منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - السيرة النبوية
الموضوع: السيرة النبوية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-03-30, 00:33   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الطيب 1963
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية الطيب 1963
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

2 -الوثنية تسود الحضارة القديمة
منذ هبط آدم وبنوه في الأرض، والناس أخلاط متنافرون، لا تستقيم بهم السبل يوماً إلاّ شردت أياماً.
لقد مرت على الدنيا قرون طوال قبل أن يظهرمحمد (صلَّى الله عليه وسلم) أفادت فيها علماً كثيراً، ووعت تجارب خطيرة، ونمت آداب وفنون، وشاعت فلسفات وأفكار.
ومع ذلك فقد غلب الطيش، واستحكم الزيغ، وسقطت أمم شتى دون المكانة المنشودة لها.
فماذا كان مصير الحضارات في مصر واليونان، وفي الهند والصين، وفي فارس وروما؟.
إن الوثنية الوضيعة اغتالتها؛ فأمسى الإنسان الذي استخلفه الله ليكون ملكا في السموات والأرض، أمسى عبداً مسخراً لأدنى شيء في السموات والأرض.
وماذا بعد أن تُقدَّس العجول والأبقار وتعبد الأخشاب والأحجار وتُطِبق شعوب بأسرها على هذه الخرافة؟
إن الوثنية هَوانٌ يأتي من داخل النفس لا من خارج الحياة، فكما يفرض المحزون كآبته على ما حوله، كذلك يفرض المرء الممسوخ صَغَار نفسه وغباء عقله على البيئة التي يحيا فيها، فيؤلَّه من جمادها وحيوانها ما يشاء.
ويوم يشرق الفكر الخامد، وتثوب إلى الإنسان معانيه الرفيعة، فإن هذه الإنعكاسات الوثنية تنزاح من تلقاء نفسها.
ومن ثَمَّ كان العمل الأول للدين داخل الإنسان نفسه، فلو ذبحت العجول المقدسة، ونكست الأصنام المرموقة، وبقيت النفس على ظلامها القديم، ما أجدى ذلك شيئاً! فيبحث العبَّاد المفجوعون عن آلهة أخرى غير ما فقدوا،
فلما جاء القرن السادس لميلاد عيسى عليه السلام؛ كانت منارات الهدى قد انطفأت في مشارق الأرض ومغاربها؛
فالمجوسية في فارس طليعة عنيدة للشرك الفاشي في الهند والصين، وبلاد العرب وسائر المجاهل..
والنصرانية التي تناوئ هذه الجبهة قبست أبرز مآثرها من خرافات الهنود والمصريين القدامى، فهي تجعل لله صاحبة وولداً؛ وتغري أتباعها في "روما" ومصر والقسطنطينية بلون من الإشراك أرقى مما ألف عبَّاد النيران وعبَّاد الأوثان، شرك مشوب بتوحيد يحارب شركاً محضاً!!!.
ولكن ما قيمة هذه النقائض التي جمعت النصرانية بين شتاتها؟
{قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ. قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ. مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمْ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}.
ويظهر أن آصرة الشرك بين المجوسية والديانات السماوية المشوّهة هي التي جعلت هذه الأحزاب إلباً على المسلمين {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}.
وأي خير يرجى في أحضان وثنية كفرت بالعقل، ونسيت الله، ولانت في أيدي الدجّالين؟
لا غرابة إذا رفع الله عنها يده كما جاء في الحديث "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم، عربهم وعجمهم؛ إلا بقايا من أهل الكتاب".
وهذه البقايا هي التي ظلت مستعصية على الشرك برغم طوفان الكفر الذي طمَّ البقاع والتلاع.
لقد عمّت الدنيا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيرة وبؤس، ناءت بهما الكواهل.
أتيتَ والناس فوضى لا تمر بهم ***إلا على صنم قد هام في صنم
فعاهل الروم يطغى في رعيته *** وعاهل الفرس من كِبْر أصم عَمي
حتى تأذن الله ليحسمنّ هذه الآثار، وليسوقن هدايته الكبرى إلى الأنام، فأرسل إلى الأمة محمداً عليه الصلاة والسلام.









رد مع اقتباس