منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ردا على الاخوان كتاب" وقفات مع كتاب للدعاة فقط"
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-04-14, 08:25   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
مهاجر إلى الله
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية مهاجر إلى الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الوقفة الأولى؛ موقف الإخوان من مسائل الإيمان والتوحيد يقول الشيخ جاسم مهلهل الياسين في كتابه (للدعاة فقط) في (ص: 34): (المنهج العقدي والفقهي عند الإخوان هو منهج سلفي صرف لا غبار عليه).

ويقول أيضاً في (ص: 94): (دعوى أن الإخوان لا يملكون تصوراً عقائدياً واضحاً دعوى تفتقر إلى الأدلة وما ذكره الناقدون لا ينهض على الإستدلال فالشيخ البنا وضع في رسائله كثيراً من الأسس العقائدية الواضحة وهو في هذا يوجه إلى القرآن والسنة ففيهما حياة القلوب وشفاؤها) أهـ.

* * *

ولنا مع كلام الشيخ جاسم هذه الوقفة فنقول: نعم، الحق إن الإخوان لا يملكون تصوراً عقائدياً واضحاً، وكذلك منهج الإخوان ليس منهجاً سلفياً صرفاً... وقولك بأن دعوى أن الإخوان لا يملكون تصوراً عقائدياً واضحاً دعوى تفتقر إلى الأدلة.. لا يعني عدم وجود الأدلة، بل هذه الأدلة ومن مؤلفات كبار ومنظري وثقات وقادة الإخوان والتي تبين أن جماعة الإخوان لا يملكون تصوراً عقائدياً واضحاً:

1) سعيد حوى؛ وهو من كبار منظري جماعة الإخوان: يقول في كتابه (جولات في الفقهين الكبير والأكبر) الجولة الأولى ص: 22) ما نصه: (إن للمسلمين خلال العصور أئمتهم في الاعتقاد وأئمتهم في الفقه وأئمتهم في التصوف والسلوك إلى الله عز وجل، فأئمتهم في الاعتقاد كأبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي!).

ويقول سعيد حوى في كتابه أيضاً في الجولة الرابعة ص: 66) ما نصه: (وسلّمت الأمة في قضايا العقائد لاثنين: أبي الحسن الأشعري، وأبي منصور الماتريدي!).

وهنا أسأل الشيخ جاسم:

هل أصبحت أمة الإسلام في كل عصورها أشعرية وماتريدية كما يزعم سعيد حوى؟! وأين ذهب أهل الحديث كالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى والإمام البخاري وغيرهم من صناديد السلف الذين دافعوا عن العقيدة السلفية وردوا على أصحاب العقيدة الأشعرية والماتريدية وغيرها من العقائد المخالفة، ومعلوم أن العقيدة الأشعرية والماتريدية عقيدة باطلة زائفة تقوم على تحريف كلام الله تبارك وتعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ونفي صفات الله سبحانه وتعالى وتجهيل السلف وعقائدهم.

فكيف نوفق بين كلامك الذي تقول فيه بأن عقيدة الإخوان عقيدة سلفية صرفة وبين كلام سعيد حوى الذي يدعي فيه بأن الأمة كانت (أشعرية وماتريدية)؟!

2) الاستاذ عمر التلمساني رحمه الله: الذي تبوأ منصب الإرشاد العالم للإخوان المسلمين لمدة طويلة، كتب كتاباً بعنوان (شهيد المحراب عمر بن الخطاب) وقد ملأه بالدعوة إلى الشرك وعبادة القبور وجواز الاستغاثة بها والتبرك بها ودعاء الله عندها وعدم جواز تشديد النكير على زوارها الذين يقومون بكل الأعمال السابقة، وإليك نصوص عباراته في ذلك:

يقول في (ص: 225 - 226) ما نصه: (قال البعض إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لهم إذا جاؤوه حياً فقط، ولم أتبين سبب التقييد في الآية عند الاستغفار بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم وليس في الآية ما يدل على هذا التقييد) أهـ.

