الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنه لا يقع شيء إلا بتقدير الله تعالى وإرادته ، والله سبحانه وعد عباده المؤمنين بالنصر والتمكين ، ونفى سبحانه أن يجعل للكفر وأهله سلطانا عليهم ، فقال سبحانه: (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم:47].
وقال: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) [الحج:40].
وقال /: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور:55).
فإذا انتصر الكفر، وجعل للكافرين الدولة والغلبة على المؤمنين، في بعض الأزمنة أو الأمكنة فذلك لتخلف سبب النصر وشرطه ، ووجود ما يناقضه ، فيعاقب الله المؤمنين على تفريطهم في دينهم وما أمروا به لعلهم يرجعون ، ويكون هذا ابتلاء وتمحيصا للمؤمنين ، وإمهالا واستدراجا للكافرين. لكن إذا تمسك المسلمون بدينهم ورجعوا إلى ربهم، فإن لهم الغلبة والنصر والتمكين، لأن الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7].
ويقول سبحانه: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [لأعراف:128].
والناظر في حال المسلمين اليوم يجد أنهم في قتالهم للكفار لم يرفعوا راية الإسلام، ولم يتمسكوا بدينهم، فقاتلوا تحت رايات القومية والوطنية، فكانت النتيجة الخسران كما هو معلوم، وعندما قاتل المسلمون في أفغانستان والشيشان تحت راية الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا حقق الله لهم النصر، وعندما اختلفوا على بعضهم جعل الله بأسهم بينهم جزاءً وفاقاً، ولا يظلم ربك أحداً، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
فعلى المسلم المؤمن أن يسلم ويؤمن بقضاء الله وقدره في كل شيء، وخاصة بعد وقوع الأحداث، وأن يتجه إلى النظر في أسبابها وشروطها الموضوعية، قال تعالى: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران:165]، فهو سبحانه قادر على إنفاذ وعده لكم بالنصر، ووعيده للكفار بالخذلان، ولكنكم أنتم لم تستوفوا شروط النصر، ولم تنتف منكم أسباب الهزيمة، فهذه قاعدة نفسية، تقود من تأملها إلى العمل والإصلاح بدلاً من اليأس والشك في المقدور، ولله عاقبة الأمور.
والله أعلم.