اقتباس:
|
فأنا أحب هذا الرجل مع علمي ببعض أخطائه
|
************************************************** *******************************************
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
******
ومنَ المتقرِّر لدى أهل الحقِّ من أهل العلم: أنَّ هذا الدين قام على أمرين اثنين:
أولهما: بيان الحقِّ،
ثانيهما: الردُّ على الباطل وأهله.
وتقرير هذا يظهر للمتأمل في لفظ كلمة التوحيد بجلاء! وبيانه:
ففي قول العبد ( لا إله ) ردٌّ على الباطل و أهله الذين قالوا بألوهية غير الله، وفي قوله (إلا الله) إثباتٌ للحقِّ وبيان له : وهو أنَّ الألوهية لله وحده لا شريك له .
وهكذا في قرينتها ( محمدٌ رسول الله ) : إثباتٌ لرسالة النبي ــ صلى الله عليه وآله وسلم ــ، وردٌّ على مَن أنزله منزلة أعلى من ذلك فألهه! أو حطَّ من منزلة نبوته ورسالته؛ لذا كان ميزان الشرع ميزانٌ لا يطيش، لا وكس فيه و لا شطط :
والشرعُ ميزانُ الأمور كلها.... وشاهدٌ لفرعها وأصلها .
و إذا كان الأمر كذلك فإنَّ توجيه الشباب، بل الأمَّة جميعاً يجبُ أن يقوم به: مَنْ كان أهلاً لذلك مستجمعاً الآلية و الأهلية! و أعني بهم: أهل العلم، وأئمة الهدى، أمَّا أن يتدخَّل في توجيه الأمَّة مَنْ ليس أهلاً لذلك : فإنَّه يُفسد أكثر مما يُصلح، وقديماً قيل ( فاقدُ الشيئ لا يعطيه ) ! .
و من هنا أُنبِّه و ألفت نظر الإخوة إلى أمورٍ مُهمَّة في هذا الباب، فأقول مستعيناً بالله :
أولاً :
وجوب ارتباط الأمَّة جميعاً بعلمائها الرَّبانيين، المشهود لهم بالخيرية و الاستقامة والإمامة والنُّصح للأمَّة ألذين يُعلِّمون صِغَارَ العِلْمِ قَبْل كبارهِ، ولا بدَّ من إظهار مكانتهم بين الناس؛ ذلك أنَّ العلماء هم ورثة الأنبياء كما صحَّ بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولهم من الحقوق مثل ما لمورثهم ــ صلى الله عليه و آله وسلم ــ.
قال الإمام ابن القيم في ’’ مفتاح دار السعادة ‘‘(1/ 63-68) شارحاً الحديث المشار إليه قبلُ (( فهذا من أعظم المناقب لأهل العلم؛ فإن الأنبياء خير خلق الله، فورثتهم خير الخلق بعدهم، ولمَّا كان كل مورث ينتقل ميراثه إلى ورثته إذ هم الذين يقومون مقامه مِنْ بعده، ولم يكن بعد الرسل مَنْ يقومُ مقامهم في تبليغ ما أرسلوا به إلا العلماء؛ كانوا أحق الناس بميراثهم، وفي هذا تنبيهٌ على أنَّهم أقرب الناس إليهم فإن الميراث إنما يكون لأقربِ الناس إلى الموروث، وهذا كما ثبت في ميراث الدنيا والدراهم فكذلك هو في ميراث النُّبوة، والله يختص برحمته من يشاء، وفيه أيضاً أمرٌ للأمَّة بطاعتهم و احترامهم وتعزيرهم وتوقيرهم و إجلالهم؛ فإنهم ورثة مَن هذه بعض حقوقهم على الأمَّة وخلفاؤهم فيهم، وفيه تنبيه على أنَّ محبتهم من الدين وبغضهم منافٍ للدين كما هو ثابتٌ لموروثهم،وكذلك معاداتهم ومحاربتهم معادة و محاربة لله، كما هو في موروثهم، قال عليٌ ــ رضي الله عنه ــ : محبَّة العلماء دينٌ يدان به )) انتهى كلامه ــ رحمه الله ــ .
و أسند ابن أبي شيبة في ’’ المصنف ‘‘(13/496) عن أبي قلابة الجرمي ــ رحمه الله ــ قوله ( مثلُ العلماء مثل النجوم التي يُهتدى بها، و الأعلام التي يقتدى بها، إذا تغيَّبت عنهم تحيَّروا وإذا تركوها ضلُّوا ) .
ثانياً :
تمكين أهل الحقِّ من العلماء و طلاب العلم المؤهَّلين من لبيان الإسلام الحقيقي الذي جاء به النبي ــ صلى الله عليه و آله وسلم ــ وسار عليه أصحابه الكرام وأئمة الدين؛ و أن لا يتصدَّر لهذا مَن فقد شرط الأهليَّة والآلية! فإنَّ هذا يفسد أكثر مما يصلح!.
قال العلامة ابن باديس ــ رحمه الله ــ في كتابه ’’ الدرر الغالية في أدب الدعوة والداعية ‘‘(ص14-15) (( ومن الدَّعوة إلى ظهور المسلمين أفراداً و جماعات بما في دينهم مِنْ عِفًّةٍ و فضيلةٍ وإحسانٍ ورحمةٍ وعلمٍ وعملٍ وصدقٍ و أمانةٍ، فذلك أعظم مُرغِّبٍ للإجانب في الإسلام، كما كان ضدُّه أعظمُ مُنفِّرٍ لهم عنه، وما انتشر الإسلام أوَّل أمره بين الأمم إلا لأنَّ الداعين إليه كانوا يدْعون بالأعمال كما يدعون بالأقوال، وما زالت الأعمال عياراً على الأقوال )) انتهى كلامه ــ رحمه الله ــ.
ثالثاً :
التحذير الصَّريح من التَّيارات الفكرية المنحرفة عن منهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه؛ لأنَّ هذا من باب بيان الباطل والرَّدِّ عليه والتحذير منه، والتحذير من دعاته ومُنظِّريه، قال تعالى (( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق )).
أمَّا التساهل في هذا الباب فإنَّه يفضي إلى فتح باب شرٍّ عظيم على الأمة، فتتوالد الأفكار والنحل المنحرفة! وكما قيل (من أمنَ العقوبة أساء الأدب ) ! .
رابعاً :
إشغال أوقات الفراغ لدى الشباب- وغيرهم- بالنافع المفيد، قال صلى الله عليه وآله وسلم (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ )) متفق عليه .
وقال محمد بن عبدالباقي السلمي ( ما أعلم أني ضعيت ساعةً من عمري في لهوٍ أو لعبٍ ) ’’ سير أعلام النبلاء ‘‘(20/26).
وجاء في ترجمة عبدالوهاب بن عبدالوهاب بن الأمين في كتاب ’’ معرفة القراء الكبار ‘‘(2/465) أنَّ أوقاته كانت محفوظة، فلا تمضي له ساعة إلا في قراءة أو ذكر أو تهجُّد أو تسميع.
ونقل العسكري في ’’ الحث على حفظ العلم ‘‘(ص47) عن العلامة الخليل بن أحمد الفراهيدي قوله ( أثقل الساعات عليًّ ساعةً آكل فيها! ) وهذا من تمام خشيته على ضياع الوقت رحمه الله، وعليه فمن لم يشغل وقته بالنافع المفيد شُغل بالضار الطالح!.
و في ختام هذه الكلمات أسأل الله التوفيق للجميع، وصلى الله على نبيِّنا محمَّد وآله وصحبه وسلّم.
وكتبه : عبدالله بن عبدالرَّحيم البخاري .