وهنا يزعم انه يجوز دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته وطلب الاستغفار منه!

ويقول التلمساني أيضاً في (ص: 226): (ولذا أراني أميل إلى الآخذ بالرأي القائل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر حياً وميتاً لمن جاءه قاصداً رحابه الكريم).

ويقول أيضاً في نفس الصفحة) ما نصه: (فلا داعي إذن للتشدد في النكير على من يعتقد في كرامة الأولياء واللجوء إليهم في قبورهم الطاهرة والدعاء فيها عند الشدائد، وكرامات الأولياء من أدلة معجزات الأنبياء).

ويقول أيضاً في (ص: 231) ما نصه: (فما لنا وللحملة على أولياء الله وزوارهم والداعين عند قبورهم) أهـ.

وهكذا لم يبق شرك من شرك القبور إلا وقد أباحه في هذه العبارات (المرشد العام للإخوان المسلمين) ومن أجل هذا الحب والهيام بما يصنع عند القبور من شرك وكفر فإن التلمساني يقول: (فما لنا وللحملة على أولياء الله وزوارهم والداعين عند قبورهم ومقاماتهم).

والتلمساني يعلم بالطبع أن القبور في مصر التي صدر منها هذا الكتاب (شهيد المحراب عمر بن الخطاب) وكان التلمساني مرشداً عاماً فيها يصنع فيها أعظم شرك عرفته الأرض وأكبر من شرك الجاهلية الأولى، فالقبور يطاف بها ويطلب منها كل ما يطلب من الله، ومن الأولياء فيها إن كثيراً منهم مجموعة من الزنادقة الملحدين كأمثال السيد البدوي، الداعية الفاطمي الزنديق الذي لم يحضر صلاة قط! والصوفية المحترقين كالشاذلي والدسوقي والقناوي، وغيرهم في كل قرية ومدينة!

فهؤلاء هم الأولياء وهذه قبورهم التي يدعو إليها المرشد العام للإخوان المسلمين الذي يقول أيضاً في (ص: 231) ما نصه: (ولئن كان هواي مع أولياء الله وحبهم والتعلق بهم ولئن شعوري الغامر بالأنس والبهجة في زياراتهم ومقاماتهم بما لا يخل بعقيدة التوحيد (هكذا زعم) فإني لا أروج لاتجاه بذاته فالأمر كله من أوله إلى آخره أمر تذوق، وأقول للمتشددين في الإنكار هوناً ما فما في الأمر من شرك ولا وثنية ولا إلحاد) أهـ.

فماذا بعد هذا التمييع لأمر التوحيد والعقيدة حتى أصبح دعاء الأموات عند قبورهم في الشدائد أمر تذوق وليس فيه شرك ولا وثنية كما يزعم المرشد العام للإخوان المسلمين، هل المنهج الإخواني العقدي الذي يخرج أمثال التلمساني منهج سلفي لا غبار عليه، وهل الجماعة التي تسمح أن يتصدر صفوفها ويكون مرشدها العام يقول هذا الكلام جماعة سلفية! تباً لهذه السلفية إن كان هذا هو نتاجها وهؤلاء هم رجالها ومرشدوها وقادتها!

قال الشيخ العلامة حمود بن عبد الله التويجري حفظه الله في كتابه (الإجابة الجلية على الأسئلة الكويتية ص: 7 - 8) ما نصه: (وزعمهم أنه لا داعي للتشدد في الإنكار على من يعتقد كرامة الأولياء واللجوء إليهم في قبورهم والدعاء فيها عند الشدائد.. والجواب أن يقال: أما اللجوء إلى أهل القبور والاستنجاد بهم ودعاؤهم عند الشدائد فإنه شرك أكبر، وسواء في ذلك الاستنجاد بالنبي صلى الله عليه وسلم ودعاؤه واللجوء إلى قبره، والاستنجاد بغيره من الأموات ودعاؤهم واللجوء إلى قبورهم فكله من الشرك الأكبر، وقد قال الله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً} وفي ختام الإجابة قال الشيخ التويجري حفظه الله: (فأي خير يحصل لمن يدعو غير الله ويلجأ إلى الأموات ويستغيث بهم عند الشدائد، لقد خاب وخسر من فعل ذلك) أهـ.

