء به .