منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مقالات اسلامية في فضائل العرب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-04-13, 17:11   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي اخطاء العلامة بن خلدون و قسوته عى العرب رحمه الله

اخطاء العلامة بن خلدون و قسوته عى العرب رحمه الله


الشيخ عبدالرحمان بن خلدون من العلماء الاجلاء الذين اسسوا علم الاجتماع و لكنه ليس نبيا و انما هو كمثله من العلماء يؤخذ منه و يرد و قد نبه الى بعض اخطائه و قد رد عليها الكثير من العلماء في ابواب التاريخ والعقيدة والحديث ، وممن رد عليه في بعض المسائل : الهيثمي وابن حجر والغماري والشيخ عبد الرزاق حمزة والعلامة الألباني و غيرهم .
و من المأخذ الكبرى و الاخطاء و الزلات الكبرى التي وقع فيها هذا العالم المسلم الجليل رحمه الله و غفر له ما كتبه و ما أصدره من احكام قاسية وغريبة في حق العرب , وفي بعضها ذم صريح لهم , وإنقاص من مكانتهم و فضائلهم الطيبة التي اقرتها السنة الشريفة و اقرها علماء جمهور الامة الاسلامية .
فمن كلامه رحمه قوله في المقدمة عن العرب : (إن العرب بدون التدين فهم أشبه بالبهائم بخلاف الأمم الأخرى )
و قد افترى هنا إفكا مبينا رحمه الله وأتى جهلا ومينا ، وإن لم تكن هذه هي الشعوبية التي تغض من قدر العرب ولا تقر بفضلهم فليس في الأرض شعوبي!
ولست هنا بسبيل سرد فضائل العرب وخصائصهم التي تميزوا بها ، فيكفيني أن أصدع قائلاً ـ مع كرهي للحديث عن الأممية ولكن مكرهٌ أخاك لا بطل ؛ ـ : ( ليس في الأرض قديما ولا حديثا مسلمٌ يشهد الشهادتين إلا وهو مدينٌ للعرب ، إذ منهم محمدٌ عليه صلوات الله وسلامه ، ومنهم حمَلة النور الأوائل ، والجيلُ الذي لا مثيل له في التاريخ ، فمنهم خاتم الأنبياء ، ومنهم سيد الأولياء أبو بكر ، ذلك هو الفضل العظيم .
فإن قال قائل : ليس لكم أن تذكروا ـ في معرض الحديث عن تباين الأمم وفضلها ـ خاتم النبيين لأنه بُعث للناس كلهم ، قلتُ : من يمنع تميما أن تسمو بقيس بن عاصم ؟ ومذحجا أن تبذخ بعمرو وإقدامه ؟ وطيئا أن تحتج بحاتم وكرمه؟ ولعمري لئن جرّدنا فزارة من بني بدرها ، وبكرا من شيبانها ، وتغلب من كليبها فلن يبقى للمنافر مفخرة ، وللمنازع حجة!

أفيصح ـ في رؤيتكم ـ أن تفخر الروم ببطارقتها و وتنخر الفرس بمرازبتها، زرافات ووحدانا ، و أما العرب فحماهم مباح ، وفضلُهم لا يخصهم وحدهم بل هو للكافة متاح! تلك إذاً قسمة ضيزى .

وما ذكرت ـ أعلاه ـ من فضل العرب إلا مثالاً واحدا من الجيل الأول ، فكيف بما قبله وما بعده ؟

أما قول ابن خلدون إن العرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية ، فإن أراد بالملك : أن يملكوا سائر الأمم ويتصدروا سائر الأعراق في قيادة الإسلام وسياسة الناس ، فهو صحيحٌ لا غبار عليه .