وهنا أقول للأخ جاسم: كيف نوفق بين كلامك الذي تزعم فيه بأن عقيدة الإخوان المسلمين عقيدة سلفية وبين كلام مرشدكم العام الذي يجيز الدعاء في الشدائد عند قبور الأولياء؟!

أليس هذا من الاضطراب العقدي عند الإخوان وعدم وجود المنهج العقدي الواحد الموحد الذي تتبناه جماعة الإخوان المسلمين.. وبعد هذا تقول بأن عقيدة الإخوان عقيدة سلفية لا غبار عليها!

3) الاستاذ مصطفى السباعي المرشد العام للإخوان المسلمين في سوريا رحمه الله؛ في مجلة (حضارة الإسلام) عدد خاص بمناسبة وفاة مصطفى السباعي رحمه الله ص: 562 - 563 (مناجاة بين يدي الحبيب الأعظم): من قصيدة نظمها الراحل (أي مصطفى السباعي) في الروضة الندية قرب المنبر النبوي الشريف بعد صلاة العصر في اليوم العاشر من محرم 1284 ه وتلاها يرحمه الله أمام الحجرةالنبوية قبل الحج وبعده:

يا سائق الظعن نحو البيت والحرم ونحو طيبة تبغي سيد الأمم
إن كان سعيك للمختار نافلة فسعي مثلي فرض عند ذي الهمم
يا سيدي يا حبيب الله جئت إلى أعتاب بابك أشكو البرح من سقمي
يا سيدي قد تمادى السقم في جسدي من شدة السقم لم أغفل ولم أنم
الأهل حولي غرقى في رقادهم أنا الوحيد الذي جفاه النوم من ألم
قد عشت دهراً مديداً كله عمل واليوم لا شيء غير القول والقلم
يا سيدي طال شوقي للجهاد فهل تدعو لي الله عوداً عالي العلم

وبعد هذه القصيدة التي نظمها وقالها السباعي عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم أقف قليلاً مع الأخ جاسم وأسأله: هل وقوف السباعي وهو مرشد الإخوان في سوريا أمام قبر النبي صلى الله عليه وسلم وبث شكواه من مرضه إلى النبي صلى الله عليه وسلم من دون الله من منهج الصحابة رضي الله عنهم أو من منهج سلف الأمة رحمهم الله تعالى؟!

4) اسماعيل الشطي: رئيس تحرير مجلة المجتمع (اللسان الناطق للإخوان المسلمين في الكويت) قال في مسجد (العلبان) في إحدى الليالي وهو يتحدث عن العقيدة: (لا أدري كيف أُثبت لله يداً). بالرغم من إن اسماعيل الشطي ليس مرشداً للإخوان إلا أنه يتصدر مجلتهم ويتكلم باسمهم.. وهنا أسأل الأخ جاسم وأقول له: هل إنكار اسماعيل الشطي الذي هو من كبار الإخوان المسلمين في الكويت (أن يكون لله يد) من العقيدة السلفية في شيء؟!

قال الشيخ العلامة حمود بن عبد الله التويجري حفظه الله في كتابه (الإجابة الجلية على الأسئلة الكويتية ص: 24) ما نصه: (التاسع: إنكار بعضهم توحيد الأسماء والصفات وانكاره أن يكون لله يد.. الجواب أن يقال: من انكر توحيد الأسماء والصفات فهو جهمي، ومن أنكر أن يكون لله يد أو أنكر غير ذلك من أسماء الله وصفاته فهو جهمي، وقد صرح كثير من أكابر العلماء في زمان أتباع التابعين ومن بعدهم بتكفير الجهمية واخرجهم من الثنتين والسبعين فرقة من فرق هذه الأمة والكلام في تكفيرهم مذكور في كتاب السنة لعبد الله بن الإمام احمد وغيرها من كتب السنة، وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في الكافية الشافية:

ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان
واللالكائي الإمام حكاه عنهم بل حكاه قبله الطبراني

فذكر أن خمسمائة من العلماء تقلدوا القول بتكفير الجهمية) أهـ.

