و غير ذلك مما هو جدير بأخذه كمعيار للقياس. " (2). إن الاختبار الذي هو من هذا النوع بالتأكيد أنه ينضوي تحت تعريف التقويم الذي يقوم على اساس "قياس مدى تحقيق الاهداف المرسومة سابقا " - بناء على تعريف " بلوم " للتقويم - كما مر في الفصل الثاني، و هي تعتمد على جمع المعلومات الاحصائية لمعرفة مدى تحقيق الاهداف. هذا ما يتعلق بتقويم الاهداف المرسومة مسبقا، و طبعا فإن الاهداف المرسومة دائما تكون ضمن المنهاج، و النموذج القياسي للمنهاج يجب أن تتحقق من خلال مضمونه أهداف " سياسية " في التربية. " فالمدير العام لمنظمة اليونسكو " آنذاك مثلا يحث على أن يتضمن المنهاج الامور التربوية الاساسية التالية: 1- " الحرص على نمو ذكاء الفرد، و عدم الاكتفاء بالتقدم الاقتصادي (الحالي). 2- جعل حاجات المجتمع المحلي، و موارده، أساس منهاج التربية الاساسية. 3- عدم محاولة الوصول إلى نتائج كيفية اعتباطية غايتها الحصول على حد أدنى من التربية صالح للتطبيق في كل البلاد، و على كل الشعوب. 4- عدم اقتصار الدول الراقية على مساعدة المناطق الاخرى المتخلفة النمو، و وجوب اهتمامها الفعلي بنشر التربية الاساسية بين الجماعات المحرومة داخل بلادها أيضا. 5- الاستفادة الكلية - بعد التشاور مع الحكومة أو اللجنة الوطنية، أو البلاد ذات العـلاقـــة - مــن كـــل الموارد سواء أكانت حكومية، أم كانت من المؤسسات و المنظمات غير الحكومية التي يهمها الامر. " (3) يظهر من هذه الامور التربوية، للتربية الاساسية، أنها خليط من الغموض و الابهام في بناء المنهاج الهادف، لأنها ليست نظيفة و خاصة بالتربية الاساسية، و إنما ترمي إلى اهداف أخرى سياسية لها طابع اقتصادي منفعي أو استعماري في آخر الامر، و لكنها ملبسة بطعم و رائحة التربية. هذه هي أهداف التربية الاساسية و معيار تقويمها كما رسمها (نموذج 2) لمنظمة اليونسكو. III- نموذج الاهداف التربوية للتربية المعاصرة. إن التربية المعاصرة التي نعايشها في محيطنا أو خارجه هي ليست منفصلةعن التربية الحديثة و إنما هي امتداد حتمي و منطقي و طبيعي لها، إلا أن التقدم العلمي و التكنولوجي السريع، و الاكتشافات المتطورة في جميع مجالات الحياة الانسانية، و الحيوانية و النباتية، و في الكون ؛ في الارض و الفضاء بفضل الآلة و بمساعدة تقنياتها الدقيقة و الأوتوماتيكية، كل ذلك أحدث ما يسمى بالانقلاب الجذري في مفاهيم التربية و أساليبها و مبادئها، و أهدافها و برامجها..... و أصبحت المدرسة المعاصرة تواجه عدة قضايا يجب إعادة النظر فيها لحلها أو إصلاحها أو تغييرها كحتمية تاريخية في التربية. إن مبادئ أو اهداف التربية المعاصرة هي وليدة الاهتمام المنقطع النظير بالطفل و الطفولة، سواء من حيث تربيته و تعليمه في الصغر أو في الرشد و الكــبر، أو مـن حيث مستقبله المرتبط بالحياة الاجتماعية و تطورها، أو مـن حيث الآلــة و تقـنياتها الــراقية في الدقــة و الاداء. و قد جاء مثلا في الدورة الرابعة و الاربعين للجمعية العامة للآمم المتحدة، في البند 108 من جدول أعمالها " اتفاقية حقوق الطفل " حول تعليم الطفل، يكون موجها للاهداف التالية: المادة 29: " ا- تنمية شخصية الطفل، و مواهبه، و قدراته العقلية و البدنية إلى أقصى إمكانياتها. ب- تنمية احترام حقوق الانسان، و الحريات الاساسية و المبادئ المكرسة في ميثاق الاممالمتحدة. جـ- تنمية احترام ذوي الطفل و هويته الثقافية و لغته، و قيمه