كان يتأمر عليها عربي؛ هو صالح بن منصور
الحميري. هذا بالإضافة إلى البدع التي ظهرت في
أوساط تلك القبيلة؛ مثل: تنبؤ حاميم بن من الله
ابن حريز الغماري، وتنبؤ عاصم بن جميل
اليزدجومي الغماري. ويخالف ابن خلدون من سبقه؛
بخصوص برغواطة؛ كما سبقت الإشارة إليه. وإن صح
ما يزعم ابن خلدون؛ في كون برغواطة من مصمودة.
عندئذ تضاف بدعة أخرى إليهم؛ تتمثل في النحلة
البرغواطية. تلك النحلة التي يزعم أصحاا أن صالحا
نبي يوحى إليه. والفرق بين غمارة، وبرغواطة؛
يكمن في أن برغواطة تمكنت من الصمود بنحلتها؛
زمنا أطول بكثير مما عرفته غمارة. ومع هذا فقد
انتهى أمرهما جميعا إلى الفشل، والاندثار. وأهم الأدوار
التي قامت ا قبائل مصمودة؛ يمكن إجمالها في
وقوفها وراء نشأة الدولة الموحدية، والتمكين لها في
البلاد. وقد تحققت تلك الملحمة بفضل عدد من
قبائلهم؛ هي: هرغة، تينملل، وهنتاتة، وكنفيسة،
وكدميوة. بالإضافة إلى قبائل حليفة من غيرهم؛ مثل:
كومية، وصنهاجة القبلة، وصنهاجة الظل. 1
!!!
1 للتوسع أنظر: أنظر إبراهيم الهرغي؛ المقتبس من كتاب الأنساب في معرفة الأصحاب، ص
460 472 . وإبن . ص: 33 49 . وابن خلدون؛ العبر؛ مج: 6، ص ص: 427 446
. منصور؛ قبائل المعغرب، ج: 1 ص ص: 321 328
217
أعيام:
لمصمودة علماء كبار، ورجالات عظماء؛ تركوا
وراءهم ذكرا محمودا؛ كما خلفوا آثارا جليلة ببلاد
المغرب الإسلامي؛ منهم:
أبو العلاء عباس بن ناصح بن تلتيت
المصمودي الثقفي الجزيري (من أعلام النصف الأخير
من القرن الثاني للهجرة)؛ عاش في عهد الحكم بن
هشام في الأندلس. انتقل إلى المشرق في صغره رفقة
والده؛ فتقى علوما كثيرة ثم عاد إلى الأندلس؛
حيث أسند إليه الأمير الحكم خطة القضاء بشذونة
والجزيرة الخضراء. وكان عالما في اللغة والفقه، وشاعرا
مجيدا. وقال فيه ابن الفرضي: ((فلقي الأصمعي
وغيره من علماء البصريين والكوفيين... ثم إن
العباس بن ناصح انصرف إلى الأندلس فلم يزل
مترددا على الحكم بن هشام بالمديح، ويتعرض
للخدمة. فاستقضاه على شذونة والجزيرة. وولي
القضاء بعده ابنه عبد الوهاب بن عباس؛ وكان
شاعرا. ثم ابن ابنه محمد بن عبد الوهاب بن
عباس؛ وكان شاعرا؛ فهم ثلاثة قضاة في نسق،
وثلاثة شعراء في نسق. وكان عباس من أهل العلم
باللغة العربية. وكان جزل الشعر؛ يسلك في أشعاره
مسالك العرب القديمة. وكان له حظ من الفقه
والرواية؛ لم تشهر عنه لغلبة الشعر عليه. وقرأت
في كتاب محمد بن أحمد بخطه: عباس بن ناصح
ابن تلتيت المصمودي)). 1 ومن الحكايات التي ذكرها
عنه المقري: أن عباسا قدم من مدينة الفرج بوادي
. 1 تاريخ علماء الأندلس، ج: 1، ص ص: 296 297
218
الحجارة إلى قرطبة. ولما مثل أمام الحكم ابن هشام
أخبره بما قام به النصارى من فساد وعيث في ديار
المسلمين؛ وذكر له أنه سمع امرأة تقول: "واغوثاه
بك يا حكم، لقد أهملتنا حتى كلب العدو علينا،
فأيمنا وأيتمنا" ثم أنشد أمامه قصيدة أولها:
تملْملْ ت في وا دي الحجارة مسهَرًا
أراعي نجوماً ما يرِدنَ تغورًا
إَليك أبا العاصي نضيت مطيتي
تسِير ِبهم سارِياً ومهجرا
تدارك ِنساءَ العاَلمين ِبنصرة
َفإنك أحرى أنْ تغيثَ وتنصرا
فلما سمع الحكم قوله؛ نادى في الحال إلى
الجهاد، وخرج بعد أيام ثلاثة. فأثخن في ديار
العدو، وأعاد للمسلمين حقهم، وخلص النساء من
الأسر. ثم طلب تلك المرأة فمثلت بين يديه. فقال
للعباس سلها: هل أغاثها الحكم؟ فأجابت المرأة:
والله لقد شفى الصدور، وأنكى العدو، وأغاث
الملهوف؛ فأغاثه الله، وأعز نصره. فارتاح لقولها،
وظهر السرور على محياه؛ ثم أنشد:
أَلم تر يا عباس أني أجبتها
على البعد أقْتاد الخَميس المُظَفَّرا
فَأدركْ ت أوطَارًا وبردت غُلَّة
ونفَّس ت مكْروباً وأغني ت معسِرا
PDF created with pdfFactory Pro trial version www.pdffactory.com
219
وهذه الحكاية شبيهة بحكاية المرأة المستنجدة
بالخليفة العباسي المعتصم من عمورية في المشرق؛ وعلى
الرغم من قدم القصة الأندلسية وأسبقيتها زمنيا
إلا أا لم تشتهر؛ بسبب ما كان يغلف التراث
الأندلسي من إهمال.. فالقصة الأندلسية حدثت سنة
194 ه، بينما تكون القصة المشرقية وقعت في سنة
224 ه. وأبطال القصة الأندلسية هم: الأمير الحكم
ابن هشام، والشاعر الفقيه عباس بن ناصح بن
تلتيت المصمودي، والمرأة المستنجدة بالأمير في الثغر.
أما القصة المشرقية فأبطالها هم: الخليفة العباسي
المعتصم، والشاعر العباسي أبو تمام، والمرأة المستنجدة
في عمورية بندائها: "وامعتصما". 1
عبد الوهاب بن عباس بن ناصح بن تلتيت
المصمودي (من أعلام النصف الأول من القرن الثالث
للهجرة)؛ وهو فقيه وقاضي؛ ومن شعراء الأندلس.
خلف والده في قضاء شذونة والجزيرة.
محمد بن عبد الوهاب بن ناصح بن تلتيت
المصمودي (من أعلام النصف الأول من القرن الثالث
للهجرة)؛ فقيه وقاضي خلف أباه أيضا في منصب
القضاء بشوذنة والجزيرة. ويعد أيضا من بين شعراء
الأندلس. كما كان عليه والده وجده.
أبو محمد يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاَس
ابن شملل بن منقايا القرطبي المصمودي الشهير
بالليثي (ت: سنة 233 ه)؛ جده كثير المكنى بأبي
عيسى هو الذي دخل الأندلس مع طارق بن
زياد. وهو من مصمودة طنجة رحل إلى المشرق
. 1 أنظر القصة في نفح الطيب، ج: 1، ص ص: 343 344
Pحو، واللغة.