اقتباس:
ثانياً : أن الأمة قد انقسمت إلى فرق ومذاهب لم تكن في القرن الأول، ولكل مذهب أُصوله وفروعه وأحاديثه التي يستدلُّ بها ويعتمد عليها، وأن المتمذهب بواحد منها متعصَّب له ويتمسَّك بكل ما فيه، دون أن يلتفت إلى المذاهب الأخرى، وينظر، لعله يجد فيها من الأحاديث ما لا يجده في مذهبه الذي قلده؛ فإن من الثابت لدى أهل العلم أن في كل مذهب من السنة والأحاديث ما لا يوجد في المذهب الآخر، فالمتمسِّك بالمذهب الواحد يضلُّ ولا بدَّ عن قسم عظيم من السنة المحفوظة لدى المذاهب الأُخرى، وليس على هذا أهل الحديث؛ فإنهم يأخذون بكل حديث صحَّ إسناده، في أي مذهب كان، ومن أي طائفة كان راويه ما دام أنه مسلم ثقة، حتى لو كان شيعياً أو قدريّاً أو خارجيّاً، فضلاً عن أن يكون حنفيّاً أو مالكيّاً أو غير ذلك، وقد صرَّح بهذا الإمام الشافعي رضي الله عنه حين خاطب الإمام أحمد بقوله :
((أنتم أعلم بالحديث مني، فإذا جاءكم الحديث صحيحاً؛ فأخبرني به، حتى اذهب إليه، سواء كان حجازيّاً أم كوفيّاً أم مصريّاً)).
فأهل الحديث - حشرنا الله معهم - لا يتعصّبون لقول شخص معيّن مهما علا وسما؛ حاشا محمد صلى الله عيه وسلم؛ بخلاف غيرهم ممَّن لا ينتمي إلى الحديث والعمل به؛ فإنهم يتعصَّبون لأقوال أئمتهم - وقد نهوهم عن ذلك - كما يتعصَّب أهل الحديث لأقوال نبيهم!! فلا عجب بعد هذا البيان أن يكون أهل الحديث هم الطائفة الظاهرة، والفرقة الناجية، بل والأمة الوسط، الشهداء على الخلق.
|
بارك الله فيكم أخي الكريم
قبس نوراني قيم جدا جدا ...
رحم الله الشيخ العلامة الألباني وأسكنه فسيح جناته ...