الخاصة، و القيم الوطنيـة للبلد الذي يعيش فيه الطفل، و البلد الذي نشأ فيه في الاصل، و الحضارات المختلفة عن حضارته. د-إعداد الطفل لحياة تستشعر المسؤولية في مجتمع حر يعيش بروح من التفاهم و السلم، والتسامح و المساواة بين الجنسين، و الصداقة بين جميع الشعوب، والجماعات الاثنية(1) و الوطنية و الدينية، و الاشخاص الذين ينتمون إلى السكان الاصليين. هـ- تنمية احترام البيئة الطبيعية. " (2). إن التربية المعاصرة مبنية على اساس تقديس الانسان و فكره و ذكائه، و لذلك نصت المادة 28 من الاتفاقية المذكورة: على أن التعليم التدريجي حق لجميع الاطفال - و لـ 80% منهم كحد أدنى - و يسير على اساس تكافؤ الفرص و الزاميته و مجانيته للجميع في مرحلة التعليم الاساسي (3). و بناء على ذلك فإننا نوجز اهداف التربية المعاصرة في النقا ط التالية: 1- التكامل في نمو شخصية الانسان للتوافق، و التكيف النفسي و الاجتماعي، و المحافظة على الصحة و الامن. 2- مواكبة الحياة العصرية و المساهمة فيها بدون مركب نقص بالانتاجات المختلفة و الابداعات و الاختراعات. 3- الاستعانة في العمل و الانتاج بالآلات التكنولوجية الاوتوماتيكية، و الاجهزة الالكترونية مع مهارة في الاستعمال و اصلاح العطب، و التركيب السريع لهذه الاجهزة. 4- الحرية الفكرية و الابداعية، مع مراعاة الاصول الدينية، و الاتزامات بالتقاليد الوطنية. 5-إعداد الانسان لحياة أفضل أمنا، و غذاء و صحة، و ترقية مهنية. 6- الاستعداد للتكيف في العمل مــع ضمان الــصحة و الراحة في ادائه لمضاعفة المردود للدخل الفردي و القومي. 7- تطويع العلم و الالة الالكترونية، و كل المخترعات لخدمة سعادة الانسان. 8- حسن استغلال التمتع بالوسائل المادية في الحياة، و ذلك بالترفيه و بالثقافة و اللعب و السياحة و بالفن الهادف. IV- نموذج للاهداف التربوية، للتعليم الاساسي. يتساءل المرء بدءا من أين جاءت كلمة أو " مصطلح أساسي " أو " تعليم أساسي " ؟ وهل يوجد فرق بين مصطلح " التعليم الاساسي " و " التربية الاساسية " ؟ بإلقاء نظرة سريعة على طبيعة و تاريخ إنشاء " التربية الاساسية " من طرف منظمة "اليونسكو" يتضح معنى هذا المصطلح، و الاساس الذي وضع من أجله، و الهدف الذي يرمي إلى تحقيقه، و نورد بعض الفقرات التي تبين ذلك من كتاب أصدرته منظمة اليونسكو العالمية نفسها تحت عنوان " التربية الاساسية " و من الفقرات المشيرة للموضوع ما يلي:".....أدرك المؤتمــرالعـــــام لليونسكو في دورته الرابعة أهمية إنشاء مراكز " للتربية الاساسية " في أنحاء العالم المختلفة..... و افتتح أول مركز في بلدة (باتزكوارو) بالمكسيك في أفريل 1951..... و في المؤتمر السادس لليونسكو في دورته المنعقدة في باريس 8 جويلية 1951، وافق على إنشاء مركز ثان، و في شهر مارس 1952 تم التعاقد بين اليونسكو، و الحكومة المصرية على إنشاء مركز " للتربية الاساسية " في بلدة (سوس الليان) التابعة لمديرية المنوفية، و أفتتح المركز في جانفي 1953، و ذلك لشن حملة على الجهل و الفقر و المرض، و هو مركز نموذجي للتدريب، أي تدريب المـعلمين والعامـلين في" التربية الاسـاسية " وانتــاج المواد اللازمة لها."