وأما إن أراد مطلق الملك ، أي لا يحصل لهم حضارة أبدا ويكون سيلهم زبدا أو كما عبّر أحد المعلقين : يصيرون أشبه بالبهائم ، فإنه قولٌ منكر لا أظن ابن خلدون قصد إليه أو حام حوله .
فأين ذهب مُلك تبع الذي قال الله فيه : ( أهم خيرٌ أم قوم تبع ) وأين طارت حضارة بلقيس التي قال تعالى فيها حكاية عن الهدهد : (وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم ) ثم المحاورة التي دارت بينها وبين وزرائها : (قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون * قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد ) الآيات ، إلى قوله : ( فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين )
ولا يجهل ذو عقل أن التبابعة ملوك حمير ، وحمير من العرب ، وهذا استدلال من التنزيل الذي هو أصدق قيل ، على أنه قد كان لمن يعبد الشمس من العرب ،حضارةٌ وعمارة ونظام وشورى ومفاخر في قياس أهل الدنيا .

وأما خراب ما اعتمره العرب وأثاروه من البلدان ، فهذا من سنن الله في خلقه كافة ، وليس خاصاً بالعرب ، لقوله تعالى : ( وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا ) فكل هذه المدن والقرى لا بد أن تضمحل ، وقد يموت البلد ويهجره أهله ، ثم يعمره قوم آخرون .

واعتبر ـ في حضارتهم العمرانية ـ بحال العراق الذي لم يكن فيه مدن مشهورة ولا قلاع معمورة ، سوى مدائن كسرى ونحوها ، فلما أتى العرب بنوا ـ على حداثة عهدهم بالصحراء ـ مدنا عظيمة بلغت الغاية في العلم والأدب والقوة والترف والغنى ، كالبصرة والكوفة وبغداد وواسط وغيرها .

فإن قلت: إنما بنوا هذه المدن حين تلبسوا بالإسلام وهذا جارٍ على رأي ابن خلدون لا إشكال فيه ، قلتُ : فأين ذهب ـ على حين جاهليتهم ـ المدن المشهورة المسماة بأسمائهم وأسماء ملوكهم في اليمن مثلا؟ وأين سد مأرب المشهور وقد كانوا في رغد عيش حتى وصفهم تعالى بقوله : (بلدة طيبة ورب غفور ) ، وقبلهم اشتهر قوم عاد وثمود وهم كفرة فجرة ، بالبناء والتفنن فيه ، قال تعالى : ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون ) ( أتتركون فيما ههنا آمنين في جنات ونعيم )

قال بن خلدون رحمه الله في المقدمة :
(من عوائد العرب الخروج عن ربقه الحكم وعدم الانقياد للسياسة فهم متنافسون في الرئاسة وقل أن يسلم الأمر احد منهم إلى غيره ولو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته إلا في الأقل ولو على كره..كره من اجل الحياء فيتعدد الحكام منهم والأمراء وتختلف الأيدي على الرعية في الجباية والأحكام فيفسد العمران و ينتقض..)

وقال أيضاالعرب لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية أو أثرعظيم من الدين على الجملة والسبب في ذلك أنهم لخلق التوحش الذي فيهم أصعب الأمم انقيادا بعضهم لبعض.. للغلظة والأنفة وبعد الهمة و المنافسة في الرياسة فقلما تجتمع أهواؤهم. فإذا كان الدين بالنبوة أو الولاية كان الوازع لهم من أنفسهم وذهب خلق الكبر والمنافسة منهم فسهل انقيادهم واجتماعهم وذلك بما يشملهم من الدين المذهب للغلظة والأنفة الوازع عن التحاسد و التنافس.. العرب بغير الإسلام لا يساووا قلامة ظفر..)

رحم الله بن خلدون(1332م- 1406م)..فهل تراه قال ذلك لخيبة حظه فى دنيا السياسة والسلطة..وتلك الخيبة حين يعبرعنها مثقف عادة ما تكون ثقيلة وساخطة..وقد أنبأنا التاريخ عن خيبات كثيرة لمثقفين راحوا وغدوا على باب السلطان فما ابتلت جوانحهم شوقا إلى السلطة والنفوذ ولاجفت أقلامهم فى المدح والذم ولاخفت أقدامهم فى سعيهم الجموح.. بل زاد حنقهم وضيقهم من الدنيا والناس..ظهر ذلك فى كتاباتهم..وأرائهم التي خلفوها وراءهم.