وهنا أسأل الأخ جاسماً فأقول له: أليست هذه عقيدة الجهمية فكيف نوفق بين إدعاءك بأن عقيدة الإخوان المسلمين عقيدة سلفية وبين عقيدة اسماعيل الشطي في انكار بعض صفات الله سبحانه وتعالى، ثم أليس هذا من عدم الوضوح العقائدي عند منهج الإخوان المسلمين؟!

5) الاستاذ عمر التلمساني؛ في كتابه (بعض ما علمني الإخوان المسلمين (ص: 17): (ذكر قوله تعالى {و السموات مطويات بيمينه} فقال: وأن هذه اليمين التي تشير إليها الآية الكريمة هي التمكن من طي السموات والأرض أي القدرة التي تفعل ماتشاء كيفما تشاء عندما تشاء) أهـ.

وهنا أسأل الأخ جاسماً:

أليست هذه عقيدة الأشاعرة في باب أسماء الله جل وعلا وصفاته؟! ثم أليست هذه عقيدة المرشد العام للإخوان المسلمين.. فكيف تقول بأن عقيدة الإخوان المسلمين عقيدة سلفية لا غبارعليها واسماعيل الشطي ينكر بعض صفات الله عز وجل كالجهميةن والاستاذ التلمساني المرشد العام للإخوان المسلمين يؤول أسماء الله وصفاته مثل الأشاعرة.. وبعد ذلك تقول بأن عقيدة الإخوان عقيدة سلفية صرفة لا غبار عليها؟!

6) الإمام حسن البنا رحمه الله تعالى؛ قال في (الأصل الخامس عشر): (والدعاء إذا قرن بالتوسل إلى الله تعالى بأحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة) أهـ.

ويقول الاستاذ جاسم المهلهل في كتابه في (ص: 109): (أنكر على الاستاذ البناء رحمه الله قوله في الأصل الخامس عشر (والدعاء إذا قرن بالتوسل إلى الله بأحد خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة).

ثم يقول الأخ جاسم لتبرير هذا الكلام: (هذا القول ليس خاصاً به رحمه الله بل يمكن استخلاصه من كلام الشيخ الألباني عندما قال:... وأما ما عدا هذه الأنواع من التوسلات (ففيه خلاف) والذي نعتقده وندين الله به أنه غير جائز ولا مشروع لأنه لم يرد به دليل تقوم به الحجة وقد أنكره العلماء المحققون في العصور الإسلامية المتعاقبة مع أنه قال ببعضه بعض الأئمة، فأجاز الإمام أحمد التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم وحده، وأجاز غيره كالإمام الشوكاني التوسل به وبغيره من الأنبياء والصالحين).

ولنا مع كلام الأخ جاسم هذه الوقفة فنقول وبالله التوفيق:

أولاً: إن قولك (هذا القول ليس خاصاً به رحمه الله بل يمكن استخلاصه من كلام الشيخ الألباني) قول خاطئ واستخلاص خاطئ أيضاً، حيث أن قول العلامة الألباني (ففيه خلاف) لا يعني ذلك أن هذا الأمر ليس من مسائل الاعتقاد، وكذلك لم يذكر الشيخ الألباني بأن هذا الأمر من مسائل الفروع.. وهذا لا شك ناشئ من سوء فهمك لكلام الشيخ الألباني.

ثانياً: ومما يدل على أن هذا الأمر من مسائل العقيدة والتوحيد وليس من مسائل الفروع ما قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في كتابه القيم (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص: 125: (وكنت وأنا بالديار المصرية في سنة أحدة عشر وسبعمائة قد استفيت عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم فكتبت في ذلك جواباً مبسوطاً وقد أحببت إيراده هنا لما في ذلك من مزيد الفائدة فإن هذه القواعد المتعلقة بتقرير التوحيد وحسم مادة الشرك والغلو - كلما تنوع بيانها ووضحت عبارتها كان ذلك نوراً على نور) أهـ.

