أتصدق مثل هذه الترهات ...
منذ متى أصبح قائد شرطة دبي مرجعا في التحليل السياسي ... وليته لبلاده بل لكل الوطن العربي ...
يا "بلال الرومانسي" لن أقول أمرا يخالف رمانسيتك التي أحترمها كخيار ... ولكن ...
اقرأ يا أخي عن الثورة الفرنسية كيف نقلت فرنسا إلى الجمهورية ...
اعلم أن شوارع باريس أقيمت فيها "مقصلات" عند نهاية كل شارع، على إثرها سالت الدماء وديانا ...
والكل من المطبلين للنظام الملكي رأى أن انتقال فرنسا من الحكم الملكي إلى الجمهورية مهلكة، بل فقدان للقيمة التاريخية الفرنسية في أوربا ...
اقرأ الحروب التي عاشتها أوربا في أعلاها حرب 400 عام، وأدناها حرب 100 سنة ...
لا يمكن يا سيدي الرومانسي أن تصنع تاريخ دون أثر، فإن آخر الدواء الكي.
فرنسا قرن وثلاثة وعشرون سنة ما تحركت، لكن بالحديد والنار أعادت ترتيب أوراقها ...
اليوم يا سيدي القائمون على الأنظمة يدركون هذه الحقيقة ولا يرون أبدا بدا من التشهير بالثورات ببطلانها أو فشل مساعيها ..
رحم الله "الكواكبي" حين أبدع في تصوير المستبد
المستبدُّ يتحكّم في شؤون الناسِ بإرادته لا بإرادتهم ، ويحكمهم بهواه لا بشريعتهم ، ويعلم من نفسه أنه الغاصب المتعدِّي فيضع كعب رجلِهِ على أفواه الملايين يسدُّها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبتِهِ .
المستبدُّ عدوُّ الحق عدوُّ الحريَّة وقاتلُهما ، والحقُّ أبو البشر والحرية أمُّهم ، والعوام صبيةٌ أيتامٌ نيامٌ لا يعلمون شيئاً ، والعلماء هم إخوتهم الراشدون ، إن أيقظوهم هَبُّوا ، وإنْ دعوهم لبَّوا ، وإلا فيتصل نومُهًم بالموت
المستبدُّ يتجاوزُّ الحدَّ مالم يرَ حاجزاً من حديد ، فلو رأى الظالمُ على جنبِ المظلوم سيفاً لما أقدم على الظلم كما يقال : الاستعداد للحرب يمنع الحربَ .
المستبدُّ إنسانٌ مستعدٌّ بالطبع للشر ، وبالإلجاء للخير ، فعلى الرعيةِ أنْ تعرفَ ما الخيرُ وما الشرُّ ، فتلجئ الظالمَ للخير على الرغمِ من طبعه ، وقد يكفي للإلجاء الطلب وحدّه إذا علم الظالمُ أنّ وراء القولِ فعلاً ، ومن المعلوم أنَ الاستعداد للفعل فعلٌ يكفي شرَّ الاستبداد .
الاستبداد أصلٌ لكلِّ فساد ، ومعنى ذلك أنَ الباحثَ المدقّق في أحوال البشر وطبائع الاجتّماع كشف أَنّ للاستبدادِ أثراً سيئاً في كلِّ وادٍ ، فالمستبدُّ يضغطُ على العقلِ فيفسده ، ويلعب بالدين فيفسده ، ويحارب العلمَ فيفسده .
إنَّ الاستبداد والعلم ضدّان متغالبان ، فكلُّ إدارة مستبدة تسعى جهدها في إطفاء نور العلم وحصر الرعيّة في حالك الجهلِ ، والعلماء الحكماء الذين ينبُتون أحياناً في مضايقِ صخور الاستبداد يسعون جهدهم في تنوير أفكار الناس ، والغالبُ أَنَ رجال الاستبداد يطاردون رجال العلم ، وينكلون بهم ، فالسعيد منهم مَنْ يتمكّن من مهاجرة دياره .
سيشهد التاريخ على الشعوب التي انتفضت فصنعت لنفسها محلا بحروف منقوشة بوضوح ليقرأها القريب والبعيد ...
تدميني القناعات التي ترى أننا باللسان سنغير ونحن نلتحف لحاف الصمت والاستكانة في زوايا بيوتنا ...
لنكن على الأقل شعوبا تعتصم، شعوبا تقول: لا ... شعوب ترى في الحركة حياة لها لا الركود الذي بها لن نكون إلا أمة آسنة يعاف الشرب منها حتى الحمير ... والمعذرة على ذلك.