(1). " و قد تبنت المنظمة (اليونسكو) هذا المصطلح " التربية الاساسية " المستوحى مما صدر عن العالم (جيمس ين) و تبنته للاعتبارات النظرية و الاعتبارات العلمية التي يحملها هذا المصطلح، و تعريف التربية بأنها " أساسية " يوحى للمربين: بأنها الحد الادنى أو المقدار الذي لا يمكن الاكتفاء بأقل منه في التربية " (2)، و لكن المصطلح الاساسي له جذور في الفلسفة، أو جماعة " ويليام باجلي " الذين يسمون " بالاساسيين " " Essentialism " جماعة الفلسفة الاساسية، أو المدرسة الاساسية في الفلسفة و ينادي هؤلاء: بأن إتقان المهارات الاساسية لا يمكن الحصول عليه عرضا، أو كلما دعت الضرورة إليها -أثناء دراسة و تعلم الطفل، و أن معرفتها أجدى و أنفع للحياة الاجتماعية، و أن عمل المدرس لا يجب أن يكون مجرد مراعاة الميول، و حاجات التلاميذ..." (3). و يبدو أن التسمية مصطلح " أساسي " قد أخذ من فلسفة الفيلسوف الهندي (الماهتما غاندي 1869 -1948م) في التعليم، من كتابه الذي عنونه بنفس المصطلح و هو " التربية الاساسية " فهو يتحدث فيه عن التربية والتعليم بطريق تعلم مهنة، و هو ما يصبو إليه التعليم الاساسي، وقد انتشر مصطلح "التـعلـيـم الاســاسي " بصورة واضحة في المؤتمرات الدولــية التي عــقدتها اليـونسكو في أوائل الستينات والسبعينات من هذا القرن. و إلى هذا الحد فإننا نتساءل: ما الفرق بين مصطلح" التعليم الاساسي" و"التربية الاساسية " ؟ هناك فرق واضح بينهما على الرغم من اشتراكهما معا في كثير من المظاهر و الوظائف. فـ "التربية الاساسية " مصطلح يطلق على التعليم الذي يقدم للكبار بصفة خاصة، ممن لم يسعدوا بالتعليم في مراحل التعليم العام المختلفة في الصغر، و هو عادة لا يرقى التعليم فيه عن مستوى التعليم الابتدائي، أو عن جزء منه فحسب، كما اتفقت الدول العربية على مستواه في مؤتمر الاسكندرية الذي عقد في الستينات من هذا القرن لدراسة محو الامية، و وسائل تطويرها بحيث تصبح عملية محو الامية، " تربية أساسية " تقدم تعليما يصل بالدارس إلى مستوى التعليم بالصف الرابع الابتدائي، حيث يحصل على المهارات الاساسية لاتقان القراءة و الكتابة، و معرفة قواعد الحساب بالاضافة إلى إعطائه أسس بعض المعارف و الخبرات الاولية عن بعض النواحي الثقافية و المهنية التي تمكنه عند استخدامها من النهوض بمستوى حياته العلمية و الاجتماعية و الاقتصادية..... لكي يصبح تعليما وظيفيا. "(1). أما مصطلح " التعليم الاساسي " فهو على الرغم من أنه يتفق في بعض أهدافه مع "التربية الاساسية" إلا أنه يتسم بسمات أعمق و أطول باعا في تربية المواطنين في ذلك البلد الذي يطبق فيه "التعليم الاساسي" بمفاهيمه العالمية، و مفهومه يتحدد بالمفهوم التالي: " التعليم الاساسي: هو تعليم الحد الادنى من المعارف و الخبرات و المهارات العقلية و الحركية اللازمة لتكوين الطفل - في مرحلة التعليم الالزامي - لكي يكون قادرا على خدمة نفسه بنفسه، و مجتمعه، و قادرا على تطويرهما، و التكيف للمعيشة في الظروف المتغيرة للمجتمع " (2). هذا هو الفرق بينهما، أحدهما يقدم للصغار بانتظام، و آخر يقدم للكبار بأي نظام كان، المهم ألا يكون أميا، و كما يظهر من المصادر السابقة أن إطلاق " المدرسة الاساسية " على " التعليم الاساسي " هو مفهوم محرف، و قد يكون غير صحيح لأن المدرسة، مرتبطة بمدرسة الفلسفة الاساسية المشار إليها آنفا، و الأصح أن يطلق على مدارسنا مصطلح " مدرسة التعليم الاساسي " لأن الاساس يضاف و ينسب إلى التعليم، و لا ينسب ظلما إلى المدرسة الجامدة. أهداف التعليم الاساسي عامة إن اهداف التعليم الاساسي منبثقة من أسباب تنظيمه، و دواعي وجوده و التفكير في توفيره لجميع أبناء كل بلد، في مرحلة الزامية تتراوح مدته بين ست سنوات، و إحدى عشرة سنة في بعض الدول (3)، فإذا ما أردنا تحديد أهدافه يجب علينا أن نبين أسباب حدوثه، و من بين هذه الاسباب ما يلي: 1- التطورات العلمية التكنولوجية السريعة التي لحقت العالم مما استلزم تزويد المتعلم معلومات أساسية تمكنه من مواجهة، و فهم هذه التطورات في أبسط صورة ممكنة. 