فدل كلام شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله أن هذه المسألة من مسائل العقيدة والتوحيد وليست من مسائل الفروع أو الكيفيات.

ثالثاً: قال الشيخ العلامة حمود بن عبد الله التويجري حفظه الله في جوابه على رسالة بعثت بها إليه أسأله عن هذه المسألة.

فأجاب مشكوراً بقوله: (الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن التوسل إلى الله تعالى بذوات بعض المخلوقين أو بجاههم قد ذكره شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيميه رحمه الله تعالى في مواضع كثيرة من كتبه ومن أوسعها في ذلك كتاب (التوسل والوسيلة) وهو مطبوع مفرداً.

وفي الجزء الأول من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميه فليراجع فإنه مهم جداً وقد قال فيه ما ملخصه: وأما التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والتوجه به في كلام الصحابة فيريدون به التوسل بدعائه وشفاعته، والتوسل به في عرف كثير من المتاخرين يراد به الإقسام به والسؤال به كما يقسمون بغيره من الأنبياء والصالحين ومن يعتقد فيه الصلاح... إلى أن قال: فلفظ التوسل يراد به ثلاثة معان، أحدها: التوسل بطاعته فهذا فرض لا يتم الإيمان إلا به، والثاني: التوسل بدعائه وشفاعته وهذا كان في حياته ويكون يوم القيامة يتوسلون بشفاعته، والثالث: التوسل به بمعنى الإقسام على الله بذاته والسؤال بذاته، فهذا الذي لم تكن الصحابة يفعلونه في الإستسقاء ونحوه لا في حياته ولا بعد مماته لا عند قبره ولا قبر غيره، ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة، وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة أو عن من ليس قوله بحجة، وهذا هو الذي قاله أبو حنيفة واصحابه إنه لا يجوز ونهوا عنه حيث قالوا: لا يسأل بمخلوق ولا يقول أحد: أسألك بحق أنبيائك، قال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به وأكره أن يقول: بمقاعد العز من عرشك أو بحق خلقك، وهو قول أبي يوسف، قال أبو يوسف: أكره ان يقول: بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام. قال القدوري: المسالة بخلقه لا تجوز لأنه لا حق للخلق على الخالق فلا تجوز اتفاقا.

قال شيخ الإسلام ابن تيميه: وهذا من أبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما يقتضي المنع أن يسأل الله بغيره.

وقال شيخ الإسلام أيضاً: إن السؤال بمجرد ذوات الأنبياء والصالحين غير مشروع وقد نهى عنه غير واحد من العلماء وقالوا: إنه لا يجوز. وذكر شيخ الإسلام أيضاُ أن قولهم: اسألك بجاه نبينا أو بحقه ليس فيه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بل السنة تدل على النهي عنه. انتهي المقصود من كلامه رحمه الله).

ثم أردف الشيخ التويجري حفظه الله قائلا: (ويستفاد من قوله أن السنة تدل على النهي عن التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وبحقه أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يتوسلون بذاته لا في حياته ولا بعد مماته أن التوسل بذاته وجاهه وحقه من المحدثات، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من المحدثات وقال: "كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"، وأمر صلى الله عليه وسلم برد المحدثاث والأعمال التي ليس عليها أمره كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية لمسلم والبخاري تعليقاً مجزوماً به "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" أي مردود. وفي هذا الحديث والحديث الذي قبله أبلغ الرد على من أجاز التوسل بذوات المخلوقين وجاههم.

ثم قال حفظه الله: (وما كان مردوداً بالنص الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فالقول بجوازه قول باطل يمس العقيدة وليس في الخلاف في الفروع).

