منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - لماذا لا يحددون اسعار السلع ؟؟؟؟؟؟؟
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-04-06, 11:55   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الواثق
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية الواثق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سادسا: مواقف العلماء من الحديث
تباينت آراء العلماء في هذه المسألة على أقوال عديدة ترجع في مجملها إلى الأقوال التالية:
أ- مذاهب العلماء:
أ- ذهب جمهور العلماء (بعض الأحناف ومالك ومن وافقه من أصحابه، وهو أحد الأقوال في المذهب الشافعي وهو المشهور في المذهب الحنبلي) إلى القول بتحريم التسعير مطلقا(١٤).
ب- رواية عن مالك بجواز التسعير مطلقا، أي يلزمه الحاكم ببيع ما يوافق بيع الناس قلة وكثرة(١٥).
ج- ذهب ابن تميمة وابن القيم إلى التفصيل(١٦)، حيث يرى هؤلاء أن التسعير يحرم في حالة الظلم، ويجوز بل يجب في حالة العدل، ويقرب من هذا الرأي ما ذهب إليه بعض الأحناف من أنّه يجوز التسعير إذا تعدى أرباب الطعام تعديا فاحشا(١٧).

وسنتناول أدلة الأقوال السابقة فيما يلي:
ب- أدلة المذاهب :
1- استدل القائلون بالمنع من التسعير مطلقا بما يلي:
- بحديث أنس المتقدم: ووجه دلالته أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد سعر السلع مع أنّهم سألوه ذلك، إذ لو كان جائزا لأجابهم، ثمّ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم علل امتناعه لما فيه من مظنة الظلم، والظلم حرام إجماعا.
- ولأنّ الناس أحرار في تصرفاتهم المالية، والتسعير حجر عليهم مناف لهذه الحرية المقررة.
- ولأنّ مصلحة المشتري ليست أولى من مصلحة البائع، قال الشوكاني: "إنّ النّاس مسلطون على أموالهم، والتسعير حجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران، وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم، وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى مناف لقوله تعالى: "إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"(١٨).
- إنّ فرض التسعير مآله ارتفاع الأسعار نتيجة اختفاء السلع، وبالتالي يتضرر الفقراء بعدم القدرة على شرائها، كما يتضرر الأغنياء بشرائها بغبن فاحش، فكل من الفقراء والأغنياء يقعان في ضيق وحرج ولا تتحقق لهما مصلحة.

2- واستدل القائلون بالجواز مطلقا بما يلي:
- بما رواه الشافعي وسعيد بن منصور وغيره عن القاسم بن محمد أنّ عمر رضي الله عنه مر بحاطب بن أبي بلتعة في سوق المصلى، وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فسأله عن سعرهما، فسعّر له مدين بكلّ درهم، فقال عمر: قد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا وهم يعتبرون سعرك، فإمّا أن ترفع وإمّا أن تدخل زبيبك فتبيعه كيف شئت(١٩).
وجه دلالة هذا الأثر: أنّه يفيد لمن ولي أمر المسلمين أن يفرض على السلع التي يُراد بيعها سعرا معينا، بحيث لا يظلم المالك ولا يرهق المشتري.
- ولأنّ في منع التسعير إضرارا بالناس من ناحية إذا زاد البائع تبعه أصحاب المتاع، وإذا نقص أضر بأصحاب المتاع.
- ولأنّه يمنع التسعير إذا كان ارتفاع السعر غير آت من قبلهم، وإنّما بسبب قانون العرض والطلب، لذلك امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن التسعير لما فيه من ظلم التجار وهم يبيعون بسعر المثل(٢٠).
- ولأنّ الإمام مطالب برعاية مصلحة البائع والمبتاع فلا يمنع البائع ربحا، ولا يجوز له منه ما يضر به الناس، عملا بقاعدة: "يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام".

3- استدل القائلون بالتفصيل بما يلي:
- بما أخرجه البخاري ومسلم أنّّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أعتق شركا في عبد وكان له من المال ما يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل لا وكس(٢١) ولا شطط(٢٢)، فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق"(٢٣).
وجه دلالة الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم منع الزيادة في ثمن المثل في عتق الحصة من العبد المشترك، فلم يكن للمالك أن يساوم المعتق بالذي يريد، فإنّه لما أوجب عليه أن يملك شريكه المعتق نصيبه الذي لم يعتقه لتكميل الحرية في العبد، قدر عوضه بأن يقوّم كل العبد قيمة عدل، ويعطيه قسطه من القيمة، فإنّّ في حق الشريك في نصف القيمة لا في قيمة النصف(٢٤).
وبناء على ذلك فإنّه: ما دام الشارع يوجب إخراج الشيء من ملك مالكه بعوض المثل لمصلحة تكميل العتق ولا يحق للمالك أن يطالب بالزيادة على القيمة، فالأولى عندئذ إذا كانت الحاجة بالناس إلى التملك أعظم وهم إليها أضر، مثل المضطر إلى الطعام والشراب واللباس ونحوه.
وأنّ حديث السراية في العتق المتقدم صار أصلا لمسائل عديدة منها:
- أنّ ما لا يمكن قسمة عينه، فإنّه يباع ويقسم ثمنه، إذا طلب الشركاء ذلك ويجبر الممتنع على البيع.
- أنّ من وجبت عليه المعاوضة أجبر أن يعاوض بثمن المثل، لا بما يزيد عن المثل.
- في جواز إخراج الشيء من ملك صاحبه قهرا بثمنه للمصلحة الراجحة، كما في الشفعة.
وحاصله أنّ ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من تقويم الجميع قيمة المثل هو حقيقة التسعير ومعناه المقتضي للعدل.
- بالقياس على الاحتكار، لما رواه معمر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحتكر إلا خاطئ "(٢٥).
وجه دلالة هذا الحديث: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم حرّم الاحتكار(٢٦)، لأنّه مخل بالتعامل المالي الأخوي، وعلة تحريمه هي دفع الضرر والظلم عن عامة الناس، فكل ما أضر بالناس أو تسبب في ظلمهم بواسطة هذه المعاملة فهو احتكار ممنوع شرعا.
وعليه يقاس التسعير بجامع علّة دفع الضرر والظلم على العباد نتيجة ارتفاع أسعار دون موجب.
- ثمّذ إنّ السنة المطهرة قد مضت في مواضع متعددة بأنّ على المالك أن يبيع ماله بثمن مقدر إمّا بثمن المثل، وإما بالثمن الذي اشتراه به، كالعتق والشفعة وماء الطهارة وآلة الحج والجهاد على من وجبت عليه شراء شيء منها، فعليه أن يشتريه بقيمة المثل، وليس له أن يمتنع عن الشراء إلا بما يختار، فإذا لم يحرّم الشارع بصفة مطلقة تقدير الثمن.










رد مع اقتباس