على انه ما كان يصح لابن خلدون قول ما قاله على العرب فى مقدمته..ولا حتى بحق أي شعب عربيا كان أم غيرعربي خصوصا أن الدين والعقل يرفضان هذا الوصف المعمم الذى جاوزالحقيقة وجاء ناضحا برؤية شخصية مريرة لابن خلدون وكان يجب أن لا يقوم بتعميمها فيصف العرب قاطبة بالتوحش والغلظة وأنواع الشرور الأخرى..نستطيع أن نفهم وجود أخطاء بطبائع البشر أيا ما كانوا وأينما كانوا..لكن من المستحيل استيعاب فكرة تعميم ظاهرة التوحش والغلظة ووقفها على شعوب الأمة العربية . وهو الأمر الذى يجب ان يكون موضع نقد علمي وموضوعي من المفكرين العرب دون إنقاص من القيمة العلمية والفكرية لابن خلدون أما أن تحتفي به أجيال الأمة جيلا بعد جيل دون إشارة لتلك الأخطاء المبالغ فيها وغيرها مما احتوته المقدمة دون قراءات نقدية لأفكارها التي تأثرت بالعوامل الاجتماعية والسياسية التي عاشها الرجل فهو مما لايقبل ..وأود أن أشير هنا الى السلوك العربي إذا قيس بسلوك شعوب أخرى ما كان أبدا ليوصف بالتوحش والغلظة وإلا فبماذا نصف الرومان الذين كانوا يتسلون بمصارعة العبيد حتى الموت أو يلقون بإنسان لمصارعة أسد أو نمر بينما يجلس المتفرجون على المدرجات يهتفون مبتهجين بالمشهد الدموي الذي يشاهدونه.. فهل هناك وحشية أكثر من ذلك.. وهل يذكر التاريخ مجزرة واحدة ارتكبها العرب في مدينة واحدة كما حدث في هيروشيما.. بل هل سجل العرب ضمن حروبهم منذ واحد على عشرة من الأرقام التي سجلتها أوروبا فى القرون الوسطى او فى الحربين الأولى أوالثانية في أعداد القتلى؟!إن كان العرب وحوش فماذا نسمي ما حدث للهنود الحمر فى أمريكا على يد الأوربيين..وماذاعن محاكم التفتيش.؟

الدكتورعماره فسرأقوال بن خلدون بأنها كانت عن الأعراب الموغلين فى البداوة والتوحش قبل أن يتدينوا بالإسلام فتتهذب طباعهم..وهذا تفسير مريح نفسيا لكنه ليس تفسيرا مانعا..يلغى غيره ..

لذلك نجد من فسرهذه القسوة باعتبارها نتيجة أزمة نفسيه عاشها بن خلدون تزامنت مع فترة أليمه في تاريخ الأمة العربية فشاهد حاله احتضار مؤسفة لخير أمه أخرجت للناس..فكان مثقلا بالمرارة والنقمة عندما وجدهم غارقين فى نزاعاتهم الداخلية ورأى بعينيه سقوط دولة المغرب وانهيار دولة المشرق تحت أقدام الأسبان والتتار وكان شاهدا مباشرا على هذا الانهيار ناهيك عن أسره فى أيدى تيمورلنك إمبراطور الخراب(1336م-1405م)

العديد من المستشرقين ومراكز البحوث فى الغرب اعتمدت على مقدمة ابن خلدون بوصف الشعوب العربية بالمتوحشة والتأكيد على أنهم بالفعل شعوب متوحشة غير حضارية لا يعرفون إلا(مضارب الخيام و السرارى و الخصيان وحروب الثأروالنزاع على ناقة وبئرماء )وغيرها من التوصيفات الفاسدة التي يرددها الغرب استنادا إلى مقدمة ابن خلدون وشهادة عصره على أبناء أمته حتى ان أحد مراكز الأبحاث بالوطن العربي الممولة من الخارج تحمل اسم ابن خلدون كنوعٍ من التذكيرأو تثبيت فكرة التوحش والغلظة التي أُلصقت بالعرب من قبل ابن خلدون نفسه. وقد يكون الدافع بالفعل آن الرجل علامة من العلامات البارزة فى علم الاجتماع و فلسفه التاريخ..