2- التطورات الاجتماعية التي صاحبت هذا التطور العلمي و التكنولوجي و الصناعي بحيث أصبح كل فرد يتطلع إلى التزود بالمعارف و الخبرات اللازمة لادماجه في مجتمعه، و فهم خصائصه، و استخدمات آلاته و معداته الحديثة. 3- التطور الاقتصادي الذي كان حصيلة للتطور العلمي و التكنولوجي و الاجتماعي السابق ذكره. و لقد أدت هذه التطورات كلها إلى ظهور انقلاب في الافكار التربوية و من بينها ما يلي: ا- ظهور ديمقراطية التعليم - و الزاميته و مجانيته - و حق الانسان في الحصول عليه لأقصى دربة تمكنه قدراته، و استعداداته دون الاخذ في الاعتبار، بعمره أو طبقته الاجتماعية، أو حالته الاقتصادية، أو غير ذلك. ب- ظهور فكرة التعليم المستمر تحقيقا و تعزيزا لمبدإ ديمقراطية التعليم. جـ- ظهور فكرة التعليم الذاتي نظرا لانفجار المعارف و كثرتها، و سرعة تطورها، مما أعجز التعليم التقليدي عن تزويد المتعلم بكل ما يلزم من معارف. د- ظهور فكرة التعاون و المشاركة في التعليم مما أدى إلى خلق المجتمع المتعلم المعلم. هـ- ظهور فكرة المرونة في التعليم و التعلم، و عدم التمسك بالشكليات و الاساليب التقليدية في تقديمه"(1). من خلال هذه المعطيات الفكرية التي يمكن أن نعتبرها بمثابة مبادئ التعليم الاساسي، يمكن أن نستنبط بعض الاهداف التربوية لهذا التعليم الاساسي، و هي كما يلي: 1- تكوين المواطن الصالح بالتربية و التثقيف و العمل، و التدريب المهني، و الاعداد للوظيفة (2). 2- أن يكون المواطن قادرا على تكييف نفسه للبيئات التي تضطره ظروف الحياة إلى التواجد فيها. 3- تمكين المواطن لاتقان الخبرات و المهارات الاولية الاساسية اللازمة لنمو الشخصية المتكاملة فيه. 4- أن يكون قادرا على تنمية و تطوير نفسه بنفسه لكي لا يرتد إلى الامية بشتى مظاهرها، و القادر على تزويد نفسه بالخبرات و المعارف المتجددة أو الجديدة في مختلف أطوار حياته (التعلم الذاتي). 5- أن يكون قادرا على تطوير مجتمعه (مساهما في تقدمه و ازدهاره). 6- أن يقدر و يحترم البيئة و المجتمع بمختلف فئاته و التعاون و المشاركة في تنميته (3). 7- أن يكون قادرا على التكيف و المعيشة في جميع الظروف المتغيرة في المجتمع. إن هذه الاهداف التربوية التي كادت أن تكون عالمية للاخد بها مع تفاوت بين الدول الآخدة به لاعتبارات و ظروف ما هي إلا تجسيد لما تدعو إليه منظمة " اليونسكو" و الامم المتحدة، " فالمؤتمر العالمي حول التربية للجميع " قد نص في أحد بنوده على ما يلي: " يجب النظر إلى التعليم الاساسي " كهدف في حد ذاته، و كأساس للتعليم المستمر الذي يمكن للاقطار بناء مراحل تعليمية إضافية عليه من الانماط الاخرى للتعليم و التدريب " (4). و في بند آخر يحث على ما يلي: " يجب توفير التعليم الاساسي للجميع دون تحيز حتى يتمكن الاطفال و الشباب و الكبار من الحصول على المستوى اللازم من الانجاز العلمي، و يجب أن يتوفر لديه اهتمام خاص و التزام لاسناد الفئات المحرومة بسبب الجنس، أو الوضع المادي أو الموقع الجغرافي، أو التخلف الجسدي و العقلي، و يجب اعطاء