وحول قول الإمام أحمد رحمه الله وغيره بجواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم قال الشيخ التويجري حفظه الله: (وقد جاء في إحدى الروايتين عن الإمام أحمد انه جوّز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وجاء مثل ذلك في فتاوى العز ابن عبد السلام، وهذا القول مردود بحديث عائشة رضي الله عنها الذي تقدم ذكره، ولا قول لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست أقوال أحمد ولا غيره من العلماء حجة، وإنما الحجة فيما جاء في كتاب الله وما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمع المسلمون عليه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه) أهـ.

رابعاً: قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في رسالة بعثت بها إليه أسأله فيها حول هذه المسألة، فأجاب ما نصه وحرفه مشكوراً: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: وصلتني رسالتكم التي طلبتم فيها الإجابة عن أسئلة في العقيدة وهي:

أولاً: هل التوسل بالمخلوقين في الدعاء يعتبر الخلاف في حكمه خلافاً فرعياً وليس هو من مسائل العقيدة؟

والجواب عن ذلك: أن التوسل في الدعاء بذوات المخلوقين أو حقهم أو جاههم يعتبر أمراً مبتدعاً ووسيلة من وسائل الشرك، والخلاف فيه يعتبر خلافاً في مسائل العقيدة لا في مسائل الفروع، لأن الدعاء أعظم أنواع العبادة ولا يجوز فيه إلا ما ورد في الكتاب والسنة، ولم يرد في الكتاب والسنة السؤال بالمخلوقين أو حقهم أو جاههم وإنما ورد الأمر بدعاء الله مباشرة من غير توسط بأحد من خلقه {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}، {فادعوا الله مخلصين له الدين} وإذا انضاف إلى التوسل بالمخلوق التقرب إليه بشيء من القربات كالذبح له والنذر له فهذا شرك أكبر كما قال تعالى {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} ولما كان الدعاء أعظم أنواع العبادة، والعبادة توقيفية فإنه لا يجوز أن يدعى الله سبحانه وتعالى إلا بالكيفية الواردة في الكتاب والسنة، وليس في تلك الكيفية التوسل بالمخلوقين أو حقهم أو جاههم في الدعاء فيكون بدعة وكل بدعة ضلالة والله أعلم.

ثانياً: هل ثبت عن الإمام أحمد رحمه الله جواز التوسل بالنبي لله وكذلك العز بن عبد السلام رحمه الله؟

الجواب:

أ) ذكر شيح الإسلام ابن تيميه رحمه الله أن أحمد أجاز ذلك بالنبي خاصة قال: ولكن قد يخرج على إحدى الروايتين عنه جواز الحلف به.

ب) وذكر أيضاً الشيخ أن في فتاوى الفقيه أبي محمد بن عبد السلام أنه أفتى لا يقسم على الله بأحد من الملائكة والأنبياء لكن ذكر له أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث الإقسام به فقال: (إن صح الحديث كان خاصاً به والحديث المذكور لا يدل على الإقسام به وإنما يدل على التوسل بدعائه). انتهى مجموع الفتاوى (1/140, 347).

ثم قال الشيخ الفوزان حفظه الله: (وحتى لو ثبت عنهما القول بجواز ذلك فكل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم والسلام عليكم رحمة الله وبركاته) أهـ.

خامساً: إضافة لما تفضل به الشيخان التويجري والفوزان من بيان عدم جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره من المخلوقين وأن الخلاف في هذا الأمر ليس خلافاً فرعياً بل هو من الخلاف في مسائل العقيدة، أذكر ما قاله شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في كتابه القيم (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص: 21) ما نصه: (ولو قدر أنه نازع في ذلك عالم مجتهد لكان مخصوماً بما عليه السنة المتواترة وباتفاق الأئمة قبله) أهـ.

وفي الختام أقول للأخ جاسم:

بعد بيان ما تقدم يظهر واضحاً جلياً بأن هذه المسألة (التوسل في الدعاء بأحد من المخلوقين) مسألة من مسائل العقيدة وليست من مسائل الفروع والخلاف فيها يعتبر من الخلاف في العقيدة لا في الفروع أو الكيفيات، والقول بأنها من الخلاف في الفروع قول يساعد على تمييع العقيدة وعدم حمايتها من البدع والضلالات.