لايمكن أبدا ونحن نقول ذلك أن نحصر بن خلدون فى دائرة القسوة على العرب وكيل التهم لهم ..ونغفل مكانته الكبرى في تاريخ الفكر الإنساني ..فالحق الحقيق آن الرجل هو المنشئ الأول لعلم الاجتماع ..عالج فيه ما يطلق عليه الآن(المظاهر الاجتماعية)أوما اسماه هو(أحوال الاجتماعي الإنساني) وكان بحق سابقا لعصره وتأثر به عدد كبيرمن المفكرين الغربيين الذين جاءوا بعده مثل: العالم الإيطالي جامبا فيكو(1667م-1744م) والعالم الالمانى افرايم ليسنج (1729م-1781م) كما تأثر به جان جاك روسو(1712-1778) والإنجليزي مالتس(1766م-1842م) فى فكره التزايد السكانى..وهو اول من تحدث عن التحولات الديموجرافيه و الدياليكتيك(الصراع) قبل جورج هيجل(1770-1831م) وكارل ماركس (1818م-1883م).

ابن خلدون حارب الجهل ومظاهرالشرك والتفرقة السياسية والتخلف وسعى لوحدة المسلمين ودفع الأذى عنهم وغامر بنفسه بمقابلته لتيمورلنك المعروف بشراسته ودمويته لحماية دمشق من الاستباحة والترويع المغولي.

على الجانب الشخصي كان بن خلدون كمعظم المثقفين الكبار نرجسيا شديد الاعتزازبنفسه وشديد الثقة بنبوغه..قوى الشخصية جامح الطموح ..كان انتهازيا أحيانا ووفيا أحيانا ..كما انه كان يجيد فهم حركه السياسة في عصره ومجتمعه..وصفه بعض الباحثون بانه كان(عالم سياسي بكل جدارة وسياسي عالم بكل اقتدار بما في كلمة سياسة من مراوغة وتملق وما في كلمة علم من نزاهة وأخلاق.)كان يسعى الى المناصب ويحبها ويفتعل المكائد ضد زملائه عند الملوك والسلاطين ويقال انه كتب تقريرا إلى تيمورلنك حين غزا دمشق عن جغرافية المغرب.كان مجاملا متواضعا حسن العشرة وهو خارج السلطة ولكن كان قاسيا مغرورا حين يتولى منصب .

على أنى توقفت كثيرا عند قوله في مقدمته أن(الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم وهذا لما قدمناه من أن كل أمرتحمل عليه الكافة فلا بد له من العصبية.وفي الحديث الصحيح:ما بعث الله نبيا إلا في منعة من قومه..و إذا كان هذا في الأنبياء وهم أولى الناس بخرق العوائد فما ظنك بغيرهم أن لا تخرق له العادة في الغلب بغير عصبية.)فهل كان مصلح الشرق جمال الدين الأفغاني موقنا بهذه الحقيقة الخلدونية؟؟فعمل على تأسيس(تنظيم) العروة الوثقى..والتنظيم ما هو إلا(العصبية) التى كان يشير إليها بن خلدون..ناهيك عن إيمان الأفغاني الكامل بان الشرق لن ينهض أبدا فى غياب الإسلام..وهل نقترب أكثر ونقول أن رواد الإصلاح الذين استمروا على نهج الأفغاني من بعده(الشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا والأستاذ حسن البنا) اعتقدوا اعتقادا نهائيا بأنه لا إصلاح للأمة إلا بأمرين حاسمينالإسلام) و(التنظيم).. وهو ما ذكره بن خلدون بوضوح حين قال: (العرب بغير الإسلام لا يساووا قلامة ظفر)..(الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم ).

ولعل مما جعل هذه الرؤية الخلدونية قويه فى أذهان الإصلاحيين الكبار أنها كانت نابعة من تشخيص دقيق ومعاصر للحظه(انكسار كبرى)أصابت الأمة(سقوط قرطبة و بغداد)..وهى اللحظة التى لا زالت تفرخ وتتكاثر انكسارات تلو انكسارات حتى الآن .










رد مع اقتباس