اهتمام خاص لتعليم الاناث في البلدان التي تكون فيها معدلات الامية بين الاناث أعلى فيها بكثير بين الذكور" (4). أهداف التعليم الاساسي في الجزائر بعد أن فصلنا قليلا الاهداف التربوية و التعليمية و بينا حدود تعاريفها و تصنيفاتها، و مستوياتها ومصادر، و شروط صياغتها.... و بينا كذلك بعض نماذج من الاهداف التربوية المختلفـة المـصادر العالمية كمنظمة اليونسكو، و التعليم الاساسي، و اهداف التربية المعاصرة.... إن تلك النماذج تقدم لنا خاما هائلا لموازنتها و معرفة ما وصل إليه التعليم الاساسي من تقدم في اهدافه، كما أنه سيكون لنا بمثابة محك لقياسها مع الاهداف التربوية عندنا في التعليم الاساسي، و عليه فإننا إذا أردنا التحري و الدقة في الموضوع فإنه يجب علينا أن نخصص لهذا الموضوع جانبين من الحديث. ا- جانب نبحث فيه عن مصادر الاهداف التربوية للتعليم الاساسي في الجزائر. ب- جانب نتحدث فيه عن اهداف التعليم الاساس نفسها في الجزائر. الجانب الاول: إننا قد لا نجانب الصواب كثيرا إذا ما قلنا أن الجزائر قد أخذت على عاتقها في أواسط السبعينات من هذا القرن بمبدأ إصلاح التعليم في الجزائر بعد أن أهملته في السنوات العشرة الاولى من الاستقلال و انصب اهتمامها للبناء و التشييد، و أن ذلك الاصلاح قد كان مبنيا على أساس الأخذ بمبادئ التعليم الاساسي العالمي الذي تحث عليه الامـم الـمتحدة و منظمة اليونسكو من خلال مؤتمراتها العالمية، و على اساس النموذج الياباني في التنظيم و الهيكلة و البرمجة، و النموذج التدريسي و التعليمي في ألمانيا الشرقية، مع الاخذ بعين الاعتبار بالتجارب التي مرت بها بعض الدول مثل: مالي، و مصر، والبحرين فيما يتعلق بالتعليم الاساسي المنتظم فيها، و تكريسها لهذه الفكرة الاصلاحية، فإن الجزائر قد بوتقتها بنصوص رسمية انطلاقا من " الميثاق الوطني الجزائري " لسنة 1976، و قد جاء النص على اهداف التعليم الاساسي في الميثاق الاول كما يلي: " إن تعميم التعليم و ديمقراطيته، و إفساح المـجال لاكبر عــدد مـن الشبـان في مرحلة التعليم التقني و العالي، و التكوين المهني للعمال، و توفير الظروف و المنشآت اللازمة لتطبيق مبدإ مجانية العلاج الطبي، و كذلك تنمية أسباب الترفيه، و الانشطة الرياضية، تشكل أهدافا ذات أولوية في إطار سياسة تنمية البلاد. و الاعمال الرامية التي تستجيب لهذه الاهداف: فيما يتصل بالتعليم و التكوين: تأسيس المدرسة الاساسية (التعليم الاساسي) ذات التسع سنوات، التي تمدد الدراسة الالزامية (فيها) حتى شهادة التعليم الاساسي، مما يسمح بإنهاء المشكل الذي يطرحه الشباب الذي يغادر المدرسة بعد خروجه من " المدرسة الابتدائية " و الذي لم يبلغ بعد سن العمل (1)، و التعليم الذي يتم توفيره في هذه المرحلة الدراسية، سيكون منظما بكيفية تجعله يهيئ و يسهل الانتقال نحو الفروع الموجودة في التعليم الثانوي امتدادا للمدرسة الاساسية. "(2). كما أكد الميثاق الوطني الجزائري الثاني لسنة 1986 على هذا (التعليم الاساسي)، كما حدد بصفة عريضة المبادئ التي يرتكز عليها، و هي كما يلي: " تحتل أعمال المنظومة التربوية مكانة أساسية في عملية إدخال الثورة في المجال الثقافي، فالتربية الوطنية هي حجر الزاوية في أي بناء محكم، و هي التي تتحكم في تكوين الانسان، و توجيهه، و تربية ذوقه، و حسه المدني، و شعوره الوطني.... فالمدرسة ليست مجرد جهاز روتيني مهمته تلقين المعارف بصورة آلية، بل هي