7) يقول الشيخ جاسم في كتابه (ص: 94) ما نصه: (و الشيخ حسن البنا يدرك الفارق بين مذهب السلف والخلف جيداً ولكنه بحس الداعية الذي يريد أن يقارب بين وجهات النظر يحاول أن يبين أن الفارق بين السلف والخلف ليس كبيراً) أهـ.

وهنا أقول للأخ جاسم:

إن الفرق بين السلف والخلف فرق كبير ونرد على تبريرك لمحاولة حسن البنا التقريب بين مذهب السلف والخلف بما قاله فضيلة الدكتور الشيخ عمر سليمان الأشقر حفظه الله في كتابه القيم (العقيدة في الله ص: 201 في الهامش) ما نصه: (حاول بعض المعاصرين كالشيخ حسن البنا والشيخ حسن أيوب وغيرهما أن يهونوا من خطيئة هؤلاء الذين عرفوا باسم (الخلف) وأن يقربوا بين وجهة نظر السلف والخلف ولكن الحقيقة التي يجب أن تظهر وتدرك ان مذهب الخلف الزاعمين أن ظاهر الصفات غير مراد المؤولين لها، مذهب بعيد عن الصواب ولا لقاء بينه وبين مذهب السلف، ولا يشفع لهم حسن نيتهم فحسن النية لا يجعل الباطل حقاً) أهـ.

وهكذا يظهر واضحاً جلياً بأن تبرير الأخ جاسم تبرير ليس في محله.

وفي ختام هذه الوقفة أقول:

سعيد حوى وهو من منظري وثقات الإخوان المسلمين يقول: (بأن الأمة سلّمت في قضايا العقائد لأبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي)، وحسن البنا المرشد العام ومؤسس حركة الإخوان المسلمين يقول: (بأن التوسل في الدعاء إلى الله بأحد من خلقه ليس من مسائل العقيدة بل هو خلاف فرعي في الكيفية)، واسماعيل الشطي رئيس تحرير مجلة المجتمع الكويتية اللسان الناطق للإخوان المسلمين لا يدري كيف يثبت لله يداً، وعمر التلمساني المرشد العام للإخوان المسلمين يرى جواز وعدم الإنكار على اللاجئين إلى قبور الأولياء في الشدائد والداعين عندها ويرى بأن هذا الفعل ليس فيه شرك ولا وثنية إنما غاية ما في الأمر أنه أمر تذوق! ومصطفى السباعي يشكو برحه وسقمه إلى في قبره من دون الله عز وجل، والأخ جاسم يقول: (بأن عقيدة الإخوان المسلمين سلفية صرفة).. فكيف التوفيق بين كلام الأخ جاسم وبين ما يعتقده قادة الإخوان وثقاتهم؟ وهل قادة الإخوان إلا هؤلاء؟ وهذه هي عقائدهم؟

وهنا أسأل جاسماً:

أليس الرسل جميعاً قد بعثوا بالتوحيد والنهي عن الشرك، واعظم الشرك شرك الألوهية وعبادة غير الله والغلو في الصالحين، فهل يوجد للإخوان المسلمين كتاب لأحد قادتهم ينهون فيه عن هذا الشرك؟ لقدملئوا الدنيا كتباً في السياسة والحركة فهلا توجهوا إلى عموم المسلمين بل ومثقفيهم الغارقين في الشرك الأكبر والعاكفين حول القبور الداعين لها من دون الله والناذرين لها، هلا توجهوا بجزء من دعوتهم إلى هؤلاء يخرجونهم من النار إلى الجنة ومن الضلال إلى الهدى؟ هلا جعل الإخوان المسلمين جزءاً من دعوتهم لتعليم الناس الإيمان الصحيح بالله وكيفية اثبات صفاته وكيفية عبادته وحده لا شريك له.. أم أن هذا ليس من الدين؟!

فهل هذه هي عقيدة الإخوان المسلمين السلفية الصرفة التي لاغبار عليها؟!








تابع......









رد مع اقتباس