لايزال مسلسل انتحار الأطفال في الجزائر مستمرا، وسط ذهول المختصين وحيرة الأولياء، مما دفع جمعيات أولياء التلاميذ الى دق ناقوس الخطر والمطالبة بتفعيل المتابعة النفسية للأطفال داخل المؤسسات التربوية وتشديد الرقابة،
أطفال يصارعون الموت والألم في غرفة الإنعاش بعدما أضرموا النار في أجسادهم في لحظة يأس باحثين عن الموت، وآخرون غادروا الحياة دون سابق إنذار بشنق أنفسهم أو الارتماء من مكان عال، هو واقع جديد أرعب المختصين الذين عجزوا عن تفسير دقيق لهذه الظاهرة، مكتفين بتبادل أصابع الاتهام والمطالبة بتسليط الضوء على الحياة الاجتماعية والنفسية لكثير من الأطفال الذين عجز حتى أولياؤهم في فهم تصرفاتهم الغريبة، فأن يبحث الطفل عن الموت ويصر على طلبه بالحرق والشنق والارتماء من أماكن مخيفة فهو الأمر الذي لا يتقبله عقل ولا يرتاح له ضمير.
يريد التلميذ الاحتجاج على تقييم عمله فيمنعه الأستاذ من ذلك، وإضافة على هذا يوبخه ويطرده من القسم، فلا يجد التلميذ سبيلا للتعبير عن رفضه لهذا السلوك والانتقام منه غير الانتحار، وهذا ما حدث في العديد من المدارس،
نتحار الأطفال هو محاولة لتجريم المجتمع ورفض الواقع
إن ظاهرة الانتحار في الجزائر بدأت تأخذ أبعادا خطيرة بتوجه الأطفال نحو حبل المشنقة وحرق ذواتهم، وهذا ما لم تعرفه الجزائر في تاريخها، مما يعبر عن تغيرات جذرية في بنية وتنشئة المجتمع الجزائري، وعن دوافع الأطفال إلى الانتحار قال المتحدث إنها تعبير عن رفض الطفل للواقع وتجريمه للمجتمع واليأس من المستقبل، وقد تكون نتيجة قهر اجتماعي ونفسي حاد تعرض له الطفل دون أن يجد من يساعده ويخفف عنه مما يدفعه إلى الانتقام من ذاته ومن محيطه،
إن المنظومة التربوية تتحمل جزءا كبيرة بابتعادها عن القيام بدور التنشئة الاجتماعية السليمة للتلاميذ الذين يعانون أيضا من ضعف الرعاية الأبوية التي تحولت إلى رمز، مما خلق فجوة عميقة بين الطفل ووالديه، لدرجة أن بعض العائلات التي تعرض أبناؤها للانتحار عجزت عن تفسير هذا الفعل، مما يجعل المسؤولية عن تفاقم هذه الظاهرة مسؤولية جماعية تتطلب إعادة النظر في الواقع التربوي والنفسي لأطفالنا.
للأساتذة مسؤولية كبيرة في تكوين شخصية التلميذ
إن المسؤولية تقع أولا على الأساتذة لأن الطفل يقضي في المدرسة أكثر مما يقضيه مع أوليائه، فالأستاذ التي يتفنن في توبيخ واستفزاز التلميذ قد يكون سببا رئيسيا في دفع بعضهم للتسرب أو المدرسي أو الانتحار مثلما حدث في العديد من المدارس.
ومن جهة أخرى، إن العائلة التي لا تفهم تصرفات ابنها وسلوكياته تعتبر عائلة قهرية لم توفر قنوات الحوار والتواصل السليم مع أطفالها، مما يتسبب في كثير من الأحيان في حوادث مأسوية تدفع الأطفال إلى الانحراف والتسرب المدرسي وحتى الانتحار، مما يتطلب إعادة النظر في أساليب التربية والتنشئة التي تعتمدها العائلة وحتى المدرسة في التواصل مع الأطفال.