أداة حاسمة، و ذات قيمة فعالة لتحقيق تحول ثقافي عميق، و هذا بالضبط ما تهدف الثورة الجزائرية إلى تحقيقه من خلال " المدرسة الاساسية " (تعليم اساسي) التي نريدها متفتحة على التقدم و العالم العصري، مع ربطها بالحقائق الوطنية، و متطلبات التنمية الشاملة. إن التربية الوطنية لا تكتفي بتكوين الفرد للقيام بوظيفة معينة فقط، بل تعده زيادة على ذلك ليكون مواطنا يتفاعل مع اهتمامات شعبه، و يعي متطلبات النهوض بوطنه، و يقدر التحديات التي تواجه ثورته، و هذا ما يفرض على المنظومة التربوية التي تتكفـل بالتــعليم الديني، و الــتكوين الاخلاقي و السياسي، و تعزيز التربية المدنية بالروح الاسلامية، و الثقافة التاريخية. " (1). هذه هي المعالم الاولى لسياسة التــربية الوطــنية و " التعليم الاساسي " في الجزائر، إن هذا الفصل وما يحمله من مبادئ و غايات تربوية، تتماشى و النظرية العالمية في مجال " التربية و التعليم الاساسيين" و بناء على هذه النصوص، صدرت قوانين و أوامر لتنظيم التربية و التكوين في الجزائر (2)، تتضمن مبادئ هذا التكوين، و هيكلته و مهام " التعليم الاساسي " و أهدافه. و يعد هذا هو المصدر الثاني لتحديد اهداف التعليم الاساسي، و قد أوردت النشرة التربوية هذا الامر كله، و سنقتطف منها فقط ما ورد في الفصل الاول من الباب الثالث من مواد تتعلق بتحديد " مهمة التعليم الاساسي " و هو كما يلي: المادة 24: " مهمة التعليم الاساسي هي إعطاء تربية أساسية واحدة لجميع التلاميذ، و مدته تسع سنوات. المادة 25: توفر المدرسة الاساسية للتلاميذ: دراســة اللغــة الــعربية بحيث يـتقنون التـعبير بها مـشافهـة و تحريرا. و تهدف هذه الدراسة الــتي تعتبـر عامــلا من عــوامل شخصيتهم الــقومية إلــى تزويدهم بأداة للعمل و التبادل و تمكينهم من تلقي المعارف، و استيعاب مختلف المواد، كما تتيح لهم التجارب مع محيطهم. - تعليما يتضمن الاسس الرياضية و العلمية يمكنهم من اكتساب تقنيات التحليل و الاستدلال، و فهم العالم الحي و الجامد. - دراسة الخطط الانتاجية، و تربية التلاميذ على حب العمل عن طريق ممارسته، و هذا التعليم الذي يتم على الاخص في المعامل، و وحدات الانتاج يمكنهم من اكتساب معلومات عامة حول عالم الشغل، و يعدهم للتكوين المهني و يهيئهم للاختيار الواعي لمهنتهم. - أسس العلوم الاجتماعية، و لا سيما المعلومات التاريخيــة و السـياسية و الاخــلاقية، و الــدينية، و يهدف هذا التعليم إلى توعية التلاميذ بدور و مهمة الامة الجزائرية، و الثورة، و رسالتهما بالقوانين التي تحكم التطور الاجتماعي كما يهدف إلى اكسابهم السلوك، و المواقف المطابقة للقيم الاسلامية........ - تعليما فنيا يوقظ فيهم الاحاسيس الجمالية، و يمكنهم من المساهمة في الحياة الثقافية، و يؤدي إلى ابراز المواهب المختلفة في هذا الميدان، و العمل على تشجيع نموها. - تربية بدنية أساسية، و ممارسة منتظمة لاحدى النشاطات الرياضية، و تشجيع التلاميذ على المشاركة في مختلف المسابقات التي تنظم في اطار الرياضة المدرسية. - تعليم اللغات الاجنبية بحيث يتاح للتلاميــذ الاستفـادة من الوثائــق البسيطــة المحررة بهذه اللغات، و التعرف على الحضارات الاجنبية، و تنمية التفاهم المشترك بين الشعوب ".(3). الجانب الثاني: نتحدث في هذا الجانب عن اهداف و غايات المدرسة الاساسية (التعليم الاساسي) من المصادر التي تعتمد أساسا للأخذ بها و تطبيقها في الميدان،